4
4
الفصل الرابع
المهمة C23, C24
【 قاعة الاجتماعات / قصر موريارتي – الساعة 11:00 صباحًا】
تَكَّة عقارب الساعة الأرضية الكبيرة في القاعة، أعلنت عن اقتراب موعد اجتماع طارئ. كانت الساعة تشير إلى العاشرة و ثمانية و خمسين دقيقة ، ثواني معدودة تفصلنا عن الإجتماع، و فجأة يدق جرس الساعة وأبواب القاعة تنفتح، ويدخل سيباستيان أولًا بخطوات ثقيلة موزونة، يتبعه جاك وإيلارا، بينما سيلين ظهرت متأخرة خلفهم قليلًا ثم جلسوا بهدوء.
توسّط سيباستيان المجلس بعدما وضع جريدة صباحية و ملفا أسودا في منتصف طاولة فخمة إستقبلت ضيوفها بفناجين القهوة ، لكن ما لُفت من الملف كان الرمز التالي عليه:
C 23, C 24
ثم قال سيباستيان بنبرة منخفضة و حازمة:
“الخبر انتشر أسرع مما كنا نعتقد. الشرطة تعتقد بل تُسلم بوجود منظمة مشبوهة تقف خلف عملية التصـفية الأخيرة… ” ثم أمسك بالجريدة و قلّب صفحتها ثم وضعها في الطاولة مشيرا إلى تصريح صفحي يقول :
“التحقيقات لا تستبعد أن تكون خلفية السجين
المقتول، مرتبطة بمنظمة سرية تُعرف في الأوساط الجنائية بالحرف M…”
فإستشاط جاك غضبا وضرب الطاولة بقبضته قائلا:
“كروز !!، هذا الوقح بدأ يقترب من ملفات لا يجب أن يمسّها… يجب إسقاطه قبل أن يربط الخيوط ، ليس هذا فقط بل ذلك بسبب فشلنا في مهمة السطو ، تم القبض على أحد أعياننا في المنظمة ، كل هذا بسبب ذلك الغبي…” .
فقاطعت كلامه إيلارا قائلة : “
بفضل الهادئ إستطعنا القضاء عليه قبل أن ينطق بحرف واحد …و لكنني أكاد أجزم القول… أنه كان يجب التخلص من السجين مبكرا قبل بدأ الشرطة في التحقيق معه و موته مقتولا بهذه الطريقة أثار الشبوهات أكثر من حولنا “.
و بينما كان دم جاك يغلي غضبا و إنزعاجا من كل ما حصل، إنتبه لهدوء سيلين اللافت للإنتباه ثم قال :
“أنت هادئة بشكل مميز أكثر من اللازم ، يا سيلين ! “.
فرفعت عينيها في عينيه وأجابته بنرفزة قائلة :
“أنا فقط أفكر أنه يجب علينا أن التفكير سريعا في جميع خياراتنا قبل أن نخطو خطوة واحدة ، بدلا من الشجار في ما لا منفعة منه الآن !” .
فرد عليها بغرور قائلا:
“ما الذي يجب مراعاته؟ أليس الأمر واضحا؟ ، لقد اتخذ كروز اختياره في العبث معنا…أقول أننا يجب أن نبيده الآن بينما لدينا الفرصة! ليس هو فقط… بل عائلته أيضا “.
ثم أردفت إيلارا وهي تتصفح الملف قائلة:
” ِطبقا للمعلومات في الملف، الهدفان التاليان مكانهما في منطقة نائية قليلة السكان و الضوضاء . أرى أن نكلف الهادئ بتنفيذ المهمة لأنها تعد ورقة رابحة بالنسبة لنا ، فإسم سيلين ليس موجودا في أي السجلات الأمنية ، لكن الحذر واجب “.
و بعد صمت وجيزٍ نهض سيباستيان عن كرسيه و إلتقط صورة إليوت كروز رفقة زوجته من الملف ، ثم أخرج ولاعة من جيبه و أحرق الصورة قائلا بنبرة باردة مخيفة:
” يبدو أنهم لم يفهموا بعد أن من يلعب بالنار …يعني قبول أن تحرقه إلى النخاع…”فإحترقت الصورة بالكامل ثم تركها تهوي إلى الأرض و دعس عليها بقدمه بغضب، ثم إلتف سيباستيان موجّهًا نظره لأحد أعضاء المنظمة المَوثوقين .
كان جالسا هناك في زاوية لم يلتفت إليها أحد…في نهاية الطاولة، رجل يلتف به الغموض من كل النواحي ، مسندا ظهره على كرسيه ، مكتوف الأيدي يكتسي قبعة سوداء تغطي عينيه ومعطفا طويلا بألوانٍ عسكرية و سروالا داكنا . لا يُرى منه سوى وهج السيجارة بين أصابعه و يصغي مركزا ، تجنبت إيلارا النظر إلى الزاوية حيث يجلس ‘الحرباء’… وكأن بصره يثقب ظهرها .
بينما سيباستيان و جاك لم يهتما له و كأن حضوره أمر مفروغ منه.
فقط سيلين من لاحظت وجوده لأول مرة في القصر،و شعرت لوهلة وكأن الهواء تغيّر في القاعة بتواجده على وجه الخصوص ، كيانه و ملامحه لاتُرى بل لا يُشعر بها وهي من وراء دخان غير مرئي.
لم تستطع سيلين أن تزيح طرف عينِها منه ، فتمتمت في نفسها قائلة ” من يكون هذا الشخص في الزواية المظلمة؟! ، لم أره في حياتي !”
ثم قال سيباستيان بنبرة منخفضة حازمة:
” الحرباء… ستتولى مهمة دراسة و تفقد محيط المهمة ، إفعلها كعادتك بدون أخطاء …”.
لم يُجب بكلمة واحدة ، بل حرّك رأسه بخفة، وسط تراكم دخان سيجارته المتصاعد.
ثم أكمل سيباستيان كلامه قائلا:
“أما بنسبة لك يا سيلين…ستكونين المسؤولة عن هذه المهمة، نفذيها بأقل خسائر، وعودي دون أن تتركي أثرا. فالوقت محدود.” .
فرمشت عينيها و كأنها إستيقظت من تنويم ثم رفعت عينيها إلى سيباستيان و أومأت برأسها ثم تمتمت في نفسها و هي تنظر للملف :
” أخيرا ، لقد حان الوقت …” ثم إلتفت إليه و قالت بصوت عال:
“متى التنفيذ؟”
فأجاب جاك قائلا :
“الليلة، على تمام الساعة 01:00 صباحا بعد منتصف الليل …”.
ثم أردف سيباستيان قائلا قبل مغادرته القاعة:
“إذا أخطأتِ، سنخسر أكثر مما نحتمل.” . ثم أردف جاك وهو يبتسم بخبث قائلا:
” لا تقلق ، يا أخي فهي ستظل أسيرة عينيّ حتى نفاذ المهمة ، أليس كذلك يا أختي العاقة”.
فتصلبت نظرة سيلين ثم إبتسمت بهدوء قائلة :
“إطمئن ، يا سيباستيان، و يا جاك . فأنا…لن أفشل في هذه المهمة أبدًا “. فإتسعت عينا سيباستيان لوهلة لأنه و لأول مرة منذ زمن طويل بدى حزم و إصرار من سيلين في تنفيذ مهامها في هذه المرة بذات ، بعدما كانوا قد بدؤا بالشك فيها و خصوصا جاك الذي لم يكن يدع أي فرصة تمر بين يديه ، إلا و يستغلها ليغيض سيلين و ينعتها بأبشع الصفات و يُذكرها بخيانة أمها كاترين للعائلة موريارتي و كيف لقت حتفها بعدما تمردت عليهم و هربت لزواج بفرد من عائلة تكن العداوة لعائلة موريارتي و أيضا بسبب خيانة كاترين لأخيها إيفان موريارتي بالذات .
ثم غادروا القاعة و إنصرف كل واحد منهم إلى أشغاله. إتجهت سيلين حاملة الملف معها إلى غرفتها ثم أخرجت هاتفها الجوّال و قامت بإرسال رسالة صوتية إلى سبارك مفادها كالآتي:
(وقت تنفيذ المهمة X0 …قد حان أخيرا . الكل سوف يشهد نهاية … الهادئ .) .
【 في منطقة سيغول النائية / الساعة 12:57 منتصف الليل】
(سيلين في سيارة رمادية مركونة في زقاق ضيق من الجهة الأخرى للطريق أمام منزل آل كروز )
المطلوب : مهمة سرية للغاية / تصفية الهدفين C 23, C 24
كان الهدوء قاتلاً ، لدرجة أن أنفاس سيلين كانت تُسمع بوضوح ، و دقات قلبها تعزف معزوفة الموت المألوفة، إما النجاح في المهمة أو الهلاك الحتمي ، لكن هذه المرة ليست كسابقاتها ،لأنها صممت أنها هي من ستختم الأمور ، و من ستقرر ذلك من الآن فصاعدًا . لم تشأ سيلين هذه المرة أن توقد على سيجارتها كعادتها قبل كل مهمة …
“أريد وضع حدٍ نهائيٍ للأبد !… إما الآن أو فلا ” قالتها في نفسها و هي تراقب تقلص الفارق الزمني عبر الشاشة الكترونية الملتصقة بلوحة القيادة للسيارة، قبل الشروع في تنفيذ المهمة ، و فجأة صوت رنة خفيفة لإشعار تلقي رسالة نصية ظهرت على وجه الشاشة الكترونية من طرف جاك قائلة:
“لقد حان الوقت… أدخلي ،نفذي بسرعة و أخرجي دون ترك أثر”.
أخذت سيلين نفسا عميقا، ثم شدّت على ذيل شعرها بحزم ثم تفقدت مسدسها و فتحت باب السيارة بهدوء تراقب سكون المنطقة النائمة حولها . هدوء تام فقط أصوات طيور البوم تتردد من بعيد و كأنها الشاهد الوحيد الغير الناطق ، تسللت بخفة إلى سور منزل الزوجين إلى الفناء الخلفي للمنزل وبثقة ثابتة وقفت لوهلة تراقب من بعيد فعضت على شفتاها عندما وجدت كلب الحراسة الخاص بهم من فصيلة الكلب الراعي مستيقظا ، فأخرجت مسدس تخذير و صوبته على الكلب لينام لساعة من الزمن ، ثم تقدمت لتلقي نظرة إذا كان فاقد الوعي تماما، ثم إتجهت إلى الباب الخلفي و بسهولة إستطاعت فتح قفل الباب الخلفي و الولوج إلى المنزل أخيرًا .
كان المنزل هادئًا على غير العادة… فقط صوت عقارب الساعة الجدارية ، فوقفت سيلين في الظل
تراقب أنحاء المنزل البسيط الذي كان مليئا بالحياة و الدفء ، حتى و إن كان أهله نمام . فجأة أحست بغصة في صدرها …فهذا الدفء الجميل المتواجد في هذا المنزل البسيط كان لا يقارن بالقصر الواسع البارد الذي قضت فيه عمرها كله ،”حتما كان يفتقر ذلك القصر الذي تربيت فيه إلى الدفء و الحنان !” قالتها في نفسها و هي تتفرج على الديكور المحاط بالمنزل و صور الطبيعة الخلابة و فرحة وإبتسامات الزوجين السعيدة ، و لأول مرة إبتسمت برضاً مُؤقةٍ، سرعان ما تذكرت الوقت المحدود الذي يسابقها .
فصعدت الدرج إلى الطابق العلوي بهدوء و إقتربت من باب غرفة نوم الزوجين و بيدين مغلفتين بالسواد فتحت الباب و تقدمت ببطء نحو سرير الزوجين اللذان كانا يرقدان بسلام .
و بسرعة أرادت إنهاء الأمر ، فسحبت مسدسان مزودان بكاتم صوت و ثم وجهت المسدسان إلى رأسيهما ، فأنهت أمرهما مرة واحدة حتى يرقدان بسلام معًا إلى الأبد . فإرتجف جسدهما من أثر إختراق الرصاصة رأسيهما، و نزلت دمعة غير إرادية من عين الزوجة و إنسابت على خذها ، فإنقطع الصوت تاما و عمّ سكون مخيف و مريب ، فإقتربت سيلين منهما لتأكد من فنائهما ، ثم تنهدت بعمق و فكت شعرها لينسدل حُرا من شدّ أعصابها من التوتر و القلق .
ثم نقرت على سماعة أذنيها و قالت بصوت خافت للجاك :
” تمت العملية بنجاح … الهدفان تم تصفيتهم! ”
فرد عليها جاك قائلا :
” عُلم ، وقت العودة إذا … تأكدي من نظافة مجالك قبل الإخلاء “.
فخرجت من الغرفة بهدوء و أغلقت باب الغرفة ثم قامت بمسح البصمات من على المقبض و عندما هبت بالمغادرة أخيرًا … تجمدت لوهلة بعدما سمعت صوت بكاء قريب في المنزل ، فإتسعت عيناها من الدهشة و هي تفكر في مصدر صوت البكاء قائلة بإرتباك :
” ماذا ؟! ، من أين يصدر صوت البكاء هذا ، أيعقل أن لزوجين أطفال! “
فإتجهت تتبع مصدر الصوت الذي كان يصدر من الغرفة المجاورة للغرفة نوم الزوجين ، فأخرجت مسدسها بدافع الغريزة ، إستعدادًا لمواجهة مهما كان خلف الباب، و إذا به يكون خلف الباب، غرفة نوم مخصصة لرضيع حديث الولادة ، في غرفة شبه مضيئة بمصباح تهويذة مخصصة للنوم الأطفال، تتراقص أنواره في أرجاء الغرفة كأنه الشفق ، و مهد صغير أبيض يتوسط الغرفة و منضضة بجانب المهد عليها لعب محشوة و صورة لرضيع صغير رفقة والديه اللذان إتضح أنهما الزوجان آل كروز الذي تم إغتيالهما منذ فترة من طرف سيلين . مكتوب على إطارها ( ملاكي الصغير ، حُب ماما ، لويس كروز)
كان الرضيع يبكي بشدة و كأنه يطلب أمه فورا للإحتضانه ، و في تلك الأثناء عجزت سيلين حقا عن فعل أي شيء فقالت بصوت مضطرب :
” سحقا!!، إهدء يا أيها الطفل الصغير ، فهذا ليس وقتك إطلاقاً !” .
و فجأة إتصل جاك بها ، فترددت في الإلتقاط المكالمة ثم أجابت عبر سماعتها ،
فنطق جاك قائلا :
“ما هذه الضوضاء ؟”
ترددت سيلين في الإجابة سريعا و هي تنظر إلى الرضيع الذي إحمرت وجنتاه من البكاء الشديد ثم إبتلعت ريقها ، و قالت بصوت مرتجف واهن:
” إنه…إنه طفل … رضيع صغير ، يبدو أنه إبن الزوجين ” .
فهدأ جاك لوهلة ثم رد عليها قائلا:
“ماذا ، رضيع صغير !، كيف هذا ؟”
فردت عليه و هي تشد على رأسها قلقا من فشل كلتا المهمتين قائلة :
” لست أدري ، يبدو أن الطفل حديث الولادة لهذا لم يُعلم عنه شيءٌ بعد..”
و بدون أي سابق إنذار أو أدنى شفقة قاطعها جاك قائلا:
” إذاً … ماذا تنتظرين هيا، أقتليه و أخرجي من المنزل!”
فصدمت سيلين من قول جاك المزلزل الذي هز كيانها بشدة فأجابته متعجبة منصدمة قائلة:
” ماذا ؟! لا إنتظر أنت تمزح بالطبع! “
فأجابها ببرود قاتل ٍقائلا :
“من قال لك أنني أمزج …هيا أقتليه !”
فردت عليه بصوت عال قائلة:
” لا ! …لا يمكن هذا !… أقصد … أنه ليس من ضمن المهمة أصلا !”
فإنفجر جاك صارخا في أذنها قائلا :
“لا تنسي أنني أراقب كل شيء… و إذا نزلت إليكِ، فتأكدي أنها ستكون نهايتك الفّدى .فنفذِ الأمر بسرعة! ، و إلا سأقتلكما كلاكما بنفسي ! “.
فإرتجفت سيلين من صوت جاك للمرة الثالثة في حياتها ، تلعن الدقيقة التي جاءت فيها إلى غرفة الرضيع الصغير . و لكنها في الأخير أخفضت عينيها بيأس ثم قالت بصوت خافت للجاك عبر السماعة بعيون زجاجيةٍ :
” أمرك !…”
ثم أخفضت مسدسها و أخرجت هاتفها الجوّال و ضغطت على الزر ‘إطلاق’ فتحولت شاشة الهاتف كلها إلى اللون الأحمر و همست قائلة :
” وقت التنفيذ الخطة البديلة … إطــلاق!! ” .
يتبع…
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 8 - الحياة في نوفا مير 2025-08-06
- 7 - تخطيط جديد...بداية جديدة 2025-08-05
- 6 - رماد الإنبعاث 2025-08-04
- 5 - الإنفجار 2025-08-03
- 4 - المهمة C 23, C 24 2025-08-03
- 3 - طفولة مكسورة 2025-08-03
- 2 - المهمة 095 2025-08-03
- 1 - دفتر على الرمال 2025-08-03
التعليقات لهذا الفصل " 4"