احمـرّ وجهي. هل يتحدّث الناس هكذا بصراحة هذه الأيام؟
فركتُ خدّي، فضحكت صاحبة المخبز بصوت عالٍ. أحاطَ سيرتين كتفي بذراعه و قال:
“ابنة تشبه زوجتي ستكونُ رائعة.”
“سأدعو أن يتحقّق ذلك!”
ابتسمَ سيرتين. لكمتُـه بمرفقي على خصره، لكنّه لم يبالِ.
نظرَ سيرتين حوله و سأل:
“هل هناك مكان لبيعِ الصحف؟”
كان سيرتين دائمًا يتفقّد الصحف عند زيارة المناطق الريفيّة، ليفهم أوضاعها.
“نعم، في النّزل هناك ستجدان أحدث الصحف. هناك صحف من العاصمة و أخرى من دول أجنبيّة.”
توجّهنا إلى النّزل بناءً على توصيتها. كما قالت، كانت هناك زاوية في النزل مليئة بالصحف. طلبنا شايًا واشترينا صحيفة. بدأتُ أقرأ مع سيرتين، الذي كان يتصفّح الصحيفة بهدوء.
“آه.”
نظرتُ إلى الصحيفة التي كان يقرأها سيرتين.
“مقال عن استلام سفينة جديدة في إيستوس.”
قرأتُ المقال بعناية.
“يبدو أنّ شركة أسّسها شخص يُدعى بولدوين كونستانتين تقود إصلاحات النقل في إيستوس.”
“كونستانتين… اسم لم أسمعه منذُ زمن.”
ابتسمَ سيرتين.
“هل تعرفه؟”
“كان بيننا بعض الصّداقة في الطفولة؟ حسنًا، هل تعجبكِ السفن؟”
هل قلتُ شيئًا كهذا؟ أملتُ رأسي متعجبة. ضيّق سيرتين عينيه و ابتسم، ثمّ قبّـلَ خدّي و همس:
“إذا أنجبنا ابنة تشبهكِ، كما قالت صاحبة المخبز، سأهديكِ سفينة.”
“ماذا؟”
“سيكون من الرّائع السّفر على تلكَ السفينة. ألم تذكري أنّكِ تريدين العودة إلى يوريس؟”
“حسنًا…”
لكنّه يتحدّث عن إهدائي سفينة؟ هذا على مستوى آخر!
رمشتُ بعينيّ، فتابع سيرتين:
“إصلاح النقل. إنّه شيء نحتاجه في ليكسيا أيضًا.”
كان وجهه يحلم بعالمٍ آخر. كان سيرتين إمبراطورًا رائعًا حقًا، دائمًا يختار ما يفيد الإمبراطوريّة، ولا يتركها تفارق ذهنه. أحببتُ هذا الجانب منه.
قبّلتُ خدّه بخفّة.
“حسنًا، أريد منكَ أن تُهديني سفينة. أكبر و أجمل سفينة في العالم.”
ردّ سيرتين:
“حسنا، يجبُ أن يأتينا شيء ما أوّلاً.”
“ماذا؟”
“الابنة أولًا، أليس كذلك؟”
“لحظة!”
أمسكَ سيرتين يدي و سحبني للوقوف.
“ألا تتساءلين إن كانت هناك منصّة مشاهدة هنا؟”
تذكّرتُ فجأةً ذكرى قديمة . لا تزال ذكرى يوم المسابقة حيّـةً في ذهني.
“ربّما هناك مسابقة أخرى؟”
“لا حاجة لذلك!”
ضيّقَ سيرتين عينيه و ابتسم.
كانت هناك لحظات يتصرّف فيها سيرتين بحريّة تامّة، و هذه إحداها.
فتحتُ فمي مذهولة و أنا أراه يلوّح لصاحب النزل.
“سأدعكِ تزورين حقل الخزامى.”
حاولتُ الهروب من النزل عند سماع كلامه المتعجرف، لكنّه أمسكني .
احمرّ وجهي و أنا محتضنة في ذراعيه بينما كنّـا نصعد إلى الطابق العلويّ.
يا إلهي، حقًّـا!
