كان هناك مشهدٌ غريب يتكشف أمامها، هذا المكان هو أكاديمية هوريتين.
يبدو أنهم أغلقوا مكانًا غير مستخدم كثيرًا وجعلوه متاحًا للتنقل بالسحر حتى لا يتورط الطلاب. فالمباني وتوزيعها من حولها كانت تشبه إلى حد ما أكاديمية لاكانيل لكنها مختلفة أيضًا.
ولحسن الحظ كانت سينثيا بجوارها.
أخذت إيفيريا تلقي نظراتٍ متفرقة عليها بينما تتبع بصمت الشخص الذي يقودهم.
وكما هو الحال في مهرجان أكاديمية لاكانيل، استمر مهرجان أكاديمية هوريتين أيضًا قرابة أسبوع.
وكان اليوم المخصص لذهابهم من لاكانيل إلى مهرجان هوريتين كان اليوم قبل الأخير.
فقد كان من المقرر أن يستمتعوا بيوم الاحتفال عشية الختام ويوم المهرجان الأخير، ثم يعودون إلى لاكانيل صباح اليوم التالي لانتهاء المهرجان.
وبينما كانت إيفيريا تمشي تذكرت الجدول الذي أُبلغت به.
في اليوم الأول من وصولهم إلى أكاديمية هوريتن، كان من ضمن البرنامج حضور المباراة النهائية لمسابقة هوريتن، مع وجود وقت قصير للتجول في الأكاديمية.
ومن وقتٍ متأخر بعد الظهيرة حتى وقت متأخر من الليل كان هناك حفل، وقد ورد في التعليمات أن الحضور يتم بالملابس العادية.
وفي اليوم الثاني قيل أن هناك مراسم لتوزيع جوائز مرتبطة بمهرجان هوريتن، إلى جانب لقاء يهدف إلى توطيد العلاقات بين طلاب الأكاديميتين.
لكن إيفيريا لم يسبق أن شاركت في ذلك، لذا لم تكن تعرف ما هو بالضبط.
وكذلك في اليوم الثاني أقيم حفلٌ من وقت متأخر بعد الظهر حتى الليل، ويبدو أن الألعاب النارية التي تحدث عنها الأمير نيسبيروس كانت تُقام في هذا الوقت.
والمميز أن حفل اليوم الأخير كان تقليديًا أن يُحضر فيه بارتداء الزي الرسمي لكل أكاديمية.
وطوال فترة المهرجان كان هناك سوقٌ ليلي يقام كل ليلة، كما أن الأجنحة داخل الأكاديمية تعمل دائمًا، مما أتاح لهم التجربة بحرية.
باستثناء الأنشطة الإلزامية، كان بإمكانهم التحرك بحرية كما يشاؤون. أما الآن فقد كانوا في طريقهم إلى السكن حيث سيقضون ليلتين.
إيفيريا كانت تعبث بخاتمها. و لم يسبق أن شعرت بمثل هذا الفتور تجاه برنامج من قبل، فلو لم تكن هناك أنشطة إلزامية لكانت ستبقى في غرفتها أغلب الوقت.
حين كانت سينثيا تعدل حقيبتها، التفتت إلى إيفيريا و تحدثت بصوت يفيض بحماس تجاه الأجواء الجديدة،
“لنتمشى قليلًا هنا وهناك، أنا متحمسةٌ جدًا الآن.”
“…..نعم، حسنًا.”
أجابت إيفيريا وهي تنظر إلى وجه سينثيا المشرق بالحماس. يينما كانت الأقراط تتأرجح بجوار أذنها، تلك الأقراط التي على شكل كلب والتي كانت إيفيريا قد أهدتها لها.
ورؤية من أهدت لها الهدية وهي ترتديها بتألق أشاع في قلبها شعورًا بالفخر. فابتسمت إيفيريا ابتسامةً خفيفة.
***
ولحسن الحظ استطاعتا إيفيريا وسينثيا أن تتشاركا نفس الغرفة.
كان موعد حضور المسابقة في فترة بعد الظهر، أما الآن فكان الوقت متأخرًا من الصباح، مما أتاح بعض الفراغ قبل بدء المسابقة.
أسرعت إيفيريا في تفريغ أمتعتها، ثم أخرجت كتابًا أحضرته معها، وزحفت إلى السرير.
لكن في تلك اللحظة جاء صوت سينثيا الصارم ليوقف حركتها.
“إيفيريا.”
صوتها الذي بدا دائمًا لطيفًا وأقرب إلى الظرافة منه إلى الترهيب، بدا اليوم مخيفًا على غير العادة.
فأرخَت إيفيريا حاجبيها وأسندت ذقنها على البطانية وهي تعانقها.
