“واو! إنها جميلة حقًا! هل هذه هدية لي؟”
أنا لا أموت حتى لو تناولت السم. لو كان دوق سبيلمان ينوي قتلي، لاستخدم وسيلة جسدية غير السم.
شعرت بأن أطراف أصابعي أصبحت دافئة محمرة. وكان قلبي ينبض بجنون. ما الذي يخطط له دوق سبيلمان هذه المرة؟
ابتسم دوق سبيلمان ابتسامة مشرقة.
المكان دافئ ومملوء بأشعة الشمس، لكنني شعرت وكأن ريحًا باردة تتغلغل حتى نخاع العظام. كانت هناك ظلمة غير مفهومة تحط ببطء في الغرفة.
شعرت وكأني لا أستطيع أن أرى حتى أمامي بخطوة.
أصبح وجودي مع دوق سبيلمان وحدنا في هذا المكان شيئًا مخيفًا.
“ابنتي العزيزة، لطالما أحببتِ لعبة البحث عن الكنز منذ الصغر.”
انخفض صوته و أصبح خافتًا. حتى الابتسامة على وجهه بدت و كأنها مصطنعة بشكل غريب.
“وكذلك كنتِ تحبين إخفاء الأشياء.”
“…نعم! إيفلين تحب الكنوز!”
“ستلعبين مع والدكِ لعبة البحث عن الكنز. إيفلين ستُخفي هذه الزجاجة الجميلة.”
“أُخفي هذه الزجاجة؟”
لم أكن أعلم إن كنت أتحدث بشكل طبيعي أو إن كانت تمثيليتي مكشوفة. لم أستطع التمييز. كل ما كنت أفعله هو التحرك و الكلام بشكل آلي. ببذل كل ما أملك من طاقة.
“نعم، إيفلين.”
ينوي أن يجعلني قاتلة.
كما فعل في القصة الأصلية، يخطط دوق سبيلمان لإلصاق كل الجرائم بي. و كأنني أنا من قتلت الأميرة و الإمبراطورة بيديّ. إذًا، هل هذه المادة مخصصة لهما؟
“وجهكِ شاحب. هل أنتِ مريضة؟”
أملت رأسي بطريقة لطيفة قدر الإمكان.
“أنا؟ هل وجهي شاحب؟ إيفلين دائمًا شاحبة!”
لمست خديّ و ابتسمت. لا يمكنني التحكم بتدفق الدم في وجهي. كل ما كنت أرجوه هو أن تمر هذه اللحظة دون أذى.
أعادني دوق سبيلمان إلى الواقع على الفور بعد عودتي. ذكرني بـمن أكون، ولماذا جئت إلى هذا المكان. و ذكّرني أنني ما زلت مجرد طائر في قفص.
“أين سأُخفي الكنز؟ هل أبي سيبحث عنه؟ هل يمكنني إخفاؤه في هذه الغرفة؟”
سألت بحيوية. و بدأت أعبث بالزجاجة وأهزّها قليلًا. و تصنّعت النظر إلى المسحوق في داخلها بذهول.
يقال إن الفطر السام ذو المظهر الجميل غالبًا ما يكون أكثر سمّية.
كان المسحوق الأبيض يلمع بألوان غريبة.
لم أنسَ أن أرمش ببطء أيضًا.
“لا. إيفلين، عليكِ إخفاؤه في مكان آخر. فقط استمعي لكلام والدكِ و افعلي ما يطلبه منك.”
فجأة، سحب دوق سبيلمان يدي بقوة.
“آه!”
اندفع جسدي للأمام فجأة، فشهقت من المفاجأة. اصطدم الجزء العلوي من جسدي بالطاولة و هاجمني الألم.
أمسك دوق سبيلمان بخدي الملقى بشكل بشع و أحكم قبضته عليه.
التقت عيناي بعينيه اللامعتين كالأفعى.
همس دوق سبيلمان كالثعبان
“الطفلة الجيدة، إيفلين، هي من تطيع الأوامر جيدًا. لن أسمح بأي تمرد بعد الآن.”
بدأ جسدي يرتجف تلقائيًا من كلماته.
“أ، أبي…”
“لذا، استمعي لكلامي جيدًا.”
كان الألم في خدي الذي كان يقبض عليه أقسى من الألم في جسدي.
الزجاجة الجميلة التي كنت أمسك بها بدت مرعبة.
يا له من ترحيب رائع حقًا.
****
ما إن غادر دوق سبيلمان الغرفة حتى دخلت جوليا مذعورة.
ساعدتني و أنا ألهث، شاحبة الوجه.
أسندتني إلى كتفها ، و بدأت تمرر يدها ببطء على ظهري.
كانت حواسي المشدودة تلتقط أصوات خطوات دوق سبيلمان تبتعد.
أبعد، أبعد، أبعد.
أتمنى أن يبتعد أكثر من منطقتي.
“تنفّسي، رجاءً.”
همست جوليا بصوت مبلل بالدموع.
“ها، هاا.”
تنفست بشكل غير طبيعي.
