بينما كان سيرتين و إيفلين يستمتعان بالبحر، كان فيرونيكا و مورتيغا مشغولين .

قام مورتيغا فورًا بطلب المساعدة من جوليا، وقامت جوليا بربطه مع والدها، مما مكّنه من الحصول على مساعدة من قاضٍ موثوق في المحكمة العليا.

تم أخيرًا الانتهاء من إعداد دعوى قانونية مكتملة بواسطة خمسة من أفضل المتخصصين في قانون الإمبراطورية.

“هل سيكون هذا كافيًا بالفعل، مورتيغا؟”  

سألت فيرونيكا وهي تعبث بالدعوى القانونية بيد مرتعشة.  

“لا داعي للقلق، صاحبة السمو.” 

تغيرت طريقة مورتيغا في التعامل مع فيرونيكا أثناء إعداد هذه القضية، حيث أصبح أكثر أدبًا. في السابق، لم يستطع إخفاء استياءه تجاه فيرونيكا، لكنها الآن أصبح أكثر هدوءًا في نظره.  

أصبحت فيرونيكا تفهم مورتيغا. 

ربما كانت تظهر وكأنها تأخذ سيرتين بعيدًا عن الجميع. ولكن بعد أن أدركت ذلك، أصبحت تفهم كيف يرى الناس تصرفاتها.  

وأيضًا مشاعر شقيقها.  

“ستتمكنين من تحقيق ما ترغبين به.”  

“لكن… ستظل بجانبي حتى النهاية، أليس كذلك؟”  

ابتسمت فيرونيكا ابتسامة محرجة.  

“بدون أخي، أشعر بشيء من القلق.”  

“إذا أردتِ سموك، سأبقى معكِ حتى النهاية.”  

كان المستشار القانوني قد أخبرهم أن القضية ستكون صعبة جدًا للفوز، وأنه من غير المرجح أن يكسبوا. لكنه قال انهم يمكنهم تأخير الحكم على الأقل لمدة شهرين.  

كان ذلك هو الوقت الذي يمكنهم فيه تأجيل الحكم. شعرت فيرونيكا بشيء من العجز. لقد استنفدت كل أوراقها، وفقط شهرين؟  

لكن هذا كان مجرد بداية.  

“قالوا إن البداية هي نصف النجاح.” 

بعد أن يجتازوا هذا، سيكون خوض المعركة التالية أسهل. أومأت فيرونيكا بوجه متوتر.

* * *

وصلت الدعوى القانونية إلى دوق سبيلمان. كانت وثيقة ضخمة تحتوي على 120 صفحة من الأدلة القانونية والوثائق المدعمة.

“هاه، تلك الفتاة الوقحة.” 

ضحك دوق سبيلمان بصوت منخفض. 

لقد أبقاها على قيد الحياة، لكنها الآن تتمرد عليه. سواء كان سيرتين أو فيرونيكا. كان يجب عليهما أن يشبها والديهما، لكنه لا يعرف من أين ورثا هذه الجينات.

كان مساعد دوق سبيلمان متوترًا.  

ابتسم دوق سبيلمان، لكن سرعان ما ظهر عليه تعبير شيطاني.  

“ماذا أفعل مع هذه الحقيرة؟ ما رأيك؟”  

تمتم دوق سبيلمان ببرود. كان السُّم في عينيه ينذر بالسوء. 

“أ… آسف، صاحب السعادة!”  

“نعم، عليك أن تشعر بالأسف. ضيعت كل تلك الفرص، وها نحن هنا الآن.”  

صفع دوق سبيلمان مساعده على خده.  

“آه!”  

“اذهب حالاً واطلب من الدوق روجر أن يلتقي بي. الآن.”  

“نعم، صاحب السعادة!”  

أمسك المساعد بوجهه وركض خارجًا.  

كان الشيء الجيد الوحيد هو أن الدوق روجر كان قد أمسك بيده.  

“قبل أن يهرب، يجب أن أشدد الروابط.”  

صر دوق سبيلمان على أسنانه. من أين بدأت الأمور تسوء؟

ما كان يظنه فشلاً واحداً أصبح فشلين، ثم ثلاثة. والآن وصل إلى هذه النقطة.

فكر في أولاده الأغبياء في رأسه.  

كان فشلهم هو فشله، مما أدى إلى الوضع الحالي.  

فيرونيكا، هذا الشيء اللعين.

كيف لم تمت بعد؟ لماذا لا تزال على قيد الحياة بهذا الشكل القذر؟  

ضرب دوق سبيلمان بعصاه على الأرض. وبينما كان يعيد التفكير في غضبه، عاد مساعده الذي كان قد ذهب إلى دوق روجر.  

“آه، قال إنه سيزورك اليوم.”  

“هذا هو الشيء الجيد الوحيد.”  

الشيء الوحيد الجيد كان أن زوجة الدوق روجر، جوليا، كانت من عائلة المستشارين القانونيين.  

نظرًا لأن كل أفراد عائلتها كانوا من القضاة، يمكنهم مساعدته. 

“ربما أستطيع قلب الطاولة.”  

أمسك دوق سبيلمان بالدعوى القانونية بعنف.  

“لا، سأذهب بنفسي. استعد الآن.”

* * *

استقبل ديميتور الدوق سبيلمان الذي كان يسير بخطى جافة. كان الدوق سبيلمان يحمل ابتسامة عريضة وهو يلقي التحية.  

كانت تلك الابتسامة مختلفة عن تلك التي كانت تظهر عليه عندما كان يقف أمام الصورة في ذلك اليوم.  

وعلى عكس المرة السابقة التي لم يغادر فيها من الردهة أو الممر، تم أخذ دوق سبيلمان إلى مكتب ديميتور.  

