6
“كانت فتاةً ممتعة إلى حد ما.”
“هاه……”
أن يقتحم الغرفة وكل ما يقوله هو هذا فقط، جعل إيرميت يضحك بسخرية من شدة الذهول.
كان قد حذره من أن يُبدي فضولاً تجاه إيفيريا خشية أن يطمع فيها، لكنه على ما يبدو أصرّ على رؤيتها بنفسه.
“لا تطمع بها.”
“على أي حال، بدت وكأنها متجهةٌ إلى برج السحر. حتى لو أردت أخذها، لن أستطيع.”
“ما الذي تعنيه بكلامكَ هذا؟”
استحضر ولي العهد اللحظة التي قرأ فيها طاقة إيفيريا السحرية. التقييم الذي كان في البداية “لا بأس بها”، ارتفع فجأة في لحظة.
القدرة الخاصة بالعائلة الإمبراطورية، قراءة طبيعة الطاقة السحرية لدى الآخرين من خلال التلامس الجسدي.
ومنذ أن أيقظ تلك القدرة، صار يقرأ طاقة كل من يلتقيهم. و بالطبع، لم يكن ذلك مجدياً مع الجميع، لكن تلك كانت حالاتٍ نادرة جداً.
وكان هناك أمرٌ واحد مؤكد. لم يسبق له أن رأى طاقةً سحرية مثل التي لدى إيفيريا.
على الأقل، طاقة كل أولئك الذين تمكن من قراءتهم كانت مختلفةً عن طاقتها.
“لا بأس إن كنت لا تعرف. ما يشغلني أكثر هو كيف ستتحمل العواقب لاحقاً. أنت تعرف جيداً أن جلالته……”
“أنا على دراية بذلك. واطمئن، فلن أقف في صف جلالته أبداً.”
مال إيرميت برأسه نحو اليمين وتابع كلامه، عاقداً حاجبيه دون أي ابتسامة، وكأن قناعاً من الريبة يغطي وجهه.
“ألستَ مشغولاً؟”
“بالطبع مشغول. أنا في سنتي الأخيرة بالأكاديمية. ومع ذلك، لبيت دعوتكَ رغم كل ذلك الانشغال.”
“دعنا نكن دقيقين بالكلام. لقد أخذت مقابلاً لذلك، أليس كذلك؟”
لم يرد ولي العهد وخرج من الغرفة، بينما جلس إيرميت على الكرسي غارقاً في التفكير.
ظل تعبير وجه إيفيريا قبل قليل عالقاً في ذهنه، كان تعبيراً يوحي بأنها على وشك البكاء، وربما كانت قد بكت بالفعل.
والآن بعد أن تذكّر، لاحظ أن وجهها كان شاحباً أكثر من المعتاد.
يبدو أن هناك شيئاً خاطئاً فعلاً.
مسح إيرميت عينيه وأرجأ الجزء العلوي من جسده إلى الخلف. وتلك الابتسامة التي كان يُظهرها عادةً أمام إيفيريا كانت قد اختفت كلياً.
كان يتساءل ما الذي يمكنه أن يقدمه لها بعد.
كانت هناك أمور كثيرة تقلقه، وأشياءٌ كثيرة يرغب في مشاركتها معها، وأشياء أكثر يرغب في تقديمها لها.
***
قبل مدة قصيرة، عقدَ صفقةً شبيهة بالاتفاق مع ولي العهد.
الشائعات تُغطى بشائعات أكبر. كانت طريقةً بسيطة وبديهية.
إيرميت لم يكن قلقاً، حتى خطواته لم تتردد لحظة.
طرق الباب مراعاةً للأصول، ثم دخل الغرفة.
الرجل بالداخل، وقد شعر بوجوده مسبقاً، نزع النظارات التي كان يضعها. و على الأرجح، كانت نظاراتٍ شبيهة بتلك التي كانت ترتديها إيفيريا.
ولم يكن قد سمع من قبل أن ولي العهد يعاني من ضعف في البصر.
أغلق إيرميت الباب واتكأ عليه بزاوية مائلة.
“سأتزوج الأميرة.”
“وما سبب إخباري بذلك؟”
“من الطبيعي أن تعرف. ألسنا عائلة؟”
“هاه.”
عيناه الزرقاوان الباهتتان امتلأتا بالذهول والامتعاض. بينما تابع إيرميت كلامه بهدوء وكأن شيئاً لم يكن.
“لا تقلق، لن يكون زواجاً حقيقياً.”
“….…”
“أحتاج القليل من تعاونكَ.”
“وما المكسب الذي سيعود عليّ؟”
كالعادة، هو لا يُفوت الفرص.
