في الآونة الأخيرة، أصبح جوّ القصر الإمبراطوريّ قاتلًا، لكنّه مريحٌ لوليّ العهد.
السبب هو أنّ موقف الأمير الثالث الذي كان دائمًا متعجرفًا أمامه تغيّر بشكلٍ واضح.
كان سرًّا أنّ «الرجل الوسطى» للأمير الثالث أصبح به مشكلة، لكنّه بدا خائفًا بطريقةٍ ما.
لو أصبح مزاجه أكثر شراسةً وتسبّب في حادثٍ كبير، لكان ذلك أفضل.
حماية الإمبراطورة الجديدة لابنها لا تزال قائمة، لكنّ زخمها خفّ قليلًا.
عدم القدرة على إنجاب وريث عيبٌ قاتلٌ للعائلة الإمبراطوريّة والنبلاء جميعًا، لذا سيحاولون إخفاء أنّ قدرة الأمير الثالث الإنجابيّة أصبحت معطوبة مهما كلّف الأمر.
خاصّةً إذا وصل الأمر إلى أذن الإمبراطور أو وليّ العهد أو مؤيّدي وليّ العهد، فسيصبح الأمر مزعجًا، وسيُعرض حتّى مؤيّدو الأمير الثالث عنه.
وأمّا الإمبراطورة الجديدة، فلم تسحب الرجل الذي أرسله وليّ العهد سرًّا إلى غرفة نومها بعد، لكنّها تظهر اهتمامًا.
تتحفّظ لأنّها تراقب نظرة الإمبراطور، لكنّها امرأة تعتبر كلّ شيءٍ في القصر ملكها، فأخذها لذلك الرجل مسألة وقت فقط.
بالإضافة إلى المستقبل الذي ستأخذ فيه الإمبراطورة الجديدة رجلًا غير الإمبراطور، كان هناك فائدة إضافيّة.
أنّ قصر الإمبراطورة أكثر هشاشةً ممّا توقّع.
ظنّ تغيير الخدم صعبًا، لكنّ في قصر الإمبراطورة أيضًا كثيرون يكرهونها، وبفضل ذلك تمكّن من صنع مناصب شاغرة بسهولة وإدخال أشخاص جدد.
لضمان الأمر، كان الرجل الذي أحضره كخادمٍ رجلًا وسيمًا من أزقّة الفقراء لا علاقة له به، وطمّاعًا في السلطة.
لذا، سيحاول تلقائيًّا إرضاء الإمبراطورة الجديدة دون أن يُطلب منه.
إذا أدخلت الإمبراطورة الجديدة خادمًا وسيمًا إلى غرفتها، سيصبح طردها هي وابنها أسهل بكثير.
ابتهج وليّ العهد داخليًّا.
‘لو فعلتُ هذا منذ زمن!’
كانت طرقًا سهلةً إلى درجة أنّه لا يعرف لماذا تحمّل كلّ هذا الوقت.
كان المحيطون يقولون فقط كلامًا فارغًا مثل «تحمّل، أظهر جانبًا رائعًا»!
لو لم يعرف الخادمة ذات الشعر البنيّ جيّدًا، لاعتبرها شخصًا قاسيًا جدًّا.
لكنّها كانت تتصدّق على عجوزٍ فقيرٍ يتجنّبه الناس، في زقاقٍ مظلم لا يراه أحد.
بالإضافة إلى أنّ حديثها في المقهى كان فرصةً لرؤية حياة الشعب الحقيقيّة وأنماط استهلاك النبلاء من زاويةٍ أخرى.
تلك الخادمة شخصٌ دافئ يعطف على الضعفاء، وفي الوقت نفسه يملك الجرأة والعقلانيّة للتخطيط لأمورٍ كبيرة.
بعض الأباطرة عبر التاريخ وجدوا لآلئ مدفونة في الوحل ورفعوها إلى مناصب عالية، وقاد هؤلاء الأباطرة عصور ازدهار الإمبراطوريّة.
مثل الإمبراطور تينيراس الشهير والإمبراطور كوتيان الثاني، والوزير نيكول والجنرال بريب اللذين ساعداهما.
فرح وليّ العهد لأنّه وجد موهبةً لم تتمكّن من التألّق لأنّها عامّيّة.
لكنّه توتّر لأنّها موهبةٌ يهتمّ بها دوق ديلات شخصيًّا.
«عندما تقول شخصًا من عائلة ستيا، هل تعني من يحمل لقب ستيا؟»
«الشخص الذي أتحدّث عنه هو من يعمل في قصر دوق ستيا.»
بما أنّ دوق ديلات يختبر الأمر، فسيسبقه ويأخذها أوّلًا.
سخر وليّ العهد داخليًّا من غباء دوق ستيا الذي يعامل مستشارًا ماهرًا كخادمةٍ عاديّة، وارتاح لأنّه لم يدرك قيمتها الحقيقيّة.
لكن في آخر يوم رآها فيه، كانت نظرتها له غريبة. نظرةٌ كأنّها تنظر إلى شخصٍ مريب وغريب الأطوار جدًّا.
ثمّ رحلت كأنّها تتجنّبه!
قرّر وليّ العهد حلّ اللبس وأخذها إلى القصر الإمبراطوريّ، فادّعى تعبيرًا جادًّا.
«يبدو أنّها أساءت فهمي كثيرًا، وأريد أن أحلّ هذا اللبس.»
«هكذا إذن.»
«لذا جئتُ لأطلب من الدوق دون خجل.»
«فهمتُ. أخبرني باسمها، وسأستدعيها.»
عندما وافق الدوق بسهولة، تنفّس وليّ العهد الصعداء. ثمّ طلب بصوتٍ متحمّس لا يخفيه.
«هل يمكنك استدعاء الخادمة هيبيتي؟»
«هيبيتي؟»
«نعم.»
«يمكنني استدعاؤها، لكن…»
رغم دهشته من معرفة وليّ العهد بمربّيته ورئيسة خادمات قصر ستيا، استدعى هاروت هيبيتي دون اعتراض.
«هل دعوتموني؟»
«سلّمي على صاحب السموّ وليّ العهد.»
انحنت رئيسة الخادمات لوليّ العهد دون أن تفهم السبب.
«الخادمة التي أتحدّث عنها ليست هكذا، أي ليست امرأة في منتصف العمر…»
انسدّ كلامه، فظلّ وليّ العهد يرمش بعينيه فقط لفترة. رفع كأسه وشرب دون أن يتحقّق من محتواه، فاختنق.
عندما صبّ رئيس الخدم ماءً أمامه، غسل به فمه من الخمر القويّة المتبقّية. تنفّس بعمق ثمّ وصف مظهر الشخص الذي يبحث عنه.
«خادمةٌ ذات شعر بنيّ قصير، لطيفة كالسناجب.»
الاسم الذي خطر في بال رئيس الخدم ورئيسة الخادمات معًا كان واحدًا فقط.
ريليز.
اسمٌ أصبح محرّمًا في قصر دوق ستيا.
«ريليز…»
تمتم هاروت تلقائيًّا، فأشرق وجه وليّ العهد.
«أتعرفها أنت أيضًا أيّها الدوق؟ كانت قصيرة القامة، تحمل شيئًا في صدرها دائمًا قائلة إنّه كتاب من المكتبة.»
كلّما سمع أكثر، تأكّد أنّها الشخص الذي يبحث عنه، فضحك هاروت ضحكةً فارغة.
«ها، هاها…»
خاف وليّ العهد من موقفٍ لا يليق بدوق ستيا، وعينين سوداوين مليئتين بالجنون.
التعليقات لهذا الفصل " 26"