وقد كان إيرميت، شبب الضجة، يسير نحوها من جهة مدخل مدرجات الملعب. و سرعان ما جلس بجانبها بثقل، فيما بدت على سينثيا، الجالسة إلى يسار إيفيريا، ملامح الدهشة البالغة.
فسألته إيفيريا في ارتباك،
“أليس لديكَ جدولٌ مزدحمٌ اليوم؟”
“طبعًا لا.”
أجاب مبتسمًا بثقة، وهو يناولها كوبين من الشراب البارد.
بدا كأنه توقّع أن تكون برفقة صديقة، أو ربما اشتراهما فقط دون تفكير. ومع ذلك، ظلّ الارتباك على ملامحها.
ناولَت سينثيا أحد الكوبين، فمالت نحوها وهمست بصوت خافت لا يكاد يُسمع،
“هل أنتِ تواعدين السيد نيسبيروس علنًا؟”
“……تفسير الأمر ليس سهلًا.”
بدت ملامح الحرج على وجه إيفيريا.
كانت تظن أن سينثيا، التي تعرف الشائعات أكثر من أي أحد، لا بد أنها على علمٍ بكل شيء، لكنها نسيت كم كانت مشغولةً مؤخرًا.
بعد تردّدٍ قصير، أخبرتها إيفيريا بأن شائعةً قد انتشرت عن علاقتها بإيرميت، لكنها لم تقل شيئًا نفيًا أو تأكيدًا، فخمدت الشائعة بلبسٍ غير مريح.
تبدّلت ملامح سينثيا إلى نظرةٍ غريبة يصعب قراءتها. بينما ابتسمت إيفيريا ابتسامةً محرجة.
كانت تدرك أن ما بينهما لم يكن واضحًا أو مريحًا، لكنها كانت تؤمن أن تعاملها الحذر مع مستقبلٍ غامض كان الخيار الأفضل — على الأقل بالنسبة لها.
وفي اللحظة التي همّت فيها سينثيا بالكلام، دوّى جرسٌ يعلن بداية المباراة، قاطعًا الحديث في توقيتٍ مثالي.
***
في غرفة الانتظار، أحكمت إيفيريا ربط درعها بإتقان. فبعد تغيّر لوائح بطولة السحر، أصبحت مضطرةً لارتداء أداةٍ سحرية دفاعية جديدة تُعلّق أولًا حول العنق، ثم تُخفى تحت الدرع.
كانت حريصةً على أن تبقى البيئة من حولها مألوفةً كما في السابق. فأي شيءٍ بسيط يتدلّى أو يتحرك قد يشتت تركيزها في أجواء المعارك الدقيقة كهذه.
تحسّست الأداة لتتأكد من أنها مثبتةٌ جيدًا، ثم جلست على الأريكة الموضوعة بمحاذاة الجدار.
وبينما كانت تسترجع في ذهنها النظريات السحرية، ألقت نظرةً على الساعة.
حان وقتها تقريبًا. فنظرت نحو الباب. لكن خصمتها لم تصل بعد.
كانت أول منافسةٍ لها اليوم طالبةٌ من السنة الثالثة مثلها، وغالب الظن أنها من طبقة النبلاء. لكنها لم تكن تعرف عنها أي شيءٍ محدد.
ضغطت إيفيريا على أطراف أصابعها لتخفف توترها. عندها، وصل إلى أذنها ضجيجٌ خافت من الخارج. فرفعت نظرها نحو باب غرفة الانتظار، ثم سارت نحوه بحذر.
فُتح الباب بصوتٍ طفيف. و لم تخرج تمامًا، بل اكتفت بالوقوف عند العتبة تنظر إلى الخارج.
رأت فتاةً ذات ملامح متألقة تمسح شعرها بحركةٍ عصبية، بينما كانت امرأةٌ في منتصف العمر تقف أمامها، تحاول تهدئتها بابتسامةٍ متحفظة.
“ولِمَ عليّ أن أشارك في مسابقة السحر أصلًا؟!”
“…….”
لم تنتبها لوجود إيفيريا؛ فقد كانتا غارقتين في الجدال.
كان شعر الفتاة الأحمر المربوط لأعلى يهتزّ بنفاذ صبر. بينما شعرت إيفيريا بإحساسٍ غامض من الألفة وهي تنظر إلى خصلاتها تلك.
كان لافتراضها المسبق بأن خصمتها من النبلاء سببٌ وجيه.