و في الحقيقة، إيرميت كان يعلم أن ولي العهد لن يطلب شيئاً عظيماً. فردّ بكل جرأة،
“هل تطمح لشيءٍ كبير؟ إن كان كذلك، فلا داعي لمساعدتي.”
“فقط حافظ على هذا الأسلوب في التعامل، فهذا هو المقابل الذي أريده.”
كان يعني أن يساعده في الحفاظ على مكانته الحالية والصعود إلى العرش.
في الحقيقة، لم يكن هناك ما يمكن طلبه من إيرميت، لكن الشعور بالقلق استمر في التزايد.
كان من المضحك أن يشعر هو نفسه بالقلق رغم كونه ولي العهد، لذا ابتسم بخفة، بسخرية موجهة إلى ذاته.
لقد كان إيرميت يتمتع بذكاء وفهم حاد، ما يعني أنه فهم تماماً مغزى كلام ولي العهد. ومع ذلك، فتح عينيه على اتساعهما متظاهراً بالدهشة، بل ووضع يده على فمه بخجل، وكأنه متفاجئ بحق.
تصرفه بدا مشرقاً على نحو لا يليق بمن جاء يطلب معروفاً.
“هل تريدني أن أواصل حياتي كمجنونٍ مزعج؟”
“إذاً، أخبرني كيف أساعدكَ تحديداً.”
ولي العهد لم يعترض على نبرة إيرميت شبه غير الرسمية.
وضع قلمه جانباً تماماً، ثم استدار بجسده كاملاً نحو إيرميت. بينما أمال إيرميت رأسه قليلاً، و تحدث بنبرة مشرقة وعينين تلمعان بابتسامة،
“أظهر بنفسكَ.”
“….…”
“وأعلن أن من يروّج شائعات عن إيفيريا سيُعتبر مرتكباً لجريمة إهانة للعائلة الإمبراطورية.”
انعكست الإضاءة الخافتة في الغرفة على عيني إيرميت المنحنيتين بلطف. وسلط الضوء المنبعث بزاوية دقيقة على جسر أنفه.
كان يعرف جيداً كيف يستغل سلاحه الأقوى: وجهه.
مال ولي العهد إلى الخلف وهو يعقد ساقيه.
“لماذا لا تستخدم هذا الوجه مع إيفيريا ديل بدلاً من إضاعته عليّ؟”
“إذاً، سأعتبر ذلك موافقة.”
غادر إيرميت الغرفة دون أن يرد على كلام ولي العهد. وبينما كان يبتعد، توقف لوهلة ثم التفت ناحيته، و كانت ترتسم على شفتيه ابتسامةٌ خفيفة.
“آه، لا تحاول أن تُشبع فضولكَ. ولا تطمع بها أيضاً.”
ألم يكن يعلم أن قول مثل هذا يزيد الفضول أكثر؟
ولي العهد لم يجد حاجةً ليقول له ذلك. فلم يكن إيرميت ليقولها دون أن يعرف، لقد كان ذلك فقط اعترافاً ضمنياً بمدى رغبة إيرميت في إيفيريا ديل.
ثم استدار وأكمل طريقه.
في الأساس، ألم يكن هو من تصرّف بطريقةٍ تثير الشائعات بينه وبين إيفيريا؟
‘يبدو فعلاً أن المرء عندما يقع في الحب، يتغير تماماً.’
هكذا ما فكّر به ولي العهد.
***
بمجرد خروجه تماماً من المبنى، مرّر إيرميت يده على مقدمة شعره لتسويتها.
إيفيريا كانت ضعيفةً أمام ملامحه حتى في الماضي، وما دام الشيء الوحيد الذي يمكنه الاتكاء عليه هو وجهه ومنصبه المرموق، فعليه أن يحافظ على ما لديه جيداً.
ثم رأى مجموعةً من الطلاب مجتمعين عند بوابة السكن الداخلي. وكانت ابتسامته قد اختفت تماماً من على وجهه.
في الأكاديمية، نادراً ما تجد من لا يتحدث عن العلاقة بينه وبين إيفيريا. و في الواقع، كان قد تعمّد ذلك إلى حدٍّ ما، وكانت تلك الشائعات تروق له، لكن……
‘بما أنها تزعج إيفيريا……’
بدأ إيرميت يمشي ببطء نحو الطلاب.
“إذًا، إيفيريا ديل كانت……”
“مرحباً.”
“هِيييك!”
إيرميت لم يبتسم. بل رفع حاجبه قليلاً، وكأن ما يسمعه لا يروق له.
