وكما في كل عام، اقترب يوم افتتاح المهرجان دون استثناء.
مهرجان أكاديمية لاكانيل كان يحمل طابعًا تقليديًا متوارثًا، لذا ظلّ هيكله العام مشابهًا للعام السابق.
لكن لسوء حظ إيفيريا، كان دورها هذا العام في اليوم الثاني من المهرجان، مما يعني أن وقت استعادتها للطاقة السحرية قبل خوض النهائيات سيكون أقصر.
ومع ذلك، لم يكن لذلك تأثيرٌ يُذكر على إيفيريا في حالتها الراهنة.
اجتازت التصفيات بسهولة. وبعد أن تركت خلفها فضول الأساتذة واقتراحاتهم المتعلقة بمستقبلها، توجّهت مباشرةً إلى السكن.
كانت تنوي قضاء المساء بهدوءٍ في مراجعة بعض الحسابات السحرية ثم النوم مبكرًا استعدادًا للغد، حيث تبدأ المنافسات الرئيسية.
و لو أن سينثيا كانت تفتتح جناحًا في المهرجان، لذهبت لمساعدتها بلا تردد، لكنها كانت مشغولةً جدًا حتى أنها لم تستطع المشاركة في أي نشاط.
فقد كان من المقرر أن تنضم إلى شركة والديها التجارية في السنة الرابعة لتعمل معهم، ولهذا كانت تغيب كثيرًا عن الأكاديمية هذه الأيام لتتعلم ما يمكنها تعلمه مسبقًا.
بعد تناول العشاء في السكن، أوصلت إيفيريا إيرميت إلى موقع التصفيات. و شعرت بالفخر لأنها تشارك جدول أعماله وترافقه في يومه.
وفي طريق عودتها إلى السكن، توقفت في المكتبة لتتأكد من جدول المواجهات الذي نُشر حديثًا.
وقبل أن يزدحم المكان بالطلاب، ألقت نظرةً سريعة عليه، ولاحظت أن طلاب السنة الرابعة لم يشاركوا هذا العام في مسابقة قسم السحر. وكان أول خصمٍ لها طالبًا مستجدًا من السنة الأولى.
ازدادت قوتها السحرية كثيرًا، لكنها لم تكن متأكدةً من الحدّ الذي يجب أن تُظهره.
و لم يكن من المنطقي أن تستخدم قدرًا من السحر يتناسب مع مستواها السابق، لكن ما كانت تفكر به هو: هل عليها أن تُظهر قوةً خفيفة تكفي لإنكار أي شبهة، أم أن تتوقف عن التظاهر وتُبرز قوتها كاملةً ما دامت الاتهامات حتمية؟
الخيار الثاني لم يكن من طبعها، ومع ذلك بدا أكثر ما يجذبها الآن.
لكنها لم تتلقَّ بعد أي خبر من سيد برج السحر. وبما أنه لا يستطيع إخبارها بوضعه علنًا، كانت تتابع الأخبار من الصحف يوميًا. وحتى الآن، لم يُذكر أي شيءٍ متعلقٍ به.
إن كُشف ارتباطها به في مثل هذا الوقت، فقد يشكّل ذلك عبئًا ثقيلًا عليه. وإيفيريا، التي لم تكن يومًا عبئًا على أحد، لم تستطع تقبّل فكرة أن تكون سببًا في متاعب شخصٍ كهذا.
كانت تعلم أن موضوع طاقتها السحرية المرتفعة، وكذلك اهتمامها المتزايد بالسحر الذهني، سيجعلها يومًا ما سببًا لمشكلةٍ تمس برج السحر، لكنها أرادت تأجيل ذلك قدر الإمكان.
لم تتحدث كثيرًا عن زيارتها للبرج خلال العطلة، لكنها لم تُخفِها أيضًا، ولهذا فإن أي شكوكٍ تُثار حول سحرها ستنعكس بالضرورة على سيد البرج.
وإن بدأت السلطات بالتحقيق بعمق، فسيتم ذكر اسمه لا محالة، إذ تراكمت بينهما خلال الفترة الماضية نقاط تواصلٍ كثيرة تجعل الفصل بينهما صعبًا.
كانت إيفيريا تفكر بكل هذا بينما تمضي بخطى ثابتة نحو السكن.
كانت تعلم أن المنافسات مليئة بالمتغيرات، وأن الخطط نادرًا ما تسير كما وُضعت، لكنها اعتادت رغم ذلك على ترتيب أفكارها مسبقًا.
قرب المكتبة التي وُضعت فيها جداول المواجهات، كان الطريق المؤدي إلى السكن يمر بجانب نُزلٍ مخصص للضيوف من خارج الأكاديمية — من طلاب أكاديميات أخرى ومبعوثي العائلات النبيلة والمؤسسات الرسمية.
