“سأقدم لك كل الدعم الممكن من بريزمان…”.
قال الكونت بريزمان بوجه متردد، ويبدو أنه لم يكن مستعدًا بعد.
همم.
أمسكت بيد سيرتين بإحكام.
إذا حصلت على دعم الكونت بريزمان، وتمكنت من وضع يدي على تشينشيس، فسيكون ذلك مفيدًا جدًا للصناعات التي سأستعيدها في المستقبل.
آه، هل أتصرف وكأنها أصبحت ملكي بالفعل؟
نظر إليَّ سيرتين للحظة، ثم التفت إلى الكونت بريزمان وقال
“إذا كان هناك أي شيء تريده، يُمكننا مُناقشته لاحقًا.”
“شكراً لك، صاحب السمو ولي العهد!”
ابتسم الكونت بريزمان ابتسامة مشرقة.
“لكن عليك أن تتذكر شيئًا. أنا لا أقوم أبدًا بأعمال تجعلني أخسر شيئًا. الدين الذي تدين لي به، سأحتفظ به في قلبي. هل هذا مقبول؟”
“نعم، نعم، سموك!”
أومأ الكونت بريزمان برأسه بحماس، ويبدو أنه سعيد بالحصول على فرصة لإقامة علاقة مع شركة كورتيس التجارية العملاقة.
حسنًا، طالما أن الجميع سعداء، فلا بأس.
فأنا أيضًا حصلت على ما أريده.
بينما كنت أتناول طعامي مبتسمًا كطفلة صغيرة، ظهر فجأة شخصان كأنهما الشخصيات الرئيسية.
“آه، أليس هذا…؟”
“يا إلهي، الكونت تشينشيس…!”
بحث الناس عن الكونت تشينتشيس، الذي كان يأكل بهدوء. رفع الكونت تشينتشيس نظره وحدق في الشخصين الداخلين.
“آه…!”
كان أحدهما هو الكونت الشاب، و الأخرى التي معه كانت تشبهه كثيرًا، كانت على الأرجح شقيقته الصغرى.
اقترب الكونت الشاب منا متفاخرًا، ثم دفع نبيلًا كان يجلس على الجانب الآخر من سيرتين.
“يبدو أنك انتهيت من طعامك، هلّا قمت بإفساح المكان؟”
“ما هذه الوقاحة؟!”
“هاها، لا تجعل الأمر صعبًا. طلبت منك أن تنهض.”
أمسك الكونت الشاب بتلابيب الرجل وأجبره على الوقوف كما لو كان أحد رجال العصابات.
“لدي أمر أريد أن أتحدث به مع صاحب السمو ولي العهد. أظن أن سموه سيفضل شخصًا شابًا مثلي بدلاً من عجوز مثلك.”
“أيها الوغد!”
نهض الكونت تشينشيس غاضبًا. لقد تحوّلت مائدة الطعام التي كانت هادئة قبل لحظات إلى ساحة فوضوية.
هذه أول مرة أرى أحدًا يتصرف بهذه الوقاحة أمام سيرتين.
هل هم لا يملكون أي احترام أو كرامة؟
“اجلس.”
قال سيرتين ببرود.
نعم، كنت أتوقع ذلك.
“لا تجعل إقامتي في لاروس تجربة أندم عليها.”
انحنى كونت تشينشيس الشاب اعتذارًا، ثم تردد قليلاً قبل أن يجلس مجددًا.
نظر سيرتين إليه بنظرة ازدراء وسأله
“ما هو غرضك؟”
“هاهاها، أريد فقط أن أتناقش عن أشياء يفهمها الشباب.”
أمسك الكونت الشاب بمعصم شقيقته وسحبها لتجلس في المقعد الفارغ. كانت الفتاة شاحبة وترتجف بشدة، مرتدية ثوبًا يكشف الكثير من صدرها.
“بصراحة، أنا لست جيدًا في التلميحات غير المباشرة.”
أنت لست صريحًا، بل غبي و وقح. يا لك من وغد وقح.
“أنا أدرك جيدًا أهمية تأمين خط الخلافة لصاحب السمو ولي العهد.”
آه، إذن هذا هو هدفه؟
نظرت إلى الفتاة. كانت بالكاد تحاول كبح دموعها، وعندما لم تستطع، انهمرت أخيرًا.
تسك، لقد ابتُليت بأخ سيئ.
حسنًا، أنا أيضًا أعاني من عائلة سيئة، لذلك أفهم شعورها.
“إذن؟”
“هذه أختي الصغرى. منذ طفولتها، عُرفت بأنها عبقرية، كما أنها تعلمت ثلاث لغات أثناء نشأتها في لاروس. لقد ورثت جمالها عن والدتنا، لذا لن تواجه أي مشاكل في قبولها.”
“أها.”
مسح سيرتين فمه بهدوء، ثم مال إلى الخلف في مقعده.
أغمض عينيه و ابتسم. إنه غاضب.
غاضب جدًا.
لكن ذلك الشاب الغبي لم يفهم ذلك، فواصل الابتسام كالأحمق، لابد أنه اعتقد أن سيرتين سعيد لانه ضحك.
ساد الصمت المشحون بالتوتر على المائدة. احمرّ وجه الكونت تشينشيس غضبًا بينما كان يحدق إلى الأمام بصمت.
هذه هي الطريقة التي يفسد بها شخص واحد كل شيء.
“ما رأيك، سموك؟”
“كونت تشينشيس الشاب…”
“نعم، سموك؟!”
“أنت تعاملني كأنني مجرد حيوان، هل أبدو لك كحيوان ينام مع اي امرأة لينجب ورثة بلا تفكير؟”
ابتلعت ريقي، وأمسكت بيد سيرتين بتوتر واضح.
“صاحب السمو! لم أقصد ذلك…!”
التفت إليّ ذلك الوغد. نظر إليّ وابتسم.
“كنت فقط أفكر في مصلحة الإمبراطورية و أنك تحتاج إلى إمبراطورة مثالية! كيف يمكنك إساءة فهم إخلاصي؟!”
“اصمت.”
إذن، كان يهدف لإهانتي منذ البداية. حسنا ، لا حاجة لنا للبحث عن نقطة ضعف الكونت تشينشيس الآن.
وقف سيرتين ببطء، وأعطى إشارة للحراس الذين كانوا ينتظرون في الخارج، فدخلوا القاعة على الفور.
“ألقوا القبض على هذا الوغد حالاً. لقد تجرأ على إهانة زوجتي و إهانتي. سيحاسب على جريمته.”
إهانة العائلة المالكة.
في هذا العصر، كانت هذه جريمة عقوبتها الموت.
بدأت شقيقته تبكي بصوت عالٍ وهي تشهق
“أ-أرجوك، سامحني، صاحب السمو!”
سقط الكونت تشينشيس أرضًا
“أرجوك، فقط اعفوا عن حياة أولادي، فقط حياتهم…”
في تلك اللحظة، انهارت الهدنة التي كان من المفترض أن تستمر ثلاثة أيام في لاروس. تلاشت الرياح اللطيفة التي أحسست بها في الصباح تمامًا.
أمسك سيرتين بيدي غادرنا المكان .
***
قادني سيرتين إلى غرفة النوم. كان يجلس على الأريكة، وجهه شاحب ومليء بالغضب.
“يبدو أنك غاضب جدًا، سيرتين.”
“أما أنتِ، فلا تبدين كذلك.”
“لأنني اعتدت على هذا النوع من النظرات دائمًا. كانت السيدة روزالينا تفعل الشيء نفسه، وكذلك الآخرون.”
كان أحد أبرز الأمثلة على ذلك جالسًا بجانبي الآن. ربما لأنني اعتدت على الأمر كثيرًا، لم أشعر حتى بالغضب.
“دائمًا؟ هل كان هناك حمقى أظهروا ذلك بوضوح؟”
“بالطبع، فهم يعتقدون أنني مجرد فتاة ساذجة لا تفهم شيئًا.”
هززت كتفي بلا مبالاة.
“في الواقع، هذا أمر جيد، سيرتين. لقد تمكنت الآن من السيطرة على الكونت تشينشيس، لذا خذ تشينشيس لنفسك.”
كنت أريد تخفيف حدة التوتر، ولو قليلًا. لم أرغب في رؤية سيرتين غاضبًا بصدق. كنت أفضّل التظاهر بعدم معرفتي بأي شيء.
“إيفلين.”
“لا تغضب، سيرتين.”
خرجت الكلمات من فمي دون وعي.
“تظاهر بأن شيئًا لم يحدث، من فضلك. سأستمر في العيش بالطريقة نفسها، لفترة لا أعرف مداها. مثل هذه الأمور ستتكرر مرة بعد مرة، فهل ستغضب في كل مرة من أجلي؟ لا أريد ذلك.”
“…..”
“كلما غضبتَ أنت، كلما تذكرتُ وضعي الحقيقي أكثر. من الأفضل أن تتجاهل الأمر. إذا استمريتَ في الغضب والحزن في كل مرة، فقد لا أتمكن حتى من التظاهر بعد الآن.”
تمتمت بهذه الكلمات بصوت ضعيف، فمدّ سيرتين يده نحوي.
انغمست في حضنه الدافئ وأطلقت زفيرًا عميقًا.
كانت هذه مشاعر لم أسمح لنفسي بالتفكير بها من قبل. كنت أتجاهلها عمدًا.
لم يكن ذلك مجرد إحساس بالخجل، بل شعور بالإهانة والغضب المكبوت.
إذا سمحت لنفسي بالاستسلام لهذه المشاعر، فسأعجز عن فعل أي شيء في النهاية
إذا واجهتُ نظرات روزالينا مباشرة، فقد أنفجر غضبًا في وجهها، وإذا واجهتُ الخادمات اللواتي يسخرن مني بصدق، فقد أصرخ عليهن وأهينهن.
عندها سيُكشف أمري.
كل جهودي، كل ما حاولت بناءه، سيذهب سدى.
لذلك كنت أتحمل هذا الأمر و أتجاهله.
“ليس الأمر أنني لستُ غاضبة.”
تمتمتُ بصوتٍ خافت.
“سيرتين، أنا… لستُ حمقـاء لا تعرف شيئًا.”
“ها.”
عانقني سيرتين بقوة. لم أكن أعرف ما الذي كان يفكر فيه، أو كيف كان يراني.
كنت فقط أرغب في البقاء بين ذراعيه هكذا.
شعرت و كأن هذا العناق القوي يمكن أن يحميني من كل ظلم في هذا العالم.
طبع سيرتين قبلة خفيفة على جبيني.
“لن أغضب.”
قال سيرتين بصوت خافت.
“لن أفعل أي شيء لا تريدينه.”
قبّلني على صدغي برقة.
“لن أدع جهودكِ تذهب سدى.”
ثم انحنى سيرتين و قبّلني. أغمضت عينيّ بينما كان يمنحني قبلة آسرة.
في تلك اللحظة ، شعرت وكأنني نسيت كل ما سمعته اليوم.
التعليقات لهذا الفصل "69"