“أنا آسفة. كنت أرغب في أن أُريكِ جانبًا جيدًا فقط.”
حدقت إليزابيث في إيفلين المنهارة بنظرة ثابتة.
كانتا في طريق العودة إلى القصر. كانت إليزابيث تعرف أكثر من أي أحد كم من الجهد بذلته إيفلين للتحضير لحفل الترحيب هذا.
حتى السيدات النبيلات اللاتي كن يتربصن لانتقاد إيفلين لم يستطعن قول كلمة واحدة عن قاعة الحفل اليوم.
“احم، احم. على كل حال، الزينة تتناسب مع مكانة العائلة الإمبراطورية. وكذلك الطعام. لقد تم الحفاظ على كل شيء كما يجب.”
“لا بد أن صاحبة السمو الأميرة قد ساعدتها كثيرًا، أليس كذلك؟“
“لم أقدم أي مساعدة. كنت فقط ضيفة مستقبلة.”
ذلك الشعور بالفخر في ذلك الوقت.
كانت تعرف أن إيفلين قد استعدت لعادات الإمبراطورية ودعت بعض العجائز للحصول على نصائح من أجل هذا اليوم.
لقد بذلت جهدًا أكبر بكثير مما وعدت به، حين قالت إنها ستعد حفل ترحيب يتناسب مع مكانة إليزابيث.
“إيفلين، إن لم يكن ذلك خطأك، فلا داعي للاعتذار. لقد بذلتِ جهدك من أجلي اليوم.”
العيون الخضراء الناعمة كانت تحدق في إليزابيث. كانت فتاة لطيفة. رغم أنها كانت هي من تعرضت للظلم، إلا أنها كانت تقلق بشأن إليزابيث. لا شك أن هذه اللطافة هي ما غيّر سيرتين.
“لم يكن ما حدث من فعلكِ، أليس كذلك؟”
“……نعم.”
“أنا لا أرى سوى الجهد الذي بذلتهِ من أجلي. تجاهلي ما فعله أولئك الأشخاص الخبيثون. أنا قلقة عليكِ أنتِ، إيفلين.”
“أنا بخير.”
ابتسمت إيفلين ابتسامة هادئة. رغم مظهرها الضعيف، كانت إليزابيث تعلم أن لدى إيفلين قلبًا قويًا كالحديد. كانت دائمًا ما تبتسم بمظهر متماسك.
“إذا كان هناك شيء يمكنني مساعدتكِ به، فلا تترددي في إخباري.”
“هممم…….”
رمشت إيفلين بعينيها.
فتاة ظريفة. من الواضح أنها كانت تخطط لشيء ما بالفعل.
هذا هو ما كانت تحبه إليزابيث في إيفلين. أنها لا تنهار حين تواجه المشاكل، بل تفكر في الخطوة التالية.
سيرتين كان في مكانة لا بد أن يتعرض فيها للكثير من الهجمات.
حتى ولو أصبح الإمبراطور، فإن كل تصرف يقوم به سيخضع للمراقبة، وأي خطأ بسيط سيؤدي إلى انتقادات كبيرة. وكانت إيفلين التي بجانبه ستُلاحَظ بنفس القدر.
لم يكن هناك ضمان أن مثل هذا الحدث لن يتكرر.
حتى لو كانت العلاقة بين إيفلين و سيرتين قوية، فقد يظهر من يحاول تفريقهما و إيذاءهما. فهناك العديد ممن يرغبون في جعل بناتهم محظيات حتى لو بالقوة.
قوة إيفلين ستكون مفيدة جدًا في المستقبل.
على عكس الإمبراطور و الإمبراطورة الحاليين الذين لم يستطيعوا تحمّل ذلك و انهارا. كانت ممتنة لوجود إيفلين القوية بجانب سيرتين.
فإليزابيث لا يمكنها البقاء بجانب سيرتين إلى الأبد. فالزمن لا يرحم، و سنن الطبيعة مخيفة.