من خلف السور القصير والبوابة المغلقة، كانت تتسرب أصوات أحاديث وضحكاتٍ خافتة.
تمامًا كما أقامت هي العام الماضي في نُزل أكاديمية هوريتين أثناء مهرجانهم، لا بد أن طلاب هوريتين وغيرهم يقيمون الآن هناك.
نظرت إلى المكان للحظة ثم حولت نظرها لتتابع طريقها. وفجأة، سمعت صوتًا مألوفًا يناديها،
“هل أنتِ إيفيريا؟”
“…..تشرفت برؤيتكِ، صاحبة السمو الأميرة.”
تأكدت من هوية من نادتها، فانحنت قليلًا لتحييها باحترام.
كانت الأميرة قد طلبت منها في الماضي أن تتحدث إليها براحة، لكن إيفيريا كانت تدرك أن التعامل بسهولة مع أحد أفراد العائلة الإمبراطورية أمرٌ لا يُمكن فعله فعلًا.
كالعادة بدا على الأميرة بعض الارتباك، فرفعت إيفيريا رأسها ببطءٍ لتقابل نظراتها. و كانت الأميرة تعبث بخصلات شعرها الذهبي ثم ابتسمت برقة.
“لدي ما أقوله لكِ يا إيفيريا.”
“…….”
“هلّا تذهبين معي إلى غرفتي؟ يبدو أن ما أريد قوله….يصعب الحديث عنه هنا.”
نظرت الأميرة حولها وهي تمد كلماتها قليلاً، فتبعتها إيفيريا بنظرةٍ سريعة إلى الأرجاء.
كان المكان هو الطريق المار أمام مقرّ الضيوف، ورغم أنه بدا خاليًا من الناس، إلا أن الحقيقة أن كثيرين كانوا يراقبونهما بتركيزٍ شديد.
فترددت إيفيريا لحظة قبل أن تجيب.
“نعم، كما تأمرين.”
“ربما أطلب منكِ أمرًا صعبًا، لكنني شاكرةٌ لكِ.”
انعطفت عينا الأميرة، اللتان كانتا تبدوان حادتين من الوهلة الأولى، بلطف، فابتسمت إيفيريا بدورها وتبعت الأميرة التي كانت تقودها إلى الداخل.
وما إن عبرتا سور المقر حتى خيّم الصمت على أولئك الذين كانوا يتحدثون بنشاطٍ قبل لحظات، إذ أخذوا يختلسون النظرات نحوهما بوجوهٍ يملؤها الفضول، وإن لم يتجرأ كثيرٌ منهم على التحديق مباشرة.
ورغم أن عدد النظرات الموجهة إليها لم يكن كبيرًا في الظاهر، إلا أن شعورها بها كان واضحًا ومزعجًا، فبدت ابتسامة إيفيريا على شفتيها متكلفة بعض الشيء.
دخلت مع الأميرة إلى الداخل، ولم تتكلم حتى جلستا في مكانٍ مناسب.
لقد كان يبدو عليها التفكير العميق.
و سرت بينهما لحظة صمتٍ محرجة. فمع أن بينهما معرفةً سابقة، إلا أن الأميرة ما زالت شخصيةً مهيبة وصعبة التعامل.
فشعرت إيفيريا وكأنها تجلس على حصى حادةً لا على أريكةٍ وثيرة.
ثم رفعت الأميرة نظرها إلى إيفيريا وقد بدا أنها أنهت ترتيب أفكارها، لكنها لم تدخل في صلب الموضوع مباشرة.
“هل تشربين الشاي؟”
“……هل أُحضره أنا؟”
كانت إيفيريا تدرك أن السؤال مجاملةً لا أكثر، لكنها لم تستطع طرد القلق الذي يخالجها، فكانت تفكر مليًا في كل كلمة وكل حركة حتى لا تُسيء دون قصد.
كانت تعلم أن مهارتها في إعداد الشاي سيئة إلى حد أن من يتذوقه قد يعتبرها محاولة اغتيال.
ثم تحدّثت الأميرة بصوتٍ هادئ تحاول به تبديد توترها،
“لو رأت صديقاتي أنكِ في غرفتي الآن، لمتن غيرةً منّي.”
“……إنه لشرفٌ كبيرٌ لي.”
لقد سمعت كلامًا شبيهًا بهذا من قبل، ربما من أولئك الذين استخدموا نفوذهم لمجرد أن يروها عن قرب.
اعتدلت إيفيريا في جلستها واكتفت بابتسامةٍ خفيفة.
بينما أمالت الأميرة رأسها وهي تضحك بخفة، تمرر أصابعها في شعرها مرات عدة، وقد بدا في حركتها بهجةً لا ضيقًا. و بدا أن ما قيل عن تعاملها الودي مع طلاب أكاديمية هوريتين لم يكن مبالغة.
