بدأت بطولة السحر أولًا، ثم تلتها بطولة السيف لاحقًا.
وبما أن المبارزة تعتمد على الجسد مباشرة، فقد بدا منطقيًا أن تُجرى بعد أن تميل الشمس أكثر نحو الغروب.
اعتلت المنصّة طالبةٌ ذات شعر أشقر، وكانت إيفيريا تعرف جيدًا من هي. سيلينا داميان كايتانر.
أميرة الإمبراطورية و طالبة أكاديمية هوريتين. أخت وليّ العهد الصغرى.
شخصيةٌ تقف على قمة السلطة، وفي الوقت ذاته تقف على قمة القوة.
فمن المعروف على نطاق واسع أن أفراد العائلة الإمبراطورية كايتانر يولدون بقدرات سحرية استثنائية.
وكان وليّ العهد وشقيقته معروفين بعمق روابطهما، فصورتهما لدى الناس كانت مشرقةً ومحبوبة. وبذلك، كان احتمال وجود وليّ العهد في هذا المكان مرتفعًا.
فرفعت إيفيريا بصرها نحو أسفل الساحة. بينما رنّ الجرس معلنًا بدء المباراة، فانحنى الطالبان المتقابلان لتحية بعضهما.
وجدت إيفبريا نفسها متعاطفةً مع خصم الأميرة. كم سيكون وقع المسؤولية عليه ثقيلًا؟ فهجوم خاطئ على أحد أفراد العائلة المالكة قد يُطيح برقبته.
وبالطبع، وجدت نفسها قبل الآن منشغلةً أكثر بالدفاع من الهجوم، لكنها ما زالت تتذكر ثقل ذلك الضغط قبل أي مواجهة.
بدأت عيناها الزرقاوان تتوهجان وهي تحسب بدقة مسارات التعاويذ المتطايرة بين الطرفين.
كل تعويذة على حدة لم تكن صعبة في الحساب، لكن التحدي الحقيقي كان في توقيت استخدامها وربطها ببعضها.
و بعد تبادل طويل، انتهت المباراة. وكما كان متوقعًا، انتصرت الأميرة. كانت نتيجة بديهية.
ثم أعادت إيفيريا ظهرها إلى وضع مستقيم بعد أن كانت منحنية قليلًا، وتمتمت بصوت خافت،
“……كم أحسدها على كمية طاقتها السحرية.”
صحيحٌ أن طاقتها أخذت تزداد تدريجيًا، لكنها لا تزال بعيدةً جدًا عن مستوى العائلة الإمبراطورية.
ومع أن دقة الحساب أمرٌ جوهري في السحر، إلا أن العامل الأهم والأول فيه يظل مقدار الطاقة السحرية. فإلى حدّ معيّن يمكن التعويض بالمهارة والحساب، لكن إذا تجاوز الفارق ذلك الحد، فالهزيمة تصبح مؤكدة.
حتى لو واجهت الأميرة بنفسها، لكان مصيرها مشابهًا لخصمها.
“آه…..حقًا…..أشعر بغيرة قاتلة.”
تمتمت مرة أخرى بصوت لا تسمعه إلا هي.
كانت غيرتها من شدتها تكاد تفتك بها.
لو أنها وُلدت بقدر طاقة سحرية يعادل أفراد العائلة الإمبراطورية، لما كانت تمشي على الأرض، بل لحلّقت في السماء.
و كانت ستثبت إحداثيات الأماكن التي تزورها عادةً وتتنقّل إليها عبر السحر الفوري في كل مرة.
يا له من استغلال مثالي للسحر…..
لمحت سينثيا ملامح وجهها القلقة، فأمسكت بيدها برفق وضغطت عليها بثبات. فارتجفت أصابع إيفيريا قليلًا، و أرخَت قبضتها بعد أن كانت مشدودةً توترًا. ثم أعادت نظرها نحو الساحة.
المذيع أعلن رسميًا فوز الأميرة، وربط فوزها بفوز وليّ العهد في منافسة لاكانيل.
ومضى بعض الوقت حتى بدأت بطولة السيف، لكن إيفيريا لم تستوعب كيف مرّت المباريات. فهي لم تكن تهتم حقًا بالمبارزة، ولم تكن تملك عينًا خبيرة لمتابعتها.
كل تفكيرها كان مشغولًا بكبح انفعالاتها. و لم تنتبه إلا حين أعلن اسم الفائز، ودوّى هتاف الجماهير الهائل في أرجاء الساحة.
