روزالينا، تلك اللعينة.
كانت أول حجر يُرمى نحوي.
روزالينا حفرت فخاخًا في كل إجابة لها. ابنة عائلة سبيلمان؟ الناس يرون سبيلمان خطرين وفي ذات الوقت خبيثين. يرونهم أشخاصًا يمكنهم فعل أي شيء للحصول على ما يريدون دون أن يكشفوا عن نواياهم.
في النهاية، قامت بالتلميح و كأنني على علاقة مع رجل مخفي بينما أُظهر جهلي و براءتي من الخارج!
“سافلة، و وضيعة، و جبانة!”
اهتزّت هايزل وهي ترتجف. لم تعرف شتائم أكثر، فبدت راقية بطريقة ما.
كان رأسي يؤلمني، لكن بما أنها كانت تكرهني منذ البداية، فلم يكن الأمر صادمًا. المشكلة كانت في القراء الذين سيُطلِقون العنان لمخيلاتهم بعد قراءة هذه المقابلة.
“…أريد أن أعرف مدى تأثير هذه المجلة.”
فهمت المدلّكة سؤالي بسرعة وأجابت
“يمكن القول انها تصل إلى جميع الصالونات التي تقصدها السيدات النبيلات. إنها معروفة بين مجلات الفضائح .”
قبضت يدي بإحكام. روزالينا اختارت هذا اليوم عن عمد. على الأرجح أنها فعلت ذلك عمدًا. الحفل كان على الأبواب، والحديث عن حضوري كان منتشرًا. لم تكن تريد منحي الوقت للرد أو لفعل أي شيء.
لتحوّلني إلى زوجة خائنة.
“…لا تشغلي بالكِ كثيرًا، سموكِ. ستواجهين مستقبلاً الكثير من الافتراءات و التشهير.”
قالت هايزل محاوِلة مواساتي، و هي لا تعرف كيف تتصرف.
مجرد أن روزالينا كانت تعمل لديّ كخادمة لفترة، يمنح هذه المقابلة قوة إضافية.
فالناس لا يعرفون أن كل ما كانت تفعله هنا هو شرب الشاي، ولعب البحث عن الكنز، و الغميضة.
في نظرهم، كلمات روزالينا ستبدو كالحقيقة.
“…سنُكمل جدول اليوم كما هو. لا يمكننا إفساد حفل الترحيب الذي تقيمه الجدة الكبرى.”
“نعم، سموكِ.”
ما حدث قد حدث، و لا يمكن التراجع عنه. لا أعرف من هو العشيق الذي اختلقته روزالينا، لكن لدي شعور.
شعور بأن روزالينا لن تتوقف هنا أبدًا.
****
كانت جوليا تقوم بالفعل بمهمة من أجلي.
كانت تتواصل سرًا مع لوكاس، و لم يكن يجب أن تُكشَف هويتها، لذا كان لديها ما يكفي من الأمور التي تُقلقها.
لذا أوكلت كل ما يخص روزالينا إلى هايزل.
“يجب أن نعرف ما الذي تُخطط له تلك المرأة. فهي قادرة على فعل أي شيء لتجعل كلامها يبدو وكأنه الحقيقة.”
“سأعرف بالتأكيد.”
قالت هايزل بعزم. وحين انتهت كل التحضيرات، حان وقت التوجّه إلى قاعة الحفل.
وصل سيرتين في الوقت المناسب ليقوم بمرافقتي.
رغم انشغاله، لم يكن بوسعه تفويت هذا الحدث، لأنه سيُظهر العلاقة بينه وبين الجدة الكبرى إليزابيث.
وجودها وحده يكفي ليُعزز من مكانة سيرتين.
كان سيرتين يرتدي زيًا أسودًا مزينًا بالفضة. ربما لأنه لا يُهمل تدريباته أبدًا، فبدا واضحًا من فوق ملابسه عضلاته المتناسقة.
تلاقت أعيننا.
من بين خصلات شعره المبعثرة برفق، ظهرت عيناه الزرقاوان الهادئتان. شفاهه الحمراء المنحنية بانسيابية. همس سيرتين بنعومة
“مر وقت طويل، إيفلين.”
و كأننا لم نلتقِ منذ زمن. كانت تعبيراته تُذكّرني بليلة البارحة.
“اشتقت إليكِ.”
عند سماع تلك الكلمات، اجتاحتني قشعريرة دافئة.
