33
كان من قبيل الصدفة أن أسمع حديث دوق سبيلمان مع أمين متحف التاريخ الطبيعي.
لا أحد يشك فيّ أو يعتقد أنني خطيرة. كانت هذه ميزة مفيدة في مثل هذه المواقف.
توجهت فيرونيكا في الاتجاه المعاكس وهي تبدو منزعجة، واستغليت الأمر بالابتعاد متعذرة بأنني بحاجة الذهاب إلى الحمام.
لم يشك أحد فيّ.
حتى عندما كنت أعبث هنا وهناك، توقفوا عن الاهتمام بي بمجرد أن أدركوا أنني لست مصدر تهديد.
عندها قررت مباشرة أن أتبع دوق سبيلمان.
“……هل جهزتَ كل شيء؟”
كان المتحدث هو دوق سبيلمان.
“لقد انتهينا بالفعل، يا سيادة الدوق. يجب أن تكون قادرًا على استخدامه دون أي مشاكل.”
“هل هو واسع بما فيه الكفاية؟”
“يمكن حتى لشخص المرور منه بسهولة. تمامًا كما طلبت.”
“أعتقد أنني أستطيع تحقيق هدفي بفضلك. لن أنسى هذا المعروف.”
“أوه، لا داعي للشكر يا سيادة الدوق. لولا المعروف الذي قدمتموه لي، لكان ابني الآن في عداد الأموات. لن أنسى هذا الجميل ما حييت.”
……إذن ذلك صحيح، معروف لن ينساه حتى الموت.
كان لدى دوق سبيلمان موهبة غير عادية حقًا في استخدام الناس.
كان جيدًا في استغلال نقاط ضعف الناس للحصول على ما يريد.
العنف بالنسبة لي، والمال وحياة عائلته بالنسبة لمدير المتحف.
للأسف، لم أتمكن من سماع المزيد من التفاصيل.
تسك، لو أنني أتيت أبكر قليلاً!
مع ذلك، ما كان علي فعله من الآن فصاعدًا كان مؤكدًا. كان عليّ ألا أترك جانب فيرونيكا أبدًا.
سمعت أصوات خطوات تقترب من الباب. تراجعت بهدوء، دون أن أبدو متوترة، خطوتين إلى الوراء.
في اللحظة التي فتح فيها الباب، أظهرت ابتسامة مشرقة.
“أبي! لقد وجدتك أخيرًا! ماذا تفعل هنا؟”
قلت ببراءة، و أنا أرمش. أجاب دوق سبيلمان بابتسامة آلية:
“هل كنت تبحثين عني؟”
“نعم! لقد أفتقدك كثيرًا!”
أمسكت بذراع دوق سبيلمان وأنا أقول كلمات لطيفة. في تلك اللحظة، جاءت ذكريات إيفلين إلى ذهني.
“……حتى هذا القدر من السم لم يقتلك.”
نظرت عينا دوق سبيلمان إليّ وأنا أتلوى من الألم وأشتكي من آلام في المعدة، وكأنني حشرة.
ارتجف جسدي بالكامل.
تبعت دوق سبيلمان، وشعرت وكأنني نموذج حشرة مثبتة بمسمار عالق في منتصف جسدي.
وكأنني ابنته المطيعة.
* * *
دوق سبيلمان واصل تقديم نفسه بثقة وابتسامة هادئة. كان يقدم فيرونيكا وإيفلين و يعرفهما على متحف التاريخ الطبيعي.
“……لم أكن أعلم أن الدوق مهتم بالتاريخ الطبيعي إلى هذا الحد .”
“قد لا تعرف صاحبة السمو ذلك، ولكن أسرة سبيلمان كانت مهتمة دائمًا بالعمل الاجتماعي. ولهذا السبب تبرعت لتوسيع المتحف.”
بفضل هذه المساهمة، تمكن الدوق من الحضور إلى هنا كتمبرع. لكنه بالطبع التقى فيرونيكا وإيفلين بالصدفة.
لمعت عينا دوق سبيلمان ببريق خافت.
‘من الواضح أن السم لا يؤثر عليها.’
وفقًا لما ذكرته سيرينا وروزي، كانت إيفلين تقابل فيرونيكا كثيرًا.
وكانت إيفلين تحضر معها دائمًا البسكويت عندما تزور فيرونيكا.
لسبب ما، منع سيرتين الشبيه بالثعلب الاثنتين من الالتقاء.
على الرغم من أنها كانت كمية صغيرة، إلا أنه كان يجب أن تظهر عليها علامات، لكنها كانت على ما يرام.
‘ربما ليس إيفلين فقط ذات الطبيعة المختلفة.’
استعاد الدوق سبيلمان ذكرى من الماضي. لابد أنه كان اليوم الذي كانت فيه إيفلين مريضة بالحمى وأصبحت حمقاء.
لسبب ما، كلما اقتربت ذكرى وفاة والدتها، كانت تمرض إيفلين بشدة.
قرر دوق سبيلمان إنهاء هذا العار بنفسه. لم يكن هناك أمل في عودتها إلى رشدها، اعتقد أن تلك فرصة جيدة للتخلص منها.
لذلك تظاهر بإعطائها الدواء وأعطاها السم بنفسه.
لكن بغض النظر عن الكمية التي قدمها، كانت إيفلين تعاني لفترة، لكنها تنهض وكأن شيئًا لم يحدث.
لقد أثبتت حقيقة أنها كانت محصنة ضد السم من خلال التجارب عدة مرات.
‘لم أكن أعلم أن هذه الحالة شائعة إلى هذا الحد.’
