إيفيريا بدأت تستخدم السحر بسرعةٍ أكبر من ذي قبل. فلم تكن تعرف متى وكيف قد يتسرب مجددًا السحر الذهني منها، لذا كان عليها إنهاء الوضع بسرعة.
شعرت كما لو أن رأسها على وشك الانفجار من فرط الإجهاد، لكنها تجاهلت ذلك واستمرت في الحسابات بهدوءٍ وثبات.
وأخيرًا، اخترق سحر إيفيريا الأداة السحرية التي كان باتريك فارما يرتديها، وانتهت المباراة بانتصارها.
لكنها لم تستطع أن تفرح بذلك تمامًا. ففي الجزء الأخير من المباراة، بدا سحر باتريك فارما غير مستقر، وهذا يعني أنه لم يكن قادرًا على التركيز في القتال. والسبب على الأرجح كان ظهور سحرها الذهني المفاجئ في أثناء المباراة.
حين نزلت إلى غرفة الانتظار، شدّت إيفيريا قبضتها وأحكمت سيطرتها على السحر الذهني داخلها، كما حاولت قدر الإمكان إخماد تدفق المانا التي تتسرب من خاتم سيد برج السحر.
بعد انتهاء المباراة، كانت هناك فترةٌ مخصصة لترتيب الميدان وتقديم الاعتراضات، في حال ارتكاب أحد المتبارين مخالفةً أو صدور حكم غير منصف.
وإن كان باتريك ينوي التحرك، فذلك هو الوقت الأمثل.
ومع ذلك، لم يأتِ حتى انقضى الوقت.
أغمضت إيفيريا عينيها قليلًا ثم فتحتهما ببطء. ر لا تعلم كم مضى من الوقت، لكن فجأة نُودي اسمها بصوت عالٍ.
خرجت مجددًا إلى ساحة المباراة، وألقت نظرةً سريعة على المدرجات التي لم تفرغ بعد، ثم على باتريك فارما.
بعدها ثبتت بصرها نحو مكان القاضي.
لقد اعتادت لسنواتٍ على إخفاء مشاعرها خلف قناع من الهدوء، وكان ذلك القناع درعها الآن.
نظر باتريك إلى وجهها الخالي من التعابير، ثم وجه كلامه إلى القاضي،
“كما ذكرت سابقًا، أود الاعتراض.”
“اذكر موضع الشك أو سبب رفضكَ للحكم.”
ترددت الأصوات المضخمة بالسحر في أرجاء الساحة، فشدّ هذا الموقف غير المعتاد انتباه الحاضرين جميعًا.
توترت إيفيريا غريزيًا، فلم يكن وجود هذا العدد الكبير من الناس أمرًا مريحًا لها.
تردد باتريك لحظةً قبل أن يُكمل بصوتٍ حازم،
“لقد رصدتُ سحرًا ذا كثافةٍ عالية جدًا أثناء المباراة.”
سُمع صوت تنهدٍ خافت صادر عن القاضي.
ففي مباريات نصف النهائي، كان البعض يتعمد إيجاد حجج تافهة لتأجيل المباريات، ويبدو أن القاضي ظن أن ما يجري الآن من هذا القبيل.
لكن من وجهة نظر إيفيريا، كان الاعتراض هذه المرة منطقيًا إلى حدٍّ ما.
طالبةٌ زادت طاقتها السحرية فجأة دون سببٍ واضح، وتدفق مانا غريب في أثناء المباراة…..لا شك أن الأمر يثير الريبة.
لحسن الحظ، كان أساتذة لاكانيل وهوريتين متمكنين في نظرية السحر، لكنهم لم يبلغوا من القوة ما يمكّنهم من قراءة نوع السحر الخاص بالآخرين. فالقدرة على قراءة فئة المانا بدقة كانت نادرةً للغاية.
فتح باتريك فمه ليقول شيئًا، ثم تراجع قبل أن يتابع ببطء،
“إن لم توافق الطالبة المقابلة على هذا.…”
“لا، أوافق.”
قاطعت إيفيريا كلامه. والآن فهمت لِمَ كان إيرميت كثيرًا ما يفعل الشيء نفسه. (يقاطع)
لم تكن التجربة سيئةً كما ظنت، بل على العكس، شعرت بقليلٍ من الارتياح.
