كان الشق الذي أمامه الآن أكبر حتى من ذلك الذي تخلّصت منه معلمته في أول تقييمٍ خاص.
لم يكن “هيليوس” ليدرك، لكن ما يراه الآن هو شق فشلوا في محوه، فانفلت من عقاله والتهم غيره من الشقوق.
إنه أسوأ أشكال التصدّعات على الإطلاق.
وصدمته لم تقف عند ذلك — فقد رأى شخصًا يقف أمام الكسر، يمد يده إليه… ويختفي في لمح البصر.
“ماما!!”
حدث كل شيء في لحظة.
استدار “هيليوس” مذهولًا، ثم…
“تبا… دعني! قلت دعيني، أيها اللـعـيـن، دعـنـي!!”
للمرة الأولى، رأى وجه معلمته مشوّهًا تمامًا من الألم والغضب،
وجهٌ لم يكن يريد أن يراه بهذا الشكل… إلى هذا الحد من الانهيار.
وسرعان ما بدأ الشق الهائل يختفي تدريجيًا،
كأنه اكتفى بابتلاع ذلك الجسد الصغير.
قريبًا منه، علا صوتُ أحدهم — كان يرتدي زي السجّانين.
إحداهما كان صوته مألوفًا: الرقيب “ستيفن”، رغم أن رأسه مغطى بقلنسوةٍ وعباءة.
أما الآخر فكان مختلفًا، يرتدي زيًا يحمل أوسمة كثيرة.
ومناداة أحدهم له بـ”المدير” أكدت لـ”هيليوس” هويته.
“يبدو أن الشق سيختفي قريبًا.”
“تسك. في النهاية، لم يكن هناك حل سوى القائدة، كما توقعت.”
تمتم المدير بنبرة آسفة:
“كم هذا مؤسف.”
وبالفعل، بدا لـ”هيليوس” أن الشق سيختفي لو تُرك على حاله.
“‘مارلا’ كانت ورقة رابحة.”
صوت بارد، لا يحمل أي شعور.
وفي هذا الفراغ العاطفي، انطلقت صرخة مزّقت السكون:
“لا تزال حيّة! ماما لا تزال حيّة، أيها الأوغـاد!!”
“……”
“ماما على قيد الحياة… وسأعيدها بنفسي!!”
“……”
“إنها تخصّني!!”
وسط الزحام، كانت معلمته مقيّدة بين أيدي السجّانين.
رغم مظهرها البائس وملامحها المشوهة، كانت كنمرٍ جريح، يصرخ ويزمجر.
ولولا أن “هيليوس” شهد بنفسه لحظة “ماما” و”الفتاة”،
لكان من الصعب عليه فهم سبب هذا الغضب الجامح.
غضبٌ يصعب على أيّ شخص أن يعتاد عليه بسهولة.
“اهدئي! إذا تصرفتِ بتهور، قد تعاود الشقوق الانفجار!”
“أجل! هل تريدين منا جميعًا أن نموت؟!”
“اسمعي كلام السجّان! أيتها الحقيرة الصغيرة!!”
راح السجناء يرمقونها بنظراتٍ حادة وهم يطلقون شتائمهم.
لكن الفتاة، رغم وجهها المغطى بالطين،
كانت ترمي نظرات حادة كالخناجر.
“هيا اخرسوا! في حين كنتم جميعًا تختبئون، الوحيدة التي تحركت كانت ‘ماما’! هي وحدها التي خرجت لتنقذكم، أنتم الحثالة! تظنون أنكم تملكون الحق في انتقادها؟! يا حشرات!”
“……”
“تسك…”
“لستم حتى بشرًا! لن أطلب منكم شيئًا. فقط دعوني. وحتى إن مُتّ، فسأموت على طريقتي، أيها الأوغاد!”
بينما كانت تصرخ، تذكّر “هيليوس” جملة سمِعها من “مينت” في أحد الطوابق خلال صعوده:
«التضحية أمرٌ لعين، يا تلميذي…
لن يعترف بها أحد، ولن يتذكرها أحد.»
“هيليوس” كان يعلم أن “ماما” كان بإمكانها النجاة… لكنها اختارت التضحية.
“قلت لكم، لا تزال حيّة. كل ما نحتاجه هو إخراجها، وسأذهب أنا!”
“هيه، وعلى ماذا تعوّلين؟ حتى أنتِ أضعف من القائدة وإذا انفجر الكسر مجددًا؟ من سيوقفه؟”
“ألم تروا شقوقًا تختفي من قبل؟ يمكنني إخراجها من هناك، أنا سجّانة، أعرف!”
“تسك. حتى وإن كنتِ سجينة من الدرجة العليا،
في النهاية أنتِ مجرد طفلة. هل تظنين أن هذا الشق مثل الباقي؟”
“أنتم أيضًا لستم أفضل حالًا! تتحدثون عن العدالة وأنتم تراقبون من يضحي بدلاً من أن تفعلوا شيئًا!”
“……”
“أضعف؟ جيد! إذًا سأتخلّى عن كل القيود إن لزم الأمر!”
وفجأة… لاحظ “هيليوس” أن أعين السجّانين الذين كانوا يقيدون معلمته بدأت تبهت.
وفي غفلةٍ منهم، نهضت الفتاة فجأة من مكانها.
“أمسكوها! بسرعة!”
“أوقفوها!”
“لا تلمسوا الشق!”
قد لا يعرف “هيليوس” التفاصيل كاملة،
لكن كان يشعر بأنه يقف وسط أنانيةٍ بشعة.
وسط هذا المشهد، كانت معلمته التي طالما بدت كأنها لا تكترث بالبشر،
تحارب وحيدة… بشكلٍ مؤلم.
“أمسكوها فورًا! لا يمكننا السماح لها بتدمير كل شيء!”
“هذه أوامر! أوقفوها!”
رغم أن معلمته بدت أصغر سنًا مما يتذكر،
إلا أنها قاتلت ببراعةٍ أبهرت “هيليوس”.
كان الجميع — سجناء وسجّانون — يهاجمونها،
وهي كانت تتفادى الضربات وتتقدم ببسالة.
تشنننغ!!
“إنها تقترب من الشق!!”
“لا!! هذا مستحيل!!”
وفي خضم هجمات “كيا” المتطايرة،
شعر “هيليوس” كأن عينيه تلاقتا بعيني الفتاة.
فووووش!!
انبثق ضوءٌ أزرق نقي منه.
ذلك الضوء غلّف جسد الفتاة،
واندمج في لون عينيها الأخضر المزرق الجميل.
«بقوتي الحالية… لن أستطيع فعل شيء.»
شعر “هيليوس” أن هذا الصوت لم يكن صوته.
«لا يمكنني إنقاذ ماما…»
إذًا، لمن تعود هذه الأفكار؟
إنها ليست له… بل لها.
«فكري بعقلانية. لا تتهورب. الغضب لن ينفع.»
لم يكن يسمعها بصوت، ولا يراها برؤية،
بل كان يحسّها في قلبه — إحساسٌ غريب.
«يجب أن أنقذ ماما… لا يمكنني أن أسمح لها بالموت هكذا!»
بدت وكأن إحدى قدراته الغريبة تفعّلت مجددًا،
وسرعان ما غرق فيها بلا حول ولا قوة.
«لنستخدم القيود. ما الذي يمكنني التخلي عنه هذه المرة؟»
“مرة أخرى”…
عند سماعه تلك الكلمات، شعر “هيليوس” بوحشةٍ لا يمكن وصفها.
“…جيهو.”
تمتمت الفتاة بصوتٍ خافت.
وبحكم ارتباطه بها، سمعها بوضوح.
“سأنسى ‘جيهو’.”
لولا أنه شاهد الحوار بين “ماما” والفتاة سابقًا،
لكان يعتقد أن “جيهو” مجرد اسمٍ غريب… أو شعر بالغيرة فقط.
“هيليوس” تأمل وجه الفتاة… فتاة كانت تبدو صغيرة جدًا حين التقاها أول مرة،
وتساءل كم سنة قضتها في هذا السجن.
ثم… في اللحظة التالية،
انفجر من جسدها طاقة هائلة، لم يسبق لها مثيل.
كووونغ!!
طاقة لم يكن ممكنًا مقارنتها بما قبلها.
“اختبئوا فورًا!!”
“ماذا… ما هذه القوة؟!”
لقد تم تفعيل القيد الذي فرضته على نفسها.
«تريد أن تصبح قوية بسرعة؟ يوجد طريق، طبعًا.
لكن، لا أنصحك به!»
«ولماذا؟ من لا يريد طريقةً سهلة؟»
«لأنك قد تخسر شيئًا، دون أن تدري ما هو أصلاً
عليك أن تخشى النسيان والخسارة، يا تلميذي.»
«لا أفهم.»
في التقييم الخاص الثاني، كاد “هيليوس” أن يموت مرارًا.
ومعلمته، التي دربته خلالها، كانت تبتسم دائمًا.
والآن، تلك الابتسامة، ذلك الوجه…
مرّت أمام عينيه كطيف.
«لا يزال لديّ فرصة… أستطيع إنقاذ ‘ماما’.»
الفتاة كانت مملوءة بفكرة واحدة فقط:
أن تنقذ “ماما”، مهما كلف الأمر.
وفوق ذلك، كانت تتأقلم بسرعة مدهشة مع قوتها المتفجرة.
“هيليوس” يعرف مدى قوة معلمته.
وإذا كانت قد تجاوزت حدودها بتضحية،
فلا بد أنها أصبحت أقوى بكثير.
وأخيرًا، اقتربت الفتاة من الشق…
لكنها وجدت شخصين، لا، بل خمسة أشخاص يقفون في طريقها.
“تنحّوا.”
“آه… لا يمكن. عزيزتي رفيقة الغرفة.”
“…آسفة، صغيرتي. حقًا آسفة.”
امرأتان، إحداهما بشعر وردي قصير،
والأخرى شعرها أقصر.
همست الفتاة: “رامونا، ديريل…”
“يا صغيرتي، لا يمكننا الموت جميعًا.
دعيها تموت، لمَ تهتمين بها وحدها؟”
“……”
“…رامونا. ديريل. هل هذا هو جوابكما؟”
خفت الغضب في ملامحها تدريجيًا.
“على الأقل… أنتِ، يا رامونا. وأنتِ، يا ديريل.
والبقية خلفكما… لا يمكنكم أن تكونوا هكذا.”
“……”
“هكذا تعاملون من ساعدكم على البقاء…
من جعلكم ما أنتم عليه الآن؟”
اهتزت وجوه المرأتين الواقفتيْن في المقدمة، وجمدتا.
“يا أوغاد…”
مدّت “مينت” يدها.
تجمعت طاقة “كيا”، وتشكل مسدسان.
ولم تكن وحدها —
ففي السماء، ظهرت أقراص طائرة مسلحة بأسلحةٍ أقوى من التي يعرفها “هيليوس”.
ملأت الأقراص السماء والفراغ…
“حسنًا… فلنمُت جميعًا إذًا، يا أولاد الــلعناء…!”
─── ・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ───
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 129"