قال ديميتور

“يبدو أنك مستجعل.”  

“هناك ما يدعو للقلق.”

وضع دوق سبيلمان الدعوى القانونية على الطاولة بطريقة خشنة. كانت الوثائق الثقيلة غير قادرة على تحمل الضغط وبدت متبعثرة قليلاً.  

حوّل ديميتور نظره إلى الوثائق.  

‘… هذا تحدثت عنه جوليا.’ 

كانت الدعوى القانونية التي أعدها والدها، الذي كان يختار بعناية من بين زملائه الموثوقين.  

والآن عادت هذه الدعوى إلى يد ديميتور. حاول ديميتور أن يظهر رد فعل هادئ.  

لحسن الحظ، كانت تجربته السياسية قد ساعدته على التماسك في مثل هذه اللحظات.  

ألم يتدرب على هذه اللحظة عدة مرات تحسبًا؟

“هل تلقيتَ دعوى قانونية؟”  

“هاه، ألم يكن الدوق روجر على علم بهذا؟”  

“لو كنت أعرف، لكنت قد أخبرتك مسبقًا. يبدو أن سيرتين يحاول إبعادي.”  

عبس ديميتور. حتى أنه شتم بهدوء عمدًا.

“لم أعد أقرب المقربين لولي العهد. لقد اصبح مساعده الغير مؤهل هو من يشغل ذلك المكان.” 

تسببت هذه الكلمات في تحسن طفيف في مزاج الدوق سبيلمان.  

كان من الواضح أن العلاقة بين ديميتور وسيرتين قد تأثرت. بدأ شكه يتبدد.  

“كما توقعت. ولي العهد لا يثق بأحد ولا يترك أحدًا بالقرب منه. أخشى في عهده أن لا يبقى أحد.”  

“هاه.”  

كان القرار بمحاولة إقناع ديميتور خطوة جيدة. بالطبع، كانت هناك بعض الأشياء التي خسرها دوق سبيلمان بسبب هذا.  

حتى عندما تستقر الأمور تماماً، سيحتفظ ديميتور بمنصبه كرئيس للوزراء. كما سيسعى ديميتور إلى الاعتراف بدوقية روجر كإقليم مستقل.

كانت هذه خطوة نحو الاستقلال الفعلي، وفي النهاية سيكون الطريق مفتوحًا له ليصبح ملكًا لإمارة.  

لا يوجد إنسان بلا جشع.

حتى ديميتور، الذي كان يبدو صارمًا، أعمى عينيه مثل هذا العرض. كان دوق سبيلمان رجلاً يؤمن إيمانًا أعمى بالقوة التي تجلبها المال والسلطة.  

لذا كانت له الأفضلية في هذه المعركة.

“لكنني لا أعتقد أن هذا مهم الآن. لم أكن أعلم أن الأميرة من النوع الذي يستطيع فعل شيء كهذا.”

“يبدو أن دوق روجر كان يعتقد ذلك أيضًا. لكن المشكلة قد حدثت، ولا بد من فعل شيء حيالها، أليس كذلك؟ هل يمكنك التحقق من ذلك؟ أعتقد أن دوق روجر و دوقة روجر أكثر جدارة بالثقة من مستشاري القانوني.”  

بدأ ديميتور ببطء في تصفح الوثائق. كان يعرف محتوى الوثائق مسبقًا، لكنه تظاهر بقراءتها مجددًا.  

“شكرًا على رأيك. لحسن الحظ، لا أعتقد أن هذه الدعوى ستتمكن من إحداث تأثير كبير.”  

“همم.”  

ضيّق دوق سبيلمان عينيه.

“يُقال إنه بعد ثلاث سنوات من الدراسة في المعبد، يُمكنك حفظ الكتاب المقدس وأنت مغمض العينين. لقد مرّت ثماني سنوات منذ أن تزوجتُ من عائلة قضاة في المحكمة العليا.”

“لم أكن أشك في ذلك.”  

“يجب عليك أن تتحقق من الأمر مع آخرين أيضًا. سأتحدث مع جوليا بشأن هذه القضية. عليك أن تبرئ نفسك في أقرب وقت ممكن.” 

“تبرئة نفسي؟”  

“أليس كذلك؟”  

“نعم أنت على حق.”  

ابتسم دوق سبيلمان بسعادة. كان يعجبه رد ديميتور الصريح.  

بالطبع، سيواصل التحقيق في الأمر من خلف الكواليس، ولكن إذا قدم القاضي الدعم، فقد لا يكون من الضروري الذهاب إلى المحكمة.  

كانت الأميرة فيرونيكا قد ارتكبت خطأً.  

كل الأدلة التي كانت بحوزتها ستصبح بلا قيمة الآن.

كان هناك العديد من الطرق لتحويل هذه الحادثة إلى فرصة لصالحه.  

ولكن قبل كل شيء، كان من الأفضل أن يضع بعض الاحتياطات.  

“سأتبنى فتاة.”  

كان دوق سبيلمان يحتاج إلى وريث يعزز من قاعدة قوته. كان يفضل أن يكون الطفل الذي يتبناه مطيعًا.  

عليه أن يحسن تربيتها منذ صغرها لتصبح جوهرة.

“سيكون من الجيد تزويج هذه الطفلة لدوق روجر الصغير.”

كان ذلك بهدف السيطرة على روجر في المستقبل عندما يصبح ملكًا لإقليم خاص به. 

وكان السبب في أنه يخطط لضم فتاة إلى العائلة هو أن هذا سيسمح له بالتحكم فيها بشكل أفضل.  

نظر ديميتور إلى دوق سبيلمان بتعبير جاد.  

من هو الذي وقع في الفخ؟  

لا أحد يعلم النتيجة بعد.