“هل يمكنني أن أعرف ما الذي تفكرين فيه؟”
“هم، نعم. في الحقيقة، لدي فكرة عن من يقف خلف هذه الحادثة، لكن لا يوجد دليل مادي. ومع ذلك، فإن ترك الأمر على حاله يجعلني قلقة مما قد يحدث لاحقًا.”
“ثم؟”
“أعتقد أنه يجب اقتلاع جذور الشخص المتسبب في المشكلة.”
ابتسمت إيفلين بابتسامة مشرقة.
“في الواقع، هناك مشاكل كثيرة لا يمكن اقتلاع جذورها الآن. لذا أعتقد أنه من الأفضل إزالة هذه المشاكل الصغيرة بسرعة.”
رفعت إليزابيث شفتيها بابتسامة.
“إذن؟”
“في الواقع، لدي أمر أود أن تساعديني فيه، جدتي العزيزة.”
“قولي ما تشائين.”
انفجرت إليزابيث بالضحك. كلما رأت إيفلين، كانت تشعر أن هذه الأخيرة تشبه سيرتين أكثر فأكثر. كما أن سيرتين يشبه إيفلين أيضًا.
****
طلبت من سيرتين فقط أن يزيل الرسائل الغريبة المنتشرة خارج القصر والمتعلقة بهذه القضية.
في الواقع، قال سيرتين إنه سيقوم بالتعامل مع روزالينا بنفسه، لكن ذلك قد يؤدي إلى عداء مع الكونت كارما.
وكان الكونت كارما لا يزال من الحلفاء المقربين لسيرتين.
لذا كان من الأفضل أن أتعامل مع الأمر بهدوء بنفسي.
استغرق الأمر أسبوعًا من التحضيرات.
بفضل استعجال جدتي إليزابيث، تمكنا من تجهيز كل شيء في ذلك الوقت.
استدعينا الكونت كارما عبر هايزل.
كان هو أول مسؤول تتم دعوته إلى قصر ولية العهد .
“شكرًا لدعوتي، صاحبة السمو. أتشرف بأن أرى القمر الصغير لليكسيا.”
“شكرًا لحضورك، أيها الكونت.”
مهما كانت روزالينا مؤثرة في المجتمع، فهي تظل عضوًا في إحدى العائلات النبيلة.
و الذي يقود تلك العائلة هو الكونت كارما، الذي يقف أمامي الآن.
“كان من الطبيعي أن ألبي دعوة سموكِ. كان يجب أن أقدم تحيتي مسبقًا، لكنني تأخرت.”
“لا تقلق. هل تعرف لماذا تم ترتيب هذا اللقاء؟”
نظر الكونت كارما ببطء إلى جوليا و هايزل. كان يحاول فهم الوضع.
“لست متأكدًا. هل من الممكن أنكِ تودين استدعاء روزالينا مجددًا لتعمل كوصيفة؟”
“هذا غير ممكن.”
ضحكت بخفة. رؤية الكونت كارما و هو يتظاهر بالجهل جعلني أفكر في روزالينا. الأب و ابنته يتشاركان نفس الملامح.
“ألم ترتكب روزالينا ذنبًا كبيرًا لا يُغتفر لتعود إلى هذا المنصب؟”
“ماذا؟”
اتسعت عينا الكونت كارما.
هل كان يجهل حقًا؟ هل لا يعرف ما الذي فعلته ابنته باستخدام ختم زوجة ولي العهد؟
وإن لم يكن يعلم، فذلك أيضًا خطأ. لأنه يعني أنه لا يعرف ما الذي يفعله أحد أفراد عائلته.
ألقيت الرسالة التي كانت مع الرجل الذي هاجمني في الحفل هذه المرة. و بينما كان الكونت كارما يتفحصها ببطء، شحب وجهه.
