الفصل 21
“يا! ألن تبتعد؟”
“آه! آه!”
لا مكان للأحترام أو الأدب. عندما أمسكتُ بشعر أرون الذي عضّ رقبتي، التفّ شعره الطويل حول يدي بسهولة.
هززتُ يدي التي تمسك بشعره بكلّ قوتي كأنّني سأنتفه، فصرخ أرون بألم.
ومع ذلك، تمسّك بعناد ولم يتراجع.
“ابتعد، قلتُ! ألن تبتعد؟ ها؟ سأنتف شعرك كلّه!”
“لا أستطيع! لا أريد!”
ما هذا الرجل بحقّ خالق السماء…؟
على الرغم من سحبي لشعره، عاد أرون ليعضّ رقبتي بعناد، فلففتُ شعره الفضيّ بإحكام لئلّا تنفلت يدي، وأخذتُ نفسًا عميقًا.
“قلتُ بوضوح أن تبتعد، أليس كذلك؟”
ثمّ، لأردّ بقوّة بعد فشلي السابق، ثنيتُ ركبتيّ بكلّ قوتي،
“قلتُ جدّيًا، ابتعد!”
حذّرتُه للمرّة الأخيرة، ثمّ مددتُ ركبتي بقوّة بين ساقيه.
“…!”
فجأة، انفصل أرون، الذي كان متعلّقًا برقبتي كالعلقة، وسقط بعيدًا.
“أنتِ، أنتِ…!”
لم يستطع فعل شيء، فأمسك بالكرسي في وضع متردّد، منحنٍ نصف انحناء، ووجهه محمرّ بشدّة.
بدت عيناه وكأنّهما تدمعان قليلاً…؟
أمامه وهو يتأوّه، نفضتُ يديّ وأمسكتُ بمنديل على الطاولة.
“أنتَ، هذا…”
“ماذا؟ لستُ منحرفًا، من قال لك أن تعضّ رقبة شخص غريب؟”
بينما كنتُ أمسح المنطقة التي لامسها فم أرون بعد أن أزحتُ شعري جانبًا، نظرت عيناه الحمراء الدامعة إليّ بانزعاج.
“كيف أتوقّف عندما تنبعث منكِ رائحة شهيّة؟”
يا إلهي، لماذا هو الغاضب؟
“إذن، هل كان طعمها جيّدًا عندما جربته؟”
“نعم! فلنجرب مرّة أخرى!”
“… مجنون.”
كنتُ أردّ بذهول، لكن أرون أجاب بوقاحة وثقة.
… مجنون. هذا حقًا مجنون.
حسنًا، في القصّة الأصليّة، كان يعضّ رقبة البطلة منذ اللقاء الأول، فلا عجب أنّه ليس طبيعيًا.
بينما كنتُ أجمع قوّتي في ركبتيّ مجدّدًا أمام أرون الذي لم يستعد وعيه بعد، سمعتُ صوتًا مشوشًا.
“ريانا…؟”
نظرتُ بسرعة نحو الصوت، فرأيتُ إينوك واقفًا عند الباب كأنّه متجمّد.
لكن تعبيره كان…
‘هل وبّخه أحد بالخارج؟’
لماذا يبدو حزينًا ومتألمًا هكذا؟
دهشتُ من تعبيره الذي لم أره من قبل، فخفّضتُ ساقي التي كنتُ قد رفعتها، لكن أرون، الذي هدأ فجأة وتبعني بنظره، اكتشف إينوك واتسعت عيناه بدهشة.
“الإمبراطور؟ ما الذي يفعله هنا؟”
“إينوك؟ ما الخطب؟”
ثمّ أمسك بي وأنا أحاول الذهاب إلى إينوك، وغطّى فمي.
“يا، هل جننتِ؟ ألا تعرفين من هو؟”
“آه! ما الذي تفعله؟”
بسبب ذلك، أدركتُ أنّ يده كانت مالحة، فدفعتُ يده التي تغطّي فمي بنزق.
“إذا ناديتِ اسم الإمبراطور هكذا بعفويّة، سيقطعون رقبتك…”
توقّف أرون أثناء حديثه كأنّه أدرك شيئًا، وتحرّكت عيناه بسرعة بيني وبين إينوك.
“مهلاً؟ مهلاً؟ هل أنتِ…”
“سيد البرج، ابتعد عن الماركيزة الصغيرة.”
اقترب إينوك منّا وهدر بصوت منخفض.
عندما رآه أرون، بدأ يتراجع ببطء، وفتح بوّابة بيضاء خلفه.
“آه، حسنًا، هذا سوء تفاهم، سوء تفاهم. تذكّرتُ فجأة أمرًا طارئًا؟ ههه.”
“مهلاً! إلى أين؟ إذا عضضتَ رقبة شخص، يجب أن تعتذر أولاً!”
لم أتلقَّ اعتذارًا بعد، فمددتُ يدي لأمسك بياقته وهو يستعدّ للهرب، لكن جسد أرون انزلق إلى البوّابة.
“لم أكن أعرف، صدقًا!”
بوف.
ثمّ اختفت البوّابة بصوت مرح دون أثر، كأنّها تسخر منّي.
نظرتُ بدهشة إلى أرون الذي اختفى في غمضة عين، ثمّ التفتُ عندما شعرتُ بأصابع تلمس رقبتي المكشوفة.
“إينوك؟”
رسم إينوك ببطء على المكان الذي عضّه أرون، ثمّ نظر إلى خصلات الشعر الفضيّة في يدي وقال:
“ريانا… هل داعبتِ سيد البرج أيضًا؟ مثلما تفعلين معي؟”
بصوت مليء بالاستياء.
* * *
رنين.
استغللتُ اهتزاز العربة العائدة إلى القصر لأنظر إلى الأمام، فرأيتُ إينوك يحدّق خارج النافذة.
تبعتُ نظره، فلم أرَ سوى الأشجار تملأ المشهد.
نظرتُ إلى جانب وجهه الهادئ الذي يراقب المنظر العادي دون تميّز، وخدشتُ رأسي.
‘لماذا… هو مستاء مجدّدًا؟’
لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لأدرك أنّني سبب تعبيره السيّئ.
بدت عليه ملامح الاستياء، فعندما شرحتُ له موقف أرون،
[‘سأجلب ذلك المجنون بنفسي!’]
قال ذلك بوجه يبدو كأنّه سيقتل، فبالكاد هدّأته وأركبته العربة، لكنّه ظلّ هكذا طوال الطريق.
“إينوك، هل أنتَ مستاء؟”
لم أستطع الصبر، فسألتُ، فالتفتت عيناه الرماديّتان، اللتين كانتا تحدّقان خارج النافذة، نحوي.
“لا، مستحيل.”
مع إجابته المرفوضة، أظهر تعبيرًا محرجًا وعاد للنظر خارج النافذة.
عندما لم أعرف كيف أردّ، أغلقتُ فمي، فسيطر صمت محرج على العربة.
رنين، رنين.
صوت العجلات يتردّد في الهواء الهادئ.
بعد الاستماع إلى هذا الصوت لفترة، بدأ النعاس يغزوني وأنا أفرك عينيّ، فتح إينوك فمه المغلق.
“في الحقيقة، لا أعرف.”
“ماذا؟”
شعرتُ بالذنب كأنّه ضبطني نائمة، لكن إينوك نظر إليّ بهدوء وأشار إلى صدره.
“شيء ما يضغط هنا، لكن لا أعرف ما هذا الشعور.”
“أليس… ذلك شعورًا بالاستياء؟”
عند كلامي، أغمض إينوك عينيه ببطء ثمّ فتحهما.
“ربّما.”
عند إجابته المبهمة، ميّلتُ رأسي، فأسند إينوك يديه المتشابكتين على ركبتيه ومال نحوي.
“هذا الشعور جديد بالنسبة لي، فلا أعرفه. بل، ليس هذا فقط، كلّ شيء منذ التقيتكِ كان جديدًا.”
رمشت رموشي عند كلامه المفاجئ.
“إمساك اليد، الضحك وجهًا لوجه، نبض القلب عند سماع اسمي. كلّها أشياء غريبة وجديدة بالنسبة لي.”
