في مطعمٍ فاخر يقع على بُعد قليل من القصر الإمبراطوري، كان المكان الذي حجزه مورتيغا هادئًا ومريحًا، مضاءً بضوء الشموع الخافت.
كان من النوع الذي يحبّه الناس.
“مكان رائع حقًا. أعتقد أنّ إيفلين ذكرته من قبل.”
فتحت فيرونيكا قائمة الطعام وهي تتفحّص المكان. على عكس فخامة القصر الإمبراطوري، كان الديكور بسيطًا لكن أنيقًا.
“حتّى جلالة الإمبراطور قال إنّه مكان جيّد. الطعام يجب أن يكون لذيذًا.”
قال مورتيغا وهو يتصفّح قائمة النبيذ. بدا أنّه بذلَ مجهودًا إضافيًا في ارتداء ملابسه اليوم.
نظرت فيرونيكا إليه خلسة وهي تلعب بطرف فستانها. شعرت بالتّوتر لرؤيته بمظهرٍ مختلف عن المعتاد.
اقتربَ النادل لأخذ الطلب، و طلبَ مورتيغا بمهارة، متناغمًا تمامًا مع ذوق فيرونيكا.
كان هذا أحد الأشياء التي جذبتهـا إليه. يبدو غير مبـالٍ، لكنّه يعرفُ كلّ شيءٍ عنها.
“كيف تسيرُ الأمور في العمل؟ هل لا يزال أخي كما هو؟”
“الأمور بخير. بفضلِ ليون، أصبحتُ أغادر العمل مبكرًا مقارنة بالسابق.”
“ليون؟”
“مَـنْ كان يظنّ أنّ جلالة الإمبراطور سيشارك بنفسه في تربية الأطفال؟ بفضله، شعرَ جميع المساعدين بالبهجة. لم يكن أحد يتوقّع أن يتحوّل مدمن عمل إلى مدمن تربية!”
ضحكَ مورتيغا بمرح.
“أصبحَ يظهر جوانب جديدة مؤخرًا.”
ارتشف مورتيغا من كأس النبيذ و تـابع:
قالت فيرونيكا و هي تضحك:
“أيّ جوانب؟”
“أصبح أكثر إنسانيّة، إذا جـازَ التعبير. يضحك أكثر من السابق.”
أومأت فيرونيكا برأسها. كانت هي أيضًا تلاحظ التغيّرات في سيرتين.
“إيفلين و ليون غيّـرا الكثير فيه.”
قُدّمت المقبّلات بعد فترة. كانت الأطباق مزيّنة بعناية وطعمها رائع.
واصلا الحديث بسلاسة أثناء تناول الطعام.
تحدّثا عن إدارة الأراضي الشماليّة، الحياة اليوميّة في القصر، وحتّى الكتب التي قرآها مؤخرًا. كانت المواضيع لا تنتهي، رغمَ قضائهما وقتًا معًا يوميًا تقريبًا.
“لكن، مورتيغا.”
“نعم.”
ابتلعتْ فيرونيكا توتّرها و قالت ببطء، وهي تدير كأس النبيذ:
“أتساءل عن طبيعة علاقتنا.”
“هل نحن مجرّد أصدقاء، أم…”
“أم ماذا؟”
“أم أنّنا أكثر خصوصيّة؟”
اصبحت نظرة مورتيغا أكثر جديّة.
تفادت فيرونيكا عينيه قليلًا. كانت تنتظر هذه اللّحظة، لكن عندما جاءت، لم تعرف ما الردّ الذي ستتلقّاه.
“أيّ نوعٍ من العلاقة تريدينها؟”
اتّسعت عينا فيرونيكا.
“أشعر بالراحة و السّعادة عندما أكون معكِ. دائمًـا أتطلّع إلى الوقت الذي سأراكِ فيه، و أشتاق إليكِ.”
احمرّت خدّا فيرونيكا. أجابت بسرعة بلهجفة:
“أنا أيضًا.”
“عندما علمتُ أنّكِ تثقين بي…”
تنفّسَ مورتيغا بعمق.
“كان ذلكَ يعني لي الكثير.”
كان لدى مورتيغا دائمًا رغبة في التقدير. أراد أن يحظى بتقدير سيرتين، فبذل جهدًا مضنيًا. وكانت فيرونيكا الشّخص الذي لاحظَ ذلكَ من نظرة واحدة.
أصبحت عينا فيرونيكا رطبتين.
“أنا أيضًا تعلّمتُ الكثير بفضـلكَ. و…”
“و….؟”
“أصبحتُ قادرةً على الضحك. بصدق.”
“لهذا أريد أن نكون حبيبين.”
احمرّ وجه فيرونيكا. كانت تعلم أنّ هناك حواجز كثيرة بينهما.
كانت فيرونيكا أميرة، و مورتيغا مجرّد مساعد إمبراطوريّ موهوب. لكن بالنّسبةِ لثنائيّ في بداية علاقتهما، لم تكن هذه عقبات كبيرة.
“أنا أفكّر بنفسِ الطريقة.”
ابتسمَ مورتيغا بلطف.
كانت بداية جديدة.
فيرونيكا، التي تجاوزت جروح الماضي، و مورتيغا، المستعدّ لاحتضانها بصدق.
لم يعرفا ما يخبّئه المستقبل، لكنّهما تمنّيا أن يظلا معًا إلى الأبد، مهما كانت التحدّيات.
***
في وقتِ الغروب، خرجنا إلى البحيرة كما وعدنا.
بعد استراحة قصيرة، كنتُ أشعر بالاسترخاء. ارتشفتُ مشروبًا دافئًا و أنا أنظر إلى البحيرة.
مع كلّ حركة لذراعي سيرتين، تحرّك القارب نحو مركز البحيرة. بدا كأنّنا نُسحب نحو الغروب.
انعكست أشعة الشمس على الماء، فبدا و كأن المكان مغمور بالذهب. كان المشهد مهيبًا لدرجة أنّني شعرتُ بأنّ روحي تُسلب.
“إنّه جميل حقًا.”
تمتمتُ دونَ وعي. في تلكَ اللحظة، ظهرت ظلال بيضاء من الجهة الأخرى للبحيرة.
كانت طيور البجع البيضاء. كان ريشها الأبيض يلمع بالذهب تحتَ أشعة الشمس. أضافت مجموعة البجع، التي كانت تنزلق برشاقة على الماء، حيويّة إلى الخلفيّة الهادئة.
كان المشهد خياليًّـا.
“هذه المرّة الأولى التي أرى فيها البجع بهذه القرب.”
أوقفَ سيرتين التجديف. تحرّك القارب ببطء مع تموّجات البحيرة، متلألئًا تحت الغروب.
عندما التفت سيرتين إليّ، بدا أكثر هدوءًا من المعتاد.
مالَ نحوي و قبّلـني. تنفّستُ بارتجاف بين شفتيه المتشابكتين. أمسكَ بأصابعي و تشابكت أيدينا. ارتجفت جفنيّ.
“هل تعلمين؟ أحيانًا أشعر أنّكِ جزء من هذا المنظر.”
داعبَ سيرتين ذقني بأطراف أصابعه.
“كأنّكِ ستختفين في عالم الأحلام.”
“سيرتين…”
“حتّى وأنتِ بجانبي هكذا…”
أمسكتُ بخدّيه و قبّلتـه هذه المرّة. احتضنتُ رقبته وهمستُ:
“سأبقى بجانبكَ طوالَ حياتي.”
هذه اللحظة، بينما أنا أحتضن سيرتين، كانت رائعة جدًا.
بدت الأمواج الذهبيّة خلفه وكأنّها تلوّح لنا. أصبح الغروب أكثر عمقًا.
قال لي سيرتين إنّه لا يزال يشعر أنّه في حلم. بدلًا من الردّ، قبّلتُـه مجدّدًا. شعرتُ بجسدي يذوب من الحرارة.
كان صوت القارب الخافت يتردّد بعيدًا.
***
في صباح اليوم الثالث على ضفّة البحيرة، قرّرنا زيارة القرية القريبة.
“المسافة إلى القرية حوالي ثلاثين دقيقة سيرًا. هل أجهّز العربة؟”
سأل مارسيل.
“أعتقد أنّ السير سيكون ممتعًا.”
قلتُ بحماس وأنا أتشبّث بذراع سيرتين. في القصر، كنا دائمًا نستخدم العربة، لذا كان السير إلى مكان ما تجربة جديدة. لم أمشِ لمسافات طويلة سوى في النزهات.
أومأ سيرتين وقال:
“لا حاجة للعربة.”
“حسنًا، جلالتك.”
تركنا الفيلا خلفنا و سِرنا على درب يمتدّ بمحاذاة البحيرة. كان الدرب رائعًا، مع البحيرة الهادئة على جانب والغابة الكثيفة على الجانب الآخر. كانت أصوات الطيور وهدير الأوراق مع الريح كأغنية.
بينما كنّــا نتحدّث و نحن نمشي، بدأت معالم القرية تظهر من بعيد.
كانت المسافة مناسبة للمشي.
تجمّعت البيوت الصغيرة بشكلٍ متراص، وكان هناك ساحة صغيرة في وسط القرية. كان جرس برج الساعة يرنّ بهدوء.
كانت القرية أكثر حيويّة ممّا توقّعتُ.
كان السوق مفتوحًا في الساحة، و الناس يبيعون و يشترون بنشاط. تردّدت أصوات ضحكات الأطفال.
اندمجنا بين النّاس بسلاسة. لحسنِ الحظّ، لم يتعرّف علينا أحد، وكان ذلك جزءًا من موعدنا الرّومانسي.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات