كانت إيفيريا تملأ دفتر ملاحظاتها بمعادلات سحرية معقدة، لكنها خلعت نظارتها، ونهضت من مقعدها بهدوء.
ثم أمسكت سينثيا بكُمّها وسحبتها معها بحيوية مفرطة. فأطلقت إيفيريا ضحكةً صغيرة ساخرة دون قصد.
كانت تعلم في قرارة نفسها أنها لن تفوز على الأرجح، لذا حين ترى سينثيا تتعلق بالأمر بهذا الشكل، كانت تشعر بالذنب دون سبب واضح.
لكن سينثيا، غير مهتمةٍ بتردد صديقتها، ظلت متمسكةً بكُمها وهي تتأمل جدول المنافسات المُعلّق على الحائط.
“لنرَ…..إيفيريا…..إيفيريا ديل…..آه، ها هي!”
“همم، خصمي هو كاين-سينباي إذًا.”
قرأت إيفيريا الاسم الذي أشارت إليه سينثيا بنبرة خالية من الانفعال. فبادرت سينثيا بسرد معلوماتها عن الخصم باندفاع طفولي.
قالت أنها اشترت تذكرةً وشاهدت مبارياته قبل عامين حين لم تكن قد التحقت بالأكاديمية بعد، وكذلك في العام الماضي، ولهذا كانت تعرف عنه الكثير.
وبحسب ما قالته، فإن كاين، الذي يسبق إيفيريا بعام دراسي، يتميز بقوة سحرية هائلة.
“إذًا عليّ أن أوفر قدري من السحر.”
ردّت إيفيريا بفتور وبلغة جافة.
لم يكن الجميع كذلك، لكن غالبًا ما كان أولئك الذين يمتلكون وفرةً من القوة السحرية، يفتقرون إلى التركيز في العمليات الحسابية.
وهؤلاء بالذات، كانوا أكثر من تُكنّ لهم إيفيريا مشاعر الغبطة في هذا العالم.
“نامي مبكرًا الليلة، فهمتِ؟!”
قالت سينثيا ذلك وهي تحدق في وجه إيفيريا كأنها تحاول نقل الأمر إليها بعينيها.
فاضطرت إيفيريا الى أن تبتسم وتجيب، رغم أنها كانت تفضل أن تحافظ على توازن مشاعرها دون تقلب، إلا أن ذلك لم ينجح كما أرادت.
“حسناً.”
***
من همهمات الطلاب وضجيجهم، علمت إيفيريا أن الأمير نيسبيروس قد اجتاز التصفيات.
أما هي، فكانت الآن في غرفة الانتظار الداخلية للميدان، تستعد لخوض أولى مباريات اليوم، والتي كانت كذلك أولى مباريات التصفيات.
كونها من النوع الذي يستيقظ مبكرًا ويبدأ يومه باكرًا، فقد كان هذا التوقيت مناسبًا لها للغاية. بل في الحقيقة، لم يكن هناك وقتٌ في اليوم يُعدّ غير مناسب لها.
‘عليّ أن أراجع إحداثيات الفضاء جيدًا…..هممم، يجب أن أختصر المسار قدر الإمكان بخطوط مستقيمة، وإن دعت الحاجة أختصر الحسابات إلى أبسط ما يمكن.’
كان هنالك علاقةٌ عكسية بين طول المعادلة وبين كمية السحر المستهلكة.
فالطلاب العاديون عادةً ما يبحثون عن توازنٍ بين الاثنين، لكن بالنسبة لإيفيريا، التي كانت دائمًا ما تعاني من قلة في القوة السحرية، كان الأهم هو تقليل الاستهلاك مهما كلف الأمر— حتى لو تطلّب ذلك تكرار الحسابات المملة أكثر من مرة.
كانت تفكر بعناية في النقاط التي عليها مراعاتها أثناء الحساب، بينما كانت تشد دروعها بدقةٍ وانتباه.
كانت هذه أول بطولة تشارك فيها، وأول مرة ترتدي فيها درعًا، لكنها لم تتخبط أو تتردد كثيرًا، والفضل في ذلك يعود إلى الشرح العملي الذي قدمه الأساتذة وبعض الخريجين المخضرمين يوم التصفيات.
