كانت تستيقظ في الصباح لتتناول إفطارها الذي يدمج وجبة الغداء، ثم تخصص وقتاً للدراسة الشخصية حتى وقتٍ مبكر من بعد الظهر.
في الحقيقة، كان هذا الوقت ليس للدراسة فقط، بل أيضاً للاستمتاع ببعض أوقات الفراغ.
لكن إيفيريا كانت تركز على الدراسة طوال الوقت، باستثناء اللحظات التي تلتقي فيها بإيرميت.
وقد خصصت جلّ وقتها لمراجعة ما ستدرسه في الفصل الدراسي الثاني مسبقاً.
و من بعد الظهر المبكر، كانت تساعد في شؤون البرج المختلفة. ونظراً لأنها لم تكن بعد ضمن أعضاء البرج، فقد وُكّلت إليها مهامٌ يمكن للزائرين الخارجيين الاطلاع عليها. وكانت مهامها تشبه إلى حدٍ كبير ما يُكلف به السحرة الجدد في البرج.
مهما بدا مستوى المهام مبتدئاً، فإن عمل سكان البرج كان يتسم بالتعقيد، ويستلزم حساباتٍ دقيقة.
وكان للمهام في البرج خصوصية؛ فكلما كانت المهمة أساسيةً وبسيطة، ازدادت الحاجة للحسابات الدقيقة، أما في المراحل الأعلى فكانت تشمل جمع البيانات وصياغة صيغ جديدة، مما يتطلب التفكير الشخصي واتخاذ القرار.
في هذا الجو، شعرت إيفيريا بتطور قدراتها الحسابية في الوقت الفعلي.
وبعد أن غرقت في الأرقام طوال النهار، كانت تمضي إلى التدريب مع سيد البرج بعد العشاء.
كان التدريب يتركز أساساً على تعلم السيطرة على السحر العقلي، لكن أحياناً كانت تتدرب على السحر العادي أيضاً.
وعندما كان سيد البرج مشغولاً، كانت تتدرب بمفردها أو تقضي بعض وقت فراغها.
و في الليل، لم تكن هناك أي جداول إضافية، فكانت إيفيريا عادةً تقرأ الكتب أو تُكمل دراستها النهارية.
وكان بإمكانها مقابلة إيرميت في كثير من الأوقات، بل يمكن القول أنه كان يلازمها طوال اليوم تقريباً. سواءً أثناء الطعام أو العمل أو الدراسة أو ممارسة السحر، كان يجلس إلى جانبها.
لو لم يكن يعرف أنها ساحرةٌ عقلية، لربما جلس بعيداً عنها أثناء التدريب المسائي، لكنه كان على علمٍ بذلك بالفعل.
ضحكت إيفيريا ساخرَة حين سمعت طرق الباب من الخارج.
“إيفيريا، استيقظتِ؟”
اعتاد إيرميت على طرق الباب حين تكون على وشك الانتهاء من تنظيف أسنانها، فتستعجل لإتمامها وارتداء ملابسها قبل أن تفتح له الباب.
واليوم لم يختلف عن المعتاد. و سرعان ما أتمّت إيفيريا زرّ الأزرار وفتحت الباب. فامتلأ مجال رؤيتها بوجه إيرميت المبتسم، الذي بدا مشرقاً لدرجة أن الوقت الصباحي بدا وكأنه بلا تأثيرٍ عليه.
تحسست إيفيريا وجنتيها المنتفختين قليلاً بيدها، فهما أكثر ليونةً مقارنةً بمساء الأمس، ومع أن الانتفاخ سيزول مع مرور الوقت، شعرت بالحزن قليلاً.
راقب إيرميت تصرفها وكأنه يجد فيه طرافة، ثم حيّاها بوجهٍ مبتسم،
“صباح الخير.”
“صباح الخير.”
تراجعت إيفيريا قليلاً جانباً، فدخل إيرميت الغرفة دون أي تردد.
كانت بداية يوم عاديةٍ كالمعتاد.
أحياناً كان ينظر إليها بإحساسٍ بالدفء يفوق التكيف، و ليس مجرد دفء، بل نظراته المليئة بالمحبة كانت تثقل على قلبها.
وهكذا، بعد أن أنهيا وجبتهما البسيطة، شرعت إيفيريا بالدراسة، وجلس إيرميت إلى جانبها.
في غرفتها كان يوجد كرسيٌ واحد فقط، لكن بفضل حضوره المتكرر أصبح هناك كرسيٌ إضافي.