نظراته لم تكن تنمّ عن شخصيةٍ لطيفة، فتجمد الطلاب في أماكنهم وهم يواجهون وجهه مباشرة.
وحتى هذا التصرف أزعجه. فلم يحاول حتى تلطيف الأجواء.
وفي ذلك الصمت المربك، فتح إيرميت فمه أخيراً.
“ما الذي أخافكم هكذا؟”
“لا……لا شيء إطلاقاً……”
“لقد خطبت.”
كان من الأسهل مما توقع أن يقاطع حديثهم، خصوصاً حين لا يضطر لسماع كلام يثير أعصابه.
ابتسم إيرميت بخفة. بينما اتسعت أعين الطلاب على الفور.
لو أخبرهم بمن خطب، لانتشرت الأخبار فوراً، وهو بالضبط ما كان يريده.
ثم رنّ صوته الواضح في المكان الهادئ.
“خطبت الأميرة.”
“هـ……الأميـ…”
“لذا، لمَ لا تكفون عن ذكر اسمها؟”
رغم ابتسامته، كان تحذيره مخيفاً.
نادراً ما يوجّه إيرميت أوامراً صريحة أو يفرض حدوداً، ولذلك، أن يمنعهم من ذكر اسم إيفيريا في الشائعات كان أمراً استثنائياً.
لم يكن الأمر معقداً أو نابعاً من مشاعر عميقة، هو فقط……لا يحب أن ينطق الآخرون اسمها.
كان على وشك المرور من جانبهم، ثم توقف ليقول شيئاً أخيراً، فلو فهم الطلاب كلامه خطأ ولم يتحدثوا عن الخطوبة، فسيكون ذلك مزعجاً بعض الشيء.
“أما عن الخطوبة، فتحدثوا بها كما شئتم.”
ألقى نظرةً أخيرة على وجوه الطلاب، ثم أدار ظهره بنظرة باردة. و لم يشعر بحاجة لسماع أي رد منهم.
فلم يتبقَّ سوى انتظار النتائج.
***
وبعد أيام، اجتاحت الأكاديمية شائعةٌ تتحدث عن خطوبة الأمير نيسبيروس والأميرة. وكعادته، حقق ما أراده بالضبط.
ربما بدا متهوراً، لكنه لم يكن من أولئك الذين يتحركون دون خطة.
كان كل شيء متفقاً عليه مسبقاً. فهو سبق أن تحدث مع الأميرة عن ذلك حين كانا في أكاديمية هوريتين.
وما زال يتذكر قولها بأنها لا تريد الزواج. ومن بين جميع الخيارات، كان هذا أنظفها طالما تم تنفيذه.
فانتشار خبر خطوبتها أفضل بكثير من أن تتناقل الألسن أنها قتلت أحداً.
و ردة فعل إيفيريا تجاه الشائعة ستكون أخف وأقل رفضاً.
في حال دعت الحاجة، كان بإمكانه أن يفتعل شائعةً جديدة بإلغاء خطوبته من الأميرة، ولم يكن هناك خطةٌ أفضل من هذه.
نعم، كان الأمر كذلك بالفعل، لكن……
“بما أن الأمير سيخطب الأميرة قريباً، ألن يكون من غير اللائق أن أكون جالسةً إلى جانبكَ……؟”
قالت إيفيريا ذلك بثبات، رغم أنها كانت تراقب رد فعل إيرميت بعين الحذر.
وفجأة، لم يعجبه أي شيء على الإطلاق.
ثم نظرت إيفيريا إلى وجهه فانكمشت كتفيها بخوف، وحتى ذلك التصرف أزعجه أكثر.
“لن أتزوجها.”
“ماذا……؟”
“هل تظنين أنني قادرٌ فعلاً على ذلك؟”
ارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ مائلة ساخرة.
حين يقف أمام إيفيريا، يشعر وكأنه طفلٌ صغير. حتى أن عليه أن يخفي مشاعره، و أن يكون لطيفاً كي لا تنفر منه.
هو يعرف ذلك جيداً……لكنه لم ينجح في تطبيقه.
اهتزت نظرات إيفيريا، وخفض إيرميت نظره قليلاً، ثم تحدث بنبرة هادئة وبوجهٍ مبتسم،
“لا تشغلي بالكِ.”
“حسناً……”
هاه……حقاً، لا شيء يسير كما أريد.
_________________
آخر شي ذاه ايرميت يشكي حاله😂
علاقته مع ولي العهد تضحك وشكل الاميره نفس الشي😂😂😂😂
وطلعوا اقارب عشان كذا ولي العهد شوي خايف على منصبه منه
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 6"