<الحلقة 2>
‘… أيًّا كان الخيار، فسوف أموت في النهاية، أليس كذلك؟’
اشتدت قبضتي على زجاجة السمّ المخبأة في جيبي حتى صارت مفاصلي شاحبة.
إن تصرفتُ كما في القصة الأصلية وادّعيت أنني الابنة، فسوف أموت. لكن إن لم أفعل، فسوف أموت أيضًا بتهمة عصيان الأوامر.
كنتُ الوحيدة بين الأطفال الخمسة في عمري التي حصلت على تصنيف جاسوسة من الدرجة A، لكن ذلك لم يجعلني شخصًا ذا أهمية خاصة.
لم يرسلني دوق فوز إلى هنا لأنه كان واثقًا من نجاح المهمة. بل لأنه كان يعلم أنني سأقتل نفسي قبل أن يكتشف دوق كروست حقيقتي.
لأنه دربني منذ طفولتي على الطاعة العمياء، وغسل عقلي ليجعلني أؤمن أن هذا هو مصيري. هذا ما كان يريده لا أكثر.
‘لا فرق عن حياتي السابقة…’
عضضت شفتي بصمت.
“فقط ادرس جيدًا وسينصلح كل شيء”.«كذبة» “فقط ادخل الجامعة وستجد طريقك”.« كذبة»
“فقط احصل على وظيفة وسينتهي العناء”.«كذبة»
ثم ماذا؟
العمل لساعات إضافية؟ “الجميع يفعل ذلك، عليك أن تتحملى”.
الحياة صعبة؟ “لهذا أخبرتك أن أيام الدراسة كانت الأفضل”.
لم يكن هناك سوى كلمات فارغة في المقابل.
فتحت عينيّ ببطء وأرخيت قبضتي عن زجاجة السمّ.
لقد اكتفيتُ من الندم. واكتفيتُ من العيش بغباء.
لن أختار طريقًا أعلم مسبقًا أنه سينتهي بي إلى الهلاك.
“أيها الفارس.”
تنهد الحارس عند سماعه صوتي بعد صمت طويل.
“إذن، هل تدعين حقًا أنك الابنة؟ ما دليلك؟”
أخذتُ نفسًا عميقًا ثم بدأت بالكلام بوضوح وثبات.
“في غرفة دافئة بجانب المدفأة، وتحت مظلة السرير المزخرف، أخبرتني أمي ذات مرة: أبناء كروست يوضعون بعد ولادتهم مباشرة في كهف الجليد، وعليهم تحمّل البرد القارس.”
“…ماذا؟”
ارتجفت عينا الفارس بوضوح.
كهف الجليد… المكان السري الذي أنشأه دوق كروست باستخدام قدرته على الجليد.
كان البقاء فيه بعد الولادة تقليدًا ضروريًا لأبناء العائلة المباشرين.
فحتى يتمكنوا من استخدام قدرتهم، كان عليهم أن يعتادوا البرد منذ الصغر، لذا كانوا يعيشون في الكهف لمدة أربعة أسابيع مع مربية تعتني بهم.
“أمكِ؟ تقصدين الدوقة؟”
ركع الفارس على ركبة واحدة وسأل بصوت مرتعش. أومأت برأسي بهدوء.
“يا إلهي…!”
غطى الفارس فمه بيده، وقد بدت عيناه دامعتين من شدة التأثر.
“هل… هل هذا صحيح حقًا؟”
تألقت عيناه بالدموع، وصوته الذي كان جافًا صار أكثر لطفًا وهو يتحدث إليّ بلهجة محترمة.
“- هذا، ما قالته لي الابنة الشرعية بنفسها.”
“هاه؟”
وووش—
هبّت ريح باردة بيني وبين الفارس الذي كان يبكي، لتُخلف صمتًا محرجًا. بدا وكأن دموعه التي غمرت عينيه قبل لحظات قد جفّت فجأة، مثل الرمال تحت الشمس.
حسنًا، هذا الفارس عاطفي جدًا… أشعر بالذنب الآن.
“ا… احّم!”
تنحنحت بصوت طفولي هادئ.