كانت تشعر بالعيون الموجهة نحوها باستمرار. و فكّرت بجدية فيما إذا كان يمكن للعين أن تمارس تأثيراً مادياً.
و لم تعتقد يوماً أن تركيزها ضعيف، لكن وجوده إلى جانبها كان يشتت انتباهها بشكل كبير.
ثم حين نظرت إليه، ارتسمت على وجهه ابتسامةٌ رقيقة،
“لا تقلقي، تابعي دراستكِ.”
“…….”
“أنا سعيدٌ لمجرد أن أراقبكِ.”
شعرت بشعورٍ غريب من الذنب، فلم تعد قادرةً على التركيز على كتابها.
وبينما كانت قلقةً ومشتتة، ظل إيرميت يحدق فيها بلا كلل. وكانت نظراته تشبه تماماً تلك التي تلقيها على الأستاذ أثناء الحصة، تتبع كل حركة، تراقب بتركيزٍ مرعب.
تمنّت لو أن مشاعر إيرميت تظهر فقط في العينين، لكن حضور إيرميت جسدياً جعلها تدرك أنه يلاحظها في كل حركة.
كان شعوراً بالظلم، ومختلطاً بالذنب في الوقت ذاته.
في يوم عطلة جميل، أن يكون الحبيب محبوسًا في الداخل لا يفعل سوى مراقبتها أثناء الدراسة…..أليس هذا أسوأ ما يكون؟
إيفيريا لم تستطع أن تلتقي بعيني إيرمِيت، فاكتفت بالتحديق في الكتاب الموضوع أمامها.
وبينما تلمح بطرف عينها، رأت يده مستندةً إلى ركبته. فمدّت يدها بخفة وأمسكت بيده، فارتفع بجانبها صوت كتمان ضحكة.
ثم رمقت ملامحه سريعًا، لكن عينيه التقتا بعينيها مباشرة، فما كان منها إلا أن رمشت مرارًا وثبّتت نظرها إلى الأمام.
ابتسم إيرمِيت مجددًا ثم شبك أصابعها بقوة بين يديه. و قبض عليها بإحكام دون أن يؤلمها، ومع ذلك لم تلتفت إيفيريا ناحيته.
بدا على وجهه طابعٌ من المزاح، ثم رفع يديهما المتشابكتين ووضع شفتيه على ظهر يدها قبل أن يرفعها.
فاتسعت عيناها متفاجئة، وغمرها احمرارٌ خجول لا حيلة لها في إخفائها.
ثم تمتم إيرمِيت وكأنه متذمر،
“لقد فعلتِ ما هو أكثر من هذا من قبل..…”
كأنما يعاتبها: كيف تبالغين في ردّة الفعل على مجرد هذا القدر من التلامس؟
فشعرت إيفيريا بحرارة تتصاعد إلى وجنتيها.
‘ماذا أفعل بهذا الرجل يا ترى؟’
“…..سيد، أنت تثير استيائي حقًا الآن.”
“انظري إلى وجهي، وسيزول عنكِ الغضب.”
يا له من وقحٍ واثقٍ بنفسه.
نظرت إليه بنظرةٍ جانبية لا تخلو من الدلال، ثم ضربت ركبته بخفة بيدها المشبوكة بيده.
كانت حركةً أقرب إلى الدلع منها إلى الضرب، حتى إن إيرمِيت لم يشعر بها إلا بالكاد. لكنه اكتفى بالضحك.
تمنت إيفيريا أن تراه مرتبكًا لمرة، فعضّت شفتيها من الداخل بخفة. ثم انحنت قليلًا نحوه وطبعَت قبلةً سريعة على وجنته.
وحين بادرت هي باللمس، اكتشفت أن الأمر أقل ارتجافًا مما ظنّت وهي المتلقية. فابتسمت بعينيها وبدأت تضغط بأصابعها على خده.
“…..آه.”
فرمشَت عيناه البنفسجيتان مراتٍ وهو يحدّق فيها بدهشة.
كان منظره بخده المضغوط قليلًا وعينيه المندهشتين غايةً في الجاذبية. فلم تتردّد في مداعبة وجنته بأصابعها بين الإبهام والسبابة.
‘حتى بشرته ناعمة.’
عندها شعرت أن العالم ظالمٌ حقًا.
أعادت جلستها قليلًا واقتربت أكثر من وجهه. و أمسكت وجهه براحة يدها، واقتربت منه بحذر.