رأت طرف حاجبيه يرتفع بدهشة، ثم وجهت حديثها إلى القاضي،
“أرجو منكَ التواصل رسميًا مع برج السحر. أرى أن المسألة خطيرة بما يكفي لتستحق ذلك.”
كان بإمكانها رفض الاعتراض، لكنها علمت أن هذا سيتحول لاحقًا إلى مشكلةٍ أكبر إن حاولت تجاوزها الآن.
و الأفضل أن تكسب الوقت دون توضيحات أو تصريحاتٍ مباشرة. ففي النهاية، سيستقر وضع برج السحر يومًا ما، وهي الآن ليست في مأزق حقيقي، وتستطيع الصمود.
وحين يحين الوقت ويستعيد البرج توازنه، سيكون بإمكانها طلب المساعدة من سيده.
أخذت نفسًا صغيرًا لتكبح ارتجاف قلبها، بينما كان باتريك فارما يحدق فيها بنظرةٍ غريبة يصعب تفسيرها.
وبعد فترةٍ قصيرة، تلقت إخطارًا من أكاديمية لاكانيل يؤكد أنهم أرسلوا طلبًا رسميًا إلى برج السحر. و لم يكن التواصل مع البرج بسبب حادثة غير مرغوبة في مسابقة سحر أمرًا نادرًا.
علاوةً على ذلك، كانت إيفيريا قد علمت مؤخرًا أن القصر الإمبراطوري يستخدم الأكاديمية فقط كأداةٍ للضغط على برج السحر، دون أن يهتم بها فعلًا، ولهذا تمكنت من استغلال ذلك لصالحها وكسب الوقت دون قلق.
ومع ذلك، لم تكن راغبةً بعد في طلب المساعدة مباشرةً من البرج، لكنها كانت تعلم أنه بمجرد أن تتصل الأكاديمية به، سيعلم سيد برج السحر بما حدث دون أن تضطر هي لقول شيءٍ بنفسها.
بعد ذلك، فُرضت على إيفيريا قيودٌ تحد من نطاق تحركاتها، لكن الأمر لم يكن مزعجًا جدًا. فقد كانت لا تزال تتمتع بحريةٍ معقولة داخل الأكاديمية، وكان بإمكانها الخروج منها بعد المرور بإجراءاتٍ معقدة بعض الشيء.
ولأنها لم تكن تميل إلى الخروج كثيرًا في الأصل، فلم يختلف الأمر كثيرًا عما اعتادت عليه. و كان أقصى ما تتعرض له هو استدعاؤها للتحقيق بين الحين والآخر لتجيب عن بضع الأسئلة.
ويبدو أن طلبها بنفسها من الحكام التواصل مع برج السحر قد أكسبها نوعًا من الاحترام غير المعلن من قِبلهم. فقد بدت وكأنها واجهت الأزمة بجرأةٍ بدلًا من التهرب منها، مما أضفى على تصرفها مظهر الثقة.
وذات يوم، جاءت الأميرة إلى مسكن إيفيريا. وحين رأت صاحبة الغرفة هوية الزائرة، بدت ملامح الذهول على وجهها.
ابتسمت الأميرة بلطف وحيتها،
“مر وقتٌ طويل، أليس كذلك؟”
“تشرفت بلقائكِ يا صاحبة السمو.”
قالت إيفيريا ذلك وهي تخفي توترًا خفيفًا في ملامحها، ثم دعت الأميرة إلى داخل غرفتها.
لحسن الحظ، كانت رفيقتها في السكن سينثيا قد غادرت إلى منزلها بعد أن تأكدت من حال إيفيريا، وإلا لكانت صُدمت برؤية الأميرة هنا.
جلست الاثنتان متقابلتين على طاولةٍ صغيرة في زاوية الغرفة.
و نهضت إيفيريا بخفة لتُحضر شيئًا، لكنها سرعان ما تذكرت أنها لا تملك في السكن ما يُقدَّم للضيوف. فعادت إلى مقعدها بابتسامة محرجة،
“لم أحتفظ في الغرفة بأي شيءٍ للضيافة..…”
“لا بأس، أنا من جاءت دون موعد، سامحيني على الإزعاج.”
