لم يكن هناك شك أن شقيقها الوحيد إنسان شديد الغفلة عن مشاعره.
‘أن يلعب دور جسرٍ للحب!’
فشتمته الأميرة في نفسها، ثم ابتسمت لإيفيريا.
***
من البداية حتى النهاية، كانت الأميرة في غاية اللطف.
وبعد أن أتمتا جولتهما في أرجاء هوريتين، سألت الأميرة إيفيريا بتحفظ،
“أمم…..هل أحضرت معكِ ملابس مدنية للحفل؟”
“نـ، نعم.”
“حقاً؟ جيد. كنت سأعرض عليكِ أن تستعيري من ملابسي إن لم تحضري شيئاً.”
ابتسمت إيفيريا بخجل. لم تكن تعلم إن كانت هذه المجاملة صافية تماماً، لكنها على الأقل لم تحمل سخريةً أو شفقة على كونها فتاةً من عامة الشعب.
لذلك استطاعت أن ترد بسهولة. قارتسمت على محياها ابتسامةٌ رقيقة و ردّت بنبرة أكثر تهذيباً من المعتاد،
“أشكركِ على لطفكِ.”
“وحتى لو لم تعجبكِ الملابس التي جلبتها، فقط أخبريني. أنا أقيم في الطابق الثاني من الأعلى في سكن الفتيات. أو…..يمكنكِ أن تطلبي المساعدة من ولي العهد.”
تحدثت الأميرة بسرعة وحرارة بدت معها متوترة. فاكتفت إيفيريا بالابتسام وهز رأسها إشارةً إلى أنها تسمع.
أما اقتراحها الأخير فلم يكن خياراً لإيفيريا أبداً. حتى لو لم تملك ثوباً واحداً، لارتدت عشباً مخيطاً معاً قبل أن تذهب لتطلب شيئاً من ولي العهد.
لكنها لم تُبدِ أي رفض أو اعتراض، ولم تتمسك بتفسير كلامها.
“إذاً، أراكِ لاحقاً.”
“نعم، شكراً لكِ على اليوم.”
لم يبق الكثير حتى يبدأ الحفل.
وكان سبب ارتداء الملابس المدنية اليوم والزي الرسمي غداً هو للتأكيد أن الجميع ينتمون في النهاية إلى الأكاديمية نفسها. هذه كانت من المعلومات التي أخبرتها بها الأميرة.
ولهذا قالت أن اختيار الملابس المدنية ليس بالأمر المهم كثيراً، فالمركز الحقيقي سيكون على الزي الرسمي في اليوم الأخير، أما اليوم فمجرد تمهيد للغد.
لذا ارتدت إيفيريا فستاناً بسيطاً مناسباً. وكان من حسن الحظ أنها ذهبت قبل مدة مع سينثيا لتشتري بعض الثياب.
كان الفستان بطول يتجاوز نصف الساق قليلاً. يحيط بخفة بأسفل العنق، يلتصق بالجذع ثم ينسدل بشكل طبيعي من أسفل الخصر.
لم يكن ضيقاً تماماً على الجزء العلوي، وكانت أكمامه واسعة باعتدال.
و بصراحة، لم تكن تثق كثيراً بذوقها، لكن إن بدا مظهرها غير مناسب، فيمكنها أن تنزوي في زاوية ما أو تعود إلى السكن مبكراً.
و هذا التفكير جعلها أكثر راحة.
وقفت إيفيريا أمام المرآة تتفقد هيئتها مرة أخرى. قلم تستطع أن تفعل الكثير، لكن على الأقل رتبت شعرها وأصلحت وضع ملابسها.
في تلك اللحظة فتحت سينثيا الباب وأدخلت رأسها.
“إيفيريا، هل انتهيتِ من الاستعداد؟”
“نعم. وأنتِ؟”
دخلت سينثيا إلى الغرفة تماماً واستدارت دورةً كاملة بخفة، فتطايرت أطراف تنورتها. فأدارت إيفيريا نصف جسدها لتتابع حركاتها.
“أنا انتهيت منذ قليل. انظري، ارتديتُ الأقراط التي اخترتها لي، جميلة أليس كذلك؟”
“تليق بكِ جداً. إنها جميلة.”
ابتسمت إيفيريا ابتسامةً هادئة، فشدّ ذلك نظر سينثيا دون أن تنتبه.
ثم عادت إيفيريا لتدير رأسها نحو المرآة. و في انعكاسها، التقت عينا سينقيا بعينيها. فابتسمت إيفيريا بعفوية كما اعتادت.
“……أظن أن اللون الأبيض يليق بكِ كثيراً.”
“حقاً؟ يا للراحة. لا أبدو غريبة، أليس كذلك؟”
“طبعاً لا!”
بإجابتها السريعة بدا الارتياح على ملامح إيفيريا.
وحين نظرت إلى الوقت، كان قد حان موعد الانطلاق. فأخذت كتاباً واحداً معها وسارت مع سينثيا نحو مكان إقامة الحفل.
كانت قد أحضرت الكتاب تحسّباً، حتى إذا بدا مظهرها غير مناسب لجلست في ركن بعيد وانشغلت بالقراءة.
من بعيد ظهرت قاعة الحفل. و ازدادت الأصوات الصاخبة كلما اقتربت.
كان هذا أول حضور لها لمثل هذه المناسبة. فراحت تلمس الخاتم في يدها اليسرى بتوتر.
كما حدث أثناء مشاهدة المباريات، ذكرت اسمها وتخصصها وسنتها الدراسية، فحصلت على بطاقة فضية منقوشة باسمها.
كانت جميلة كقطعة زينة، فثبتتها على صدرها من الجهة اليسرى. ثم أخذت نفساً عميقاً ودخلت إلى الداخل.