في مباريات قسم السحر، كانت الهزيمة تُحسم بثلاث حالات: إن أصبح أحد الطرفين غير قادر على القتال، أو إن أعلن استسلامه، أو إن فُكّت أكثر من نصف الدرع الذي يرتديه.
أما عن الاستسلام، فذاك لم يكن خيارًا على الإطلاق في قاموسها. لذا فقد ربطت دروعها بأكثر من طبقة، عقدة فوق أخرى، لمنعها من التفكك.
وقلة هم أولئك الذين يملكون القدرة على فكها بالسحر.
فمعظم طلاب الأكاديمية لم يبلغوا بعد ذاك الحد من الهوس والدقة في العمليات الحسابية.
تلألأت عينا إيفيريا ببريق حاد يشبه حدّ النصل.
وفي تلك اللحظة، دخل خصمها إلى غرفة الانتظار. فانحنت إيفيريا انحناءةً خفيفة وبادرت بالتحية أولًا.
“مرحبًا، سينباي.”
ردّ التحية بإيماءة بسيطة، ثم مدّ يده طالبًا مصافحتها. فنزعت إيفيريا قفازها، و قبضت على يدها مرةً واحدة ثم فتحتها، ومدّت يدها لمصافحته.
“يدكِ باردة للغاية.”
“نعم، درجة حرارة جسمي منخفضةٌ عادةً.”
لم يكن من المجدي أن تتعامل مع كلماته بنفور منذ البداية، فهذا لا يجلب سوى استنزاف للطاقة بلا داع. فاكتفت إيفيريا بابتسامةٍ هادئة. فبادلها ابتسامةً مماثلة، ثم أطلق يدها.
“أظنها أول مرة تشاركين، أليس كذلك؟ أتذكر ذلك لأن غياب المتفوقة الأولى عن المنافسة أمرٌ نادر.”
“نعم، العام الماضي لم يخطر لي أن أشارك.”
هزّ رأسه بتفهم، ثم نظر بطرف عينه إلى الجهة التي يأتي منها صوت الإعلانات، وأشار بإصبعه نحو باب غرفة الانتظار.
“يبدو أن الإعلان سيبدأ قريبًا، هل نقف هناك؟”
سارت إيفيريا ووقفت إلى جانبه بهدوء. وبعد لحظات، دقّ الجرس عاليًا، فخطت إيفيريا خطواتٍ ثابتة نحو أرض الملعب.
و بعد تحية متبادلة، انطلقت المباراة فورًا.
كان معظم طلاب أكاديمية لاكانيل يمتلكون من القوة السحرية ما لا يُقارن بما تملكه إيفيريا. فقلة سحرها الدائمة كانت تسحبها إلى الوراء دائمًا، وتجعل نقطة انطلاقها في المؤخرة.
لكن ذلك لم يكن سلبيًا تمامًا. فهي، في كل تدريب، كانت تلجأ لاستخدام السحر المحيط بها، وتحسب معادلاتها بدقة مفرطة تكاد تكون مثيرةً للشفقة.
بفضل ذلك، أصبحت قادرةً على استشعار سحر الآخرين بسهولة، وامتلكت قدرةً حسابية تفوق المعتاد بأشواط.
ولهذا السبب بالتحديد، كانت قادرةً على التخطيط لأشياء لا يتخيلها الآخرون أصلًا.
تألقت عيناها من جديد بلمعان حاد. و وقفت إيفيريا على أرض الساحة، تتأمل خصمها وتبدأ في الحساب بحذر وتركيز.
فكما جاء في التعليمات، إن تم نزع أكثر من نصف الدرع تُعدّ خسارة، ولذلك، إن استدعى الأمر…..فلن تتردد في تمزيق درعه بالكامل.
ارتسمت على شفتي إيليريا ابتسامةٌ خفيفة و لم تدرك حتى أنها ابتسمت.
في تلك اللحظة، انطلقت نحوها قطراتٌ صغيرة من الماء.
كانت تعلم جيدًا أنه إن لامست تلك القطرات جسدها، فستتحول في لمح البصر إلى كتلة مائية ضخمة تبتلعها بالكامل. و أدركت حينها أن الوقت قد فات لإلغاء السحر، فاستدعت بدلًا منه شراراتٍ نارية صغيرة.