“…ماذا حدث؟ هل هددكِ ذلك الرجل؟ أم… يا إلهي!”
تحققت جوليا من عظمة الترقوة و معصمي، ثم صرخت بصوت حاد.
كان هناك كدمات بدأت تظهر على الجلد الرقيق.
“لا تقولي لي، هل استخدم العنف؟!”
“لم يفعل.”
كان صوتي يرتجف بشكل بائس.
حبست دموعي بالقوة.
هذا لا يستحق البكاء، أليس كذلك؟
“لقد تعثّرت فقط.”
“صاحبة السمو.”
نظرت جوليا إليّ مباشرة.
“إذا آذاكِ أحد بأي شكل، فهذا عنف. و إذا جرح قلبكِ، فهذا أيضًا عنف.”
كانت تنظر إليّ و كأنني ابنتها.
كانت تلمس جروحي و تعضّ على شفتيها برفق.
“هذا… هذا يُعد عنفًا يا صاحبة السمو.”
ابتسمت بمرارة.
لقد عاشت إيفلين طوال حياتها تحت عنف دوق سبيلمان.
ولم تكن الطفلة الصغيرة تعلم حتى ما هو ذلك الشيء.
مسحت وجهي بيد مبتلّة.
“…هل كان دوق سبيلمان دائمًا هكذا؟”
“لا أستطيع أن أنكر ذلك.”
“ذلك الوغد اللعين.”
“جوليا؟”
“أمثال هذا الشخص لا يستحقون أن يكونوا آباء!! كيف يُمنـح مثل هذا الوغد اللعين طفلًا؟!”
حدقت بجوليا بوجه مذهول. لم أرها تغضب بهذا الشكل من قبل.
لكنها الآن كانت تُظهر غضبها بالكامل، بوجه مكسور من الحزن أكثر من أي أحد.
“…يا إلهي. تحملتِ كل هذا بمفردك؟ هذا… وحدكِ… دون أن يعرف أحد…”
لم أفعل سوى التحديق في جوليا بذهول. كان شعورًا جديدًا تمامًا. و كأن لدي أختًا تغضب بدلاً مني.
قلبي انكسر بدفء. اختفى التوتر الذي نشأ بسبب البعد بيننا بلحظة.
“شكرًا لكِ، جوليا.”
فركت جوليا معصمي بلطف. و بدأ جسدي المتجمد يذوب مع لمستها.
“…لدي طلب، جوليا.”
رفعت جوليا عينيها الدامعتين و نظرت إليّ.
أريتُها القارورة التي دسّها دوق سبيلمان بقوة في يدي قبل أن يغادر. المسحوق الأبيض بداخلها كان يلمع تحت الضوء.
“هل يمكنكِ استبدالها بشيء مشابه؟ بمادة لا تضر الإنسان؟ مثل السكر، أو حتى الملح، يمكن سحقه ليشبهها.”
بما أن تحركاتي محدودة، كنت بحاجة إلى جوليا.
كنت أنوي خداع دوق سبيلمان ، بالإيهام أنني ابتلعت ما بداخل القارورة ثم استبدلتها.
في البداية فكرت بالتخلص من القارورة نهائيًا. لكن، كان ذلك… مؤسفًا جدًا. بناءً على كل ما شاهدته في الوسائط من قبل، بدا الانتقام من الشرير بهذا الشكل رائعًا.
قال دوق سبيلمان أنه سيستعيد هذه القارورة بنفسه.
لكن من المؤكد… أن المستهدف ليس الأميرة ولا الإمبراطورة. المكان الذي أمرني بإخفاء القارورة فيه لم يكن سوى مكتب سيرتين.
إذا كان ينوي إلصاق التهمة بسيرتين، فبالتأكيد سيختار شخصًا من خارج العائلة، لا أحد أفرادها.
ربما يمكننا إنقاذ الضحية. لكن دوق سبيلمان لن يتوقف. سيأتي التالي، والذي بعده.
لذا يجب أن يعثر دوق سبيلمان على هذه القارورة. كي لا يعيد استخدام نفس الخطة مرة أخرى.
“…لن تكون هناك مشكلة في ذلك. هل من الأفضل أن أحتفظ بالمحتوى الأصلي في مكان منفصل؟”
“نعم، جوليا. هل سمعتِ شيئًا من الدوق روجر؟ هل ذكر أن سبيلمان يراقب أحدا مؤخرًا؟”
“أتعتقدين أنه سم؟”
“أظن أن هذا هو الاحتمال كبير. دوق سبيلمان يريد إخفاء هذه القارورة في مكتب سيرتين.”
“إنه يحاول تقييد ولي العهد.”
أومأت برأسي.
“سيكون من الجيد إن استطعنا إنقاذ المستهدف…”
“لكن من المحتمل ألا نتمكن من ذلك.”
تابعت جوليا حديثي. كان واقعًا مريرًا. أن ننتظر موت أحدهم بلا حول ولا قوة. كان المسحوق الذي في داخل القارورة يتمايل بشكل مثير للشفقة و كأنه يجسد مصيري تمامًا.
التعليقات لهذا الفصل "91"