الإحساس المألوف تقدّم نحوها بلا تردّد. وبعد أن وصل، أعاد ستارة الشرفة ليغلقها تماماً بلا أدنى فجوة، في حرصٍ لا لزوم له.
لماذا…..بالذات الآن؟
حاولت إيفيريا أن تتراجع إلى الخلف دون وعي، لكنها كانت أصلاً ملتصقةً بالجدار.
“إيفيريا، ماذا تفعلين هنا.”
“……اذهب.”
لم ترفع وجهها، حتى مع نبرة صوته اللطيفة. بل كانت تلك اللطافة تزيدها غيظاً.
لا شك أن مظهرها كان في غاية السوء، ولم تكن تريد أن يراها على هذه الحال. أما هو فكان دوماً في صورة مثالية. و حتى الآن لابد أن شعره ووجهه على حالهما المعتاد، كاملين بلا خلل.
ألن تبدو هي رثةً أكثر بجانبه؟
لماذا كلما وقفت أمامه ظهرت أسوأ ملامحها؟ ولماذا يظهر هو دائماً في مثل هذه اللحظات بالذات؟
تراكمت في قلبها شكوى أخرى إضافية نحوه. لكنه، غير مبالٍ، تراجع خطوةً وأمال جسده قليلاً كأنه يحاول أن يرى وجهها.
“هاه؟ ماذا قلتِ؟ لم أسمع.”
“قلتُ….اذهبـ.…”
لكن كلماتها لم تكتمل. إذ أمسك بخديها بكلتي يديه وجعل وجهها يواجهه. و ورغم أنها رأت يديه تقتربان، لم تحاول الابتعاد.
لمسةٌ دافئة التصقت بخديها. كان الأمر أشبه بإعادة مشهد البارحة.
لأن لمسته حنونة…..ولأن حرارته مألوفة…..شعرت بالأسى.
وحين التقت من جديد بحدقتيه البنفسجيتين التي اعتادت عليهما، اجتاحها الحزن مرة أخرى.
و ما كادت توقف دموعها بصعوبة، حتى انفجرت ثانية.
“هـه.….”
“لا تبكي.”
“الأمر…..ليس بيدي.…”
نظرت إليه إيفيريا بوجهٍ يفيض بالمرارة.
أليس هو السبب في كل ذلك؟ دخل في حياتها، ثم يتكلم كثيراً. لو أنها فقط استطاعت أن تخيط فمه لارتاحت قليلاً.
ورغم الدموع، كانت عيناها الزرقاوان تلمعان بوضوح.
وبينما يحدّق فيها كالمسحور، ارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ طفيفة مائلة.
“لا، بل ابكي كما تشائين.”
“توقف عن النظر..…”
“أنتِ جميلة. فلا تقلقي.”
انعطفت عيناه البنفسجيتان في ابتسامة دافئة. ورغم الموقف، احمرّ وجهها لسماع كلمة “جميلة”.
ثم امتلأت عيناها بالدموع مجدداً. بينما كان ينظر إليها برضا.
ثم مدّ يده ومسح دموعها. فتصلبت كتفاها.
وبصوت فيه قليلٌ من الدعابة، همس في أذنها،
“أتدرين؟ أحياناً يكون الصواب أن تتبعي قلبكِ فقط.”
حدّق في زرقة عينيها المليئة به، ثم أزاح خصلات الشعر التصقت بوجهها، ومسح برفق ما التهب حول عينيها من بكاء.
كل ذلك أعجبه.
أعجبته إيفيريا التي تنشغل به بوضوح، وأعجبته مشاعرها المضطربة بسببه.
ثم بصوتٍ أكثر انخفاضاً، وكأنه سرّ لها، تحدث قرب أذنها،
“هذا يعني…..أنكِ الآن تسمحين لي بأن أفعل ما أشاء.”
ارتجفت إيفيريا عند المفاجأة، ثم حين فهمت مراده، اتسعت عيناها دهشة.
‘اتباع القلب…..’
وكان أول ما خطر لها أنها لم ترد أن يظل وجهه ضبابياً بسبب دموعها.
فمسحت عينيها، ثم نظرت إليه مباشرة.
أضواء الأرض تلك انعكست على ملامح وجه الأمير نيسبيروس. وعلى عكس إيفيريا، التي كثيراً ما ظهرَت أمامه في هيئة محطّمة، كان هو دائماً أنيقاً بلا شائبة.
حين بان وجهه ضاحكاً كعادته، رغبت في الاستمرار بالنظر إليه…..لكنها ما لبثت أن شعرت بالغيظ منه فجأة، ثم عادت لتودّ النظر ثانية، وهكذا تكرر رفع رأسها وخفضه.
“……هل أستطيع أن أصفعكَ مرةً واحدة فقط؟”
خرج صِدقٌ لم تستطع كتمانه من بين شفتيها. وما إن نطقت به حتى وضعت يديها على فمها مرتبكة أكثر مما ينبغي.
ففوجئ هو بالكلام للحظة،و اتسعت عيناه قليلاً، ثم انفجر بابتسامة مشرقة.
“طبعاً.”
“……حقاً أستطيع أن أفعل ما أشاء؟”
“نعم.”
ارتسم قوس رقيقٌ على شفتيه، بل ومدّ ذراعيه كأنه يقول: اضربي إن شئتِ، أو ارتمي في حضني إن أحببتِ.
فابتلعت إيفيريا ريقها.
كان النسيم العليل يبعثر خصلات شعره ببطء شديد بدا كأنه يتعمد التمهّل. و كان ذلك الشعر الفاتح يرسم ظلالاً غامقة، والعتمة المتساقطة على طول أنفه زادت ملامحه بروزاً.
وشفاهه النقية، كانت تلمع كأنها التقطت الضوء.
وفي تلك اللحظة، اشتعلت بداخلها رغبةٌ مباغتة.
‘……أريد أن ألمسه.’
لا بد أن الحُمّى صعدت إلى رأسها حتى جنّت أخيراً.
لكن سواءً كان السبب الجوّ المحيط أو نظرته الجادة، لم تعد تهتم. فحدّقت به وكأنها مسحورة، ثم سألت مرة أخرى،
“حقاً؟ أيّ شيء؟”
“طبعاً.”
هل يعقل؟
ترددت، لكنها في تلك اللحظة لم ترغب في كبح اندفاعها. ثم، لقد أعطاها الإذن، فما المشكلة؟
فكرت بطريقة غير مألوفة عليها، بلا مسؤولية تقريباً.
ثم ضحكت ضحكةً صغيرة مترددة، و أبعدت يده لتشبك أصابعها بأصابعه.
دفء ملمسه في مفاصلها كان غريباً. وأطرافها ارتجفت بخفة.
ثم خطت نحوه خطوةً واسعة، واعتلت أطراف قدميها. و سرعان ما داعبت خصلات شعره عينيها، ثم شعرت بشيء طري يلامس شفتيها.
فاتسعت عيناه دهشة، ثم انعطفتا في ابتسامة عينيه المألوفة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 62"