كان في نبرتها اعتذارٌ صادق جعل إيفيريا تلوّح بيديها نافيةً الحرج. فأن تسمع اعتذارًا من أحد أفراد العائلة الإمبراطورية، كان أمرًا يكاد لا يُصدق.
وبعد لحظة صمتٍ قصيرة، بدأت الأميرة الحديث أولًا.
“جئت لأخبركِ باختصارٍ كيف تسير الأمور.”
تفحصت إيفيريا الغرفة بعينيها بشكلٍ تلقائي، وكأنها تخشى أن يُسمع الحديث خارجها. لكن الأميرة التقطت ذلك القلق بابتسامة مطمئنة،
“لا تقلقي، ما سأقوله ليس سرًا خطيرًا حتى لو سمعه أحد.”
فاكتفت إيفيريا بهز رأسها دون طرح أسئلةٍ إضافية.
اقتربت الأميرة قليلًا من الطاولة، وأسندت ذراعيها عليها، ثم تحدّثت بصوتٍ هادئ رنان وصل إلى أذن إيفيريا بوضوح،
“قريبًا، ستعود الأمور إلى ما كانت عليه.”
“…….”
“بل وربما لبعض الأشخاص ستصبح أفضل مما كانت.”
لم يكن فاعل الجملة واضحًا، لكن إيفيريا فهمت بسهولة المقصود.
كانت الأميرة تشير إلى عودة برج السحر إلى استقراره السابق، وربما إلى تحسنه أيضًا.
تذكرت إيفيريا تلقائيًا المقال الذي قرأته مؤخرًا عن اهتمام سيد البرج بتوسيع نفوذه وحقوق البرج. ودبدا أن هناك رابطًا خفيًا بين ذلك الخبر وكلام الأميرة.
رفعت بصرها نحوها، فرأت الابتسامة الهادئة المعتادة في عينيها. ثم مالت الأميرة أكثر إلى الأمام، وأسندت ذقنها على يدها بابتسامةٍ صافية،
“أعتقد أن تخمينكِ في محله، أنا أثق بقدرتكِ على التحليل يا إيفيريا.”
“……أشكركِ.”
أجابت إيفيريا بكلمات شكرٍ غامضة، يمكن أن تُفسَّر كتعبير عن امتنانها للمعلومة أو للمدح نفسه.
انحنت شفتا الأميرة بابتسامةٍ صغيرة وهي تحوّل نظرتها إلى الطاولة.
ساد الصمت للحظة، وكأنها تفكر في أمرٍ ما وهي تغطي فمها بيدها. ثم ارتسمت من جديدٍ ابتسامةٌ مشرقة على وجهها.
“سأبقى حتى أرى مباراتكِ في النهائيات.”
كانت الأميرة بلا شك على علم بالوضع الحرج الذي تمر به إيفيريا، ومع ذلك قالت هذا الكلام.
“لذا، إن احتجتِ إلى مساعدتي فقولي ذلك. قد لا أستطيع استخدام اسم العائلة الإمبراطورية علنًا، لكن اسم الأميرة يمكنكِ الاعتماد عليه.”
تجمدت ملامح الدهشة على وجه إيفيريا من جديد.
أن تُعيرها الأميرة اسمها؟ هل كانت تدرك تبعات هذا الكلام؟ سواءً كانت تدرك أم لا، ففي كلتا الحالتين كان الأمر خطيرًا.
نظرت إيفيريا إلى وجه الأميرة مليًّا، فرأت فيه ذات اللطف، بلا أثرٍ للمزاح.
لم تكن العلاقة بينهما قريبةً بما يكفي لتبادل النكات أصلًا. فتساءلت في داخلها ما الذي يدفع الأميرة إلى قول شيء بهذه الخطورة، ثم سألتها بحذر،
المهم انفدا ايفيريا قدرت تفكر على طول وش احسن لها واعترفت ضحكت😂
وبعدين ليه الروايات الي امسكها مؤلفاتهم يعشقون يطلعون البطل في اخر مصيبة البطله؟؟؟؟
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 92"