اتسعت عينا إيفيريا. فلو تناولت العشاء معه، من المؤكد أنها ستُصاب بعسر هضم.
الاعتياد عليه أو الشعور ببعض الراحة تجاهه، شيءٌ مختلف تمامًا عن الجلوس معه لتناول الطعام.
كانت إيفيريا تمتنع عن الأكل عندما تشعر بالتوتر قبل الامتحانات أو العروض التقديمية. ومع ذلك، لم تكن تلك المواقف توتّرها بقدر ما يوتّرها التعامل مع الأمير نيسبيروس……
بدأت تشعر بالغثيان منذ الآن، وسألت بصوتٍ مرتجف،
“الـ……اليوم؟”
“لا، اليوم طبعًا مشمول……لكني أقصد كل يوم.”
تنفست الصعداء بداية، لكن سرعان ما صُدمت من الجزء الثاني من الجملة.
شعرت إيفيريا وكأن عقلها يكاد يطير من بين يديها، فحاولت الإمساك به.
“لن ترفضي، صحيح؟ إن رفضتِ، فسأحزن.”
“نـ، نـعم……”
أخرج الأمير نيسبيروس شفتيه بحركة دلع خفيفة، لكن لم يكن من الممكن لإيفيريا أن تلاحظ ذلك.
لقد أضيفت مهمةٌ جديدة إلى جدول إيفيريا لهذا اليوم، أن تذهب إلى العيادة المدرسية وتجمع كل أنواع أدوية الهضم والمعدة، وربما تُخرج جرعةً من جرعات الشفاء التي كانت تدخرها لفترة الامتحانات.
و لم تكن تملك الشجاعة لإخفاء ملامح وجهها، فحولت نظرها بعيدًا عنه.
***
تنهدت إيفيريا بعمق، ثم شربت دواءً لحماية معدتها.
في الأساس، لم تكن تتناول العشاء من قبل. لكن من الآن فصاعدًا، سيتوجب عليها أن تتناوله مع أكثر شخصٍ يُرهقها ويُشعرها بعدم الراحة.
بل الأدق، مع الشخص الذي عاملته هي بجحود، رغم أنه لم يستحق ذلك.
‘احتمال أن يكون هذا مجرد حلم……’
كانت تعلم أنه يقارب الصفر، ومع ذلك، ومن باب الأمل، قرصت إيفيريا خدّها. ولم تجنِ سوى ألم في خدّها دون أي فائدة.
فأصبحت أفكارها مشوشة. ربما عليها ألا تذهب، وإن سألها غدًا، يمكنها أن تقول أنها نامت فجأة.
أو ربما تدّعي أنها فقدت وعيها فجأة.
كان رغبتها في التهرب من الموقف قويةً إلى هذا الحد.
ثم أصلحت حذاءها وتوجهت نحو المطعم. فقد اتفقت مع الأمير نيسبيروس أن يلتقيا أمام المطعم.
حاولت أن تهدئ نفسها قائلةً أن ولي العهد نفسه قد أمر بالأمر، فلن تنتشر الشائعات بشكل علني. لكن مع ذلك، قد لا يكون من الممكن تفادي الهمسات والأنظار.
و شعرت وكأن الطريق المؤدي إلى المطعم أقصر من المعتاد هذا اليوم.
ثم أخذت تنظر حولها ببطء، محاولةً التأكد مما إذا كان الأمير نيسبيروس قد وصل أم لا. إن لم يكن هناك، فستعود فورًا إلى السكن، وستقول له غدًا أنهما قد انتظرا في اماكن مختلفة أو لم يلاحظا بعضهما.
في الحقيقة، كانت إيفيريا في حالةٍ غير طبيعية تمامًا. بل يمكن القول أن نصف عقلها على الأقل كان قد طار بالفعل.
لكن للأسف، خطتها المتهورة والعفوية لم تنجح. فقد فضح خصل شعره الفضي مكانه، حيث عكست الضوء بوضوح.
“إيفيريا، لقد أتيتِ، ما الذي تحبين أكله؟”
“آه……مرحبًا.”
“لم تبدين وكأنكِ خائبة الأمل؟”
“لا، لا مستحيل……خائبة الأمل؟ أبداً.”
حاولت إيفيريا إخفاء ملامح وجهها، وابتعدت عنه خطوتين. لكنه ما لبث أن قلّص تلك المسافة واقترب منها مجددًا.
ثم أمال رأسه بخفة، وكأنه طفلٌ بريء لا يدرك سبب تصرفاتها.
كان الضوء الخافت ينعكس على رموش الأمير نيسبيروس بطريقةٍ تبرز طولها.
كانت الشمس قد غربت بالفعل، ولم تكن العتمة الكاملة قد حلت بعد، فكان توقيتاً يصعب فيه إشعال الأنوار، لذلك لم يكن هناك من ضوء اصطناعي سوى الإضاءة الهادئة.
ولهذا السبب لم تستطع إيفيريا قراءة نظراته.
حينها، سألها مجدداً.
“حقاً الأمر ليس كذلك؟”
“نعم. ليس كذلك.”
“هم، فهمت.”
فُتح باب المطعم. و لم يتقدم الأمير نيسبيروس إيفيريا في الدخول. بل دخل الاثنان إلى المطعم جنباً إلى جنب، فكان من الطبيعي أن تتوجه إليهما أنظار الطلاب.
كانت نظراتٍ غير مرحب بها. فالأمير نيسبيروس والاهتمام، هما شيئان لا تحبهما إيفيريا.
حتى لو حاولت ألا تعير الأمر اهتماماً، كان وجهها يتجمد تلقائياً. فحاولت جاهدة أن تتحكم في تعابيرها.
“إيفيريا، ماذا تريدين أن تأكلي؟”
أما الرجل الجالس قبالتها، فبدا هادئاً تماماً.
تفقدت إيفيريا قائمة العشاء بصعوبة.
بدت كمية السلطة قليلة. وللأسف، لم تكن هناك أي أنواعٍ من الحساء.
“سآخذ سلطة.”
“حسناً.”
ولحسن الحظ، لم يتحدث الأمير نيسبيروس أكثر. لكنه ظل يراقبها بتلك النظرات المزعجة وكأنه يتفحصها.
بردت أطراف أصابعها تلقائياً. وكان قلبها ينبض بعنف. فجمعت يديها وبدأت تفركهما لتتجنب نظرات الأمير نيسبيروس.
ثم وصل الطعام. وبمجرد أن رأى الأمير نيسبيروس طبق إيفيريا، عبست عيناه بانزعاج.
فشعرت إيفيريا بتوتر قاتل.
“هل تشبعكِ الخضروات فقط؟”
“نعم. الخضروات لذيذةٌ فعلاً هذه الأيام.”
عضت إيفيريا شفتيها بقوة، وظهر على وجهها تعبيرٌ يوحي بأنها تود عض لسانها في تلك اللحظة.
كانت متوترةً لدرجة أن يدها التي أمسكت بالشوكة كانت ترتجف. و بصعوبة التقطت قطعةً من السلطة وأدخلتها في فمها.
من المؤكد أن المكونات كانت جيدة، ومع ذلك شعرت وكأنها تمضغ الرمل. فاهتز طرف عين إيفيريا وهي تبتلع السلطة بصعوبة.
رغم أنها لم تأكل سوى لقمةٍ واحدة، كانت تعرف بالفطرة أنها ستصاب بعسر هضم اليوم أيضاً.
وأثناء مراقبته لها وهي تأكل، أخذ بعض قطع اللحم التي أبقاها جانباً ووضعها في صحنها.
“كلي بعض اللحم أيضاً.”
أحكمت إيفيريا إغلاق فمها بما تبقى لها من عقل. فإن فتحت فمها، فقد تنفلت كلماتها دون تحكم.
ربما كانت ستتفوه بتفاهة مثل “إعطاء الطعام دون إذنٍ تصرفٌ عنيف”، أو حتى تشتمه شتماً قاسياً.
