في إناء مكعّب يبلغ ثلث طولها تقريبًا، كانت زهرة شفافة نصف شفافيّة. لم يكن في الإناء تراب، وجذور الزهرة كانت مكعّبة أيضًا.
ساق مستقيمة، ورقتان، وزهرة بسيطة.
كلّ جزء مصنوع من مادّة شفافة تشبه الجليد، وباردة الملمس عند اللمس.
«ما هذا؟»
«زهرة أكارازيا.»
عندما طلبتُ شرحًا أكثر تفصيلًا، استند أشيريل على ذقنه.
«زهرة تنبت في جبال الثلج، يُقال إنّها تتفتّح مرّة كلّ مئة عام. تظهر أمام الناس فقط أثناء تفتّحها، لذا صعب الحصول عليها.»
تتفتّح مرّة كلّ مئة عام؟
«تحمل قوّة مقدسة من الحاكم ميكايل حاكم الحياة، وإن لم تعد تُستخدم كثيرًا الآن.»
«قوّة مقدسة؟»
«نعم. القوّة مقدسة هي الطاقة الأساسيّة لجسم الإنسان. قوّة الشفاء الذاتيّ للجروح تأتي من القوّة مقدسة. أمر طبيعيّ جدًّا، فينساه الجميع.»
هناك معابد، لكن الكهنة الذين يستخدمون القوّة مقدسة نادرون جدًّا.
يمكن علاج الجروح بالمانا أيضًا، وعادة يلجأ الناس إلى الصيادلة أو الأطبّاء.
«نمتْ ماناك أسرع من المتوسّط، فقد يختلّ توازن القوّة مقدسة. لذا من الأفضل أن تحتفظي بهذه الزهرة.»
«شكرًا، لكن يا دوق. شيء ثمين كهذا لا ينبغي أن أقبله. هل نغيّر الهديّة إلى شيء آخر؟»
«لا يمكن.»
ابتسم أشيريل بأجمل ابتسامة.
«قرّرتُ أن أعطيكِ هذه كهديّة.»
تعسّف آخر.
رفضتُ مرّات عديدة دون جدوى، فاضطررتُ لقبول الزهرة النفيسة جدًّا.
«ضعيها بجانب سريرك. هكذا ستُمتصّ الطاقة المقدّسة جيّدًا.»
«حسنًا.»
عندما وافقتُ، ابتسم أشيريل راضيًا أخيرًا ودلك رأسي، مضيفًا أنّ الزهرة لا تحتاج ماء أو سماد.
«إذن أخبريني إن كان بإمكانكِ الخروج نهاية الأسبوع. سأأتي لأصطحبك في الوقت المناسب. ذلك العجوز غريب الأطوار، فقد وضع تعويذات هجوميّة حول القصر. لا أعرف ماذا سيحدث لمن لا يعرفه إن ذهب.»
كنتُ أنوي الذهاب مباشرة لو أعطاني عنوان منزل الساحر الأعظم، لكنّ الأمر صعب الآن.
«نعم، سأسأل والدي وأخبرك فورًا.»
«ليز.»
«نعم؟»
«هل يعاملك زوجا الكونت كايدن جيّدًا؟ لا مشاكل، أليس كذلك؟»
ابتسمتُ ابتسامة عريضة.
«كلا بالطبع.»
«حسنًا، هذا يكفي.»
دلك أشيريل رأسي مجدّدًا، ثمّ خرج من المكتبة ملوّحًا بردائه. رافقته إلى الباب، ثمّ عدتُ إلى غرفتي، وأدركتُ أمرًا مهمًّا.
«انتظري، أشيريل لم يكن يعلم أنّني سأستخدم السحر اليوم.»
بالتأكيد أحضرها ليعطيني إيّاها كما يفعل مع الزهور أو ربطات الشعر. ثمّ جاء عذر جيّد بأنّني استخدمتُ السحر لأوّل مرّة!
شعرتُ أنّني وقعتُ في الفخّ، لكنّني لا أستطيع التراجع بعد القبول.
***
بعد خروج أشيريل من قصر الكونت كايدن، توجه إلى منزل غريتون.
«عجوز، جئتُ.»
«ما الذي هناك يا أشيريل. زياراتك لي زادت مؤخّرًا.»
كان غريتون يعتقد بالتأكيد أنّ تلميذه جاء ليأخذ نصيحته. لا يزال يعمل في القصر الإمبراطوريّ بطلب الإمبراطور، لكنّه شبه متقاعد.
ابتسم فمه تلقائيًّا لهذا المتعة المتأخّرة في عمره.
«هل جئتَ اليوم أيضًا من عند تلك الآنسة؟»
«نعم.»
«كيف؟ هل هناك تقدّم بعد أن فعلتَ كما قلتُ لك؟»
«أنا… لم أسمع نصيحة العجوز؟»
توقّفت يد غريتون التي كانت تخرج كعكة التوت الأزرق.
«ماذا؟»
«فكّرتُ في الأمر، أنت مشهور بأنّ الإمبراطور السابق سرق حبيبتك، أليس كذلك؟ ما الفائدة من سماع كلامك؟ هل يجب أن أتبعها؟»
«آغ.»
أمسك غريتون صدره فجأة. صدمة الماضي عندما سرق الإمبراطور حبيبته اجتاحته.
«لا تتظاهر بالألم يا عجوز.»
بدأ أشيريل بغلي الشاي بهدوء، وبعد قليل، أخرج غريتون الشاحب قطعة كعكة واحدة ووضعها أمامه.
«إذن كيف تعامل تلك الآنسة الآن؟ هل…»
أليس يرتكب جريمة قتل أمام سيدة!
ابتلع الساحر الأعظم السؤال الذي وصل إلى حلقه.
«سألتُ ليروليوس.»
«ليروليوس؟ إن كان ذلك الشاب…»
شاب في منتصف العشرينيّات، أكثر السحرة شعبيّة في القصر الإمبراطوريّ. ابن ثانٍ لكونت، وجه وسيم نسبيًّا، وشخصيّة لطيفة تجعله محبوبًا من سيّدات كثيرات.
«ذهبتُ إلى القصر قبل فترة لأمر، ورأيته يتلقّى اعترافًا. فسألته كيف يتلقّى اعترافًا؟»
«ثمّ؟»
«سألني هل هناك امرأة لا تقع في غرامي.»
صمت غريتون.
بالطبع، تلميذه مثاليّ ظاهريًّا. دوق ديلات، ساحر ومستدعي أرواح لا يُضاهى في القارّة، ووسيم.
ازداد فضول غريتون تجاه الآنسة التي لا تقع في غرامه.
لو قال صراحة إنّه يريد رؤيتها، سيرفض التلميذ بالتأكيد، وإن تتبّعها سرًّا سيلاحظ التلميذ…
«على أيّ حال، عندما قلتُ إنّها لا تقع، أعطاني نصائح مختلفة.»
«أيّ نصائح؟»
«لا توجد سيدة تكره الزهور، فأحضر زهورًا في كلّ زيارة، ولا تفعل ما قد تكرهه.»
التعليقات لهذا الفصل " 49"