تقدّم بخطواتٍ حذرة نحو الداخل، مستدعيًا كراتٍ صغيرة من الضوء لتضيء المكان. ثم جثا على ركبتيه بجانب الطفلة المغمى عليها.
ظلّ يحدّق طويلًا في الطاقة الذهنية التي لم تهدأ بعد، وفي وجه إيفيريا الصغيرة، قبل أن يمدّ ذراعيه ببطء ويرفعها عن الأرض.
إيفيريا راقبت كل تلك التفاصيل بصمت. ثم تبدّل المشهد مجددًا.
كانت الطفلة الصغيرة مغطاةً بأغطيةٍ ناعمة على سريرٍ وثير، بينما جلس إيرميت بجانبها يحرسها.
تجولت عيناه البنفسجيتان الشفافتان على وجهها بهدوء، ثم وضع يده على حافة السرير واقترب من وجهها الشاحب ليتأملها عن قرب.
رفع يده مترددًا نحو الكدمة على خدها، لكنه توقّف في منتصف الطريق. و بدا وجهه متجهمًا وهو يحدّق في عينيها المغمضتين بإحكام.
حين فكرت بالأمر، أدركت إيفيريا أن إيرميت كان دائمًا بجانبها. خصوصًا في تلك اللحظات التي كانت تنهار فيها ثم تستيقظ، كان وجهه أول ما تراه دائمًا.
تُرى، هل كان ينظر إليها وقتها بهذه النظرة نفسها؟
……هل ما زال الآن أيضًا بجانبها يحرسها بهذه الطريقة؟
اجتاحها فجأة شعورٌ بالذنب لأنها آذت شخصًا كهذا.
وقفت إيفيريا في الجهة المقابلة من السرير، تنظر إلى إيرميت الصغير.
و فجأة جلست الطفلة الصغيرة على السرير باضطراب، وبدت عيناها الزرقاوان الواسعتان غارقتين في غشاوة، تتجولان في السقف قبل أن تستقرا على إيرميت.
أسرع إيرميت إلى مساعدتها، أسند ظهرها، و وضع وسادةً خلفها، ثم ناولها كأس الماء بحذر. و كانت إيفيريا ترتجف برقة بين كل حركةٍ وأخرى منه.
وبصوتٍ متقطع سألته،
“……من أنتَ؟”
“ألا تتذكرينني؟ لقد أنقذتِني أنتِ……بالسحر.”
نظرت الطفلة إلى وجهه وشعره بالتناوب، ثم عبس وجهها فجأة.
راقبت إيفيريا المشهد بقلق، تتذكر بوضوحٍ أن في تلك الفترة كانت قد فقدت ذاكرتها.
وكما توقعت، رفعت الصغيرة يديها المرتجفتين لتغطي رأسها وهي تبكي.
“رأسي……رأسي يؤلمني كثيرًا…….”
ارتبك إيرميت ومدّ يده ليربت على ظهرها، لكن ما إن لمسها حتى انتفضت الطفلة خوفًا وهي تكرر بصوتٍ مختنق: “أنا آسفة… أنا آسفة…”
نظرت إيفيريا إلى المشهد بعينين معتمتين.
كانت تلك أول مرةٍ تفقد فيها ذاكرتها بفعل انفجار طاقتها الذهنية، ولحظة بدء تشكّل صدمتها النفسية الحقيقية.
لكن، رغم أنها فقدت ذاكرتها مرارًا، بقيت حقيقةٌ واحدة ثابتة، أن سيد البرج وإيرميت كانا أعظم خلاصٍ لها في طفولتها، وأن وجودهما غيّر مصيرها كليًا.
جميع الروابط التي جمعتها في حاضرها امتدت جذورها من ماضيها البعيد.
وما إن استوعبت ذلك حتى تبدّل المشهد مجددًا.
في إحدى الفلل التابعة لدوق نيسبيروس على الساحل الجنوبي، كانا إيفيريا وإيرميت ينسجان ذكرياتهما الخاصة.
في داخل المكتبة، كان الجو دافئًا وساكنًا يلف الفتاة ذات الشعر الأسود. و كانت إيفيريا تراقب المشهد بصفتها الشاهدة وصاحبة الذكرى معًا.
“إيفيريا، ماذا تفعلين؟”
“آه، سيد، كنت أقرأ كتابًا.”
<أساسيات سحر الأوهام.>
الطاقة الذهنية التي احتفظت بذكرياتها كانت هادئةً في ذلك الوقت، لتحمي تلك الذكريات بأمان.
قبل سنوات، أدركت إيفيريا أنها قادرةٌ على استخدام نوعٍ غريب من السحر، لكنها لم تكن تعرف أنه سحرٌ ذهني. وخلال بحثها بين النظريات والفروع السحرية، جذبتها فكرة سحر الأوهام فاختارت هذا الكتاب.
كانت تلك الذكرى واضحةً في ذهنها.
إيرميت الصغير الذي كان يعشق كل ما هو جميل وعجيب. أرادت إيفيريا الصغيرة أن تُريه سحر الأوهام لتسعده.
خفضت نظرها إلى الكتاب مجددًا، بينما جلس إيرميت بجانبها متذمرًا بخفة.
“……يبدو حقيقيًّا لكنه ليس كذلك. ربما يصنع هذا السحر كائنًا في بُعدٍ آخر لا نرى منه سوى مظهره الخارجي. يا له من سحرٍ غريب!”
“نعم، يبدو كذلك. أردتُ أن أجربه بنفسي.”
ابتسمت إيفيريا الصغيرة بوجهٍ صافٍ مليء بالبراءة.
كان المشهد كله لوحةً دافئةً ملونةً بضوءٍ ناعم، كأنها لحظةٌ خالدة من الحنان.
____________________________
طيب ليه فقدت ذكرياتها مره ثانيه😔
يوجع ياخي حلو انها فقدت ذكرياتها وعي معذبه بس ذا الذكريات؟ كانت حلوه
وسيد البرج من زمان وهو يعرفها ويوم بدايه الروايه اول لقاء بينهم مسوي هاي اكتشفت ان عندس سحر الاوهام😭 ياكذاب
اما ايرميت اكيد فيه شي صار يخليه يروح عنها بداية الاكاديمية ثم رجع لها
التعليقات لهذا الفصل " 120"