كل ما كنت أفكر فيه، وكل ما كنت أخاف منه، تبخر تمامًا.
حين بدأ سيرتين يمسح ظهر يدي ببطء، شعرت بأن وجهي يحمر.
“لـ، لننطلق بسرعة، سيرتين. إن تأخرنا، سنكون آخر من يصل. الجدة بانتظارنا.”
طبع سيرتين قبلة خفيفة على خدي المرتبك. على عكسي، بدا مرتاحًا تمامًا. كانت شفتاي ترتجفان.
ساعدني على ركوب العربة. و ما إن أُغلقت أبوابها، أدركت أننا وحدنا مجددًا.
فتحت عينيّ على اتساعهما ونظرت إلى سيرتين.
لا بأس ، أنا بخير!
أردت أن أُظهر له هذا التحدي.
“قلتُ إنني اشتقت إليكِ، إيفلين.”
ما إن نطقها، حتى ذُبت تمامًا.
“آه، بحق السماء…”
أغمضت عينيّ بقوة ، لكن حين فتحتهما، كنت قد اقتربت منه. كنت جالسة في حضنه، أواجهه.
بدأ سيرتين يتلمس عقدي بأصابعه.
همس بصوت منخفض
“اشتقت إليكِ.”
“هـ، هذه عربة. ونحن متجهون إلى الحفل… والناس ينتظروننا. الجميع سينظر إلينا…”
“كنتُ أفكر فيكِ طوال اليوم يا إيفلين. لم أتخيل يومًا أني سأتحول إلى هذا النوع من الأشخاص.”
هذا الرجل؟
لقد تزايد شعور التوتر بداخلي، و تساءلت عما قد يقوله سيرتين بعد ذلك.
استطعت أن أشعر بأن تنفسي أصبح أكثر صعوبة.
نظر إلي سيرتين بنظرة هادئة . سرت قشعريرة في كل أنحاء جسدي.
“ألن تسأليني عما كنت أفكر فيه؟”
“لا أعتقد أنني يجب أن أسأل.”
ضحك سيرتين ضحكةً خفيفةً بينما هدأتُ من كلامي.
“أثناء تصفحي للوثائق، فكرتُ في أن أضعكِ على المكتب و اتأملكِ”
هاي، سيرتين.
“خطرت لي نفس الفكرة أثناء تناول الطعام. من بين كل الأشياء، قُدّمت إلي كعكة كريمة مخفوقة للتحلية. تذكرتُ أنكِ تُحبين الحلويات. ففكرتُ أنها لو كانت الكعكة التي ستأكلينها، لاخترتها أنا أيضًا.”
كان من الواضح أن قول هذا طبيعي، لكن لماذا يبدو مريبًا هكذا؟ هل أنا الوحيدة التي تشعر بغرابة الآن؟
“فكرتُ بكِ و أنا أتمشى في الحديقة. كيف ستبدين رائعةً وسط تلك الزهور.”
و بينما قال ذلك، طبع سيرتين قبلة علي.
“في المرة القادمة، سأُحرص على أن أقدم لكِ زهورًا.”
احمرّ وجهي ، عندها قبّل سيرتين طرف إصبعي.
“سيرتين….”
اهتزت العربة. لكن لا شيء أعادني إلى الواقع. لم يكن هناك غيري أنا و سيرتين . لا أحد يستطيع إزعاجنا.
“اشتقتُ إليكِ.”
“…. سيرتين.”
شعرتُ بالحرج و أنا أفكر في دخول قاعة الحفلات.
أمسكتُ معصم سيرتين بإحكام. هززتُ رأسي. كان من الصعب تصديق أننا لم نُقبّل بعضنا من قبل.
أصبح صوتي أكثر هدوءًا. ابتسم سيرتين ابتسامة خفيفة.
“… لا تفكري في أي شيء يا إيفلين. كما لم أفكر إلا فيكِ، فأنتِ لا تفكري بشيء إلا بي.”
في اللحظة التي سمعت فيها هذه الكلمات، انحبست أنفاسي في حلقي.
“انظري إليّ وحدي، فكري بي وحدي. هل يمكنكِ فعل ذلك؟”
أومأتُ برأسي.
كان سيرتين شخصًا لا يمكن توقع تصرفاته حقًا.
لقد قبلني وكأنه يعطيني مكافأة .
التعليقات لهذا الفصل "100"