“أجئتِ إلى أكاديمية هوريتن لتظلي حبيسة الغرفة فقط؟”
مع حدة صوت سينثيا انكمشت إيفيريا أكثر تحت البطانية، غير أن سينثيا لم تتردد في خطفها منها دفعةً واحدة. فحاولت إيفيريا المقاومة، لكن بلا جدوى.
و هكذا سُلبت البطانية بسهولة، فقبضت إيفيريا كفيها ثم بسطتهما عدة مرات بحنق. و اعتدلت وجلست متكئةً على الوسادة، وقد عقدت العزم على استعادة بطانيتها مهما كان.
بينما كانت سينثيا تضم البطانية بين ذراعيها، سألتها بنبرة حيوية كما لو أنها تملك زمام الموقف،
“ألا يثير فضولكِ الاطلاع على مكتبة أكاديمية هوريتن؟”
“…..أنتِ بارعة فعلًا في الإقناع.”
ابتسمت إيفيريا ابتسامةً جافة، ومع ذلك أثارت كلمات سينثيا فضولها بالفعل تجاه مكتبة هوريتن.
مكتبة لاكانيل مميزة، لكنها تخيلت أن مكتبة هوريتن قد لا تقل عنها.
بدأت سينثيا تسرد عليها برنامج اليوم.
“المكتبة قريبة من هنا. لنزورها أولًا، ثم نمر على بعض الأجنحة، بعدها نتناول الغداء ونذهب لمشاهدة المسابقة.”
“سؤال…..ما نسبة المكتبة في هذا البرنامج الذي ذكرتِه للتو؟”
“…..من يدري؟”
كانت في الحقيقة جولةً في أكاديمية هوريتن، والمكتبة لم تكن إلا طُعمًا. فأدارت سينثيا عينيها متجاهلةً نظرات إيفيريا كي لا تنكشف.
ثم ابتسمت إيفيريا بضعف، كمن لا يملك خيارًا آخر، ونهضت من السرير.
وبما أن إدارة أكاديمية هوريتن كانت قد طلبت منهم إظهار انتمائهم إلى لاكانيل قدر الإمكان، ارتدت إيفيريا معطف أكاديمية لاكانيل، وأخذت معها بطاقة الطالب تحسبًا.
وكما قالت سينثيا، لم تكن المكتبة بعيدة، بل تبيّن أنها قريبةٌ جدًا، ومن النظرة الأولى عُرف أنها مكتبة.
عند مدخل الطابق الأول وقفت منحوتةٌ ضخمة على هيئة كتاب، محفور على سطحها الحجري نصوص دقيقة.
وقفت إيفيريا تتأملها بدهشة، ثم تجاوزتها ودَفعت الباب الخشبي الثقيل بحذر.
كانت سينثيا تمسك خريطةً لأكاديمية هوريتن لا يُعلم من أين حصلت عليها. وما إن دخلتا حتى استقبلهما عبق الكتب، وكان التصميم العام يشبه مكتبة لاكانيل إلى حد كبير.
بدأت إيفيريا تخطو بهدوء وهي تتجول في أرجاء المكتبة، يغمرها دفء المكان وهدوؤه.
لم يكن هناك طلاب كُثر، وربما كان دخول المكتبة محظورًا أثناء المهرجان، أو لعل الطلاب ببساطة لم يعتادوا ارتيادها في هذا الوقت.
وهناك، في زاوية المكتبة، لمحت إيفيريا وجهًا مألوفًا. بشعرٍ فضي…..لقد كان الأمير نيسبيروس.
وما إن وقع بصرها عليه حتى أسرعت بالخروج من المكتبة.
كان قلبها ينبض بقوة. و لم تفهم لماذا تهربت منه، فهي بالتأكيد كانت تود رؤيته، لكن ربما كان الخوف من مواجهته أقوى عند اللحظة الحاسمة.
ويبدو أن سينثيا بدورها استغربت تصرف إيفيريا، لكنها لحسن الحظ لم تطرح أي سؤال.
فقد كان واضحًا أن أي سؤال في هذا الموقف لن يزيد إلا الحرج، ولهذا شعرت إيفيريا بالامتنان لها.
وبينما تهدئ أنفاسها وتسكن ارتجاف قلبها، التفتت إلى سينثيا،
“لنذهب لزيارة الأجنحة.”
“حسنًا. ليست بعيدةً من هنا. لنتجول قليلًا، ثم نمر على المطعم لنتناول الغداء.”
ومجدّدًا تقدمت سينثيا في المقدمة، فيما تبعتها إيفيريا بصمت.
وخطر ببال إيفيريا أن من صمّم أكاديمية هوريتن كان بارعًا في تنظيم المسارات بطريقة عملية وموفّرة.
راحت إيفيريا مع سينثيا تتجولان بين مختلف الأجنحة.
و حتى في المواضع التي كانت إيفيريا تمر بها مرورًا عابرًا، كانت سينثيا تجد ما يستوقفها أو ما يثير اهتمامها. وكان ذلك يذكّر إيفيريا بمشهدها حين تستخدم السحر، مما بدا لها غريبًا ومثيرًا للإعجاب في الوقت نفسه.