وبعد أن انتهى الحفل، غادر الناس بكثرة. قآثرت إيفيريا أن تبقى قليلًا، ثم تتحرّك حين يقل الزحام.
بينما كانت تنتظر، رمقت جانب المنصّة حيث كان يجلس الأمير نيسبيروس، لكنها لم تجده. كان قد اختفى في غفلةٍ منها.
لم تغادر إيفيريا ساحة المباريات إلا بعدما انصرف معظم الحاضرين وصار التنقل بلا ازدحام، فعادت مع سينثيا إلى مقر الإقامة.
كان وجه إيفيريا ملبّدًا بالهمّ. و سينثيا كانت تدرك جيدًا تقلّب مشاعر صديقتها. ولو مازحتها الآن لابتسمت إيفيريا وردّت كعادتها، لكن قلبها سيكون مثقَلًا بما لا يُقال.
صم أخبرَتها سينثيا أنها ستخرج قليلًا، و تركت الغرفة. ولم يكن صعبًا توقّع أنها ستلتقي بعض الأصدقاء، فالطلاب الذين يحبّون سينثيا كثيرون. بل إن كرهها كان أصعب من حبها.
جلست إيفيريا إلى مكتبها، وفتحت كتابًا. فثد كانت بحاجة إلى شيء يبدّد زحمة أفكارها.
وبينما هي مستغرقةٌ في القراءة، سُمِع طرقٌ خفيف على الباب. أغلقت الكتاب واعتدلت.
و ظنّت أن الطارق لابد أن يكون أحد المسؤولين عن ترتيب جولة تعريفية بأكاديمية هوريتين، كما وعدوا الزوار. لكن ما إن فُتح الباب حتى فوجئت تمامًا.
ظهر في مجال رؤيتها شعرٌ أشقر مألوف وغريب في الوقت نفسه، وما إن لمحته حتى انحنت بعمق.
“أحيي صاحبة السمو الأميرة.”
فابتسمت الأميرة،
“مرحبًا، أليس هذا أول لقاءٍ بيننا؟”
“نعم، صحيح.”
لم يكن هناك أي احتمالٍ أن تكون قد التقت الأميرة من قبل.
أما الأميرة، فطبيعي ألا تعرفها، حتى أن إيفيريا سبق أن رأت صورتها في الصحف، لكن العكس غير وارد.
“هلّا ترفعين رأسكِ؟ من الغريب أن يتحدث طلاب هوريتين بالكثير من الرسمية.”
فاستقامت إيفيريا بصمت.
وبينما تحدّثت الأميرة إليها بلغة مهذبة، خطرت في ذهنها فكرة:
‘هل مخاطبة العامة بلطف عادة في العائلة الإمبراطورية؟’
تأملت الأميرة ملامحها قليلًا ثم ابتسمت. وقد كان الشبه بينها وبين وليّ العهد أوضح مما توقّعته إيفيريا، من حيث لون الشعر، لون العينين، وحتى قسمات الوجه.
لكن الأجواء المنبعثة من كليهما مختلفةٌ بعض الشيء. فوليّ العهد يترك انطباعًا ببرود حادّ متوتر، أما الأميرة فبرودها كان رقيقًا دافئًا، كأنها إنسانةٌ محبّة في أصلها.
إيفيريا بدورها لم تتخلَّ عن حذرها. فهي تحمل نفورًا غريزيًا من الانطباعات الأولى للنبلاء وذوي الدم الملكي. لذلك أبقت رأسها مطأطأ قليلًا وهي تقدّم نفسها،
“أنا إيفيريا دِيل، طالبةٌ في السنة الثالثة بقسم السحر في أكاديمية لاكانيل. يشرفني لقاء سموّكِ.”
“لقد اضطررتُ إلى استخدام نفوذي أكثر مما اعتدت، فقط لأجل لقائكِ.”
كان اعترافًا غير متوقّع. فحدّقت إيفيريا إليها بدهشة، بينما كان في عيني الأميرة ما يوحي أنها تخفي حديثًا أطول.
وبعد تردّد بسيط، طرحت الأميرة سؤالًا،
“هل ستقومين بجولةٍ في أكاديمية هوريتين؟”
“…….”
“بصراحة…..مباني هوريتين جميلة وفخمة حتى في عيني، لكنها قد تكون مرهقةً بعض الشيء للتجول الآن، لذلك أسأل فقط.”
