للهِ بَيعِي قَدْ مَضَى والقَلبُ بِالعزمِ اسْتَزَان
قُرآنُ ربِّي زَادُنا أُنسُ اللَّيالِي والأَمَان 🤍
الفصل5
“هذا الشرط… ألا تعتقد أنه قاسٍ بعض الشيء على طفلة؟”
في اليوم التالي، بعد ظهر هادئ في المكتب.
ظل نوكس قلقًا طوال اليوم، وأخيرًا اقترب من كاليبس، الذي كان جالسًا على مكتبه منشغلًا بأعماله.
“ماذا تقصد؟”
“أعني، على الرغم من أنني لا أهتم، إذا علم الناس أن سيادتك قد وضعت مثل هذا الشرط مع طفلة في الخامسة من عمره، فقد يؤثر ذلك سلبًا على صورتك العامة.”
“آه…”
ردّ كاليبس بلا مبالاة.
“الإعدام بقطع الرأس؟”
“…كنت أحاول التلميح فقط، لكنك قلتها بصراحة تامة، وهذا مخيف بصراحة.”
“من الذي يخاف؟”
“أنا.”
اتسعت عينا نوكس الزرقاوان خلف منظاره الأحادي.
نعم.
كان الشرط الإضافي الذي وضعه كاليبس للطفلة البالغة من العمر خمس سنوات هو: “إذا لم يجد الأميرة، فسيتم إعدامها بقطع رأسها.”
كان ذلك شرطًا لا يليق بحامي مملكة فروزن، دوق كروست.
“لم يكن ذلك سوى عقد غير جاد من الأساس، لا تكن سخيفًا.”
“إذًا، هل كنت تمزح؟”
ردّ كاليبس بلا مبالاة.
“كنت فقط أساير الأمر.”
“ولكن ماذا لو كانت الطفل تكذب؟ هل كنت ستنفذ الإعدام حقًا؟”
“لا أنوي قطع رأس طفل لم يجف دمه بعد. أردت فقط رؤية ردة فعلها.”
(“طفل لم يجف دمه بعد” هي تعبير مجازي يُستخدم للإشارة إلى أن الطفل لا يزال صغيرًا جدًا او حتى عند مقارنة خبرته بالحياة مع الآخرين.)
ردة فعلها؟
“تلك الطفلة…”
أجاب بوجه غير مكترث، لكن عينيه الحمراوين المتوهجتين خلف قناعه كانت تحمل برودة قاسية.
إذا كان هذا مجرد مزاح، كانت الطفلة ستتراجع خوفًا، لكنها لم تفعل.
صحيح أن يد الصغيرة ارتعشت قليلًا، لكن تعابيرها كانت جادة كمن اتخذ قراره بالفعل.
وهذا ما أقلق كاليبس.
لأن هذا يعني أن كلام أيشا لم يكن كذبًا.
وإذا كان صحيحًا، فإن الأميرة إيف الآن في مملكة نوكتيا.
“تحديدًا، في دار أيتام قرب مستنقعات أندرا في دوقية بوز.”
مجرد التفكير في الأمر جعل صدغه يؤلمه.
في الأصل، كانت المملكتان قد وقّعتا معاهدة سلام بسبب العدو المشترك، الوحوش.
حيث أن قوة التجميد الخاصة بعائلة دوقية كروست قد أنشأت جدارًا جليديًا هائلًا منع دخول الوحوش.
ولكن…
بدأت مملكة نوكتيا تتصرف بغرابة مؤخرًا.
فقد أصبحت تتسلل عبر حدود مملكة فروزن دون إذن، بل وحتى أرسلت لصوصًا كما لو كانت تختبر الدفاعات الملكية.
كانت معاهدة السلام التي أُبرمت بهدف القضاء على الوحوش تتصدع تدريجيًا بسبب استفزازات مملكة نوكتيا المتزايدة.
وفي ظل هذا الوضع، لم يكن هناك خيار سوى إرسال رسالة زيارة إلى جانب نوكتيا.
“لنرسل رسولًا أولًا.”
