### الحلقة السادسة
“أووه…”
“هيا، أرييل، لننام.”
ربّتُ على الطفلة التي تستيقظ من نوم خفيف وتتقلب، فتحوّلت حركاتها الصغيرة بسرعة إلى أنفاس هادئة.
ابتسمتُ بوداعة وأسندتُ رأسي برفق بجانب أرييل، ثمّ أخرجتُ خيطًا رفيعًا ملفوفًا حول يدي.
جلجل.
انزلقت قلادة مصنوعة بعناية على ظهر يدي، فتذكّرتُ كلمات إينوك منذ أسابيع قليلة.
[“يبدو أنّني وجدتُ العلاج لهذه اللعنة المزعجة.”
“واو، تهانيّ…؟”
“… أقصد أنّ العلاج هو أنتِ، ريانا.”
“نعم، يبدو كذلك. ثم ماذا؟”
“هل ستساعدينني في إذابة الجليد في قلبي؟”
“همم، لا.”
“…”]
ترك لي هذه القلادة، قائلًا إنّني يجب أن أفكّر في كونه علاجي، رغم رفضي.
عبثتُ بالجوهرة الشفّافة المتلألئة في وسط القلادة، فدارت بحركة دائريّة.
“بالكاد أتعامل مع وضعي الحالي، فأين لي الوقت لأكون علاجًا أو شيئًا كهذا؟”
قلتُ هذا، لكن قلبي لم يكن متأكّدًا تمامًا.
ظلّت صورة إينوك وهو يتشبّث بيدي الصغيرة كحبل نجاة تطاردني، وخزتني في ركن من قلبي.
‘تسك! يُفترض أنّه طاغية. أيّ طاغية يتصرّف هكذا…؟’
ابتلعتُ كلامي، وأسندتُ مرفقي على السرير بزاوية، ودفعتُ القلادة المتوقّفة مرّة أخرى.
في الكتاب الذي قرأته، كان إينوك طاغية شرسًا، لكنّه، بطريقة ما، بدا مختلفًا عندما رأيته بنفسي.
كان باردًا وكئيبًا كليلة شتويّة عاصفة، لكنّ كلمة “طاغية” لم تكن تناسبه.
لماذا؟
‘ربما لأنّ القصّة لم تبدأ بعد؟’
أومأتُ برأسي بعد أن وجدتُ تفسيرًا منطقيًا لهذا التناقض.
قد يكون كذلك.
من المؤكّد أنّ إينوك يُظهر طباعه الطاغية بعد عودته من حرب هاشين، في منتصف القصّة تقريبًا، عندما تختفي ريانا.
في هذه اللحظة، حيث ما زلتُ موجودة ولم يذهب إلى الحرب، قد يكون إينوك مختلفًا قليلًا.
“لكن… لم أكن أعلم أنّ للإمبراطور سرًّا كهذا. أن يتجمّد جسده عند لمسه؟ هل هذا سبب كرهه للتلامس؟”
في الكتاب، وُصف كإمبراطور متقلب المزاج، دون ذكر الأسباب.
كل ما ذُكر عنه هو أنّ قوّته الخارقة تسبّبت بموت والدته، الإمبراطورة السابقة، في طفولته،
وأنّه لم يستخدم قوّته مجدّدًا بعد ذلك. هذا كلّ شيء.
هل بسبب رؤيتي المباشرة لكيفيّة تأثير ماضي إينوك، الذي كان مجرّد كلمات على ورق، على حياته كرجل بالغ؟
أم أنّني، بحماقة، بدأتُ أشعر بتعلّق أثناء زياراته المتكرّرة وقضائنا الوقت معًا؟
على أيّ حال، ليس لي علاقة بهذا، فلماذا يبدو قلبي مضطربًا هكذا؟
زفرتُ بقوّة ودفنتُ رأسي في السرير، عاجزة عن تحديد شعوري.
“كلّ هذا بسبب ذلك الإمبراطور الذي يتمتّع بوجه وسيم بلا داعٍ.”
[“قلتِ هذا من قبل. يبدو أنّ وجهي يناسب ذوقكِ؟”]
“حسنًا، الوسامة حقيقة… يا إلهي!”
كنتُ أعبس وشفتاي بارزتان بين خدّي المضغوطتين على ملاءة السرير، عندما فاجأني صوت منخفض، فقفزتُ.
“ما، ما هذا؟ لماذا تظهر فجأة من العدم؟”
“موو…”
“لماذا ظهرتَ من العدم؟”
خفضتُ صوتي خوفًا من إيقاظ أرييل المتقلّبة، وانكمشتُ. في الصورة، رفع إينوك زاوية فمه بمرح.
[“ألم أخبركِ؟ القلادة التي أعطيتكِ تحمل سحر التواصل.”]
