1
أصبحتُ مرشحةً لعروس الدوق الذي أحبّه من طرفٍ واحد
الفصل الأول
“إذًا، من تكونين، ولماذا أتيتِ إلى هنا؟”
شقّ صوته البارد الهواء.
لم يكن يسأل لأنه يريد معرفة الإجابة حقًا، فلا بد أنه قد سمع عني بالفعل أثناء اصطحابي إلى غرفة الاستقبال.
إذن، كان ذلك السؤال يعني ‘أريد سماع ذلك منكِ مباشرة’.
“أنا إيلينا بيلاشيتا، من عائلة الماركيز بيلاشيتا. لقد جئتُ إلى هنا لأنني أريد الزواج منك، يا سيّد الدوق.”
ما إن أنهيتُ كلماتي حتى ظهر الامتعاض على جبين الدوق الوسيم.
وجهٌ منحوتٌ بجمالٍ متوازن، شعرٌ أسود كالليل الداكن، وعينان ذهبيتان متلألأتان.
كان هذا الرجل أمامي هو نفسه الأمير هيليو، المعروف حاليًا بالدوق كاستيا، الرجل الذي لا يزال محفورًا في ذاكرتي.
لكن خمس سنوات مرت، وكما تغيّرت الذكريات، تغيّر هو أيضًا. بدا أكثر نضجًا ورجولةً مما كنت أذكره.
للحظة شعرت بالفرح لرؤيته مجدداً، لكن تلك السعادة لم تدم طويلاً.
أدركتُ بسرعة أن الأمير اللطيف الذي عرفته لم يعد هنا.بدلا من ذلك كان ينظر إليّ الآن بعينين باردتين كالجليد.
“زواج؟ متى قلتُ إنني سأخوض هذه التجربة؟ لا بد أن هناك خطأ ما. أو ربما كنتِ تحلمين فقط.”
جئتُ إلى هنا استجابةً للإعلان عن اختيار دوقة جديدة، لكن ردّ فعله كان وكأنه يسمع بذلك لأول مرة.
منذ لحظة وصولي، شعرتُ أن هناك أمرًا غير طبيعي.
عندما قدّمتُ نفسي لأول مرة، أظهر الجميع ردّ الفعل ذاته.
ظننتُ أن الأمر لم يُبلّغ بعد للطبقات الأدنى، لكنني لم أكن أتخيل أن حتى الدوق نفسه لم يكن يعلم بذلك.
كيف يمكن لرجلٍ يُفترض به اختيار زوجة أن يكون غير مدركٍ للأمر؟
أم أنني كنتُ أحلم بالفعل؟
…مستحيل!
“لقد تأخر الوقت اليوم. من الأفضل أن تبيتي هنا هذه الليلة وتعودي في الصباح الباكر.”
بينما كنتُ أحدّق بصمت، استنتج الدوق قراره وحده.
انتظر، هذا ليس من المفترض ان يحدث!
“لـ-لحظة! لقد جئتُ إلى هنا بعد أن تلقيتُ خطاب رسمي من الامبرطور عن اختيار دوقة جديدة!”
عند سماعه كلمة “خطاب رسمي”، ظهر بوضوح امتعاضٌ على وجه الدوق.
أشار برأسه إلى الوثيقة التي كنتُ أحملها.
“هل هذا هو الخطاب الذي تتحدثين عنه؟”
“نعم؟ نعم، إنه هو.”
“أعطيني إياه.”
انتزع الدوق الوثيقة من يدي كما لو كان يفحص سلعةً مشبوهة، وبدأ فحصها بعناية من جميع الجوانب.
‘هل يشكّ في أنها مزورة؟’
ختم العائلة الإمبراطورية كان عليها، ومن المستحيل أن يكون قد تم تزويرها.
كنتُ قد توقعتُ بالفعل أن هذا القرار لم يكن من رغبة الدوق.
فقد أعلن قبل سنوات أنه لن يتزوج أبدًا.
لكنني لم أتوقع أبدًا أن يكون غير مُطّلعٍ على الأمر تمامًا.
كلما قرأ الدوق محتوى الوثيقة، ازداد عبوسه سوءًا.
“هاه، هذا جنون.”
“عذرًا؟”
أكان يشير إلى جلالة الإمبراطور؟ أم… إليّ أنا؟
مهلا… هل تجرّأ على تجعيد الورقة التي تحمل ختم الإمبراطور؟
الوثيقة التي كنتُ أنوي الاحتفاظ بها كذكرى ثمينة سُحقت بلا رحمة بين يدي الدوق.
كان محتوى الوثيقة كالتالي.
‘بصفتي الأخ الأكبر، أشعر بالقلق على شقيقي الأصغر، لذا قررتُ فتح باب الترشيح لمنصب دوقة كاستيا.
هذه الوثيقة ليست إجبارية، ويُترك القرار لعائلات النبلاء ممن لديهم فتيات في سن الزواج.
يُطلب من المرشحة المختارة البقاء في قصر الدوق لمدّة ثلاثة أشهر.
بعد هذه الفترة، يكون القرار النهائي بشأن الزواج بيد دوق كاستيا وحده.
على من توافق على الشروط المذكورة التوجّه إلى أراضي الدوقية فورًا.’
تم إرسال هذه الوثيقة إلى جميع العائلات النبيلة من رتبة كونت فما فوق في العاصمة، والذين لديهم فتيات في سن الزواج.
وثقتُ بها تمامًا، وسافرتُ لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ بلا توقف للوصول إلى هنا.
“إذن، جئتِ إلى هنا بناءً على هذه الوثيقة، راغبةً في أن تصبحي عروسي؟ هل هذا صحيح، آنسة بيلاشيتا؟”
“نعم، هذا صحيح. ويمكنك مناداتي بإيلينا بكل بساطة، أو ‘إيلي’ إن شئت.”
ابتسمتُ بلطف.
في مثل هذه المواقف، من الأفضل فقط الابتسام. بعد كل شيء، لن يطردني بعد أن وصلتُ إلى هنا، صحيح؟
“عودي إلى ديارك.”
لقد طردني بالفعل.
“أعلم أنكِ بذلتِ جهدًا للوصول إلى هنا، ولكن آسف، أنا لستُ مهتمًا بالزواج. كما قلتُ، يمكنكِ البقاء الليلة، ولكن بعد ذلك…”
“لن أرحل.”
قاطعته قبل أن يُنهي كلامه.
كيف يمكنني المغادرة بسهولة بعد كل ما مررتُ به للوصول إلى هنا؟
“رغبتكِ لا تهمّ.”
“لقد جئتُ بأمرٍ إمبراطوري.”
“سأتحدث إلى جلالة الإمبراطور بنفسي، لذا عودي إلى منزلك.”
“سأبقى هنا.”
مع كل رفضٍ مني، ازدادت حدة نظرته.
كانت عيناه الجميلتان المتجمدة تشعّان برهبةٍ باردة، لكنني لم أتجنب نظرته، بل واجهته بثبات.
“تصرفكِ هذا وقح. أخبرتكِ أنني لا أريد ذلك، فهل تعتقدين أن العناد سيغيّر شيئًا؟”
“الأمر لا يتعلق بما تريده. الوثيقة تقول بوضوح إن المرشحات سيبقين في القصر لمدة ثلاثة أشهر.”
حفظتُ محتوى الوثيقة عن ظهر قلب، بعدما قرأته عشرات المرات.
إذا غادرتُ الآن، فسأعود مباشرةً إلى المنزل. ولم يكن أمامي سوى الوثيقة الإمبراطورية للتمسك بها.
“يعهد جميع القرارات بخصوص اختيار دوقة جديدة الى إرادة دوق كاستيا. بعد ثلاثة أشهر، إذا طلبتَ مني الرحيل، فسأفعل دون اعتراض. ولكن ليس الآن.”
لقد أحببته سرًا لسنواتٍ خمس.
كان الوحيد الذي مدّ يده إليّ عندما أدار الجميع ظهورهم لي. ما زلتُ أتذكر دفء يده وابتسامته في ذلك اليوم.
ربما نسي هو، لكن ذلك اليوم ظل محفورًا في داخلي كأنه حدث بالأمس.
‘أختيار دوقة جديدة’.
كان الإعلان فرصةً لا يمكن تفويتها.
نظر إلى الدوق وأنا أردد الإعلان كما لو كنت أقرأه، لقد بدا للحظة من فقد الكلام.
أراد الدوق أن يردّ عليّ، لكنه توقف فجأة عندما دخل أحد الحراس على عجل.
“جلالتك، هناك رسولٌ من العائلة الإمبراطورية.”
هل يعني ذلك أن الوثيقة الرسمية قد وصلت أخيرًا؟ لو وصلت في وقتٍ أبكر، لما اضطررتُ إلى هذا الجدال.
لكنني الآن كنتُ ممتنةً لحليفي الذي جاء في اللحظة المناسبة.
“أمرٌ من جلالة الإمبراطور. سأقرأه الآن.”
فتح الرسول الخطاب وبدأ بقراءته، وكان مطابقًا للوثيقة التي أحضرتها، باستثناء جملتين أُضيفتا في النهاية.
“هذا القرار إلزامي، ولا يُسمح للدوق برفضه.”
في تلك اللحظة، أدركتُ الحقيقة. لم يكن وصول الرسول متأخرًا.
بل كان مخططًا له بعناية. كان مهيئاً وصول الرسالة عند وصول أول مرشحة لمنصب الدوقة الكبرى.
كانت تلك رسالةً من الإمبراطور إلى الدوق، مفادها أنه ليس لديه مجال للرفض.
***
أطلق هيلّيو تنهيدة عميقة بعد أن أمر بأخراج إيلينا.
لم يكن لديه حتى كلام ليقوله من شدة الذهول.
أختيار شريكة زواج دون علم الشخص المعني بالأمر؟ هل يمتلك شقيقي الأكبر أي عقل؟
كان قد بدأ يشك في غرابة الرسائل التي تبادلها مع أخيه كايلوس منذ فترة.
ففي أحد الأيام، كان يرسل إليه خطابات طويلة عن مدى ظرافة زوجته، ثم في المرة الأخيرة، أرسل قائمة مليئة بفوائد الزواج.
عندما سمع أن الإمبراطورة حملت بعد عناء، ظن أنه مجرد أب متفاخر يريد أن يستعرض سعادته، فتركه وشأنه. لكنه لم يكن يتخيل أبدًا أنه كان يخطط لمثل هذه الحماقة.
“إيلينا بلاشيتا، أليس كذلك؟”
كانت فتاة جريئة. بالكاد بلغت العشرين من عمرها لم تكن طفلة، ولكنها أيضًا لم تكن امرأة ناضجة تمامًا.
شعرها البلاتيني الفاتح المتموج، وعيناها الأرجوانيتان الواسعتان، وبشرتها البيضاء الخالية من العيوب، والتي زادت من بروز شفتيها الحمراوين.
بلاشيتا… ما إن سمع الاسم حتى قفزت إلى ذهنه ذكرى.
“بلاشيتا إذن هي تلك الفتاة؟ لقد كبرت كثيرًا عمّا كانت عليه آنذاك.”
كم سنة مرت منذ ذلك الوقت؟
هل كانت تبدو هكذا حينها أيضًا؟
حاول أن يسترجع ملامحها، لكنه لم يستطع تذكر وجهها بوضوح.
ولكن ما بقي محفورًا في ذاكرته بوضوح هو عيناها الأرجوانيتان، اللتان رفعتاهما بثقة آنذاك.
لم يكن يتوقع أن تعود تلك الطفلة الصغيرة الآن لتعيقه.
“جئتُ لأنني أريد الزواج من سموّ الدوق.”
عندما تذكر إيلينا وهي تقول ذلك بثبات، ارتسمت على شفتيه ضحكة ساخرة.
“أن تصبح دوقة؟”
تبدوا بريئة لدرجة أنها لا تعرف شيئًا عن العالم، ومع ذلك تحلم بحلم جريء كهذا.
هل جاءت إلى هنا بناءً على أوامر والدها الماركيز؟ أم أنها مجرد نزوة عابرة لنبيلة شابة؟
أم ربما تخفي تلك الرأس الصغيرة طموحًا حقيقيًا للسلطة؟
لكن بغض النظر عن السبب، لم يكن يهمه الأمر على الإطلاق. فهو، هيلّيو، لم يكن ينوي مطلقًا مجاراة مثل هذه الأوهام السخيفة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل "1"