***
كان الصّباح الأخير في الفيلا على ضفّة البحيرة. كانت البحيرة تلمع تحت أشعة الشمس الصباحيّة من خلف النافذة. حقل الخزامى، البحيرة، و البجع… كلّها أصبحت ذكرياتنا.
لقد حـان وقت المغادرة.
سيرتين كإمبراطور، وأنا كإمبراطورة.
حـانَ وقت العودة إلى أماكننا.
سأفتقد الوقت الذي قضيناه هنا. هذه اللحظات دائمًا تترك صدى عميقًا في القلب.
قبل صعود العربة، نظرتُ إلى البحيرة مرّةً أخيرة. كانت البجعات لا تزال تنزلق برشاقة على الماء، و أشعة الشمس تلمع فوقها.
“في المرّة القادمة، يجب أن نأتي مع ليون لنريه هذه البجعات.”
كنتُ أتمنّى أن يشارك ليون ذكرياتنا. واصلتُ النّظر خلفي وأنا أصعد العربة مع سيرتين، متأمّلة الأسف في قلبي.
دائمًا ما تنتهي الرّحلات عندما نشعر بالأسف. لكنّ الوقت قد حان للمضيّ قدمًا مع سيرتين.
***
في عصر اليوم الثاني، في القصر الإمبراطوريّ أخيرًا.
لم أستطع إخفاء فرحتي.
مَـنْ كان يظنّ أنّ القصر سيبدو بهذا الترحاب بعد أيام قليلة؟
ربّما كان ذلكَ بسببِ التّفكير في طفلنا الذي ينتظرنا. توجّهنا مباشرةً إلى قصر الجدّة الكبرى.
“ليون!”
التفتَ الطفل الذي كان يلعب بحماس، نحونا.
ركضَ ليون بأقصى سرعته على ساقيه القصيرتين، بينما يضحك و يفتح ذراعيه.
“ماما! بابا!”
أمسكَ سيرتين بليون، الذي كاد يتعثّر، و رفعه عاليًا.
اقتربت إليزابيث ضاحكة.
“هل استمتعتما؟”
“نعم، كانت رحلة رائعة. كيف كان ليون؟ هل أزعجكِ؟”
“كان رائعًا. لعب مع فيرونيكا و معي. استمتعتُ بفضله.”
“هذا مطمئن.”
جلسنا في الحديقة مع ليون بيننا. كان لقاءً بعد أيام قليلة. نظرت الجدّة الكبرى إلينا بنظرة خفيّة و سألت:
“كيف كانت الرحلة؟”
“كانت رائعة. البحيرة كانت جميلة، و البجع أيضًا، و حقل الخزامى…”
“و هل هذا كلّ شيء؟”
أغلقتُ فمي بإحكام. ضحكَ سيرتين بهدوء. في هذه اللحظات، بدا هو و الجدّة الكبرى متشابهين تمامًا.
أغلقتُ فمي و أدرتُ رأسي. عندها اقتربت فيرونيكا.
حوّلتُ انتباهي إليها، فضحكت الجدّة الكبرى.
تحدّثتُ إلى فيرونيكا:
“حقًا ، هل رأيتما البجع في البحيرة؟”
“نعم، كانوا رائعين.”
“أريد زيارتها أيضًا.”
“لنذهب معًا في المرّة القادمة.”
“نعم، سيكون رائعًا لو أتى الرّجل الذي تخرجين معه أيضًا.”
“جدّتي!”
صاحت فيرونيكا بينما احمرّ وجهها.
رجل تخرج معه؟ لكنّني لم أحصل على إجابة منها عن هويّته. سأعرف تدريجيًا، أليس كذلك؟
كان سيرتين ينظر إلينا. ابتسامته جعلتني أبتسم تلقائيًا.
بدا أنّ غروب الشمس الذي رأيناه في البحيرة و السّعادة التي شعرنا بها لا تزال تتسرّب إلينا. أمسكتُ يده سـرًّا تحت الطاولة.
شعرتُ بقوّة يده و هو يضغطُ على يدي.
كانت سعادتنا و مستقبلنا يتكشّفان أمامنا الآن.
في هذا المستقبل، سنكونُ دائمًـا معًـا.
______________
<نهاية الفصول الجانبية>
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 155"