فحشرت ما تبقى من الطعام في فمها دفعةً واحدة وانحنت تحيةً له. بينما امتلأت وجنتاها وانتفختا.
ولم تستطع الكلام لأن فمها كان ممتلئاً. بلوّح لها الأمير نيسبيروس بصمتٍ هو أيضاً مبتسماً بعينيه.
عادت إلى السكن وشربت دواء الهضم مع جرعة تعافي. و شعرت أن الطعام قد وصل حتى حلقها.
ثم عادت مخاوفها عن الشائعات التي كانت قد تلاشت أمامه، بسبب خوفها الداخلي إلى حدٍ كبير.
و هكذا، كانت مضطرةً لتقبُّل الأمر يومياً.
***
رغم أن فترة الامتحانات كانت وشيكة، بدا الأمير نيسبيروس في غاية الانتعاش. و كان مختلفاً تماماً عن إيفيريا التي امتدت الهالات السوداء تحت عينيها حتى منتصف وجهها.
اقترب الأمير نيسبيروس منها بذلك الوجه الصافي.
“هل وصلتِ إلى السكن جيداً البارحة؟”
“نعم……”
ربما بفضل الجرعة، استطاعت أن تنام. حتى إن كان نوماً خفيفاً، فهو يبقى نوماً في النهاية.
خارج أوقات النوم، كانت إيفيريا تعاني من التوتر بسبب التفكير في تصرفاتها وفي الأمير نيسبيروس، حيث تمضي وقتها في الندم والقلق.
وللأسف، لم تكن الجرعة التي شربتها تملك القدرة على معالجة المشاكل النفسية أيضاً.
“وجهكِ شاحب. هل أنتِ متعبة؟”
“نعم.”
“هم، فهمتِ. هل تريدين هذه؟”
الشيء الذي مدّه نحوها كان قطعة حلوى تحتوي على الكافيين. فحدّقت إيفيريا بكف يده بنظرة لم تُفسَّر.
“لا، لا بأس.”
“حسناً. في الأصل، التعب يُعالَج بالنوم.”
سحب الأمير نيسبيروس قطع الحلوى كما لو كان يتوقع منها الرفض. ثم تغيّر موقفه بسرعة.
لقد كان سلساً ومراوغاً. و تصرفاته كانت دائماً تبدو بلا سياق، تحمل شيئاً من الدعابة.
حولت إيفيريا نظرها عنه ونظرت إلى الأمام.
ثم ألقى هو بكلمةٍ مفاجئة مرة أخرى.
“قلت لكِ أن ذاكرتي قوية، صحيح؟”
“هممم……نعم.”
“ألا ترغبين في معرفة سبب قولي لذلك؟”
دارت عينا إيفيريا بارتباك، وكانت ملامحها تشير إلى أنها لم تفهم المغزى من سؤاله.
ومع ذلك، وبما أنها كانت تشعر ببعض الفضول، أجابت إيفيريا بتهذيب رغم ترددها.
“نعم، أشعر بالفضول.”
“لن أخبركِ.”
ثم حدّقت إيفيريا به بعينيها الهادئتين.
كان الأمير نيسبيروس يملك موهبةً في قول المزاح وكأنه جادٌ تماماً. فلم تكن تستطيع قراءة تعابير وجهه الآن.
و كلما نظرت إليه، كان غالباً ما يبتسم، لكن تلك الابتسامة لم تكن تعبّر عن مشاعر واضحة.
على حدّ ما تتذكره إيفيريا، فمنذ أول لقاءٍ بينهما، منذ أن تحدث معها عن النظارات، وحتى الآن، لم تتغير نظرته ولا تصرفاته.
وهذا ما كان يربكها.
“نعم، لا تخبرني. لا بأس.”
ثم خفضت إيفيريا نظرها إلى الكتاب. دون أن تدري بأي نظرةٍ كان يحدق بها نحوها.
____________________
طيب علمنا انا😭
المهم ترنا في الفصل السابع بس واضح احداث الروايه هدوووء حقت روقان
والمسكينه بتقعد معه كذا غصب لفترة لين تتعود😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 7"