اخترقت كل شرارة بدقة إحدى القطرات المتجهة نحوها. لم تهدر أي شرارة، ولم تفلت أي قطرة.
بدا الارتباك جليًا على وجه خصمها. فهو لم يسمع قط عن شخص يستطيع إلغاء هجوم بهذه الدقة، وبهذا التوازن التام في العدد.
أحكمت إيفيريا قبضتها على درعها، وفي اللحظة التالية، استدعت وهمًا صغيرًا عند أطراف شعر خصمها.
في الواقع، حين أطلقت الشرارات الصغيرة قبل لحظات، كادت تضيف شرارةً أخرى لتهاجم بها، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة، واستبدلتها بوهم…..تحسبًا لاحتمال ألا يعلن خصمها الهزيمة.
فالوهم يستهلك قدرًا أقل من الطاقة السحرية أيضًا.
ومجرد وهم صغير تستحضره إيفيريا بنفسها، سيتابع عمله باستخدام طاقة الطبيعة المحيطة بدلًا من طاقتها الخاصة، طالما بقي في محيطٍ يحوي مادةً قابلة للاحتراق وأكسجين.
تمامًا كما يواصل الماء هبوطه من الأعلى إلى الأسفل في وجود الجاذبية.
والقوانين واضحة: لا يُشترط أن تكون الطاقة المستخدمة في التأثيرات الإضافية للسحر من طاقة الساحر نفسه، مما صبّ في مصلحتها.
ألصقت الوهم على سطح الفضاء الذي أعادت تشكيله، لتدمجه بخفة كأنما هو جزءٌ من الواقع ذاته. ولمن لا يفهمون السحر، بل حتى لخصمها نفسه، فإن تأثير ذلك الوهم سيبدو حقيقيًا تمامًا.
وبينما ظلّ الوهم مشتعلًا عند أطراف شعره، ركزت إيفيريا على الدفاع، وبدأت تتحرك بخفة حول عُقد درعه السفلية.
في المدرجات، انتفض رجلٌ واقفًا من مقعده وقد غمره الابتهاج. فلم يصدّق ما رآه: حسابٌ متقن لمواضع دقيقة بهذا الشكل؟
كان اللهيب الوهمي يزداد اشتعالًا. وحين شعر خصمها بأن النار باتت على وشك أن تلامس فروة رأسه، رفع يده على عَجَل.
“إيفيريا ديل، فوز!”
ثم ابتسمت إيفيريا بخفة وهي تفكّ الوهم الذي ألصقته بشعر كاين.
للوهلة الأولى، بدا وكأن شعره الذي كان يحترق قد عاد كما كان، كأن الزمن قد عاد إلى الوراء في تلك البقعة من الفضاء.
وقد بدا هو نفسه مشوّشًا، غير قادر على فهم ما حدث، يلمس شعره بأنامل مرتجفة وعينين زائغتين.
لكن إيفيريا لم ترَ حاجةً لتوضيح أي شيء. و تقدّمت خطوةً نحو خصمها ومدّت يدها لمصافحته أولًا.
“شكرًا على المباراة الرائعة.”
أعاد ترتيب شعره بأصابعه مرتين قبل أن يبتسم لها بنظرة أصبحت أكثر تركيزًا وصفاء.
“حقًا، بدأت أتساءل لماذا لم تشاركي العام الماضي.”
“إنكَ تبالغ بلطفكَ.”
ابتسمت إيفيريا ابتسامةً محرجة، فيها شيءٌ من التواضع. بينما صافحها كاين للمرة الأخيرة، ثم غادر أرض الساحة بخطوات متثاقلة.
أما هي، فقد استعادت في ذهنها مشاهد المباراة. لقد كانت مواجهةً مرضية بكل المقاييس.
لم تقع في أي خطأ بالحسابات، ولم تستهلك الكثير من سحرها، والوهم الذي استحضرته كان متقنًا لدرجة أنها كادت تُخدع به بنفسها.
فابتسمت إيفيريا ابتسامة رضا، ثم بدأت تنزل من درجات الميدان بهدوء.
______________________
يدلبوس بنيتي فازت 🤏🏻
بس ويت ايرميت ماجا يشجع دوجته وش ذا العقوق
وسينثيا يانااااس جيبو لها حبيب ابي اشوفها وهي مستحيه😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 21"