‘لم أجد ما كنتُ أبحث عنه، لكنّها حصيلة غير متوقّعة؟’
عدتُ بخفّة يدين، لكن بقلب ممتلئ، ورمشتُ لصوت قادم من غرفتي.
[“جلالتك، انتظر لحظة-“]
[“ريانا! يجب أن أذهب لإحضار-“]
“ما هذا الصخب؟”
تردّدتُ بين الانتظار أو الدخول، ثم فتحتُ الباب بحماس.
“لقد عدتُ! خمّنوا ماذا أحضرت؟ ستُذهلون- إينوك؟”
دخلتُ لأتباهى بما في الكيس السحريّ، لكن توقّفتُ برؤية إينوك واقفًا وسط الغرفة.
تعبير مضطرب لم أره من قبل، ويد مرتجفة تمسك القلادة التي نتقاسمها.
خلفه، سماء تخلو من الحمرة، تكتسي الظلام.
“إينوك، لمَ عدتَ مبكرًا؟ كان يُفترض أن تعود ليلاً!” قبل أن أكمل سؤالي عن عودته المبكرة، شعرتُ بالأرض تنهار، وأظلمت عيناي.
‘ما هذا؟ هل سقطت الأرض؟ أم انقطاع كهرباء؟’
رمشتُ بسرعة، وشعرتُ بضغط يخنقني، فحرّكتُ جسدي.
‘هل دفنتُ تحت التراب؟’
فجأة، تنهّد أحدهم فوق رأسي.
تعرّفتُ على الصوت، وأدركتُ أنّ ما يضغطني ليس ترابًا، بل إينوك.
فهمتُ أنّه فعّل القلادة، فقلّبتُ عينيّ عادةً.
“كنتُ أمامك مباشرة، لمَ…”
وجهي مدفون في صدره، لا أعرف إن تحرّكت عيناي حقًا.
‘أختنق!’
حاولتُ الخروج من عناقه الشديد، لكن دون جدوى.
حرّكتُ رأسي، الجزء الوحيد المحرّر.
“إينوك، أتنفّس!”
هل نجح هزّ رأسي؟ فتحة صغيرة ظهرت بيننا.
“ها! كدتُ أموت!”
أخرجتُ وجهي أخيرًا، لكن إينوك ظلّ صامتًا.
نظرتُ إليه بحذر.
“عدتَ مبكرًا، ههه.”
تعبيره السيّء جعلني أتجنّب عينيه، ونزعتُ شعرة من ثوبه.
“زرتِ الدوقة.”
كما توقّعتُ، خرجت الكلمات المقلقة من فمه.
“سمعتَ… كنتَ سنذهب معًا، آسفة لخرق الوعد، لكن- ماذا؟”
في صوته المنخفض غضب خفيف، فاعتذرتُ، لكن شيء جذبني، فرفعتُ كعبي.
رأيتُ شيئًا يرفرف خلف كتفيه العريضتين.
‘ما هذا؟ هل يرقص فرحًا لأنّه يوبّخني؟’
نظرتُ إلى أرون يلوّح بذراعيه بغرابة، فأشار إلى فمه، مكوّنًا كلمات واضحة.
[‘اكتشف. الأمر!’]
“اكتشف؟ ماذا؟”
“الكيس السحريّ.”
“آه، كيف؟”
“سيد البرج أخبرني.”
“كنتُ أعلم أن أرون- هم…؟”
توقّفتُ. أرون لا يزال يتمتم هناك.
الصوت يأتي من فوق رأسي، أليس كذلك؟
رفعتُ عينيّ، فرأيتُ عينين رماديّتين تلمعان، فارتجفتُ.
“إذن، لمَ طلبتِ الكيس من سيد البرج…”
لم أتوقّع أن يكتشف هذا أيضًا.
سال العرق على صدغي.
ماذا أقول؟ من أين أبدأ؟
أغمضتُ عينيّ، ومددتُ الكيس إليه.
“انظر إلى هذا أولاً!” * * * “أف! أوف!”
“حسنًا…”
ضغط إينوك على صدغه كأنّ رأسه يؤلمه.
“كنتِ سوف تحضرين جواهر، لكن الأمور اختلفت، فأحضرتِ… هذا الرجل.”
“نعم!”
أجبتُ بحماس، ثم هدأتُ وفركتُ يديّ.
“ذهبتُ إلى حيث كان الباب، لكنّه اختفى. وكان هذا الرجل هناك.”
اختبأتُ خلف الرجل الجالس، وأكملتُ:
“فأحضرته، لم أرد العودة خالية.”
“هاه… ريانا، كان يمكن أن تعرّضي نفسكِ للخطر.”
“آسفة…”
كنتُ أفضّل لووبّخني بدلاً من قلقه الدافئ، فانكمشت كتفاي.
“هيا! عادت سالمة، وأحضرت من نبحث عنه.”
شعر أرون بالأسف، فمدّ كتفيّ، متجاهلاً دوره في الأمر.
“انظر، هذه الصغيرة ستصبح جزءًا من الأرض!” “لستُ صغيرة لهذا الحد!”
احتجتُ، فأظهر أرون تعبيرًا مزعجًا.
فكّرتُ بنزع شعره، لكن إينوك اقترب وأزال يد أرون.
نفضها كأنّها غبار، ومدّ يده.
“هل تأتين؟”
“هل يمكنني؟”
“بالطبع.”
اقتربتُ بحذر، فجذبني إلى حضنه برفق، متذكّرًا شكواي السابقة.
مسح رأسي بلطف.
“أحسنتِ.”
“حقًا؟”
رفعتُ رأسي بدهشة، فرأيتُ عينيه المسترخيتين. “نعم، كنتُ أتساءل أين نجده.”
نظر إلى الرجل المرتجف، ثم عاد إليّ.
“بفضلكِ، رأيناه، شكرًا.”
“حقًا؟”
“نعم، لكن…”
ضيّقت عيناه، ونقر جبيني بلطف.
“كان خطرًا. ماذا لو اكتشفتكِ الدوقة؟”
“آسفة لقلقك.”
وآسفة لخرق الوعد.
فركتُ جبينه المجعّد، فتلاشى توتّره.
ابتسمتُ، لكن أرون، المراقب، فرك ذراعه.
“أوه! لم أتناول شيئًا، لمَ أشعر بالغثيان؟ أليس كذلك، أيّها الكاهن؟”
“أوف…؟”
استغلّ الرجل انشغال الجميع، وحاول فكّ قيده، لكن عينيه اتّسعتا.
“بالمناسبة، لم يعد كاهنًا أعلى، كيف نناديه؟ الكاهن السابق؟”
“الكاهن الأعلى عنوان كبير لمن طُرد بفضيحة، أليس كذلك، السير كليف؟”
“جلالتك…؟ سيد البرج…؟ ما هذا؟”
هزّ رأسه، متحرّرًا من قيده.
“كاهن أعلى؟ السير كليف؟ لا أفهم!”
“هم؟”
“أنا خادم بسيط، أنفّذ أوامر الدوقة!”
أشار إليّ بعصبيّة، لكنّه أخفى إصبعه تحت نظرة إينوك الحادّة.
“هي من وضعتني في الكيس وأحضرتني!”
“خادم؟”
“نعم، انظر إليّ، هل أبدو كالكاهن كليف؟”
ساد الصمت لحظة.
“ما هذا؟ ألا يرى شكله؟”
كسر أرون الصمت، مبتسمًا بسخرية.
“يضحك بطريقة خبيثة!”
خرجت كلماتي، فأغلقتُ فمي.
حدّق بي أرون، ثم ابتسم وجلس أمام الرجل.
ظهر الامتعاض على وجه الرجل.
“أيّها سيد البرج…”
“سيد البرج؟”
“آه، زلّة لسان، هل تتحرّك؟”
كشف عداء المعبد والبرج.
أثار أرون غضبه، ملوّحًا بيديه كزهرة.
“قل، ما الفرق بينك وبين الكاهن الأصلع؟”
“أصلع؟ شعري كثيف! كيف أشبه ذلك الأصلع؟”
صرّ على أسنانه عند كلمة ‘أصلع’.
ضحك أرون.
“كثيف؟ لكن شعرك اختفى.”
“ماذا؟ متى زال؟”
صرخ الرجل برؤية انعكاسه في مرآة أرون، شعره الأزرق الناقص، وعيناه الذهبيّتان.
أشار أرون إليه، ضاحكًا.
“ماذا ستفعل؟ نسمة هواء ستطير شعرك!”
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات