كان إيرميت يبتسم بصفاءٍ مدهش. و رمقته بنظرةٍ حائرة، فبادرها بصوتٍ مفعمٍ بالحيوية،
“ما رأيكِ في أسلوبي المهذب؟”
“……آه.”
تجمّد وجهها لوهلة، ثم احمرّ تمامًا.
أيُ مزاحٍ هذا؟ كيف يمكنه أن يمازح بهذا الشكل؟
دفعت ساقه بخفةٍ بيدها التي لا تزال تقبض على الباقة، لكنه لم يتحرك قيد أنملة. رغم أن دفعتها لم تكن مجرد إشارةٍ عابثة، إلا أنها لم تجد نفعًا.
نظرت إليه بعينين حادتين، ثم دفعته مرةً أخرى، وهذه المرة ترك نفسه يُزاح مبتسمًا لأجلها.
ثم جمعت إيفيريا يديها في حجرها بتأنٍ، و تحدّثت بصوتٍ يحمل مزيجًا من الانزعاج والحياء،
“مزاحكَ……غايةٌ في الإبداع.”
“أنا شخصٌ مبدعٌ بطبعي.”
قال إيرميت ذلك بنبرةٍ مرحة، ثم مال قليلًا نحوها. فانكمشت إيفيريا في مكانها، لكنه أطلق تنهيدةً قصيرة، ثم جذبها برفقٍ إلى أحضانه.
اندفعت إليها رائحةُ عطره الدافئة، قريبةً إلى حدٍّ يبعث الدوار. فرمشت وهي محاصَرة بذراعيه، تسمع نبضاً قويًا، لم تعرف أهو صوت قلبه أم صوت قلبها هي.
داعب إيرميت بخده خصلات شعرها، فتفقدت إيفيريا أنفاسها بخوفٍ من أن تكون رائحتها غير طيبة، فشمّت كمّ ثوبها بخفاء. و لحسن الحظ، لم يكن هناك أي رائحة.
تنفست الصعداء، وردّت العناق برفقٍ حول خصره.
لقد كان دافئًا ومريحًا. وفيما كانت تأمل أن تدوم هذه اللحظة، خطر ببالها فجأةً حديثها السابق مع سموّ الأميرة. ففتحت فمها لتتكلم دون أن تتحرك.
“سيد……آه؟”
وما إن نطقت، حتى انطفأ نور غرفة الانتظار فجأة. فشهقت إيفيريا، وتجمد كتفاها توترًا.
تذكرت حينها أن هناك إعلانًا سابقًا يفيد بأن الأنوار تُطفأ بعد وقتٍ محددٍ لتوفير الطاقة والجهد. لكنها لم تبقَ من قبل في غرفة الانتظار لهذه المدة الطويلة، لذا نسيت الأمر تمامًا.
شعرت بأنها غدت غبيةً مؤخرًا، أقل انتباهًا، كأن التوتر الذي زال عنها تركها بلا حذر. فأغمضت عينيها نادمة.
لم تكن تحب الظلام، ورغم قدرتها على احتماله حين تعرف مسبقًا بقدومه، فإن الظلام المفاجئ كالحال الآن كان يشلّها تمامًا.
ورغم ارتدائها الخاتم الواقي، تسللت من أعماقها غشاوةٌ سوداء اجتاحت بصرها.
ثم خارت قواها بالكامل، فركزت على تنفسها ببطء. و كانت تدرك أنها ستتأقلم مع العتمة بعد قليل.
حينها شدّها إيرميت إلى صدره أكثر، وهمس بصوتٍ هادئٍ مطمئن،
“……لا تخافي، كل شيءٍ بخير.”
“….…”
“هل تستطيعين النهوض؟ هل تودين الخروج من هنا؟”
عند سماع سؤاله الهادئ ظاهريًا، هزّت إيفيريا رأسها نفيًا ببطء.
ربما لاحقًا، ولكن الآن إن حاولت المشي وحدها فستسقط لا محالة.
فربّت إيرميت برفق على ظهرها، بينما عضّت إيفيريا شفتها السفلى بقوة.
كان الصداع يمزق رأسها، وتتناوب في داخلها مشاعرٌ غامضة تقلب كيانها رأسًا على عقب. شعورٌ بالوحدة وسط عالمٍ فسيح، قلقٌ، و خوفٌ، وارتجاف.
و بقايا ذكرياتٍ من ماضٍ لا تذكره كانت تلاحقها بإصرارٍ مؤلم.
لكن ما حيرها هو كيف يمكن لإيرميت أن يبدو هادئًا إلى هذا الحد.
وربما، وربما فقط، كان له علاقةٌ – ولو يسيرة – بماضيها الذي لا تتذكره.
دون وعيٍ منها قبضت على طرف ثوبه، فراقبها بعينين فاض منهما قلقٌ مكتوم، قبل أن يهمس بصوتٍ خافتٍ وحنون،
“انتظريني لحظة، أنا آسف.”
“….…”
ثم أرخى ذراعيه اللتين كانتا تطوقانها. ففتحت عينيها تنظر إليه وكأنها فقدت آخر خيطٍ تتشبث به.
و انعكست في عينيها المبللتين لمعانٌ حتى وسط العتمة.
ثم مدّ إيرميت يديه بحذرٍ خلف عنقها وتحت ركبتيها. وفجأةً وجدت نفسها بين ذراعيه، مرفوعةً عن الأرض. فاتسعت عيناها دهشةً. و غريزيًا، طوقت عنقه بذراعيها.
كان الأمر غريبًا عليها، أن تُحمَل هكذا وسط الظلام، وفي غرفةٍ ليست واسعةً أصلًا، لكن المسافة من العتمة إلى الضوء بدت طويلةً على نحوٍ غريب.
وما إن خرجا إلى المكان المضاء حتى شعرت بأن حالها أفضل بكثير. و لحسن الحظ كان الوقت متأخرًا، فلا أحد حولهما تقريبًا.
ثى سألها بصوتٍ هادئٍ منخفض،
“هل أنتِ بخير الآن؟”
“نعم، آسفة…..أنتَ متعبٌ الآن، أليس كذلك؟”
“إن كنتِ تُعتبرين ثقيلة، فلا شيء خفيفٌ في هذا العالم يا إيفيريا.”
قال إيرميت ذلك بنصف ابتسامةٍ متعجبة، وكأنه ما زال غير مقتنعٍ بأنها تتغذى جيدًا أصلًا.
نعم، كان لديه سببٌ وجيه لاهتمامه المفرط بطعامها.
ظلت إيفيريا ساكنةً بين ذراعيه حتى استعادت قوتها. و لو أمكنها، لبقيت هكذا إلى الأبد. بين ذراعيه تشعر بالأمان، و بالثبات.
رفعت عينيها نحوه و تحدّثت بخجلٍ خفيف،
“سأردّ لكَ الجميل يومًا…..حتى لو اضطررتُ لاستخدام السحر لحملكَ.”
“سأنتظر ذلك.”
ابتسم إيرميت، فارتسم دفءٌ ناعم على وجهه.
و قررت في داخلها أنه بعد انتهاء المهرجان، ستتدرّب على استخدام السحر لرفع الناس وحملهم. فابتسمت لنفسها وأغمضت عينيها بهدوء.
***
في تلك الليلة، ما إن عادت إيفيريا إلى مسكنها حتى اغتسلت ثم سقطت في النوم مباشرة.
كانت متعبةً إلى حد أنها ظنت أنها ستنام حتى الظهيرة، لكن عندما فتحت عينيها كان الصباح قد حلّ كعادته.
اليوم الثاني من التصفيات النهائية لم يكن أقل ازدحامًا من الأمس، لكن حالتها كانت أفضل بكثير.
اختبرت تدفق سحرها في جسدها فوجدت أن طاقتها تتجدد بسرعةٍ ملحوظة. وبينما كانت تستعد للخروج بسرعة، سُمِع صوتٌ خفيفٌ عند الباب. جرّ شيءً على الأرض، تبعه اهتزازُ حقيبة، ثم خطواتٌ صغيرة متعجلة.