‘متى قلتُ إنني عشتُ هذا بنفسي؟’
إذا ادعيت أنني الابنة الحقيقية، فسوف أموت.
وأنا أعلم ذلك، فلماذا قد أكذب؟
ابتلعتُ الكلمات التي كنتُ على وشك قولها وزفرتُ تنهيدة طويلة.
“قلتُ فقط… هكذا! أخبرتني الابنة الشرعية بذلك. وأنا أيضًا أعلم أين هي الآن.”
“…ماذا؟”
لكن الفارس لم يفوّت كلماتي الأخيرة، وضاقَت عيناه بحذر.
“أنتِ تعلمين أين هي الابنة الشرعية؟”
في هذه اللحظة، لم يكن لدي سوى طريقة واحدة للنجاة: التخلي عن كوني جاسوسة، وإخبار دوق كروست بما أعرفه.
في الرواية الأصلية، قيل إن الابنة كانت في دار للأيتام، أليس كذلك؟
في الواقع، لم تتحدث القصة كثيرًا عن الابنة.
قبل خمس سنوات، بعد اختطاف الابن الأول والثاني للدوق بفترة وجيزة، اختفت الدوقة أيضًا رغم أنها كانت حاملًا آنذاك.
المشكلة أن الدوقة لم يُعثر عليها أبدًا، لكن بعد سنوات طويلة، تم العثور على الابنة…
كجثة.
في القصة الأصلية، قُدّر عمرها حين وُجدت بأنها كانت لا تزال طفلة في المرحلة الابتدائية… لذا لا بد أنها ما زالت على قيد الحياة الآن.
“لهذا، أود طلب لقاء مع الدوق.”
طفلة غريبة تعرف أسرار العائلة التي لا يعلمها سوى المقربين؟ بالتأكيد سيفترضون أن لي صلة بالابنة.
“يا… يا إلهي…”
سقط المنديل من يد الفارس.
“يا إلهي… أخيرًا… الابنة الشرعية…”
ثم، بوجه مرتجف يحمل مزيجًا من الجدية والانفعال، أمسك بيدي.
“أيتها الصغيرة، إن كنتِ تكذبين، فالعواقب ستكون وخيمة!”
“نعم!”
كنتُ قلقة من احتمال أن يشكّ بي، لكن لحسن الحظ، لم يفعل.
أومأتُ برأسي بحزم، وتقدمتُ معه نحو قلعة الدوق كروست. وبهذا، اجتزتُ المرحلة الأولى بنجاح.
بلعتُ ريقي استعدادًا لما هو قادم.
لن أسمح لنفسي بأن أعيش لكى أستمع للآخرين وأموت كما في الماضي.
—-
“…واو. السقف هنا مرتفع جدًا.”
“أيتها الصغيرة، أسرعي!”
بعد قضاء خمس سنوات حبيسة في مركز تدريب دوقية فوز، كان كل شيء في العالم الخارجي جديدًا ومدهشًا بالنسبة لي.
رفعتُ رأسي بلا تفكير، لكن وزن رأسي كاد يجعلني أسقط للخلف.
“أوف…”
ليس الوقت لهذا الآن! عليّ تحريك ساقي بسرعة للحاق بخطوات الفارس.
حين ركضتُ نحوه بساقي القصيرتين، تردّد صوت خطواتي في الممر الهادئ.
‘على أي حال، ما الذي يجب أن أطلبه كمكافأة مقابل إعادة الابنة للدوق؟’
بصراحة، المال هو الأفضل دائمًا…
لكنني ما زلتُ في الخامسة من عمري. والأسوأ، أنني جاسوسة مُقيّدة بأوامر دوقية فوز.
بعد حصولي على المكافأة، سأحتاج إلى الهروب إلى مكان لا يستطيع دوق فوز ملاحقتي إليه.
لكن هل يمكنني الهرب بكل ذلك المال بجسدي الصغير هذا؟
مستحيل. قطعًا لا يمكن.
آه، يا لهذا الجسد البائس!