كانت هذه المشكلة بحد ذاتها، لكن لم يكن هناك خيار آخر، لذا قرر إرسال رسالة شخصية إلى دوق بوز.
وبعد بضعة أيام…
“هذا غير معقول.”
قطب نوكس جبينه أثناء قراءته لرد الرسالة.
“يُسمح لك بالمجيء إلى دوقية بوز، لكن دون أي فرسان للحماية، ومع مرافقين اثنين فقط. إضافة إلى ذلك، يريدون منا التنازل عن سهل كرايم كتعويض.”
“هؤلاء الأوغاد.”
ضحك كاليبس ساخرًا، بينما أظلمت عيناه.
كان سهل كرايم أرضًا حافظت عليها عائلة كروست خلال حرب الأراضي ضد نوكتيا قبل عشر سنوات.
لكن، رغم أن الشروط كانت ظالمة بشكل واضح، لم يكن أمامه خيار سوى القبول.
لأن أبناءه كانوا أهم من الأرض.
“أبلغهم أنني سأزورهم بعد أسبوع.”
اتسعت عينا نوكس في صدمة.
“ماذا؟ أرجوك، أعد النظر في الأمر. الأرض مسألة مهمة، لكن أن يُطلب من نبيل الذهاب بلا حماية؟ هذا أشبه بالسير مباشرة إلى عرين النمر!”
“أبلغهم أنني سأزورهم.”
لكن كاليبس قالها بحزم، مما يعني أن النقاش قد انتهى.
نهض من مقعده، لكنه توقف فجأة.
“وبالنسبة لتلك الطفلة.”
“الطفلة؟”
“نعم، أيشا. لقد قيل إنها كانت في دار الأيتام نفسها التي وُجدت فيها الأميرة، لكن من الغريب كيف وصلت إلى هنا.”
“هاه، أخيرًا أمر منطقي.”
تنهد نوكس بارتياح أخيرًا بعد سماع أمر معقول.
ولكن-
“في الواقع، لا داعي لذلك.”
“ماذا؟”
فجأة، ارتدى كاليبس عباءته.
كانت تلك العباءة التي يرتديها فقط عندما يتجول في الحديقة، حيث يخلع قناعه.
“سأتحرى بنفسي.”
الطفلة تبقى طفلة.
كان الاقتراب منها كأحد الفرسان واستجوابها أمرًا غير مجدٍ، وربما يكون التسلل كأنه بستاني أكثر فاعلية.
“ماذاااا؟! س، سيدي!”
نوكس صررررخ!
حاول نوكس اللحاق به، لكن كل ما واجهه كان بابًا مغلقًا.
“آه…”
تنهد ببطء، ومسح وجهه بيده الجافة.وزفر تنهيدة بطيئة.
في الحقيقة، كان الجميع باستثناء كاليبس مدركين للحقيقة.
الأبناء المفقودون… قد ماتوا بالفعل.
—
في فترة الظهيرة الهادئة، في الجناح الجانبي لدوقية كروست،
توقفت فكيّ عن المضغ، وتجمدت يداي في الهواء.
“إذن، تلك الطفلة هى من أخبرت الدوق عن مكان الأميرة؟”
“نعم، ولهذا السبب قرر الذهاب إلى نوكتيا بدون حراس. الوضع كارثي.”
“يا إلهي، ألا يعني ذلك أنه ذاهب للموت فحسب؟”
“أتمنى فقط ألا يقع في هذا الهراء. بالكاد انتهى من حملة إبادة الوحوش.”
كان الهدوء يحيط بالقصر…….، والسماء زرقاء صافية…..
“…بسببها حقًا.”
مرت الخادمات بجانبي وهن يلقين نظرات جانبية وهمهمة غير خفية.
هذا جنون.
“ليس حتى نميمة من وراء ظهري، بل أمامي مباشرة… كيف يفترض بي أن أتصرف في موقف كهذا؟”
والأسوأ من ذلك، أنهن لم يكنّ مخطئات.
جلست في مكاني وكأنني على جمر، أشعر وكأنني ارتكبت جريمة حتى بمجرد مضغ قطعة خبز.