أهو امتحانٌ خفيّ أم مجرد سؤال عابر؟
في عيني الأميرة على الأقل كان يظهر قدرٌ من الودّ. وإن وافقت إيفيريا، فالأرجح أن الأميرة نفسها ستتولى مهمة التعريف بالمكان.
لكن ما السبب وراء هذا الاهتمام؟
شعرت إيفيريا بأن أفكارها تتشابك أكثر.
كانت الأميرة تنظر إليها بعينين ودودتين صادقتين، مما أثار بداخلها فضولًا…..فضول إنسان تجاه إنسان آخر.
“كنت أفكر في القيام بجولة، فقد كنت فضوليةً تجاه أكاديمية هوريتين.”
“رائع! هل تسمحين لي أن أكون دليلكِ؟”
أومأت إيفيريا برأسها بوجه مذهول، بينما بدا على الأميرة تعبيرٌ صادق من الفرح.
“آه، لكن ربما يتطفل علينا بعض الغرباء أحياناً…..لا تقلقي، سأتصدى لهم بنفسي.”
“نعم، فهمت. أرجو أن تعتنِي بالأمر.”
“لو أخبرت أصدقائي بذلك فسوف يندهشون كثيراً. فأنتِ مشهورةٌ جداً يا إيفيريا.”
شعرت إيفيريا أن الأميرة تسلبها حق الكلام، لكن نبرتها كانت مبتهجةً أكثر من أن تكون ساخرة.
من المشهور حقاً؟ ومن يشيد بمن؟
و لم تجد إيفيريا إلا أن تبتسم بحرج.
سألتها الأميرة إن كان مناسباً أن ينطلقا الآن مباشرة، وحين وافقت إيفيريا بدأت الأميرة تقودها بحماس.
كانت لاكانيل واسعةً بحق، لكن هوريتين بدت أوسع منها.
وقد أصغت إيفيريا إلى حديث الأميرة، وعيناها تتفحصان مباني الأكاديمية.
“…ومنذ ذلك الحين تُجرى هنا التدريبات العملية على السحر.”
“إنه مكانٌ جميل جداً ليقتصر على التدريب فقط.”
“أليس كذلك؟”
ابتسمت الأميرة لإيفيريا، فردّت بابتسامة مماثلة.
المكان كان أشبه بقطعة طبيعية منقولة كما هي، بجماله الساحر.
ثم التفتت إيفيريا تتأمل المشهد ببطء. وفجأة دوى صوتٌ مألوف في أذنها.
“سيلينا. لم تجيبي كما ينبغي عن مشاعركِ بعد الفوز، وها أنتِ تتحدثين هنا.”
“هاه، ها قد وصل الضيف غير المرغوب فيه.”
ردّت الأميرة مازحة، بينما استدارت إيفيريا ببطء وجسدها متصلب.
كان ولي العهد. فحاولت الانحناء لتحيته، لكنه أوقفها بيده.
“جئت لأن لدي ما أقوله للآنسة إيفيريا، فلا حاجة للتحية.”
بدت الأميرة وكأنها تكاد تنفجر كلاماً، لكنها قاومت رغبتها ولم تتدخل.
ثم انتقى ولي العهد كلماته بعناية، فيما كانت إيفيريا تراقبه بانتباه.
تعابيره حين يفكر، وطريقته في استنشاق نفس قصير قبل الكلام، كانت نسخةً عن الأميرة.
“…..هل تعلمين أن إيرميت هو بطل مسابقة لاكانيل لفنون السيف العام الماضي؟”
“…….”
لم تكن تعلم. و ارتسمت على وجهها علامات الارتباك، فلو عرفت لبادرت بالتهنئة أو الإشادة.
ومن الغريب أن أحاديثها مع الأمير نيسبيروس لم تتطرق قط إلى مهرجان لاكانيل.
رمشت إيفيريا بدهشة. وكانت ملامحها كافية لتجيب، فتنهد ولي العهد وأكمل.
“لقد تقدّم باقتراح العام الماضي لإدارة أكاديمية لاكانيل. قال: ماذا لو جعلتم بطل مسابقة السحر وبطل مسابقة السيف يتنافسان مجدداً لنرى الفائز الحقيقي؟”
في البداية، لم تستوعب ما يقصده. لكن ما إن فهمت كلماته، حتى أخذ الذهول يعلو وجهها تدريجياً.
فبطل مسابقة السحر العام الماضي لم يكن سوى ولي العهد نفسه. ما يعني أن الأمير نيسبيروس طلب من الأكاديمية منحه فرصةً لمبارزة ولي العهد!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 55"