قد لا يكون الحفل بمثل بريق مجالس النبلاء، لكنه بدا في نظر إيفيريا براقاً جداً. و التفتت إلى سينثيا فوجدتها تبدو معتادةً على مثل هذه الأجواء.
أرسلت إيفيريا نظرات سريعة حول القاعة، لكنها لم ترَ وجهاً تعرفه. فالأميرة وولي العهد لم يكونا قد حضرا بعد، وكذلك الأمير نيسبيروس.
لحسن الحظ، كان نطاق الملبس المقبول واسعاً جداً. ققد كانت الأزياء متنوعةً بشكل غير متوقع، وبدا أنه ما لم يكن الملبس مبالغاً في البذخ أو قلة الاحتشام، فلن يثير الانتباه.
ارتاحت إيفيريا في داخلها، فهي ستندمج من دون أن تلفت النظر.
و على الأرجح أن البطاقات وُزعت لتشجيع الحاضرين على التعارف وتبادل الحديث، لكن إيفيريا لم تكن تنوي أن تبادر.
خصوصاً بوجود كثير من النبلاء هنا، لم تكن تجرؤ على التقدم إليهم. و الحقيقة أن الخوف كان يغلب عليها.
في الداخل، وُضعت طاولاتٌ كبيرة يمكن أن يجلس عندها عدة أشخاص، كما كانت الأرائك والكراسي مصطفةً على طول الجدران. وفي إحدى الزوايا وُجدت صحفٌ ومجلات وبعض الكتب.
“سينثيا، سأكون هناك. إذا تعبتِ من اللعب تعالي إليّ، اتفقنا؟”
ثبتت إيفيريا نظرها على أبعد زاوية في القاعة واتجهت نحوها.
كانت الأريكة هناك تبدوا وثيره جداً. غير أن ما أوقف خطاها كان حديث بعض طلاب أكاديمية هوريتين.
“سمعت أن ذاك الشخص جاء من لاكانيل.”
“من؟ إيرميت نيسبيروس؟”
توقفت خطوات إيفيريا قليلاً عند سماع اسم الأمير نيسبيروس. فتظاهرت بعدم الاهتمام، لكنها أصغت إلى حديثهم.
“لا، بل تلك الفتاة العامية.”
“آه، إيفيريا ديل؟”
فاتسع وجه إيفيريا دهشة.
لماذا يُذكر اسمي هنا؟
ثم تماسكت وتابعت السير نحو الأريكة المقصودة، محافظةً على ملامح متصلبة تمنع الآخرين من الاقتراب، وغطّت بطاقة الاسم بالكتاب بخفة.
لو جلست وحدها تقرأ كتاباً بينما الجميع منشغل بالمرح، لبدت غريبة.
لكن لحسن الحظ كان هناك آخرون في ركن بعيد يقرأون كتباً وصحفاً، فاختلطت بهم متظاهرةً بأنها واحدةٌ منهم.
في تلك اللحظة، ارتفعت الأصوات عند مدخل القاعة. فمدّت إيفيريا عنقها لترى. و كانا الأميرة وولي العهد يدخلان معاً.
ثم سرعان ما صرفت بصرها عنهما وعادت لتحدق في الكتاب.
لم تقلب سوى بضع صفحات حتى خُيّل إليها أن الأجواء من حولها سكنت. و تمنت أن يكون ذلك مجرد وهم، ثم رفعت رأسها ببطء.
غير أن خصلات الشعر الأشقر أمامها بددت أملها تماماً. فأغلقت الكتاب ووضعته بجانبها، ثم نهضت ببطء لتحيي.
“أحيّي سمو الأميرة.”
“إيفيريا، مضى وقتٌ منذ آخر لقاء.”
ارتسمت على وجه الأميرة ابتسامةٌ تبدو هادئة، لكن إيفيريا تساءلت في داخلها،
‘لقد كنّا معاً حتى قبل الحفل، فلماذا تأتي الآن لتلقي مثل هذا السلام أمام الجميع؟’
و عضّت بهدوء على باطن خدها.
لمع بريق الفضول في عيون الحاضرين، حتى إيفيريا التي لا تتقن قراءة المواقف أدركت ذلك.
والأسوأ أن الأميرة جاءت ومعها ولي العهد أيضاً. فازدادت الأنظار المتجهة نحوها، بينما ارتجف جفنها.
…..يبدو أن فرصةً لم تكن تتوقعها ستُفرض عليها.
***
تركت الأميرة ولي العهد يقف بجوار إيفيريا وحدها، ثم انغمست بهدوء بين الناس.
كل ما كانت تفكر فيه إيفيريا عن أن الأميرة ليست سيئة، كان عليها أن تلغيه الآن. فأي خيار تتخذه لن يجلب لها إلا الحرج.
إن استأذنت وابتعدت، فسوف يقترب منها الناس ليسألوها فوراً. وإن بقيت بجانب ولي العهد، فهي لا تملك الجرأة الكافية لاحتمال ذلك.
فأقسمت إيفيريا في داخلها ألا تحضر أي مهرجان في هوريتين مجدداً.
جلست تفكر قليلاً وهي تتلفت حولها. عندها التقت عيناها بعيني سينثيا. و أرسلت إليها نظرة استغاثة، لكن سينثيا اكتفت بالابتسام والتلويح بيدها بمرح.
فازداد وجه إيفيريا تصلباً. و كانت تأمل لو أن ولي العهد نفسه ينقذ الموقف، لكنه ظل يحدق في وجهها صامتاً.
و منذ وقت بدا وكأن أجواء القاعة كلها تركزت حولهما.
في تلك اللحظة، ارتفع صخب جديد عند المدخل. فالتفتت إيفيريا إليها وكأنها تشبثت بخيط نجاة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 56"