من أين أتذكّر، هل يقصد اليوم الذي التقينا فيه أوّل مرّة؟
«أنا أتذكّر كلّ شيء منذ لحظة ولادتي.»
يسأل عن ذاكرتي الشخصيّة، لكن يتذكّر منذ الولادة مباشرة، هل هذا ممكن؟
بينما أنا مذهولة من ذاكرة أشيريل الرهيبة، واصل حديثه.
«أوّل ذكرى لي ضوء ساطع جدًّا وأرواح تدور حولي.»
كأنّه يروي قصّة شخص آخر.
«أمّي رعبت عندما رأت الأرواح تدور حولي الحديث الولادة. رفضت حتّى حملي. قالت إنّها ولدت وحشًا، وانتحرت بعد فترة قصيرة.»
قصّة لم تكن في الرواية، أسمعها لأوّل مرّة.
«أبي تركني مهمَلًا تقريبًا، وفي هذا القصر الواسع لم يكن أحد يعتني بي كطفل رضيع. لحسن الحظ، بفضل مانا الفطريّة الكثيرة، تغذّيتُ عليها ولم أمت جوعًا؟»
كانت نبرة أشيريل مشرقة جدًّا، فأعطت شعورًا غريبًا.
«عندما كنتُ في السادسة، رآني أبي وقال هل لا تزال حيًّا، وحاول خنقي بنفسه. أنقذني الحارس، فنجوت.»
في نفس العام، بسبب حادثٍ سببته، حاول أبي قتلي مجدّدًا، أضاف أشيريل، وابتسامة على شفتيه.
ليس ابتسامة فرح، بل ابتسامة فارغة ما.
«ذلك الحارس هو رئيس الخدم في القصر الآن.»
«آه… ذلك الشخص ذو الشعر الأبيض؟»
«نعم.»
مذهولةً من الحقيقة التي لم أعرفها، سرعان ما شعرتُ بالشفقة والتضامن معه.
في العائلات النبيلة، علاقة الوالدين بالأبناء غالبًا مختلفة عمّا أعرفه، أداة للحفاظ على السلطة والثروة.
لكن رفضه منذ الولادة، وحتّى محاولة قتله، هذا حزين جدًّا.
أنا أيضًا، مجرّد معرفتي أنّ عمّتي كانت تمنحني لطفًا بمقابل صدمتني، فلو كان والديّ لجننتُ ربّما.
«قدراتي التي رفضها والداي أصبحت الآن أداة تجعل الناس يقدّرونني. حتّى لو لم أتمكّن من السحر واستدعاء الأرواح، فأنا دوق ديلات ووسيم، فسيجنّ الناس للاقتراب منّي.»
هزّ أشيريل كتفيه متباهيًا، لكنّني لم أضحك.
«ليز، لماذا لا تثقين بالناس؟»
حدّق بي عيناه الصفراوان الأغمق من المعتاد دون حراك، فلم أهرب من النظرة.
«إن لم تريدي القول، لا تفعلي.»
ظننتُ أنّ أشيريل سيسحرني لأقول الحقيقة، لكنّه تراجع بسرعة غير متوقّعة.
التعليقات لهذا الفصل " 32"