الأجنحة كانت مكتظةً بطلاب أكاديمية هوريتن.
و لم تعلم إيفيريا إن كان السبب هو معطف أكاديمية لاكانيل الذي ترتديه ويحمل شعارها، أم أن ملامحها وحدها تكشف أنها ليست من هوريتن، لكن كلما مر طالب بجوارها هي وسينثيا، لا بد أن يلتفت لإلقاء نظرة نحوهما.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل كلما دخلتا جناحًا بدا الطلاب في حركة غير معتادة، وكأن حضورهما أثار اهتمامًا عامًا.
كان هذا نوعًا من الاهتمام لم تختبره من قبل، ولم يكن شعورًا مزعجًا؛ فهي أدركت من سلوكهم أن ما يفعلونه قائم على نية ودّية.
ومع مرور الوقت، وحين اقترب وقت الغداء، كانت يدا إيفيريا وسينثيا ممتلئتين بمختلف أنواع المأكولات الخفيفة والتذكارات.
بدا أنه لا بد من العودة إلى السكن لوضع الأغراض قبل التوجه إلى تناول الغداء. ولحسن الحظ كان وقت الغداء ممتدًا ومريحًا.
***
بعد تناول الغداء، اتجهتا إلى الملعب المركزي حيث تقام مسابقة هوريتن. وقد خُصص لطلاب أكاديمية لاكانيل مدخلٌ جانبي خاصٌ للدخول.
وعند البوابة، وبعد أن ذكرت كل واحدة تخصصها وسنتها الدراسية واسمها، قام المسؤولون بالتحقق من البيانات، ثم وزعوا عليهما شريطًا أزرق أشبه بشارة.
كان الحشد غفيرًا للغاية، وشعرت إيفيريا أن غفلةً صغيرة قد تجعلها تضيع وسط الناس أو تُجرف بينهم.
وما إن تخيلت ذلك حتى سرت قشعريرةٌ سريعة في جسدها. فتصلبت من شدة التوتر.
ولحسن الحظ وجدت إيفيريا مقعدها وجلست في مكان مناسب.
كان موضعها يتيح لها رؤية الملعب كاملًا من الأعلا، وزاوية المقاعد المائلة جعلت المشهد أوضح بكثير. أما الجهة المقابلة فبدت وكأنها مخصصة لكبار الشخصيات؛ فالكراسي والحواجز هناك كانت فخمةً على نحو غير عادي.
قد يكون سيد برج السحر بين الجالسين هناك، صحيح؟ لقد أخبرها في وقت سابق أنه سيزور مهرجان هوريتن هذا العام، لذا فالاحتمال كبيرٌ أن يكون ضمنهم.
وكان من حولها عددٌ غير قليل من طلاب أكاديمية لاكانيل، الأمر الذي منحها شعورًا بالطمأنينة وهي تلقي نظرات على الأجواء.
لكن أين يمكن أن يكون الأمير نيسبيروس؟ هل يجلس هنا أيضًا؟ و في الحقيقة، لم يكن غريبًا أن يُحسب من أهل المقاعد المخصصة لكبار الضيوف.
وبينما كانت إيفيريا تتلفت هنا وهناك، التقت عيناها مباشرةً بعينيه البنفسجيتين.
ولم تشح بصرها هذه المره. وكأن قوةً خفية تشدها إليه، لم تستطع أن تزيح نظرها عنه. فرغم المسافة الفاصلة، كان حضوره طاغيًا بشكل مذهل.
عينا الأمير نيسبيروس التقطتا ضوء الشمس فتألقتا بشفافية مدهشة، وكأنهما تسألانها: لماذا تتهربين مني؟
وما إن استوعبت تلك النظرة حتى تسلل إلى قلبها شعورٌ بالارتياح دون أن تدرك هي نفسها السبب.
رمشت إيفيريا عدة مرات، بينما بقي هو يثبت نظره عليها بتركيز عميق، إلى أن اضطرت هي في النهاية إلى صرف بصرها أولًا.
ومع أنها لم تعد تنظر إليه مباشرة، إلا أنها ما زالت تشعر بوضوح بثقل عينيه المسلطتين عليها، كمن يعوض حرمانًا طويلًا من رؤيتها.
وأمام ذلك الإصرار الذي لم تستطع احتماله، رفعت إيفيريا الكتيّب الإرشادي الذي كانت تحمله لتحجب به وجهها كما لو أنها تتقي به من أشعة الشمس.
________________________
عطته بلوك واقعي 😭 هو بس يبي يشوف وجهها وهي ماعليها
المهم لاتطولين في ذا السفهة بليز ياقلبو مع انه يستاهل
وهو ان كانك رجال زح اشرح لها اكذب عليها اي شي!
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 54"