“…؟ لم تقل شيئًا كهذا.”
[“حسنًا، أقول الآن. إنّها تحمل هذا السحر.”]
“ماذا؟”
[“بالمناسبة، إذا ضغطتِ على الزرّ خلف القلادة، يمكنكِ الانتقال إلى مكاني بسحر النقل.”]
“حقًا؟ هذه القلادة الصغيرة بها هذه الوظائف؟”
نسيتُ حرج سماعه كلامي، وأدرتُ القلادة بدهشة، فتأرجحت الصورة المعروضة في الهواء.
[“… ريانا، هذا يُصيبني بالدوار.”]
“آه! آسفة، كنتُ متحمّسة.”
[“إذًا، هل غيّرتِ رأيكِ اليوم؟”]
“ماذا؟ بشأن ماذا؟”
تظاهرتُ بالجهل، فضيّق إينوك عينيه الطويلتين في الصورة.
[“أن تكوني علاجي. هل أصبح لديكِ نية لذلك؟”]
“لا، للأسف، الإجابة هي نفسها اليوم.”
[“يا للأسف.”]
لم يتوقّع إجابة مختلفة، فابتسم إينوك بمرح، رافعًا زاوية شفتيه.
[“أنا محبط، ريانا.”]
“ماذا؟”
[“في المرّة السابقة، عندما دخلتِ غرفتي، قلتِ إنّكِ ستفعلين أيّ شيء إذا سمحتُ لكِ بلمسي مرّة واحدة.”]
“… أنا قلتُ ذلك؟”
[“بعد أن حصلتِ على ما تريدين، تتجاهلينني هكذا. لقد قدّمتُ جسدي كلّه…”]
“جلالتك!”
غطّى إينوك شفتيه المبتسمتين بيده المغطّاة بالقفّاز، وهزّ كتفيه.
توسّلتُ إليه ألّا يتحدّث بطريقة قد تُساء فهمها، لكن شفتيه المرسومتان بخطّ منحنٍ ظلّتا مرحتين.
نظر إينوك إليّ وأنا أهوّي على وجهي المحمّر، ومال برأسه قليلًا.
[“هل ستحضرين الحفل اليوم؟”]
“لا أظنّ، لماذا؟”
[“حسنًا، لو أتيتِ، ربما حاولتُ إغراءكِ بهذا الوجه الذي تحبّينه؟”]
“… ماذا؟”
[“بما أنّكِ لا تريدين أن تكوني علاجي، يجب أن أبذل جهدًا أكبر لكسب قلبكِ، أليس كذلك؟ إذًا، هل ستأتين؟”]
“… لن أذهب!”
طق.
حدّقتُ بالقلادة التي انقطعت صورتها مع ضحكة منخفضة، ثمّ أدخلتُها بعناية في كمّي.
ضغطتُ على الخيط البارز، عندما دخل داين الغرفة بعد طرق هادئ.
“سيّدة ريانا، إذا كنتِ ستحضرين الحفل، حان وقت التحضير…”
“لن أذهب!”
* * *
“كنتُ حقًا لن أذهب…”
بالتأكيد، هذا ما خطّطتُ له.
فلماذا أقف الآن في هذه القاعة الفخمة، مرتديةً فستانًا رائعًا؟
قبل ساعات فقط، أعلنتُ بثقة أنّني لن أذهب.
وقفتُ في وسط قاعة الحفل حيث تتدفّق الأنغام الأنيقة، وأدرتُ عينيّ بدهشة.
“بما أنّني هنا، سأبقى بهدوء في زاوية وأغادر.”
تحرّكتُ خلسةً نحو ركن هادئ في القاعة المتلألئة، ومددتُ يدي نحو كأس خمر على الطاولة.
صحيح أنّ إينوك حذّرني من الشرب، لكن إذا لم يُكتشف، لا بأس، أليس كذلك؟
“سأبلّل شفتيّ فقط. حلقي جافّ جدًا.”
قدمتُ عذرًا لنفسي ورفعتُ الكأس إلى فمي بارتياح.
لكن، قبل أن يلمس السائل الأحمر شفتيّ،
“هل رأيتِ؟ يا إلهي، الدوق لا يزال وسيمًا!”
مرّت مجموعة من السيّدات المتحمسات، يثرثرن ويصطدمن بكتفي.
تسرّب الخمر من الكأس، فابتلّ كمّي.
“آه! بارد!”
“أوه، هل كانت الآنسة الصغيرة هنا؟ كان عليكِ إصدار صوت!”
نظرت إحدى السيّدات إلى كمّي العاجي المبلّل بالخمر الأحمر، وأومأت برأسها بخفّة، ثمّ فتحت مروحتها.