ففي جدول المباريات، كان الاسم مكتوبًا: ريبيكا. أما اسم العائلة فشُطب بخطٍ أسود بعد لصق الجدول، وكأن أحدهم تعمّد إخفاءه لاحقًا.
“آه، هذا يثير غضبي.”
“يا آنسة…….”
نظرت إيفيريا إلى الساعة مجددًا.
لم تكن الفتاة قد ارتدت درعها بعد. و الوقت لم يكن ضيقًا تمامًا، لكنه بالكاد يكفي لتجهيز العتاد وفحصه قبل المباراة.
ثم تنفست الفتاة بحدة و ردّت بنبرةٍ حانقة،
“هل من المنطقي أن يهددني والدي بالطرد من المنزل إن لم أشارك؟”
“…….”
“حقًا، أبي هذا……لا عجب أنني ورثتُ مزاجه.”
مع نبرتها الساخرة تلك، شعرت إيفيريا كأنها تتنصّت على شؤونٍ عائلية لا تخصها.
ثم نادت بخفة، مترددة،
“……ريبيكا؟”
“ومن تكونين أنتِ الآن؟”
استدارت الفتاة نحوها، وفي صوتها تعبٌ وفتورٌ لاذع. و بدا الغضب عليها باهتًا، كأنها قد استُنزفت حتى آخر شرارةٍ منه.
فرمشت إيفيريا بعينيها الزرقاوين، تتأملها برفق.
يبدو حقًا أن هذه الفتاة هي خصمتها المنتظرة — ريبيكا ذاتها.
ساد صمتٌ قصير. و تلاقت العينان — الزرقاوان لإيفيريا والعسليتان الفاتحتان لريبيكا — في نظرةٍ متبادلة.
حدّقت ريبيكا في وجهها مطولًا، ثم أفلتت ابتسامةٌ متوترة و تحدّثت بتحيةٍ رسمية،
“مرحبًا، أنا ريبيكا ريسفِن.”
“آه…..أهلاً، أنا إيفيريا ديل.”
خيمت لحظةٌ من الارتباك. بينما استعادت إيفيريا في ذهنها لقب ريسفِن الذي نطقت به الفتاة — لم يكن غريبًا أن الاسم بدا مألوفًا، فقد كانت من عائلة ريسفِن.
ابتسمت إيفيريا بخفة، متذكرةً السبب الذي جعلها تخرج من غرفة الانتظار أصلًا.
“في الواقع، خرجت لأن المباراة توشك أن تبدأ، وأردتُ التأكد من حضوركِ…..لم أقصد التجسس أو التطفل، فاعذريني.”
“لا، لا، العيب مني، كان عليّ اختيار مكانٍ أفضل للحديث.”
غمر المكان ضحكٌ خافت متكلّف.
وبينما الجو بدأ يلين قليلًا، دفعت المرأة التي كانت ترافق ريبيكا الفتاةَ بلطفٍ إلى داخل غرفة الانتظار وأغلقت الباب خلفها بقوة، فوجدت إيفيريا نفسها وقد انساقت معها إلى الداخل.
“آااه! يا مربيتي!”
ارتفعت صرخةٌ من جوارها جعلت إيفيريا تنتفض في مكانها. فالتفتت ريبيكا نحوها وقد احمرّ وجهها حرجًا.
تلاقت نظراتهما، ثم تحدّثت ريبيكا في خفوتٍ مرتبك،
“……مرحبًا مجددًا.”
كانت قد حيّتها قبل قليل، لكن التحية تكررت وسط جوٍ من الحرج. فردّت إيفيريا بابتسامةٍ خفيفة وإيماءة رأسٍ مهذبة.
بدأت ريبيكا تتجول في الغرفة بتوترٍ ظاهر، لا تعرف ما تفعل بيديها. وقد جلست إيفيريا على الأريكة تراقبها في هدوء دون أن تُظهر اهتمامًا مباشرًا.
بدت ريبيكا وكأنها نسيت أنها لم ترتدِ بعد درعها الواقي. عندها تحدّثت إيفيريا بنبرةٍ لطيفة،
“يُفترض أن ترتدي الدرع الآن.”
“آه، آه! صحيح، شكرًا!”
ارتبكت ريبيكا وبدأت بارتدائه بطريقةٍ خرقاء، وكانت يداها ترتجفان وهي تحاول ربط الحزام بإتقان.
فاستغربت إيفيريا — ألم تخض مباراةً بالأمس؟ هل كانت بهذا الارتباك أيضًا حينها؟
بدا الأمر خطرًا نوعًا ما. فقطّبت حاجبيها قليلًا ثم تحدّثت برقة،
“هلّا تسمحين لي أن أساعدكِ في ربطه؟”
اقتربت منها وسألتها وهي تمد يدها نحو العقدة التي لم تُحكم بعد. فأومأت ريبيكا بسرعة وقد بدا الارتياح في عينيها.