ما الفائدة من تدريبي كجاسوسة إن كان جسدي لا يُساعدني؟
تنهدتُ بينما نظرتُ إلى الأمام بعينين نصف مغمضتين.
‘الابنة الشرعية محظوظة… لديها دوق كروست كحامٍ لها. إن عادت إلى القلعة، فلن يتمكن الأشرار من لمسها، أليس كذلك؟’
همم… انتظر لحظة. خطرت لي فكرة جيدة.
إن كان الهروب صعبًا، فلماذا لا أجد شخصًا قويًا بما يكفي لحمايتي؟
شخص لا يجرؤ دوق فوز على لمسي أمامه…
‘ماذا لو طلبتُ أن يكون أحد أفراد دوقية كروست وصيًا قانونيًا عليّ؟’
‘…واو، هذه الفكرة عبقرية!’
صُدمتُ من ذكائي الخاص.
هل هذا هو السبب الذي جعل دوق فوز يُحوّلني إلى جاسوسة؟ لأنني ذكية جدًا؟
“ما الذي تتحدثين عنه؟”
استدرتُ نحو الصوت، لأجد الفارس الذي كان يسير أمامي قد التفت إليّ.
تساءلتُ، هل هذا الفارس أيضًا شخص لا يستطيع دوق فوز لمسه؟
دوق كروست كان معروفًا بحمايته الشديدة لأتباعه، وإذا أصاب أحدهم مكروه، كان يثور غضبًا.
عندما خطرت لي هذه الفكرة، تحدثتُ إليه فورًا.
“أيها الفارس.”
“ماذا؟”
“هل سبق لك أن فكرتَ يومًا في أن يكون لديك أطفال؟”
“لديّ بالفعل أطفال.”
“ماذا؟!”
يا إلهي، إذن لديه عائلة بالفعل!
“لماذا تسألين؟”
“لا، فقط… أحيانًا أفكر في كيف سيكون الأمر لو كان لديّ والدان…”
تنهدتُ ببطء وتمتمتُ بنبرة حزينة.
نظر إليّ الفارس بدهشة، لكنني تجاهلتُ نظراته.
ثم…
“آه، السيدة دوروثي.”
توقف الفارس فجأة عن المشي، ووضع يده بلطف على ظهري، دافعًا إياي للأمام.
“إنها الطفلة التي أخبرتك عنها. أرجو أن تعتنوا بها حتى يُسمح لها بمقابلة الدوق.”
“بالطبع.”
“سأعود قريبًا، وأطلع الدوق على مكان الابنة الشرعية.”
ثم، قبل أن يرحل، مدّ يده وربّت على رأسي بلطف، مودعًا إياي.
فجأة، وبينما كان الفارس يعرّف بي، ودّعني وهو يربّت على رأسي.
ما هذا؟ ألم يكن من المفترض أن أذهب مباشرة إلى الدوق؟
حسنًا، الدوق هو سيد العائلة، فلا بد أن مقابلته ليست بهذه السهولة.
“حسنًا، وداعًا.”
انحنيتُ بأدب للفارس، لكن…
“…إذًا، أنتِ تدّعين أنك تعرفين مكان الابنة الشرعية؟”
“نعم.”
كان الصوت لطيفًا، لكنني شعرتُ برعشة غريبة تسري في جسدي. رفعتُ رأسي ببطء وحدّقتُ في المتحدثة.
ثم…
“لم يكن الأمر متعلقًا بالكشف عن مكان الابنة الشرعية، بل كان من المفترض أن تتقمّصي دورها، أليس كذلك؟”
تلاقى نظري مع عيون بنية تلمع بحدة، مملوءة بالتحذير والتهديد.
تبًا، لقد نسيتُ تمامًا!
لم أكن الوحيدة التي تسلّلت إلى دوقية كروست.
قبل ست سنوات، كانت هناك جاسوسة أخرى نجحت في التسلل كخادمة، إنها دوروثي.
دوروثي.
في القصة الأصلية، كانت قلقة من أن تفقد مكانتها بسبب الطفلة التي تظاهرت بكونها الابنة الشرعية، آيشا.
لكن ذلك القلق تحوّل إلى غضب، مما جعلها تضطهد آيشا بلا سبب لفترة من الزمن.
والآن، وبينما أحاول خيانة دوقية فوز، يتم الإمساك بي على يد هذه المرأة تحديدًا؟
ألقيتُ نظرة خاطفة حولي.
يبدو أن الحل الوحيد الآن… هو الهروب!
“وااااو، انظري هناك!”
صرختُ فجأة بصوت طفولي، مشيرة إلى مكان عشوائي بحماس.
“ماذا هناك؟”
“إنه… إنه أخ وسيم جدًا!”
“…ماذا؟”
دوروثي استدارت بلا وعي نحو الاتجاه الذي أشرتُ إليه.
“…هممم؟ هل تقصدينني؟”
في المكان الذي أشرتُ إليه، كان هناك عجوز يبدو في التسعينات، ممسكًا بكتاب قديم، واحمرّ وجهه قليلًا.
“…هذا ليس أخًا وسيمًا!”
دوروثي عادت للنظر إليّ مجددًا، لكن وجهها كان متجهمًا تمامًا.
“تبًا، أيتها الصغيرة—!”
لكنني كنتُ قد اختفيتُ بالفعل!
“تبًا! هذا الجسد القصير اللعين! تبًا!!!”
جمعتُ كل طاقتي، كأنني عدتُ لمرحلة شرب الحليب، وركضتُ بأقصى سرعتي!
[ لمرحلة شرب الحليب الجملة تُستخدم بطريقة فكاهية للتعبير عن مدى ضعفها أو صغر حجمها مقارنة بالكبار.]
“أيتها الصغيرة، لا تخافي! أردتُ فقط التحدث معك!”
“…هاه… هاااه… كيف لم أتذكرها؟”
على الرغم من أنها كانت شخصية ثانوية غير مهمة، إلا أن شخصيتها كانت مزعجة جدًا، حتى أنني كنتُ أطلق عليها لقب دوراي كإهانة.
[لقب “دوراي” (도라이) هو مصطلح عامي في اللغة الكورية يُستخدم لوصف شخص يُعتبر مجنونًا، غريب الأطوار، أو يتصرف بطريقة غير متوقعة وغير عقلانية.]
لكن لم يكن غريبًا أنني لم أتذكرها على الفور.
ففي القصة الأصلية، لم تواجه آيشا دوروثي إلا بعد شهر كامل من نجاحها في التسلل.
لكن بسبب تغييري للأحداث وقولي إنني أعرف مكان الابنة الشرعية، فقد التقيت بها في وقت أبكر من المفترض.
ثم أدركتُ شيئًا جديدًا بعد أن أصبحتُ في جسد آيشا:
عندما يكون عمرك خمس سنوات، تكون ساقاك قصيرة جدًا.
رغم أنني كنتُ أجري بأقصى سرعتي، إلا أن صوت خطواتي كان كصوت دراجة بثلاث عجلات تتحرك ببطء.
في البداية، كنتُ بعيدة عنها، لكن المسافة بيني وبين دوروثي بدأت تتقلص بسرعة.
بآخر ما لديّ من قوة، اندفعتُ خارج بوابة القصر، لأجد نفسي في حديقة واسعة.
بدون تفكير، اختبأتُ خلف أقرب شجرة رأيتها. لم يكن الهروب ممكنًا، لذا كان الاختباء خياري الوحيد.
بينما كنتُ ألهث وأتلفتُ حولي بقلق، رأيتُ شخصًا يقترب مني.
كان يرتدي عباءة سوداء تخفي ملامحه، لذا لم أستطع تحديد رتبته أو من يكون. لكنني كنتُ يائسة!
“أيها السيد! من فضلك!”
اقتربتُ منه بسرعة دون تفكير.
“شخص مخيف يطاردني! سأختبئ تحت عباءتك للحظة فقط!”
ثم دون أن أترك له فرصة للرفض، اندفعتُ داخل عباءته.
شعرتُ بجسده يرتجف قليلاً من الصدمة، مما يعني أنه كان مرتبكًا تمامًا مما فعلته.
—-
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 2"