منذ أن وقّعت العقد مع دوق كاليبس،
انتشرت شائعة بسرعة أنني كشفت موقع الأميرة المفقودة.
المشكلة؟
الخدم لم يكونوا سعداء بذلك.
“تبًا، كنت أعتقد أنهم سيرحبون بهذا الخبر.”
لكن بعد التفكير، الوضع بين مملكة فروزن ومملكة نوكتيا كان متوترًا.
والآن، قرر الدوق كاليبس الذهاب إلى نوكتيا دون حراس، مما جعل الأجواء في القصر مشحونة أكثر.
لكنني كنت أشعر ببعض الظلم أيضًا.
“ألا يعرف هذا الرجل كيف يفكر؟ لماذا قرر ببساطة اقتحام نوكتيا؟”
قضمت قطعة الخبز بعنف.
أليس من المفترض أن يخطط بعناية؟
يبحث عن نقطة ضعف نوكتيا؟
ثم يستخدمها للمفاوضة؟
هذا ما كان سيفعله كاليبس في العادة.
لكنني فشلت في إدراك حقيقة مهمة-
إنه مهووس بأطفاله أكثر مما كنت أتخيل.
لم يعد هناك ما يمكن فعله.
“حسنًا، سأبقى هادئًا تمامًا حتى نعثر على الأميرة.”
إذن، الخطة الحالية:
تجاهل النظرات القاتلة للخادمات حتى يتم إيجاد الأميرة.
“حسنًا، سأتصرف كأنني ظل غير مرئي.”
بينما كنت أتحرك نحو زاوية مظللة غير بارزة،
“هممم~ ما هذا؟ لماذا هذه الطفلة جالسة هكذا؟ ألا يوجد خادم مسؤول عنها؟”
توقفت فجأة.
“ما هذا؟”
عرق بارد تسلل إلى ظهري بينما نظرت حولي بقلق.
لكن قبل أن أتمكن من الهروب، شعرت بشيء يلامس جانبي.
نظرت ببطء إلى الأسفل…
وساق الخادمة كانت تعيق طريقي.
رفعت رأسي ببطء.
“إذا لم يكن هناك أحد مسؤول عن هذه الفتاة، فسأتولى الأمر بنفسي~”
دوروثي كانت تحدق بي بابتسامة كما لو كانت تصطاد فريسة، ويدها على خصرها.
لقد انتهيت.
تمامًا انتهيت.
“آآآه!”
“آه!”
“اصمتي، أيتها الصغيرة.”
شعرت بيد قوية تمسك بمؤخرة عنقي، مما جعلني أطلق صرخة قصيرة لا إرادية.
في البداية، كنت منشغلة فقط بالهدف الذي أمامي، لكن بعد تفكير، أدركت أن هناك العديد من الأمور التي يجب أن أضعها في الحسبان منذ لحظة دخولي قصر كروست.
حالة الدوق كاليبس. أجواء القصر المشحونة.
ثم هناك الجاسوسة المخضرمة دوروثي التي كانت تسللت هنا مسبقًا.
“هل هذه هي حياة طفلة في الخامسة من عمرها؟ أليس هذا نوعًا من إساءة معاملة الأطفال؟”
كنت أريد تقديم شكوى إلى الشخص الذي كتب الرواية الأصلية.
بل، كنت أرغب في مواجهة الإله الذي جعلني أتجسد في هذا العالم وسؤاله:
(إستغفر الله العظيم)
“ما الذي تريده مني بحق الجحيم؟ ماذا فعلت لأستحق هذا؟!”
—
تم دفعي إلى داخل غرفة خاصة بها، وسقطت على مؤخرتي بقوة.
ضحكة ساخرة حادة صدرت من الجهة المقابلة.
“لقد قمتِ بعمل رائع، صحيح؟ البارون بوز سعيد جدًا بما فعلتِ.”
“مؤخرتي تعمل بجد اليوم…”
تمتمتُ بينما كنت أفرك مكان الألم، محاوِلة الوقوف.
أو بالأحرى، كنت أحاول ذلك.
“بسبب حركتكِ الصغيرة الماكرة، أصبحتُ الآن مثل طائرة ورقية مقطوعة الخيط.”
ضرب!
شعرت بضغط مفاجئ على جبهتي، مما جعلني أعود إلى الأرض مرة أخرى.
حدقت في دوروثي بوجه متجهم.
“ماذا تقصدين؟”
“هذا يعني أن الحجر الذي تدحرج إلى الداخل أطاح بالحجر الراسخ. ألم تتعلمي هذه الاستعارات البسيطة في تدريبكِ كجاسوسة؟”
“آه، نعم، أنا أفهمها، ولكن… أليس نجاح البارون بوز أمرًا جيدًا لكِ أيضًا؟”
إذا اكتملَت مهمتها، فستعود إلى إقطاعية بوز، وتحصل على تقدير على عملها كجاسوسة.
“دونغ!”
دوروثي دقّت الأرض بقدمها وكأنها لا تصدق ما أسمعه منها.
“البارون بوز أصدر أمرًا باستدعائي فورًا! فكري في الأمر، هل تظنين أن الدوق كاليبس سيقبل بهذه الصفقة غير المعقولة بسهولة؟”
“آه…”
اتسعت عيناي عندما بدأت أفهم الصورة كاملة.
“الآن بدأت أفهم الوضع…”
شعرت بجفاف في حلقي، وابتلعت ريقي بصعوبة.
حاليًا، كان قصر بوز في حالة احتفال. بعد كل شيء، الدوق كاليبس وافق على القدوم إلى إقطاعيتهم دون أي حراس.
لكن هناك مشكلة.
لا يزال هناك بعض الوقت قبل تلك الزيارة.
“إذن، خلال هذا الوقت القصير، سيحاول البارون بوز التخلص من أي نقاط ضعف قد تُكشف ضده.”
مثلًا… الجاسوسة التي كانت تتخفى داخل قصر كروست طوال السنوات الست الماضية.
“أو بعبارة أخرى، إذا تم الكشف عن أن دوروثي جاسوسة، فسيكون ذلك ضارًا لهم، لذا يريدون إخراجها بسرعة.”
اتسعت عيناي تلقائيًا من وقع كلماتها ذات المعنى العميق.
“أعتقد أنني بدأت أفهم الصورة كاملة الآن…”
كانت هذه حركة ماكرة لأبعد حد، ولكن ربما لهذا السبب تمكنت عائلة بوز من البقاء لفترة طويلة. كان هناك منطق واضح خلف ذلك.
لحظة واحدة.
خطرت لي فكرة مفاجئة، فحدقت في دوروثي بعيون متسعة.
‘لكن نقطة الضعف تلك موجودة أمامي مباشرة، أليس كذلك؟’
شعرتُ بأنفاس دوروثي تتوقف للحظة وهي تحدق بي بريبة.
“ماذا؟ لماذا تنظرين هكذا، أيتها الصغيرة؟”
“…… ”
“ما الذى تنظرين إليه”
“أوه، لا شيء.”
“ماذا تعنين بلا شيء؟”
“فقط…”
‘لقد عثرت على فريسة رائعة، هذا كل شيء.’
ابتلعتُ بقية كلماتي بهدوء، بينما قبضت يدي الصغيرة بإحكام.
ثم فجأة-
“أشعر بفظاعة شديدة!أختى أصبحت هكذا بسبب ما فعلت، أصبحتِ في موقف صعب… هاهواااااااه!!”
“ماذا؟! لماذا تبكين فجأة؟!”
انفجرتُ في بكاء هستيري، مما جعل دوروثي تصاب بصدمة واضحة وهي تمسك برأسها وكأنها لا تصدق ما يحدث.
‘ألم يكن يفترض بي أن أظل هادئة وأتصرف كما لو أنني غير موجودة؟’
لا.
لقد تغير هدفي الآن.
هدفي الجديد هو فضح دوروثي وكشف حقيقتها كجاسوسة!
——
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 5"
ياليت ياحبيبتي بدل اله تحطين حاكم بيكون ذا افضل بكثير
لا اله الا الله