116
“هآه…”
تنفّسٌ حادٌ يتسلل من بين شفتيّ.
منذ متى لم أبذل مثل هذا الجهد؟
أقيّد الشق وأزيد تدريجيًا من كمية الكيا ببطء.
“بيكسي.”
اسمٌ يبدو غريبًا عن هذا العالم، اسمٌ منحته إياه قبل نحو عشر سنوات.
كنتُ في الثانية عشرة من عمري حينها، والآن، كل شيءٍ غير محتوى القصة الأصلية قد أصبح ضبابيًا في ذاكرتي.
لكن، على الأقل وقتها، كنتُ أتذكر العالم السابق بوضوح أكبر.
مددتُ يدي، التي كانت موجهة نحو هيليوس، نحو الشق.
توسّعت الكيا التي كنتُ أستخدمها لمنع الشق من التوسع، والتي كانت متشابكة كالأغصان أو الكروم، بفعل الكيا الإضافية التي أضفتها.
توهّج الضوء الأزرق المائل إلى الخضرة بقوة أكبر.
“هف…”
كلما نظرتُ إليه، سال العرق البارد على جبيني. غريزتي تحذرني.
“مديرٌ مجنون، أيها الأحمق! أترسل تلميذي إلى مكانٍ يحتوي على مثل هذا؟”
هذا الشق لا يُقارن حتى بشيءٍ عُتّق لسبع سنوات.
…على الأقل، هو عتيق لعشر سنوات.
إذا انفجر، قد يدمر الشمال بأسره بحجمٍ مرعب.
إزالة شقٍ كهذا تتطلب تركيزًا هائلًا، لكن كلما كشف عن طبيعته المرعبة، ازداد إجباري على التركيز.
في تلك اللحظة.
**سوآآآك!**
كان غريزتي، التي شُحذت عبر سنواتٍ من اجتياز الأزمات، هي التي لاحظت شيئًا يثير أعصابي.
مددتُ يدي بسرعة.
“أخ…”
نفثتُ صوتًا، لا أدري أكان أنينًا أم زفرة، لأول مرة منذ زمنٍ طويل.
ما أمسكتُ به كان خنجرًا يطير نحو هيليوس.
خنجرٌ مغطى بكيا مشؤومة بكثافة.
لو أصاب هيليوس، لاخترق حاجزه وأصابه بجرحٍ قاتل.
“هل بقي أحد؟”
شعرتُ بحركة ستيفن هاس.
لم أتردد، بل استحضرتُ المزيد من القوة.
أدرك هيليوس أيضًا خطر موقفه، إذ شعرتُ بحركته الخفيفة.
يا لصدقه! أن يحاول التحرك بذلك الجسد المنهك. كدتُ أنطق بسخرية.
أنا الآن، بعد إطلاق الكيا، أكثر حساسية من المعتاد.
“أيها المعلمة، أستطيع حماية نفسي.”
“أعلم.”
عضضتُ على شفتيّ بقوة.
“لكنني أريد حمايتك رغم ذلك. ألا يجوز؟”
تجاهلتُ كلمات هيليوس التالية. مهما قال، سأستمع لأنها تُسعدني.
سأنهي الأمر بسرعة.
عندما استحضرتُ المزيد من الكيا، تغير شكل الضوء الذي غطى الشق.
كفٌ عملاقة.
بل كفتان، لا واحدة.
جمعتُ يديّ كمن يصفق.
**صفقة!**
في لحظة التصفيق، حُبس الشق بين الكفتين العملاقتين. بدأ صراع القوى.
كان قويًا، كما يليق بشيءٍ عتيقٍ كهذا.
حقًا، لو لم أكن أنا، لما أُزيل هذا الشق.
“ماما، يجب أن تعلمي أنني، حتى بعد موتك، لا زلت…”
طفلةً صالحة، أليس كذلك؟
عضضتُ أسناني.
تذوّقتُ طعم الدم، شعورٌ لم أختبره منذ زمن.
**كيييك!**
بدأ الشق يصغر تدريجيًا.
مال توازن الصراع لصالحي شيئًا فشيئًا.
لقد اختلّت الكفة. أصبح هذا تيارًا لا يمكن إيقافه.
لكنني لم أتسرع، بل زِدتُ من قوتي.
**كيييييك! كيآآآآآك!**
الشق العَتيق كارثةٌ حية. ليس له إرادة، لكنه يملك شيئًا يشبه غريزة البقاء البشرية.
صوته المرعب، الشبيه بالصراخ، يدل على ذلك.
إنه يكره الموت.
لكن…
“هنا أيضًا هناك صغيرٌ عزيزٌ لا يجب أن يموت.”
على عكس أفكاري الهادئة، كان جسدي يصرخ من الألم لأول مرة منذ زمن.
اعتبرتُ هذا الألم إثارةً نادرة، وتجاهلتُ الأوجاع التي تقشعر لها الأبدان.
تدفّق شيءٌ على زاوية فمي، لكنني تجاهلته واستحضرتُ ما تبقى من قوتي.
الآن!
**صفقة!** مع صوت التصفيق، تردد صدى هائل في الواقع.
**كوآآآآنگ!**
حدث انفجار، لكنه أصغر مما توقعت. وقع الانفجار داخل الكفتين العملاقتين.
انهار منزلٌ صغيرٌ كان تحت الشق مباشرة.
“انتهى.”
اختفى الشق.
نجحتُ في إزالته، لكن النجاح كان بفضلي أنا فقط.
لم أشعر بالفرح، ولا السعادة، ولا حتى الإنجاز.
نظرتُ إلى كفيّ المحترقين، المملوءين بالحروق.
“أشعر وكأنني على قيد الحياة لأول مرة منذ زمن.”
تمتمتُ، ثم شعرتُ بنظرةٍ حارقة.
“…”
كان هناك شخصٌ، شاهدٌ متميزٌ في الصف الأول، يحدق بي بنفسٍ ثقيل.
ابتسمتُ بوجهٍ مستنزف.
ما الذي يزعجك؟
كنتُ بحاجةٍ لالتقاط أنفاسي قبل الكلام.
“لم أفقد وعيي، هه!”
هذا هو الفرق بيننا. أضفتُ مازحة، ثم مُددت يد.
أمسكت يدٌ كبيرة معصميّ. يدٌ تمسكتني برفقٍ، عاجزةً عن القبض بقوة.
كانت ترتجف.
“سيؤلمك هذا.”
نظرتُ إلى هيليوس، الذي أخفض رأسه، بهدوء.
سقط شيءٌ على الحروق قطرةً قطرة. ليس المطر، إذن هي دموع.
أنا من يتألم، فلماذا تبكي أنت؟
أنتَ حقًا غريب.
“لا يؤلمني حقًا، فلماذا تبكي أنت، يا هيليوس؟”
أحب غرابتك هذه على الأرجح.
لم أرَ مثل هذه الغرابة إلا في ماما.
“لم أبكِ.”
منذ لحظةٍ ما، بدأتُ أرى فيك شيئًا أكثر خصوصية مما رأيته في ماما.
عضّ شفتيه، وتمتم بنفسٍ بطيء، كأنه يتنفس:
“قلتُ إنني يمكنني أن أكون مفيدًا.”
“حقًا؟”
“…”
أردتُ أن أربتَ على هيليوس، لكن الحروق ستلطخ يدي بالدم والصديد.
“توقف عن البكاء. معلمتك الآن لا تستطيع احتضانك بحنان.”
شعرتُ بقوةٍ تُضغط على يد هيليوس التي تمسك معصمي.
ربما بسبب استنفاد قوته، أو لعجزه عن الضغط بقوة، لم يكن ذلك مؤلمًا.
لم أقاوم عندما جذبني
برفق. أغمضتُ عينيّ ثم فتحتهما، فوجدتُ نفسي في أحضانه الرحبة.
يا له من صدر ضخم!
كأنه لحافٌ كبيرٌ صلب.
الأغطفة الرخيصة التي تُعطى للسجناء دائمًا باردة.
“ألا بأس إن كنتُ أنا من يحتضن؟ بما أن المعلمة لا نستطيع.”
احتضنني هيليوس بقوة، ودفن وجهه في كتفي.
تحرك فمي تلقائيًا:
“واه، ما العمل؟ لا أستطيع حتى تن اربت ظهرك.”
بسبب استنفاد الكيا، حتى شفاء يديّ صعب.
همس هيليوس ببطء، ووجهه مدفون في عنقي:
“سمعتُ كل شيء. قلتِ ‘أشعر وكأنني على قيد الحياة لأول مرة منذ زمن’. أيها المعلمة، هل… تشعرين بالحياة فقط من خلال الألم؟”
“أوه… سؤالٌ فلسفي. هل ستسألني بعد قليل ما هي الحياة؟”
“أيها المعلم.”
أن يسأل سجينٌ مثل هذه الأمور المعقدة! أنتَ حقًا لا زلت نقيًا. أشعر بالفخر بذلك.
“قلتَ إنك تريد رؤية حقيقتي، أليس كذلك؟”
بدلاً من الإجابة، تمتمتُ بهدوء بكلماتٍ أخرى:
“كن قائدًا.”
“…”
أحب صدقك، لكنني في النهاية لا أستطيع أن أعيش مثلك.
“عندها سأريك. أعطني وعدًا.”
“…”
بدلاً من الإجابة، احتضنني هيليوس بقوة مرةً أخرى. بعد لحظة، سمعتُ في أذني: “حسنًا، أعدك.”
ضحكتُ بخفة.
رفعتُ رأسي ببطء وأنا في أحضان هيليوس.
في الحقيقة، لم يشعر هيليوس المنهك بذلك، لكنني شعرتُ به منذ لحظة إزالة الشق.
“الخنجر الذي طار نحو هيليوس.”
شكله وكياه كانا مألوفين جدًا. كيا سوداء وحمراء.
مليئة بالشؤم.
من بين كل من أعرفهم، شخصٌ واحدٌ فقط يملك هذه الكيا.
و…
الملاحقون الذين كانوا يتبعوننا أينما ذهبنا، كأنهم يعرفون. ثروةٌ مجنونة تستخدم قتلةً محترفين.
في نهاية نظرتي، كان هناك من يبتسم برفق.
لكن عينيه لم تبتسما أبدًا.
“ههه…”
فتح الرجل فمه، يضحك بلا صوت.
وجهٌ شاحبٌ غارقٌ قليلاً في الظلال، وعينان حمراوان كأنهما تشتعلان، تحدقان بي.
كان هاديس.
بالأحرى، شبحٌ على هيئته.
لكن الأصل ربما رأى كل هذا من السجن.
احتضنتُ هيليوس بقوة وضيقت عينيّ.
إذن كنتَ أنت.
كما علمتُ كل شيء، علموا هم أيضًا.
وجهٌ شريرٌ، جميلٌ أكثر من اللازم، يغوي بنظرةٍ متعرجة.
شفتان حمراء كالدم تهمسان كأنها تغني:
“آنستي.”
رغم المسافة، فهمتُ حركة شفتيه.
“وجدتك.”
أدرك أن “غاريت” كانت “مينت”.
كان متأكدًا.
─── ・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ───
التعليقات لهذا الفصل " 116"