لذا، من الممكن أن تكون الإمبراطورة وولي العهد يتمتعان بطبيعة مشابهة.
‘السم لن يجدي نفعًا، إذن.’
هذا يعني أن الأذى الجسدي كان ضروريًا. ما أعده دوق سبيلمان هذه المرة لم يكن طفوليًا مثل السم.
“إلى جانب ذلك، فإن متحف التاريخ الطبيعي مشهور بغاباته الجميلة، لذلك أعتقد أنه يستحق الاستثمار فيه.”
“……بفضل الدوق، سيظل تاريخ الطبيعة الإمبراطوري متألقا لسنوات طويلة. أشكرك بالنيابة عن العائلة الإمبراطورية.”
“لا شكر على واجب. لقد قمت بما يجب القيام به فقط.”
أجاب دوق سبيلمان بسلاسة، دون أي تردد أو ارتباك.
نظر باتجاه ابنته. كانت إيفلين تتجول في المتحف بفم مفتوح، وكأنها مندهشة.
ابتسم الدوق ابتسامة ساخرة وأدار وجهه بعيدًا.
لقد تأكد من كل ما أراد التحقق منه اليوم.
بالإضافة إلى انه تم تحديد هدف صيده.
كانت فيرونيكا تحمل وجهًا مليئًا بالغضب المتفجر، فقال دوق سبيلمان
“عيد ميلادك قريب، أليس كذلك؟ تهانينا مسبقًا، صاحبة السمو الأميرة. لقد أعددت لك هدية مميزة بمناسبة ذلك.”
“……أنا أتطلع إليها.”
أجابت فيرونيكا ببرود. في تلك اللحظة، لم يلاحظ أحد إيفلين، التي كانت تتظاهر بأنها تراقب بغير انتباه، نظرت إلى الاثنين.
‘لن تتمكن أبدًا من فعل ما تريد.’
****
كانت فيرونيكا شخصًا طيب القلب. حتى أنها اعتذرت لأنها لم تتمكن من جعل هذه النزهة ذكرى ممتعة كما وعدت.
كانت من الأشخاص الذين يعاملونني كإنسانة على قدم المساواة.
حتى سيرتين، بطريقة ما، كان كذلك.
كنت مستلقية على السرير و أنا اهز قدمي.
“آه…”
كان الأمر محبطا.
كنت أعرف شيئًا ما، لكنني لم أكن أعرف كيف أستغل هذه المعرفة.
أن أظل قريبة فقط لم يكن كافيًا.
لابد أن هناك شيئًا في متحف التاريخ الطبيعي.
‘قابل للاستخدام.’
‘واسع بما يكفي لمرور شخص ما.’
هل يجب أن أخبر سيرتين بذلك؟ لكن كيف؟
كان من الأفضل لو كنت قد استأجرت شخصًا لتفتيش المتحف.
بحثت في المتحف قدر استطاعتي، متجنبة أعين الآخرين، لكنني لم أتمكن من العثور على أي شيء خاص.
‘شيء يمكن لشخص المرور من خلاله…’
كررت هذه العبارة في ذهني مرارًا وتكرارًا.
‘هل من الممكن أنه يحاول اختطافها؟’
قفزت من مكاني.
لا أعرف كيف، لكن ربما كان يحاول اختطاف فيرونيكا!
ظللت أفكر في الطريقة التي نظر بها دوق سبيلمان إلى فيرونيكا. كانت عيناه عينا صياد يستهدف فريسة.
‘لكن كيف سيقوم بذلك؟’
عضضت شفتي بتوتر.
بالتأكيد لن يتحرك بنفسه. لم يكن ذلك أسلوبه.
كنت أجول في أنحاء الغرفة.
من يمكنه أن ينفذ مثل هذه الخطة؟
فقط إذا استطعت أن أسبب بعض الارتباك…
كنت أنا وفيرونيكا نمتلك شعرًا مشابه اللون، رغم أن شعرها كان أكثر احمرارا.
كان الشعر الأحمر يعتبر شائعًا ولكنه نبيل، خاصة بين أفراد العائلة الملكية.
لكن الاختلاف كان في لون العينين: كانت عيناي خضراوين بلون الزمرد، بينما كانت عينا فيرونيكا بنية داكنة.
هل يعرف الخاطفون مظهر فيرونيكا بدقة؟
كانت الأميرة نادرًا ما تخرج، وبسبب ضغط دوق سبيلمان، لم تكن الصحف تتحدث عن فيرونيكا أو الإمبراطورة كثيرًا.
لم يكن هناك زوار حتى لقصر الأميرة.
‘إذا ارتديت نفس الملابس والزينة…’
قفزت من مكاني مرة أخرى.
يمكنني خداع أعينهم. يمكنني استبدال فيرونيكا!
مهما كان الأمر، فإن دوق سبيلمان لن يقتل ابنته.
‘من الواضح أن عنادها يشبه والدتها. اتركوها على قيد الحياة، قد تكون مفيدة.’
… قد يقتلني.
سيظن فقط أنني مجردة حمقاء فعلت شيئا غبيا اخر.
كان الوقت المتبقي حتى حفلة عيد الميلاد حوالي خمسة أيام فقط.
نفس الملابس والمجوهرات والأحذية.
لم يكن لدي وقت كافٍ لإقناع فيرونيكا بشراء نفس الأشياء.
اعتقدت أنني سأضطر إلى زيارة قصر فيرونيكا غدًا لأول مرة منذ فترة طويلة.
كانت فكرة تناول البسكويت تجعل معدتي تشعر بالغثيان، لكنني لم أستطع الجلوس ومشاهدة ما سيحدث.
علي التحرك من أجل سلامتي!