“أتدرين ما الذي قالوه لي بعض صديقاتي حينها؟ قلن أنني «ترقيت». تخيلي! وأنا الأميرة أصلًا. على كل حال، كفى حديثًا فارغًا كهذا.”
بدت على وجهها لمحة ضجرٍ وهي تتذكر من قال ذلك، ثم سرعان ما استعاد وجهها لطفه واتسعت عيناها الزرقاوان، اللتان تشبهان عيني ولي العهد في بريقهما.
وأدركت إيفيريا أن كل هذا لم يكن سوى تمهيد للحديث الحقيقي، فتحدّثت بصوتٍ هادئ لا بطيء ولا متعجل،
“تفضلي بالكلام يا صاحبة السمو.”
“……صحيح. حان وقت الحديث في صلب الموضوع. لكن المدهش أن كل ما قلته حتى الآن كان صدقًا.”
اصطدمت نظرتاهما الزرقاوان في الهواء، مختلفتان في التفاصيل لكن متشابهتان في جوهر لونهما.
حرّكت الأميرة أصابعها، فارتفعت ببطء أباريق الشاي والفناجين وجاءت لتحط أمامهما. و حدقت إيفيريا بدهشة، إذ لم تكن تعلم إن كان مسموحًا باستخدام السحر داخل مقرّ الضيوف.
أغمضت عينيها قليلًا محاولةً أن تتحسس تدفق الطاقة حولها، فشعرت بأن شيئًا ما يمنع تسرب السحر خارج الغرفة. و على الأقل، ما يُستخدم هنا لا يتجاوز حدود هذا المكان.
وهذا يعني أن استخدام السحر هنا مسموحٌ به. و حين أدركت ذلك، شعرت إيفيريا بأن توترها ينخفض قليلًا دون أن تدري.
صحيح، لم تكن الأميرة من النوع الذي يتعمد خرق القوانين، بل لو شاءت لغيّرت القاعدة نفسها.
صبّت الأميرة الشاي بعناية في الكوبين الموضوعين أمامها وأمام إيفيريا، ثم حرّكته برفقٍ بملعقةٍ فضية صغيرة. و ارتشفت منه رشفةً خفيفة لترطب حلقها، ثم فتحت الحديث.
“لقد جئتُ بأمر من جلالة الإمبراطور. كان أخي ولي العهد لا يرغب في المجيء إلى لاكانيل، لذا أُرسلت أنا بدلاً منه. و في الحقيقة، حتى لو جاء بأمر الإمبراطور، لكنتُ أتيت على أي حال.”
“…….”
مرّت في عيني الأميرة ومضات من مشاعر قاتمة — نفور، ضجر، ونفحةٌ خفيفة من الكراهية، إضافةً إلى شظايا مشاعر أخرى مبهمة.
تساءلت إيفيريا عمّن كانت تلك المشاعر موجّهةً إليه تحديدًا، لكنها لم تسأل. فلم يكن بوسعها تقديم العون مهما عرفت، والأسوأ أن الحديث في مثل هذه الأمور قد يعرّضها للخطر، فالعين والآذان في كل مكان، وهناك ألف طريقةٍ لإيذاء شخص لا يملك سلطةً يحتمي بها.
رفعت إيفيريا كوبها بحذر وارتشفت منه قليلًا، و كان الطعم دافئًا وفيه مرارةٌ خفيفة، ثم وضعته على الطاولة دون أن يُصدر صوتًا، محدقةً في الأميرة.
أميرةٌ جاءت إلى أكاديمية لاكانيل بأمرٍ من الإمبراطور، وبرج السحر الذي يرتبط بالإمبراطورية…..لم يكن من الصعب تخمين أن بين الطرفين شيئًا ما يجري في الخفاء.
تحدّثت الأميرة بصوتٍ منخفض وهي تأخذ نفسًا قصيرًا،
“هناك أمران رئيسيان أريد أن أنقلهما إليكِ من خلال هذا الحديث.”
حبست إيفيريا أنفاسها، وبدت ملامح التوتر على وجهها.
“أولًا، جلالة الإمبراطور يعتبر أكاديمية لاكانيل وسيلةً للرقابة والموازنة. كما تعلمين، السحر بطبيعته هكذا: إن لم يُحدّد له مجالٌ واضح للظهور، فإنه يتجلى حول الساحر نفسه. أما السحر المتولّد بصورةٍ طبيعية، فيظهر حول من تأثر به أكثر من غيره.”
تدفقت المعلومات في ذهن إيفيريا بسرعة، وقد كانت الجملة الأولى وحدها كافية لتثير دهشتها.
____________________________
وش يبي الامبراطور منها بعد بعدوا لو صارت دوقه ان يوريكم إيرميت شغلكم
الاميره كيوته بس شكل ابوها زفت😔
المهم ايريميت وينهو ماجا يشجع حبيبته في مباريتاها؟🤨 ابي التفاصيل
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 85"