بينما كانت سينثيا تركض نحوها، بشعرها البني يتطاير خلفها.
“إيفيريا! لقد مرّ وقتٌ طويل! اشتقتُ إليكِ!”
“……وأنا أيضًا.”
بوجودها امتلأت الغرفة التي بدت ناقصةً بشخصٍ واحد فقط. و لم تكن مدة غيابها عن الأكاديمية طويلة، لكنها بدت كأنها دهر.
تبادلت الفتاتان حديثًا قصيرًا عن أحوالهما، وبينما كانت إيفيريا تساعدها في ترتيب أغراضها سألتها،
“هل ستشاركين في المهرجان هذه المرة؟ لن تعودي إلى منزلكِ؟”
“لا…..يجب أن أعود بعد غدٍ مجددًا.”
ظهر الحزن على وجه سينثيا، فتبادلت معها إيفيريا النظرة ذاتها.
لقد كانت صديقتها مشغولةً جدًا هذه الأيام، حتى أنها بدت على وشك الإنهاك.
و كانت ترتب ملابسها بعجلةٍ ظاهرة.
“كنت أود حقًا مشاهدة مباراتكِ..…”
“هذا مؤسفٌ فعلًا.”
أجابت إيفيريا بصدقٍ وابتسامةٍ دافئة. بينما تدليا حاجبا سينثيا بأسى وهي تتنهد.
وبعد أن أنهتا ترتيب الحقائب، خرجتا معًا من الغرفة.
كانت أول مباراةٍ لإيفيريا في وقتٍ مبكرٍ من بعد الظهر.
ولأجل سينثيا، التي تحب مشاهدة المباريات دومًا، قررت أن تُمضي ما تبقى من وقتها في متابعة مباريات قسم السحر.
لم تكن من الذين يستمتعون بمشاهدة الآخرين عادةً، لكنها شعرت أن هذه المرة مختلفة — فربما تتعلم شيئًا من مراقبة أساليب الطلاب الآخرين.
تحركتا باكرًا واستطاعتا الحصول على مقعدٍ ممتاز. و قد كان الجو رائعًا اليوم — صافٍ بلا غيوم، مشرقٌ حدّ الإبهار، وإن كان الحرّ خفيفًا على من يبقى في الخارج طويلًا.
خلعت إيفيريا المعطف الذي جلبته تحسبًا للبرد، ووضعته على رأسها لتتقي به من أشعة الشمس القوية.
و ضحكت في نفسها حين أدركت كم كانت مبالغتها في الخوف من البرد سخيفة. يبدو أنها لا تملك موهبةً التنبؤ بالطقس.
قبل بدء المباراة، ألقت نظرةً حولها. و كان هناك الكثير من النبلاء، وأشخاصٌ من بلدانٍ متعددة. وكان أغلب الضيوف القادمين من الخارج طلابًا من أكاديمية هوريتين.
نظرت إيفيريا نحوهم للحظة، ثم أعادت بصرها إلى الساحة. بينما عادت سينثيا وهي تحمل بعض الوجبات الخفيفة بعد أن ذهبت لشرائها.
لكن الحرارة أفقدت إيفيريا شهيتها. وبرغم أنها لم تتناول فطورها، إلا أنها بدأت تقضم الطعام ببطءٍ استجابةً لإصرار سينثيا على أن تملأ بطنها ولو قليلًا.
وفجأة، ارتفع ضجيجٌ مفاجئ من حولهما…..
________________________
يانااااااس سينثياا ورعتي حتنى اشتقتلها😔
ايرميت ياجنتللللللل الشيله حلوه😭🤏🏻
اول سي ضمها ثم قعد يتدلع وهو يدغدغ خده بشعرها ثم طبطب عليها ثم شالها✨
لا وقبل يشيلها قال آسف ! اولاو يالجنتله
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 88"