مروحة مزيّنة بخيوط ذهبيّة وفضيّة. غطّت بها وجهها، وهمست للسيّدة بجانبها.
“الآن تذكّرتُ، ألم تكد الآنسة أن تصبح دوقة؟”
“نعم، لكن، على الرغم من عدم ترحيب أحد، جاءت اليوم أيضًا.”
“حسنًا، من الواضح أنّها هنا لمحاولة إيجاد صلة بجلالته.”
‘همم، أسمع كلّ شيء.’
هززتُ كمّي المرقّط بقطرات الخمر، ونظرتُ نحو الدوق الذي ذُكر في حديثهنّ.
تحت الضوء الساطع، تلألأت عيناه الزرقاوان بحدّة،
كأنّه وحش جاهز للانقضاض على أيّ فرصة.
دوق هيرينغتون.
والد إليشا، بطلة الرواية، رجل طموح للغاية.
بمجرّد أن أظهرت ابنته قوّة النار، أطاح بوالد ريانا، الوريث، واستولى على لقب الدوق.
‘بعد أن أصبح دوقًا، ازدهر بفضل ابنته.’
في هذا العالم، حيث يهيمن عدد قليل من أصحاب القوى الخارقة ويُعبدون، كان نفوذ دوق هيرينغتون لا يُستهان به، حتّى من الإمبراطور.
بل، ربما كان نفوذه أقوى من نفوذ الإمبراطور.
على عكس إينوك، الذي لم يُظهر قوّته أبدًا رغم الشائعات، كانت إليشا مثالًا للقدرة الناريّة المثاليّة.
حتّى إنّ نفوذ دوق هيرينغتون سيصبح أكبر في المستقبل.
مع تقدّم القصّة، وبينما يذهب إينوك إلى حرب هاشين، ستُعيّن إليشا إمبراطورة، مما يمنح الدوق قوّة تضاهي الإمبراطور.
لهذا، ستضعف سلطة إينوك بعد عودته من الحرب…
‘… آه، لا أعلم. ليحلّ الجميع أمرهم بأنفسهم.’
نظرتُ إلى دوق هيرينغتون وهو يختفي خلف ستار أبيض، وأفرغتُ الخمر في فمي.
بالطبع، مددتُ كأسًا للمجموعة التي تقف أمامي.
“ما زلتم هنا؟ هل تريدون شربة؟”
“سمعتُ من والدي أنّ جلالته سيختار قريبًا شريكة زواج. هل الآنسة مهتمّة أيضًا؟”
حسنًا، إن لم يشربوا، سأشرب أنا.
بدلًا من الردّ، أفرغتُ الكأس التي مددتُها نحوهم.
لا أعلم كيف فسّروا ردّي، لكن إحداهن، ذات شعر مرفوع بعناية، تقدّمت خطوة.
“لن تكوني تفكّرين بجديّة، أليس كذلك؟ هذا مكان إليشا! توقّفي عن مضايقتها!”
“همم، يبدو أنّني أزعجتها؟”
“أليس كذلك؟ إليشا، رغم كونها ابنة عمّكِ، كم تهتمّ بكِ…”
“هل رأيتِ ذلك بنفسكِ؟”
“ماذا؟”
“أنّني أزعجتُها. هل رأيتِ ذلك مباشرة؟”
“هذا…”
آه، ما هذا؟
في الرواية، وُصفت ريانا كشخصيّة متهوّرة تثير الفوضى، فأردتُ أن أسأل عما فعلته بالضبط.
لكن أمام ردّهنّ الضعيف، رفعتُ حاجبي ونقلتُ انتباهي إلى ما كان يزعجني.
“لماذا، لماذا تنظرين هكذا؟ إذا كنتِ ستعاتبينني لأنّني لم أرَ بنفسي…”
“لا، ليس هذا. هنا.”
وضعتُ إصبعي بجانب شفتيّ وأشرتُ بحركة، ثمّ همستُ للسيّدة أمامي.
“مكياجكِ تلطّخ بجانب فمكِ. قد يظنّ أحدهم أنّ لديكِ فمين.”
“آه، يا إلهي!”
نظرتُ إليها وهي تغطّي وجهها وترتبك، ثمّ مددتُ يدي نحو كوكتيل أزرق.
أفرغتُ السائل الحلو المرّ، وحين أعدتُ رأسي إلى مكانه،
“… اكتُشفتُ.”
رأيتُ إينوك ينظر إليّ مباشرة من بعيد، فأخفيتُ الكأس خلف ظهري بسرعة.
“… لقد رآني.”
ضيّق عينيه وأشار برأسه نحو الكؤوس الفارغة بجانبي. يبدو أنّ إخفاء الكأس كان بلا جدوى.
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 6"