“آه…”
كنتُ أفكّر بشكل غامض أنّ شخصًا لا يستطيع التلامس لن يعيش حياة مثل الآخرين.
لكن عند رؤية إينوك، الذي بدا أنّه عاش أوقاتًا أكثر وحدة ممّا تخيّلت، شعرتُ بوخز في قلبي.
“إذا كان هذا الشعور هو الاستياء، فهو…”
تردّد إينوك، أخذ نفسًا خفيفًا، ثمّ تابع:
“ربّما لأنّني رأيتكِ مع شخص آخر.”
“ماذا؟ إذا كنتَ تقصد الموقف السابق، فهو—”
“أعرف، لم يكن كما ظننت. لكن عندما رأيتكِ تلمسين شخصًا غيري، شعرتُ هنا…”
أشار إينوك إلى قلبه.
“شعرتُ بشيء يسقط بثقل هنا. هاه… ألستُ كطفل صغير؟ أيّ هراء هذا.”
عند رؤية ابتسامة ساخرة تخرج من بين شفتيه الحمراوين، هززتُ رأسي.
“لا، ليس كذلك.”
“أنا… أنتِ الوحيدة التي يمكنني لمسها. أنتِ الوحيدة بالنسبة لي. لكن حقيقة أنّكِ تستطيعين لمس أيّ شخص غيري… أعرف أنّ ذلك طبيعي، لكن هنا يضيق.”
بدت حواجبه السوداء المستقيمة مشوّشة، كأنّه لا يفهم مشاعره.
هل هو مثل شعور طفل يرى صديقه الأول يصادق شخصًا آخر؟
بالنسبة له، أنا بمثابة صديقه الأول.
شعرتُ بالأسى، فأمسكتُ يديّ بقوّة وقلتُ دون تفكير:
“لا! إينوك هو الوحيد بالنسبة لي أيضًا!”
“… ماذا؟”
توقّفت العربة عند القصر، ونظرتُ إلى عينيه الرماديّتين المستديرتين بدهشة، ثمّ نهضتُ و اقتربتُ منه.
وبدأتُ أداعب شعره الأسود الناعم بقوّة.
“ريانا؟ ما هذا…؟”
“لا ألمس أيّ شخص بعشوائيّة! يديّ أغلى ممّا تبدو! الوحيدان اللذان ألمسهما هكذا هما إينوك وأرييل.”
“… حقًا؟”
“نعم! ذلك الرجل لم أداعبه، بل انتفضتُ شعره! وسيظلّ الأمر كذلك. إينوك هو الوحيد الذي سأداعب شعره من الرجال البالغين!”
ضحكة.
أخيرًا، ضحك إينوك.
بدأت بابتسامة صغيرة، ثمّ امتدّت عبر وجهه، وعيناه انحنيتا بلطف كأقمار هلال.
دوم.
‘آه… مرّة أخرى!’
عند ابتسامته المبهرة، بدأ قلبي ينبض بجنون مجدّدًا.
خوفًا من أن يُسمع صوت قلبي، سحبتُ يدي التي كانت تداعبه وأنا أنزل من العربة متأرجحة، فأمسك إينوك يدي.
“لماذا، لماذا؟”
“إذن، أنا الوحيد بالنسبة لكِ أيضًا؟”
“أجل، أجل؟”
هل يفعل ذلك عمدًا أم ماذا؟
بدلاً من الضحك كالمعتاد، ابتسم إينوك بجمال مفرط، فدور رأسي وتحرّك فمي دون سيطرة.
“حتّى التلامس؟”
“إينوك هو الوحيد!”
“إذن…”
قبلة.
مع نبضات قلبي المدويّة والدوخة، شعرتُ بشيء ناعم وطريّ يهبط على رقبتي كريشة ثمّ يختفي.
“… ها؟”
بعد لحظة، أدركتُ أنّ ما لامس رقبتي كان شفتيه، فغطّيتُ رقبتي، فابتسم إينوك مجدّدًا بعينين منحنيتين.
“لقد محوتُ أثر لمسة سيد البرج، لذا هنا أيضًا…”
طق، طق.
ربت إينوك على رقبتي برفق.
“اجعليني الوحيد الذي يلمس هذا المكان.”
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 21"