“لا أفهم حقًا لماذا تُريني هذا. أي مجنون هو من ارتكب جريمة انتحال ختم سمو وليّة العهد؟ إنها مزيفة بشكل رديء، لكن من لا يعلم بالأمر قد ينخدع بسهولة. لكن، ما سبب إطلاعي على هذا…؟”
“من تظن أنه زور ذلك الختم؟ من كان لديه الدافع، والوقت الكافي لذلك.”
ازداد شحوب وجه الكونت كارما.
“ه، هذا مستحيل. إنها مؤامرة.”
“أتظن أنه لا دليل لدي؟”
بالطبع، لم يكن هناك. الشهود الذين كان يمكنهم الإدلاء بشهاداتهم ماتوا جميعًا في السجن، ولم يكن هناك شهود عيان. كنا نبحث عن الحرفي الذي زور الختم، لكن ذلك كان بحاجة لبعض الوقت.
لكن الكونت لا يعلم شيئًا عن كل هذا.
تصلب وجه الكونت أكثر. حتى هو، الذي يعرف شخصية ابنته، لم يجد ما ينفي به الأمر.
“س، سموكِ…”
“وأنت لا تجهل المقابلة التي أجرتها الآنسة أيضًا، أليس كذلك؟”
أغلق الكونت فمه.
“لكنني أعلم جيدًا عن الصداقة الطويلة بينكَ و بين سمو وليّ العهد.”
“إذًا، إذًا…”
أشرق وجه الكونت كارما قليلاً.
كنت أعلم أيضًا مدى حب الكونت كارما لابنته. ولهذا السبب كانت روزالينا تتصرف بهذا الغرور.
“لقد وجدت شريك زواج مثالي تمامًا للآنسة روزالينا.”
“سمو وليّة العهد…!”
“أليس هذا زواجًا كان سيتم على أي حال؟ ما الذي يمكن توريثه لطفلة لم تتزوج أصلًا؟ لا تقل لي أنكَ مثل الآنسة روزالينا التي تطمح بالجلوس بجانب سمو وليّ العهد ؟”
فتح الكونت كارما فمه ثم أغلقه.
حتى لو كان الأمر كذلك، لم يكن ليجرؤ على قوله صراحة.
لأنه يعلم مدى جسامة الجرم الذي ارتكبته روزالينا.
“إنها خطوبة منسقة من قبل العائلة الإمبراطورية. وفوق ذلك، لقد أخذت بعين الاعتبار مكانة وشرف الآنسة روزالينا و عائلة الكونت كارما .”
أخرجت مظروفًا آخر و سلمته إلى الكونت كارما.
وهذا هو السبب الذي جعلني أحتاج لمساعدة جدتي الكبرى إليزابيث. كان يجب أن يكون مناسبًا من حيث المكانة، وأن يكون هناك شخص يمكنه مراقبة الوضع.
“عائلة الكونت باستر من مملكة يوريس… هل تقصدين خطوبة مع الكونت باستر؟”
ارتجف صوت الكونت كارما.
“لقد عانيتُ كثيرًا في العثور على عائلة مناسبة من حيث المكانة.”
نعم، كم عانيت. كان يجب أن يكون ضمن دائرة تأثير جدتي الكبرى و كورتيس، و ألا يكون متزوجًا من قبل ، وألا يكون عنيفًا.
شخص يمكنه احترام زوجته بشكل مناسب. لأن الكونت كارما بحاجة لحفظ ماء وجهه.
وفوق ذلك، كان شخصًا لم يثر مشاكل كبيرة في حياته. و إن كان فيه عيب بسيط، فهو
“ل، لكن سنّه…”
“هل ترى ذلك مشكلة كبيرة؟”
وضعت يدي على بطاقة الدعوة التي كانت مع الرجل الذي هاجمني.
“هل تعتبره أسوأ من هذا؟”
أطبق الكونت كارما شفتيه بإحكام. كان نظره يتجه إلى أسفل الوثيقة الرسمية.
وهناك، كان ختم وليّ العهد واضحًا.
كأنه يقول له انها فرصته الأخيرة، و هو يلمع بنور خافت.
التعليقات لهذا الفصل "103"