هذه المرة التقت شفتاهما. وكانت قبلةً طويلة على بساطتها، ثم لم تتركه قبل أن تمنحه قبلةً خاطفة أخرى.
وشهدت بعينيها ابتسامة إيرمِيت المعتادة، ابتسامةُ الواثق الماكر، وهي تختفي تمامًا عن وجهه لأول مرة.
رفع يده يحجب بها فمه. بينما احمرّ وجه إيفيريا هي الأخرى، غير مصدقة ما فعلته بتلك العفوية الجريئة.
أخذ يمرّر أصابعه في شعره مرارًا، ثم مال بجسده نحوها.
وفجأة أحست بثقلٍ على كتفها؛ فقد أسند رأسه إليها.
“…..هذا ثقيل.”
“فقط للحظة…..تحمّلي.”
كان صوته مبحوحًا بعض الشيء.
ثم شعرت أنه يضغط عليها بوزنه كله، أو لعل أفكارها المثقلة هي ما جعلته يبدو بهذا الثقل.
أدارت رأسها نحوه بهدوء، فرأت شعره الفضي يملأ مجال رؤيتها.
“أنتِ قاسيةٌ عليّ أكثر مما أحتمل..…”
لكن من بدأ المزاح أولًا؟ أليس هو؟
ابتسمت بخفة وقد غمرها إحساسٌ بالرضا. فمدّت يدها التي كانت ممسكة بالقلم آنفًا ومرّرت أصابعها في شعره.
‘يا له من ملمس ناعم.’
كيف يمكن لشخص أن يكون كاملًا حتى في خصل شعره؟ لو كان ناقصًا في شيء لكان أهون.
وأثناء شرودها، وضعت رأسها فوق رأسه برفق. ففتح عينيه متفاجئًا، ثم ابتسم وأغلقهما بهدوء.
هكذا مرّت لحظات النهار في سكون وطمأنينة.
لكن مع انقضاء تلك السكينة، شعرت إيفيريا وكأنها محاصرةٌ داخل سجن من الأرقام. فالواجبات الروتينية، وما يوكله إليها سيد البرج من مهام، وفوق ذلك طلبات السحرة الخاصة…..كلها أحاطت بها كقضبان لا فكاك منها.
حتى الآن، كان أحد السحرة يقترب من إيفيريا بصمت وهو يمد إليها معادلاتٍ تحتاج إلى حل.
“هل يمكنكِ حساب هذا من فضلكِ؟”
“نعم، لحظةً واحدة فقط.”
أجابت إيفيريا بشكل اعتيادي.
كان الأمر يجعلها تشعر وكأنها آلة حاسبة، أو أداة سحرية لا أكثر. و الشيء الوحيد المريح هو أن سحرة البرج كانوا يحاولون بطريقتهم ردّ الجميل لها، سواءً بجلب أطعمة خفيفة أو بإهدائها أدواتٍ سحرية متنوعة.
صحيحٌ أن أسلوبهم لم يكن مثاليًا، لكنهم لم يبدون أشخاصًا سيئين إلى ذلك الحد.
أطلقت إيفيريا تنهيدةً خفيفة وهي تحدق في الأكوام المكدسة بجانبها من الأشياء، لا تقل عن كثرة الملفات التي أمامها.
ثم وضعت نظارتها التي تركتها للحظة على الطاولة، وحدقت في الجبل المتراكم من المعادلات أمامها.
وحين نظرت بطرف عينها، رأت إيرمِيت هو الآخر منشغلًا بكتابة شيء بجدية.
شعرت إيفيريا بالذنب تجاهه. فقد كان في البداية حجم العمل ضئيلاً للغاية، لكن بعد مرور أسابيع صار يفوق الحد.
بل إنها كانت واثقةً أن ما تعالجه من مهام يفوق بكثير ما ينجزه سحرةٌ آخرون في البرج ممن يقومون بعمل مشابه.
_________________________
ياناس مومنتاتهم كيوووووت ما اصدق تصنيف الروايه 15 😭 عشان وش؟ بوسه عالطاير ويستحون و يعنز راسه على كتفها ثم تعنز راسها على راسه؟ معليه ياكفار
سحرة البرج شكلهم ماصدقوا يجيهم اكد يساعد قاموا يروحون لإيفيريا كل شوي 😂
معليه ان صارت الدوقه اتحداكم توصونها حتى هااااهاعاهاعاهاع
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات