إذا تحركتُ من هنا مباشرة، و ذهبتُ إلى سيرتين لأخبره بشيء ما، فإن دوق سبيلمان سوف ينتبه إلى الأمر فورًا. ثم سيقوم بتعديل خطته.
لذا، لم يكن أمامي سوى الانتظار بقلق حتى يأتي سيرتين إليّ.
جوليا تفقدت جراحي واحدة تلو الأخرى و وضعت الدواء بعناية، ثم بقيت بجانبي وقتًا طويلًا.
بينما كنا ننتظر سيرتين، كنا نخفف من توترنا بتبادل الأخبار. دوق سبيلمان أفسد حالتي المزاجية التي كانت قد تحسنت خلال ثلاثين دقيقة فقط، و سحبني إلى الجحيم.
إنه شخص مذهل بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
خلال محاكمة أوغستين، استخدم دوق سبيلمان سياسة العصا والجزرة مع جوليا و عائلتها.
كان من الواضح أنه اعتقد أنه يمكنه كسب ودّهم بأي طريقة بسبب اقتراب زواج رودريك و سيلا.
ومع ذلك، يبدو أنه بذل جهدًا ما لإنقاذ أوغستين.
“قال لنا عمي ان تهريب موظفي وزارة العدل دون أن يلاحظ دوق سبيلمان كان أمرًا صعبًا جدًا. فقد نصب دوق سبيلمان شباكه في كل مكان.”
“إذًا لم يكن دوق سبيلمان ينثر الأموال هنا وهناك عبثًا.”
أومأت جوليا برأسها. كان هناك مشروب برتقال خالٍ من الكحول من مملكة يوريس موضوع بيننا.
أحضرت خمس زجاجات كهدية لجوليا، ففتحت واحدة منها. قالت انه لا يمكنها تجاوز هذه المشاعر كما هي.
لقاء كان من المفترض أن يكون سعيدًا، أفسده دوق سبيلمان تمامًا.
“هل لم يتعرض أحد لأي انتقام من دوق سبيلمان بعد ذلك؟”
“لحسن الحظ، لا. يبدو أنه لا يعرف من تدخل في الأمر. وأظن أن انتباهه تحول إلى مكان آخر.”
“… حقًا هذا أمر مريح.”
رغم أن تلك الكلمات بسيطة، إلا أنني أعلم كم كانت تلك العملية صعبة. كم من الأشخاص عانوا فقط للحد من نفوذ دوق سبيلمان.
من المؤكد أن دوق سبيلمان كان يعتبر أوغستين مجرد أداة قابلة للاستهلاك. لكن تصرفه بهذه الطريقة… هو نتيجة غضبه من فقدان ما يملكه.
يا له من شخصية عظيمة، حقًا.
“… هل تسير تحضيرات الخطوبة على ما يرام؟”
بصراحة، توقعت أن أتعامل مع قضية سِيلا و الفيكونت بنتلي فور وصولي إلى العاصمة.
لم أتوقع أبدًا أن أتورط في حادثة أخرى بهذا الشكل.
“بسبب ذلك، مزاج ديميتور ليس جيدًا. يقول إنه ورّط رودريك في الأمر رغم أنه كان من اختياره. هل سببت الخطوبة سوء فهم لدى سمو ولي العهد؟”
أومأت برأسي بشدة.
يمكنني أن أجيب على هذا السؤال بثقة.
“سيرتين يثق في الدوق روجر. يعتقد أنه صديق لن يخونه.”
قلت ذلك بلغة أكثر تهدئة.
“لذا، لن يشكَ في الدوق روجر أولًا.”
قالت جوليا بنبرة مترددة قليلًا
“كان ديميتور قلقًا جدًا. قال ان سيرتين سيشك به بالتأكيد، ولم يكن يستطيع النوم خوفًا من أن تسوء علاقته مع سمو ولي العهد.”
أتفهم هذا الشعور.
لو كان سيرتين القديم، لكان قد قطع علاقته بالدوق روجر دون تردد.
همم، أكره أن أقول هذا، لكن أنا من جعلت سيرتين يصبح بهذا الشكل.
“حقًا، لا داعي للقلق. إلى جانب ذلك ، جوليا هنا بجانبي.”
“… لم أكن أتوقع هذا.”
سيرتين، أستطيع رؤية نوع الحياة التي عشتها بوضوح.
أعتقد أنني أفهم الآن تمامًا كيف ينظر كل من جوليا و ديميتور إلى صديقهما.
“همم. سأحاول التواصل مع الفيكونت بنتلي أيضًا. كنت أريد مناقشة الأمر معك يا جوليا. أشعر بالفضول إن كان تبني الآنسة سِيلا قد تم بطريقة غير عادلة.”
“… وهل سمو ولي العهد مهتم بهذا الأمر أيضًا؟”
“نعم، بالطبع. من الذي يسلّم ابنته بتلك السهولة؟”
حكّت جوليا خدها.
“كنت أعتقد أن سمو ولي العهد سيقوم بإبادة الآنسة سِيلا و عائلة الفيكونت بنتلي بأكملها…”
شعرت بوخزة غير مريحة في صدري دون قصد.
“لقد بالغتُ في التفكير! لقد قللت من شأن سمو ولي العهد! لم أكن أعلم أنه شخص بهذا القلب الواسع. الوقت الذي قضيته معه كان مضيعة.”