بدأت إيفيريا بربط العقدة بإتقانٍ شديد، تتأكد من ثباتها حتى لا تنفك أثناء القتال. و استغرقها الأمر وقتًا أطول مما احتاجته لدرعها هي.
بعد أن شدّت العقدة لتتأكد من ثباتها، ابتعدت خطوةً للخلف. فخفضت ريبيكا نظرها نحو درعها ثم رفعت رأسها بابتسامةٍ خجولة.
“……شكرًا على اهتمامكِ، أنتِ دقيقةُ الملاحظة فعلًا.”
ردت إيفيريا بابتسامةٍ دافئة. ثم ساد في غرفة الانتظار جوٌّ من الألفة المفاجئة، حتى جاء النداء الذي يشير إلى صعود المتبارين إلى أرض الحلبة.
تحركتا إيفيريا وريبيكا معًا بخطواتٍ ثابتة نحو الميدان.
كان الحضور أكثر مما توقعت، لكن إيفيريا أخفت دهشتها بإتقان، وتقدمت بثقةٍ إلى وسط الساحة.
تبادلت التحية الرسمية مع خصمتها بإشارةٍ من المشرف، ثم أغمضت عينيها للحظة قبل أن تفتحهما.
بينما مرّت نسمةٌ دافئة، فبعثرت بعض خصلات شعرها المربوط بعناية.
لم تكن تملك الكثير من المعلومات عن ريبيكا، لذا لم تبادر بالهجوم. والحقيقة أن إيفيريا نادرًا ما كانت تبدأ القتال أولًا.
ربما كانت خصمتها تشاركها الرأي، إذ عمّ الميدان صمتٌ ثقيل لا يُسمع فيه سوى أنفاسهما المتحفزة ونظراتٍ تتفحص الأخرى في ترقبٍ طويل.
تحلت إيفيريا بالصبر، تنتظر اللحظة المناسبة. ومع مرور الوقت، بدأت تشعر بتدفّقٍ خافتٍ للطاقة السحرية في الهواء.
كان التركيز السحري عند نقطةٍ محددة مفرطًا، فعرفت فورًا أنها تواجه سحرًا من فئة الرياح.
لقد تطورت قدرتها على الإحساس بالسحر كثيرًا عمّا كانت عليه العام الماضي؛ فآنذاك لم تكن لتدرك نوع السحر بهذه السرعة.
بهدوءٍ وحسابٍ دقيق، بدأت إيفيريا بعكس تدفق السحر وإلغاء التأثيرات المتشكلة. و استحضرت عدة حواجز واقية صغيرة ورفيعة، متمركزة حول أكثر المواضع عرضة للهجوم.
كانت تعرف أن قواعد البطولة الجديدة لا تحتسب الفوز بالضربة القاضية فحسب، بل تقيس أيضًا كفاءة استخدام الأدوات السحرية — لذا كان من الضروري تجنّب تفعيلها عبثًا.
و كل هذا تطلّب حسابًا دقيقًا لمواضع الطاقة.
كان يمكنها ببساطة إنشاء درعٍ واسع يلف جسدها كله، لكنه أمرٌ ممنوع وفق لوائح البطولة. فلو سُمح بذلك، لتحولت المسابقة إلى اختبارٍ لكمية الطاقة السحرية فحسب، إذ سيكتفي من يملكونها بتغليف أجسادهم دروعًا كاملة حتى تنفد طاقة خصومهم.
وفوق ذلك، فإطلاق السحر من داخل حاجزٍ واقٍ مسألةٌ معقدة للغاية. إذ إن مبدأ الحاجز يقوم على فصل الفضاءين: داخله وخارجه. فطالما ما زال السحر الذي يشكله قائمًا، فإن الحاجز يُبقي الفضاءين منفصلين تمامًا، فلا طاقة تدخل ولا طاقة تخرج.
وبالطبع، لا شيء مستحيلٌ في عالم السحر — يمكن نظريًا استخدام السحر داخل الحاجز دون كسره، لكن على مستوى طلاب الأكاديمية، يُعدّ ذلك أمرًا مستحيل التنفيذ عمليًا.
وناسه يصير عندها صذيقه نبيله وواضح ان عائلتها معروفه ثم الزواج من ايرميت مسألة وقت😘
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 89"