«أنا بحاجة إلى الراحة، فلماذا تفعل هذا يا أشيريل؟»
كان أشيريل ينظر إليّ من الأعلى وهو فوقي.
«لكي أجعل ليز تشعر بمزيد من المتعة؟»
لم يخفِ أشيريل نواياه الخبيثة.
«لكنّي فعلاً متعبة جدًّا يا أشيريل.»
رغم محاولتي الوقوف بهدوء، إلّا أنّ التوتر الذي شعرت به طوال اليوم جعلني أشعر بالإرهاق. حاولت رفع جفنيّ الثقيلين مرارًا، لكنّ الرؤية بدأت تتشوّش تدريجيًّا.
«إذا كانت ليز متعبة فلا خيار أمامي. سأكتفي فقط بغسلكِ.»
شعرت بالأمان من دفء الماء ولمسة يديه الناعمة، فغفوتُ غفوة خفيفة.
عندما استلقيت على السرير مجدّدًا، اقترب أشيريل بعد قليل. استلقى بجانبي ودفن وجهه في صدري.
ثم نام قبلي.
حتّى عندما ربتُ شعره المضيء بنور القمر الخافت، لم يستيقظ.
على العكس، أصبح وعيي أكثر صفاءً.
لم يعد أشيريل يشكو من صداع، وينام جيّدًا أيضًا. سمعتُ أنّ شهيّته تحسّنت ولم يعد يشعر بألم يعذّب جسده.
أشعر بالامتنان لأنّني أفيد هذا الشخص ولو قليلاً.
بقي أمامنا مبارزة مع ماركيز ديبير، ومحاكمة ناديا ديبير، لكنّني شعرت بالخفّة.
آه، يجب أن أشكر كارا لاحقًا.
بفضل معاناتي أنا و أشيريل، استفاد تينس، لذا ينبغي أن أطلب منه كنزًا من كنوز القصر الإمبراطوري. بفضل اكتشاف أشيريل لجريمة الإمبراطورة، حُرم ابنها إلى الأبد من حقّ وراثة العرش، أليس كذلك؟
بينما أرتب أفكاري المعقّدة، بدأ النعاس يتسلّل إليّ شيئًا فشيئًا.
«تصبح على خير، يا أشيريل.»
لعبتُ بخصلات شعره الناعم الملتفّ حول أصابعي، ثم أضفت كلمة.
«آيل.»
لقب أشيريل الذي ناديته به للمرّة الأولى كان يخرج من فمي بسهولة تامّة.
«آيل، آيل، آيل. آيل الخاصّ بي.»
مجرّد نداء اسم من أحبّ، جعل قلبي ينبض بالدفء.
💿 💿 💿
في اليوم التالي، وصلنا موعد المبارزة من القصر الإمبراطوري.
بعد أسبوع إذن.
أمّا محاكمة ناديا فقد حُدّدت بعد شهر كامل، أي أبعد بكثير من المبارزة، لكن أشيريل قال إنّ ذلك يُعتبر سريعًا نسبيًّا.
«ستبقى محبوسة في السجن حتّى موعد المحاكمة، أليس كذلك؟»
«كنتُ أظنّها في قصرها.»
«لو لم تكن التهمة واضحة لكان الأمر كذلك، لكن تلك المرأة كانت تنوي إيذاءك بشكل جليّ.»
صحيح، لكن القانون الإمبراطوري يولي أهمّية كبرى لوجود ضرر جسدي فعلي. إذا أخذنا ذلك بعين الاعتبار، فإنّ عقوبة ناديا تبدو قاسية جدًّا مقارنة بجرمها.
نادرًا ما يُسجن أحدهم بسبب الشتائم فقط.
«صحيح، من الذي أمرها باستفزاز ليز؟ كان يجب أن تشكريني لأنّني لم أقطع رقبتها فورًا.»
احتضن أشيريل خصري وفرك خدّه بخدّي.
باختصار، لو كان الخلاف بين نبيلتين عاديّتين لما سُجنت ناديا أبدًا.
المشكلة أنّ الخصم كان عملاقين مثل أشيريل وهاروت، فأصبحت تُعامل كمجرمة تمامًا.
«وعلاوة على ذلك، استخدم الإمبراطور عقله جيّدًا. بدلًا من إنقاذ الإمبراطورة، ألقى بالتهمة كاملة على ابنتها.»
«هكذا إذن؟ لكن عقوبة الإمبراطورة تبدو قاسية أيضًا.»
«كلّا. لو وصل الأمر إلى محاكمة رسميّة لسُجنت الإمبراطورة ولخضعت لتحقيق دقيق، وهل كانوا سيجدون دليل إيذائك أنتِ فقط؟»
يعني أنّهم كانوا سيلفّقون لها جريمة كبرى تؤدّي إلى إعدامها؟
كلام أقوى شخصية في هذا العالم لا يمكن تجاهله. لقد سبق له أن أباد عائلات بأكملها بتهمة الخيانة!
«لكن يبدو أنّ هناك من ما زال يستهين بي. كيف أتعامل مع ماركيز ديبير؟ أريد أن أقضي عليه بطريقة تجعل الجميع يفهمون ألّا يزعجوا أنا و ليز بعد اليوم…»
فجأة شعرت بالشفقة على ماركيز ديبير.
كيف وقع في فخّ هذا المجنون؟ أو بالأحرى، كيف أنجب ابنة عديمة الحسّ ومدمّرة الشخصيّة فأدّى ذلك إلى سقوطه؟
إلى جانب إشعار المبارزة، وصلتني باقة زهور من تينس، ورسائل شكر من سار وكارا، وبعض الدعوات من ماركيزة مودين وآخرين.
«ماذا نطلب من وليّ العهد؟ بفضلنا أصبح مركزه كإمبراطور مقبل مضمونًا تمامًا.»
«صحيح؟ في القصر قلب حوت وقطعة ماجيستون عالية الجودة، فلنطلب ذلك.»
«حسنًا. هذا نصيبك أنتِ، أمّا أنا فسأطلب شيئًا آخر.»
نظر إليّ أشيريل بعيون مفعمة بالعاطفة.
«حقًّا خطيبتي ذكية جدًّا.»
آه، أشيريل هو الوحيدة الذي ينظر إليّ هكذا.
💿 💿 💿
حان يوم المبارزة بسرعة. في الأثناء، ذهب أشيريل إلى تينس وأحضر قطعتي حجر سحري من الدرجة العليا.
زارت كارا قصر كايدن مرّة، ووصلتني رسالة من والديّ تقول إنّهما سيعودان قبل انتهاء موسم الحفلات.
يبدو أنّ التعب الذي تحمّلناه جلب لنا أمورًا طيّبة.
وبينما أدير شؤون العائلة وأحضّر للخطبتي، اقترب يوم المبارزة.
في يوم المبارزة، ارتدى أشيريل رداء الساحر المعتاد، وبيده الواحدة…
«أشيريل، هل ستقاتل بالسيف؟ أم أنّك تدرّبت على فنّ السيف أيضًا؟»
«تدرّبتُ قليلًا.»
كنت أعلم أنّ جسد أشيريل غير عادي، لكنّني لم أره يتدرّب على السيف ولو مرّة واحدة.
هل هذا السيف مخصّص لضرب الناس بغمد؟
حتّى لو قلنا إنّه ملتصق بي طوال اليوم، فهو لم يتدرّب على السيف خلال الأشهر القليلة الماضية. لذا فشكّي بأنّ السيف مجرّد عصا معقول تمامًا.
التعليقات لهذا الفصل " 104"