كانت قد فهمت سيرتين بدقة شديدة. يبدو أن هذا الموضوع ليس في صالحي.
لا أعلم كيف يمكنني الدفاع عن سيرتين في هذه النقطة. لذلك ابتلعت ريقي بصعوبة.
“هل هناك جديد بخصوص الأمور الأخرى؟ استعادة التركة و اعمال الدوق سبيلمان؟”
“أعتقد أننا يجب أن نبدأ بالبحث عن عقد الملكية إن وُجد. تواصلنا مع محامي سبيلمان، لكن الأمر لم يكن سهلًا أبدًا. إنها المرة الأولى التي لا تنفع فيها العلاقات. كان مخمورًا بشدة لكنه لم يفتح فمه و قال إنه لا يعرف شيئًا.”
روت جوليا بالتفصيل كيف تواصلت مع المحامي التابع لسبيلمان.
قالت انهم هم من بادروا بالاتصال بها، لذا تمكنت من الحديث معه بسهولة.
هاه، لا شيء يسير بسلاسة أبدًا.
“يجب أن نتمكن من السيطرة على ذلك المحامي بأي طريقة…”
“يقال ان السيد لوكاس وحده يعرف الأمر. لكن لوكاس تابع كامل للدوق سبيلمان…”
لوكاس، إذن هو أحد أتباع سبيلمان.
في القصة الأصلية، إذا تحدثنا عن أكثر شخصين مصابين بجنون الشك، فهما سيرتين أولًا ثم دوق سبيلمان.
دوق سبيلمان لا يثق بأحد أبدًا.
“أعتقد أنه من الجيد التحقيق في من حول لوكاس. بالتأكيد هناك نقاط ضعف يمكن استغلالها.”
“سأركّز على تلك النقطة تحديدًا.”
بينما كنت أتحدث مع جوليا، شعرت بأن قلبي أصبح أكثر هدوءًا. لدرجة أنني بدأت أعتقد أن شيئًا لن يحدث.
كانت الزجاجة الصغيرة التي استبدلت مسبقًا بالسكر موضوعة على الطاولة. و بينما كنت أنا و جوليا ننهي الزجاجة الأولى و نفكر في فتح الزجاجة الثانية، جاء رسول من شخص ما حاملاً أخبارًا غير سارّة لجوليا.
خرجت للحظة لمقابلته ثم عادت بوجه شاحب وقالت لي
“…يقولون ان مجلس النبلاء قد استُدعي على عجل. و يُقال إن سمو ولي العهد سيحضر الاجتماع أيضًا….”
تلاقت نظراتي و نظرات جوليا عبر الزجاجة.
أصبحت أطراف أصابعي ترتجف. فهمت مباشرة. هذا هو “التوقيت” الذي تحدث عنه دوق سبيلمان.
حدّقت في جوليا بصمت. دوق سبيلمان لم يضيع لحظة، و كأنه كان ينتظر هذا اليوم، و اندفع ليفرض الوضع دون أن يترك أي فجوة.
“ما هي القضية الطارئة المطروحة في الاجتماع؟”
“…يقال إن رئيس مجلس النبلاء، الماركيز كيلرمان، قُتل.”
رغم أنني كنت جالسة، إلا أن جسدي تمايل و كأنني سأسقط. شعرت بأن أنفاسي انقطعت.
كان الماركيز كيلرمان رجلًا نبيلًا معروفًا بين النبلاء بحياده. وكان يشغل منصب رئيس المجلس لفترة طويلة.
رغم انقسام النبلاء إلى فرق مختلفة، كان هناك الكثير ممن يكنّون الاحترام له.
دوق سبيلمان ينوي إلصاق تهمة قتل الماركيز كيلرمان بسيرتين.
شعرت وكأن دمي كله قد نزف إلى خارج جسدي.
كانت تلك الحادثة الكبيرة كافية لتُسقِط حتى أولئك الذين كانوا إلى جانب سيرتين.
“يتم حاليًا التحقيق في سبب وفاة الماركيز كيلرمان… و يُقال إن التحقيق الرسمي سيبدأ قريبًا. أعتقد أن ديميتور أيضًا حضر الاجتماع الآن.”
أمسكت جوليا بيديها بشدة.
الوضع لا يبدو عاديًا على الإطلاق.
بينما كنا نحتفل بالنصر و نتراخى، كان دوق سبيلمان ينسج خيوط شبكته بإحكام.
حتى دون أن أرى ما سيحدث، كنت أعلم.
سيُتهم سيرتين بأنه هو القاتل.
ولن يهم إذا اكتُشف لاحقًا أن هذا “الدواء” لم يكن سوى سكر.
دوق سبيلمان سيدفع بسيرتين إلى الزاوية حتى يُكشف القاتل الحقيقي، و حينها سيكون سيرتين قد خسر الكثير من قوته.
هذا الدواء الذي أحمله الآن في يدي لم يكن سوى اختبار صغير.
دوق سبيلمان… كان يشك بي.
أضافت جوليا
“كما أنهم يقولون ان كل من كان في قصر ولي العهد في السجن تحت الأرض… قُتل. يقال إنهم قُتلوا بواسطة أفعى سامة، من نوع لا يمكن العثور عليه في هذه المنطقة.”
لقد سرّب دوق سبيلمان هذه الأخبار لي عن عمد.
كان يشك بي، و في الوقت نفسه كان يرسل إليّ تحذيرًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات