أصبح الدوق سبيلمان يتلوى. وبإشارة من سيرتين، قام أحد الفرسان بفك اللجام من فمه.
صرخ دوق سبيلمان و هو يتلوى على الأرض مثل دودة، وهو يبصق لعابه الممتزج بالدم.
“أنا من شعب ليكسيا! أيها الحقير! كيف تجرؤ على طردي!!”
ظهرت في عيني دوق سبيلمان لمحة من الجنون لم تُرَ من قبل.
تراجع سيرتين للوراء ليحميني، و وقف أمامي بظهره.
“هل تظن أنني مثلك، تائه بلا جذور، تتقلب كطُحلب على سطح الماء؟ لقد عشت حياتي كلها في هذه العاصمة، وكرّست حياتي بأكملها من أجل ليكسيا! أيها الوحش! سأموت هنا، في ليكسيا، كأحد أبنائها!”
استمر دوق سبيلمان في الصراخ بشكل هستيري.
“في دمي يسري دماء العائلة المالكة المجيدة! لست وحدكَ من ورث هذا الدم! أيها اللعين! ألا تعرف كيف تُظهر الاحترام لي؟!”
“ألم تكن تقول سابقًا إن ذلك الدم قذر؟ والآن تصفه بالمجيد؟ ماذا، هل تلوث دم العائلة المالكة مع تعاقب الأجيال؟”
قال سيرتين بسخرية واضحة.
بدأ دوق سبيلمان يرغي بالدم. و لو لم يكن الفرسان ممسكين به، لاندفع نحو سيرتين.
رغم أنه كان مكبلًا بالكامل، كانت هالته لا تزال قوية. ذلك الإصرار، وتلك الكراهية، والحقد. لا أستطيع فهمها إطلاقًا.
لكن، ما الفائدة من محاولة الفهم؟ لو كان شخصًا يمكنني التعاطف معه، لما ارتكب كل تلك الأفعال منذ البداية.
فقط تذكرت دموعنا و دمائنا التي أُريقت بسبب دوق سبيلمان حتى الآن.
نظر دوق سبيلمان إلى سيرتين بنظرة حاقدة.
“بالطبع تلوث! ولهذا وُلد أمثالك بشعر أسود قاتم! تسك! لم يكن ينبغي أبدًا الاعتراف بذلك الصبي الملعون كوريث للعرش! أعِد إلي مكاني، أيها الوغد!”
“يكفي الآن.”
قاطعه سيرتين بصوت هادئ.
ولم يبدو أن أيًا من كلمات دوق سبيلمان قد أصابت سيرتين بأي ضرر.
“سترَ كيف تنهار كل إنجازاتك هنا، أمام عينيك. بجانبي. وبعدها سيتم ترحيلكَ إلى بايرود. قلت إنك تريد أن تموت كأحد أبناء ليكسيا؟ وتحاكم وفقًا لقوانينها؟ إيفلين.”
كنت أتابع الموقف بشرود، و فزعت عندما ناداني.
كان سيرتين يبتسم لي بنظرة حنونة، وقد مد يده نحوي. يبدو أنني كنت أرتجف دون أن أدري. فسحبني سيرتين إلى الأمام بلطف.
ثم أحاط كتفي بذراعه بلين، و جعلني أقف أمامه ليلتقي بنظري. وكأن الآخرين لا وجود لهم، سألني بلطف كأننا وحدنا في هذا العالم:
“ما الذي ترغبين أن نفعله؟”
“…ألم يكن من المفترض أن يُرسل إلى بايرود؟”
“سأفعل ما ترغبين به.”
نقل سيرتين الدفء إليّ. رغم أنني كنت محاطة برداء ثقيل، إلا أن البرد كان يتسلل إلى عظمي، و سيرتين هو من أوقفه.
“أنتِ من سيقرر.”
“أنا…”
“حياة دوق سبيلمان أو موته متوقف على كلمتكِ.”
في تلك اللحظة، أدركت لماذا كان عليّ أن أكون شاهدة على كل هذا اليوم.
كان سيرتين يذكرني باستمرار كم أصبح دوق سبيلمان عاجزًا. لم يعد يملك القدرة على إيذائي، ولن يتمكن أبدًا من جري مرة أخرى إلى ذلك القبو.
شعرت وكأن نفسي تحررت فجأة.
ذكرياتي الماضية التي كانت تتسرب إلى داخلي مرت أمام عيني. دوق سبيلمان الذي كان كجدار لا يمكن تحطيمه.
كان في الماضي حاكمًا لي، وطاغية. والقيود التي كانت محفورة في روحي بدأت تتفكك ببطء.
“بكلمة منكِ، يمكنكِ قتله أو العفو عنه.”
ارتجف جفني. بكلمة مني… شعرت بروحي ترتجف.
“لذلك، لا داعي للخوف.”
رغم أنني لم أتكلم، إلا أنه علم. علم أنني، حين أواجه دوق سبيلمان، أتوتر دون أن أشعر.
وأن ظل الماضي المريع لا يزال يمسك بي.
ابتسم سيرتين بلطف. خفق قلبي بقوة.
لقد أظهر لي كل شيء. قاع دوق سبيلمان، وما يخشاه أكثر من أي شيء.
بللت شفتي الجافتين بطرف لساني، ثم فتحت فمي.
“أعتقد أنه يجب فعل ما قاله سيرتين. دعونا نُرِ دوق سبيلمان كيف تنهار حياته.”
“ليكن كذلك.”
“ثم بعد ذلك، دعوه يُحاكم في بايرود كعديم الجنسية و يموت هناك. ولا تسمحوا حتى لرفاته بأن يتجاوز حدود ليكسيا أبدًا.”
“كما ترغبين.”
أومأ سيرتين و كأن كل كلماتي كانت صحيحة. اجتاحتني موجة من الارتخاء الغامض.
كان الأمر أشبه بأن القيود التي كانت تغلفني تصدر صوتًا حديديًا وهي تتلاشى. لم أعد أرتجف.
أخذ سيرتين يدي و قبّل ظاهرها.
“كل ما ترغبين به.”
كلماته منحتني الشجاعة. وفي تلك اللحظة، علمت يقينًا أن ظل دوق سبيلمان لن يرعبني بعد الآن.
شعرت أن أشباح الماضي التي كانت تلتصق بي بشراسة قد تساقطت أخيرًا.
أدارني سيرتين لأواجه دوق سبيلمان مباشرة. لم يعد هناك طاغية أمامي.
لم يكن هناك سوى رجل في منتصف العمر، متهالك، يتلوى في هياج.
و عندما واجهت حقيقته مجددًا، شعرت بتحرر عميق.
*****
وقف لوكاس أمام دوق سبيلمان، المسجون في الزنزانة. لم يمضِ وقت طويل منذ عودته.
“لن أستمع إلى كلمات لا تستحق أن تُقال. جئت إلى هنا اليوم فقط لأشهد سقوطكَ بنفسي.”
قال لوكاس بهدوء. هو أيضًا عليه أن يدفع ثمن جرائمه، لكن هل سيكون أكثر من دوق سبيلمان؟ لقد اضطر إلى أن يتوسل لإيفلين كثيرًا حتى يتمكن من المجيء إلى هنا.
“أريد أن أرى نهاية هذا الرجل بعيني، سموّ الأميرة.”
سيسجل هذا المشهد في ذاكرته حتى النهاية. لهذا تولّى هذا الدور بنفسه.
أخرج لوكاس أوراقًا من حقيبته. وبعد أن راجع الأوراق السميكة ببطء، ناولها عبر قضبان الزنزانة إلى دوق سبيلمان، الذي كان لا يزال يشتم و يلعن.
أمسك دوق سبيلمان بالأوراق و بدأ في قراءتها. بينما لوكاس تحدث كأنه قاضٍ يصدر حكمه.
“هذا الحكم صدر صباح الأمس. جميع الممتلكات التي كنت تملكها انتقلت إلى سموّ الأميرة. وبالطبع، استعادت صناعة الأسلحة الخاصة بعائلة سبيلمان اسمها القديم.”
“أيها الحقير! كل ذلك لي! أنا من بناه بجهدي!”
“لقد نهبتها. ما تم أخذه بطرق غير شرعية عاد الآن إلى أصحابه الحقيقيين.”
واصل لوكاس حديثه بأقصى درجات الهدوء.
لكن في نهاية كلماته، لم يستطع إخفاء نشوة الانتصار التي تسربت إلى صوته. ربما كان لوكاس ينتظر هذه اللحظة هو الآخر.
“سيتم محو اسمك من التاريخ. لن يُسجَّل اسم ريكست سبيلمان في أي مكان. و في المجتمع الراقي، لن يُذكر اسمكَ إلى الأبد.”
رمى دوق سبيلمان الأوراق من خلال القضبان، لكنها لم تختفِ بالهواء. بدأت تخرج منه لعنات وشتائم مملوءة بالحقد.
“أظن أن هذا هو آخر لقاء لنا. سمعت أنكَ ستذهب إلى بايرود.”
أخذ لوكاس نفسًا عميقًا، ثم أمسك بقضبان الزنزانة بقوة. و بعدها قال بعينين تتلألأ بالبريق
“اذهب إلى الجحيم. و أتمنى أن تُدان هناك بجميع جرائمك، و أن تُحكم بأشد العقوبات في الجحيم. أتمنى ألا تنال روحك الغفران أبدًا، وأن تتعذب إلى الأبد. و توسل إلى سوديلا كي تغفر لك.”
“آآآآآآاااااااااااه!”
تردد صراخ المجنون عاليًا لبرهة طويلة.
لكنه غرق في ضحكات الفرح الصادرة من المنتصرين.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "139"