كان هذا هو اليوم الذي يسبق امتحان القبول. شعرت بأشعة الشمس الدافئة تتسلل عبر النافذة لتلامس وجهي، فأجبرتني على فتح عيني ببطء. وجدت نفسي نائمة فوق المكتب، تحيط بي أكوام الكتب المفتوحة والأوراق المبعثرة. تنهدت، وأنا أدرك أنني غفوت مجددًا بينما كنت أراجع دروسي.
رفعت جسدي بصعوبة، أشعر بألم حاد في ظهري ورقبتي من طول الجلوس. مددت ذراعي إلى الأعلى وتمددت قليلًا، ثم قمت ببعض التمارين البسيطة التي اعتدت عليها في حياتي السابقة لتخفيف التشنج. “آه… أشعر وكأن عظامي ستتكسر…” تمتمت وأنا أدلك كتفيّ.
غدًا هو يوم الاختبار. لا مجال للتراخي بعد الآن. عليّ أن أستعد جيدًا… بدايةً من مظهري وحتى طريقة تصرفي.
توجهت إلى خزانة الملابس، وفتحت أبوابها ببطء. فكرت في ارتداء شيء يليق بيوم مهم كهذا، لكن… كنت أعلم ما سأره جميعها… ملابس طفولية سخيفة! فساتين مزركشة بألوان زاهية مبالغ فيها، وأقمشة رخيصة لا تليق بمكانتي كابنة دوق. تقدمت نحوها وبدأت أسحبها واحدة تلو الأخرى، وأرميها أرضًا بغيظ. “حقًا… كيف كانت أوريانا الأصلية ترتدي هذه الأشياء؟ وبأي وجه كانت تخرج بها أمام الناس؟”
بعد لحظات، لم يتبقَ في الخزانة سوى فستان واحد-ذلك الفستان الأحمر الذي ارتديته يوم جاء مارلين مارلو. وقفت صامتة أمامه للحظة، أتذكر تفاصيل وأشعر بالقرف ذلك الموقف، قبل أن أهز رأسي لأطرد الذكرى. “لا يهم الآن.”
التفتُ إلى الغرفة التي غمرها الفوضى: أرضية تغطيها الملابس الملقاة، خزانة فارغة تقريبًا، وصناديق الهدايا التي أحضرها الدوق لا تزال مصطفة في الزاوية، وكأني نسيت وجودها تمامًا. اقتربت منها بهدوء، لمست الغلاف الأنيق بإصبعي، ثم ابتسمت بخفة. “ربما حان الوقت لأرى ما بداخلها…” وقبل أن أمد يدي نحو صناديق الهدايا، قُطع تفكيري بصوت طرق خفيف على الباب، ثم فُتح فجأة ودخلت فتاة ذات شعر بني وعيون سوداء، تبدو شابة صغيرة، ترتدي زيّ الخادمات.
انحنت قليلًا وقالت بارتباك: “آنسة أوريانا، أنا التي-“
تجمدت في مكانها، بدت وكأنها لم تتوقع ردة فعلي. حاولت أن تبرر بصوت مهتز: “أنا… فقط كنت أخبركِ أن-“
ابتسمت ببرود، لكن ابتسامتي لم تكن تحمل أي دفء: “جميل… هل هذه عادة جديدة هنا؟ أن تدخل الخادمة غرفة سيدتها دون إذنها؟ لم أسمع بهذا من قبل. ربما… يجب أن أخبر أبي عن هذه العادة الجديدة، وأرى رأيه بها.”
ارتبكت الفتاة أكثر، وصرخت بخوف وهي ترفع صوتها بلا وعي: “آنسة أوريانا! أنا لم أقصد… لقد جئت فقط لأن الدوق قال إنني… سـ… سأصبح خادمتك الخاصة.”
أخفضت رأسي قليلًا، أنظر إليها نظرة باردة بينما ارتجف جسدها: “أنتِ… لا ترفعي صوتكِ عليّ.”
ارتعشت أكثر، حتى كادت أن تبكي من التوتر. أعدت نظري بعيدًا عنها بلامبالاة، وأنا أفكر: إذن، هذه هي الخادمة التي قال أبي أمس إنه سيرسلها لمساعدتي… يبدوا أنها ستتعبني أكثر مما ستفيدني. إنها تجرؤ على تقليلي هكذا… لكنني لا أريد مشاكل اليوم. سأترك تعليمها درسًا لوقتٍ آخر.
أخذت نفسًا قصيرًا ثم التفت إليها من جديد: “فلتحمدي ربكِ أنني لن أخبر أبي هذه المرة… سأكون رؤوفة بكِ. لكن لا تتوقعي أن تُتاح لكِ فرصة أخرى.”
خفضت الفتاة رأسها بسرعة، وهي تتمتم بصوت خافت: “أ… أجل آنستي.”
أشرت بيدي إلى الملابس الملقاة على الأرض ببرود، وكأني ألقي أوامر لا تقبل النقاش: “ابدئي بجمع هذه الملابس السخيفة وارميها بعيدًا. وبعدها… تعالي لتساعديني في فتح هذه الصناديق ووضع ما بداخلها في مكانه.”
تراجعت خطوة للخلف وانحنت بسرعة، قبل أن تبدأ بتنفيذ أوامري بصمت، بينما بقيت أنا واقفة، أراقبها ببرود، وأفكر في محتوى تلك الصناديق التي لم أفتحها بعد.
بدأنا بفتح الصناديق واحدًا تلو الآخر. كلما ارتفع الغطاء، انكشفت أمامي طبقات من الأقمشة الفاخرة التي لا تُقدّر بثمن… فساتين أنيقة بخامات ناعمة، تكاد أصابعي تنغمس فيها كالماء. كانت الألوان متدرجة بين الأسود العميق، والأزرق الملكي، والأحمر القرمزي، وكل قطعة تحمل في طياتها رقيًّا لا يُستهان به.
ثم جاءت الصناديق الأصغر حجمًا، المصفوفة بعناية، لتكشف عن جواهر لامعة مختلفة الأشكال: عقود من الألماس والياقوت، أقراط تتلألأ بألوان كأنها شُذرات من النجوم، وأساور صُممت بدقة تكاد تُعجز العين عن متابعة تفاصيلها.
رغم برودي المعتاد، لم أستطع منع نفسي من لحظة انذهال قصيرة. تلك الأشياء… كانت ساحرة بحق. لكنني سرعان ما تماسكت، وعدت إلى هدوئي، وكأن الأمر لا يستحق أكثر من نظرة تقييم عابرة.
الخادمة ظلت تعمل بصمت. جمعت الفساتين بعناية ووضعتها في الخزانة، رتبت المجوهرات في صناديقها الحريرية، ولم تترك شيئًا في غير مكانه.
أما أنا، فقد مددت يدي وأخرجت فستانًا أسود بسيطًا، انسيابيًّا بعيدًا عن التكلف. لم يكن كالأخرى المبالغ فيها، بل كان في غاية الجمال رغم بساطته، وربما لذلك جذبني أكثر من غيره. اخترت معه بعض الجواهر الهادئة التي تُكمل مظهره دون أن تطغى عليه.
جلست على الكرسي بثبات، وضعت رجلاً فوق الأخرى، وأسندت ذقني بيدي وكأنني أُجري مقابلة. نظرت إلى الخادمة التي وقفت بانتباه أمامي، وقلت بنبرة ثابتة: “اسمعي جيدًا… يا هذه. ما اسمك، صحيح؟”
ترددت قليلًا ثم أجابت بصوت خافت: “سوزان، آنستي.”
ابتسمت ببرود، ورفعت حاجبي: “جيد… إذن، سوزي.”
أشرت إلى الفستان الأسود والجواهر التي اخترتها: “هذه سأرتديها غدًا. وأريدكِ أن تأمري الخياط… أو أي شخص مناسب… أن يُحضر لي عباءة تُغطي هذا الفستان، خاصة وجهي. لا أريد أن أظهر للعلن هكذا بسهولة. هل فهمتِ؟”
انحنت سريعًا، وقالت بارتباك واضح: “أ… أجل سيدتي.”
لوّحت بيدي وكأني أطردها: “هيا، أسرعي.”
ركضت نحو الباب وغادرت بسرعة، بينما بقيت أنا أتابعها بنظرات باردة، ثم عدت بعيني إلى الفستان الأسود الممتد أمامي، وكأنني أرسم في ذهني صورة الغد… اليوم الذي سيحدد أول خطوة في طريقي الجديد.
أسندت رأسي إلى الكرسي، وأحسست بجفوني تثقلان شيئًا فشيئًا. جسدي كان يطالب بالراحة بعد أيام من السهر المتواصل، وعقلي المرهق لم يعد يقوى على المقاومة. أغمضت عيني للحظة، وفي غمرة النعاس لم أعد أعلم إن مرت دقائق أو ساعات. كل ما أدركته هو شعور ثقيل يجذبني نحو النوم.
لكن ذلك لم يدم طويلًا. شعرت بيد تهز كتفي برفق، وصوت خافت يتسلل إلى أذني: “آنستي… آنستي.”
ترددت الخادمة ثم أجابت بتوتر: “أنا آسفة، لكن… أمروني أن أوقظك. الماركيز مارلو في الأسفل… يريد أن يراكِ. قال أن أخبرك فورًا.”
فتحت عيني ببطء، التقطت كلماتها كأنها خنجر يطرق رأسي. حدقت بها بدهشة لوهلة، ثم عقدت حاجبي فجأة: “تقصدين… مارلين؟”
أومأت بسرعة: “أجل، آنستي.”
زفرت بضيق، وضربت جبيني بكفي: “هذا ما كان ينقصني… أن يأتي ذلك الأحمق اليوم تحديدًا. لماذا لا تسير الأمور يومًا واحدًا بسهولة؟”
الخادمة ما زالت واقفة تنتظر، فلوّحت لها بيدي كي تُجيب نيابة عني: “اخبريه أن يصعد إلى هنا. لا نية لي في النزول… أنا متعبة.”
انحنت بسرعة وخرجت، لكنني لم أهنأ حتى بخمس دقائق من الصمت، حتى فُتح باب الغرفة فجأة. دخل مارلين بخطوات سريعة، وجهه متجهم، والغضب يرتسم بوضوح في عينيه، بينما كانت الخادمة خلفه مرتبكة كمن فشلت في منع شيء لا يُمكن منعه.
نظرت إليه بابتسامة باردة متكلفة، وكأن حضوره لا يعني لي شيئًا: “مرحبًا… مارلين.”
لكن داخلي كان يغلي. سحقًا لهذا الإنسان، لماذا ينظر إليّ هكذا؟ نظراته المشبعة باللوم جعلتني أشعر وكأنني المتهمة، لا هو.
اقترب أكثر، وصوته خرج مشحونًا بالانفعال وهو يقول: “أوريانا… هل يمكننا التحدث لوحدنا، رجاءً؟”
نظرتُ إلى الخادمة الواقفة عند الباب بنظرة باردة، تخللتها نفحة من الضجر. “حسنًا… ما الذي يريده هذا الإنسان المقزز؟” همست لنفسي، ثم رفعت صوتي قليلًا: “سوزي، هل يمكنك الخروج رجاءً؟”
انحنت بسرعة، وصوتها متوتر: “حسناً، آنستي.” خطت بخطوات مترددة حتى غادرت، وأُغلق الباب خلفها.
حلّ صمت ثقيل في الغرفة، لم يُسمع فيه سوى صوت أنفاسي الهادئة في مقابل أنفاسه المتسارعة. شبكت يدي أمامي ببطء، وأسندت ظهري إلى الكرسي وكأنني في مجلس محاكمة، بينما عيناي تراقبانه بثبات: “إذن… ماذا تريد؟”
اشتعلت عيونه بالغضب وهو يخطو نحوي بقوة: “هل لي أن أعرف… لماذا فعلتِ ذلك؟”
أمالت شفتاي ابتسامة ساخرة خفيفة، وقلت ببرود: “هاه؟ عن ماذا تتحدث؟ شخص ظلّ في غيبوبة أسبوعًا كاملًا، ولم يستطع المشي لأسابيع طويلة… ماذا تظن أني كنت قادرة على فعله؟”
ازداد وجهه احتقانًا، وصوته ارتفع كأنه يتفجر: “لا تكذبي! ما فعلتِه كان قبل ذلك!” اقترب أكثر حتى بات ظله يبتلعني، ثم صرخ: “تذكرين أحجار فيريان التي أخبرتِني عن موقعها؟”
رمشت بعيني ببطء، ورددت بهدوء متعمد: “أجل، أذكر ذلك اليوم.”
فجأة، مد يده وأمسك بخدي بعنف، أصابعه غاصت في بشرتي حتى شعرت بالألم يسري في وجهي. قربه المفرط جعل أنفاسه الحارة تصطدم بوجهي، وصوته المبحوح بالحنق اخترق أذني: “جيّد… تذكرين إذن! ذلك المكان الذي أشرتِ إليه… ذهبتُ وأخبرتُ أبي أنه مضمون، على ضمانتي! لكن بسببك-بسببك أنت!-لم نجد شيئًا… فقط وحش كاد أن يفتك بنا! نصف حراسي دُمّروا، ولم يظهر حجر واحد!” ابتلع ريقه بمرارة، وصوته تكسّر للحظة ثم اشتعل مجددًا: “أبي قال إنني لا أجلب سوى المشاكل… لقد وبخني أمام الجميع! وكل ذلك بفضلك أنت!”
عيناه احمرتا من الغضب، ويده شدّت أكثر على خدي كأنه يريد أن يثبت سلطته. لكنني، رغم الألم، أبقيت نظراتي ثابتة، باردة كالجليد. ابتسمت بسخرية خافتة، وكلماتي خرجت ببطء كسم يقطر: “أتودّ أن أصرخ الآن، يا مارلين؟” أغمضت نصف عينيّ وواصلت بنبرة أكثر حدة: “دع وجهي فورًا. لقد تكرّمتُ عليك وسمحتُ لك بلمسه حتى تُنهي تفاهتك. لكن الآن… انتهيت.”
تردّد لوهلة، وعضّ شفته بغيظ، قبل أن يترك خدي بعنف. تراجعت يده سريعًا، ووجهه يشتعل بالغيظ، وزفر من صدره بصوت مسموع: “تسك…”
رفعت رأسي قليلًا، ونظرت إليه بثبات، وقلت ببرود: “حسنًا… إذاً ذلك المكان لم يكن به أحجار فيريان؟”
احمرّ وجهه أكثر، وصاح بانفعال: “أجل! بسببك أنت!”
أطلقت ضحكة قصيرة ساخرة، ثم مِلت بظهري للخلف على المقعد، ووضعت يديّ متشابكتين بهدوء في حجري. نبرتي خرجت ثابتة، كمن يلقي حقيقة واضحة: “لكن، مارلين… لا تنسَ أني حين أشرتُ لذلك الموقع، قلتُ بوضوح إنني سأخبر أبي به. لم أقل يومًا إنه سيكون لك أنت قلت بوضوح اني ساخبر ابي بيه ليذهب الي هناك ويكون ملك هذا الدوقية.”
شهق بحدة، وصوته اهتزّ وهو يقول: “ماذا؟! أنا… أنا ذهبت إلى هناك بنفسي!”
أدرت وجهي قليلًا إلى الجانب، ثم أعدت النظر إليه بعينين ضيقتين تحملان ازدراءً بارداً: “مارلين… السرقة ليست أمرًا يليق بنبلٍ مثلك.” رفعت زاوية فمي بابتسامة ساخرة، وتابعت كمن يطعن خنجرًا ببطء: “هل تود أن أخبر أبي؟ بل أن أخبر الجميع؟ تخيّل وجوههم وهم يعلمون أنك حاولت الاستيلاء على موقع من خلف ظهره… سيكرهونك.”
ارتجف فكّه من الغضب، ويداه قبضتا بقوة كأنهما تريدان ضرب شيء. ابتسمتُ أوسع، ومال صوتي إلى الهمس الماكر: “بل أكثر من ذلك… حينها سننفصل أنا وأنت، والأدهى-“ توقفت لثانية، أطلقت تنهيدة صغيرة مصطنعة، ثم غرزت عيني في عينيه مباشرة: “-أن أبي نفسه سيكرهك. وعندها… لن يكون بإمكانك حتى الاقتراب من حبيبة القلب… فيكتوريا.”
تجمّد مارلين في مكانه، وكأن كلماتي أصابته في مقتل. اتسعت عيناه للحظة، وارتعشت شفتاه وهو يتمتم بصوت مشوش: “أنتِ… ما الذي قلتيه الآن؟”
أملت رأسي ببطء، ونظرت إليه ببرود حاد كأنني أنزع آخر قناع يخفيه: “مارلين… اسمع جيدًا. توقف عن هذا التمثيل المثير للشفقة. أنا أعرف كل شيء.” حدقت في عينيه بثبات، وصوتي كان كالسهم يخترق صدره: “أنتَ وفيكتوريا… على علاقة. أعرف ذلك تمامًا. لذا، إنكارك لن يجدي. وأدعك الجهل أيضًا.”
شهق مارلين بقوة، وخطى نحوي غاضبًا، حتى بدا كأن الأرض تهتز من وقع قدميه. قبض يديه بعنف وقال بصرامة مليئة بالتهديد: “أوريانا… إن أصاب فيكتوريا مكروه بسببك… فلن أرحمك.”
أطلقت ضحكة قصيرة باردة، نبرتها كسكين تجرح كبرياءه: “هههه… يا له من كلام جميل، يخرج من ابن ماركيز لابنة دوقية مرموقة.” انحنيت قليلًا للأمام، ناظرة إليه من علٍ وكأني أضعه في حجمه الطبيعي: “مارلين… لا تنسَ نفسك. فأنت مجرد ابن ماركيز. بينما أنا… ابنة دوق. أستطيع أن أمحو اسمك واسم عائلتك من على وجه الأرض في ثانية واحدة.”
رفعت مرفقيَّ وأسندتهما على مسندي الكرسي، ثم شبكت يديّ معًا ببطء، وصوتي انساب ساخرًا كقطرة سم: “أتعلم يا مارلين؟ لطالما رأيتك شخصًا مقززًا. وأبغض ما فيك… أنك لم تأتِ لزيارتي أو الاطمئنان عليّ طوال فترة غيبوبتي، ولا حتى عندما فقدت القدرة على المشي.” ضيقت عيني أكثر، وصوتي ارتفع قليلًا بسخرية لاذعة: “والأدهى من ذلك… أنك لم تكلّف نفسك بالمجيء الآن إلا من أجل ذلك المنجم. أتساءل حقًا… لماذا تقدمت إليَّ في البداية؟ ألم تكن تحبني كما تدّعي؟”
احتقن وجهه باللون الأحمر، وارتجف من شدة الغضب، ثم صرخ: “أوريانا… أنا أحذرك! تكلمي معي باحترام قليلًا!”
ابتسمتُ ابتسامة واسعة مائلة للاستهزاء، وعيناي تتوهجان ببرود قاتل: “سحقًا لك… من تظن نفسك؟
نهضت ببطء، يدي امتدت إلى طبق الفاكهة الموضوع على الطاولة. قبضت أصابعي على السكين الصغيرة، انعكس بريقها تحت ضوء الغرفة الهادئ فشق العتمة كوميض بارد. ارتفعت خطواتي الثقيلة في المكان، صوت الكعب على الأرضية بدا كأنه طَرقات موت تقترب.
مارلين اتسعت عيناه للحظة، ثم حاول إخفاء ارتباكه بابتسامة ساخرة مصطنعة، لكن جسده خان تماسكه حين بدأ يتراجع خطوة تلو الأخرى، كأن كل حركة مني تدفعه للخلف كفريسة محاصرة.
قال بصوت مضطرب حاول أن يجعله صارمًا: “ماذا؟ هل ستقتليني؟ يبدوا أنكِ فقدتِ عقلك!”
اقتربت أكثر، ببطء متعمد، حتى بدا وكأن الهواء من حوله يضيق. ظهره اصطدم بالحائط، تنفسه صار أثقل، كمن علق في زاوية لا مهرب منها.
صرخ مهددًا وهو يرفع يديه المرتجفتين: “أوريانا… إن اقتربتِ أكثر سأصرخ! سأنادي الحراس!”
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيّ، باردة كالجليد: “نادِهم إن أردت… ستكون قد وفرت علي عناء مناداتهم.”
وفجأة، بلا تردد، وضعت نصل السكين على راحتي وسحبتها بخط مستقيم. الألم الحارق اخترق أعصابي، والدم انبثق فورًا، قطراته الثقيلة تساقطت على الأرض ، لتترك بقعًا قاتمة كأنها توقيع دموي على المشهد.
مارلين تجمد في مكانه، وجهه شاحب، عيناه متسعتان، فمه مفتوح دون أن يجد الكلمات.
اقتربت منه أكثر، رفعت يدي الملطخة بالدماء ومسحتها ببطء على قميصه الأبيض الناصع، تاركة أثرًا قرمزيًا انتشر كندبة لا تُمحى. ثم أمسكت وجهه بقوة، أصابعي انغرست في بشرته وهو يحاول عبثًا أن يتخلص من قبضتي. أجبرته أن ينظر مباشرة في عيني.
همست بصوت منخفض لكنه مشبع بالبرود: “أتدري يا مارلين؟ لدي طريقتان فقط لأجعلك تدرك حجمك الحقيقي.”
رفعت السكين ببطء نحو صدره، حتى لامس طرفها مكان قلبه. شعرت برجفته، بارتجاف أنفاسه وهو يحدق في المعدن البارد الموجه إلى حياته.
“الأولى… أن أطعن قلبك الآن. وحين يسألني أحد ما جرى… سأقول بكل بساطة: لقد هاجمني مارلين… وأنا فقط دافعت عن نفسي.”
ضغطت السكين أكثر على صدره، فشهق لا إراديًا، عيناه امتلأتا بالذعر. لكنني ابتسمت، سحبت السكين قليلًا، وواصلت ببرود يثير الرعب: “لكنني لا أفضل هذه الطريقة… فهي ستُنهي حياتك بسرعة، وستلوث يدي بدمك القذر عبثًا.”
اقتربت أكثر، حتى صار وجهي أمام وجهه مباشرة، أنفاسي تلامس جلده. “أما الثانية… فهي أن أصرخ الآن. صرخة واحدة فقط، والجميع سيهرع إلى هنا. وحينها سأقول… أنك هجمتني بالسكين.”
ارتجف صوته وهو يحاول التشبث بكبريائه المتحطم: “أنتِ… هل تعتقدين أن أحدًا سيصدقك؟ لا أحد يحبك أصلًا!”
ضحكت، ضحكة قصيرة باردة، كطعنة سكين في كبريائه: “إذن… هل تقول إن والدي سيصدقك أنت على حساب ابنته ؟ ما الذي تقوله؟ هل أنت أحمق لهذه الدرجة؟”
صمته كان أثقل من أي رد. العرق البارد بدأ يتصبب من جبينه، وأنفاسه باتت متقطعة. نظر لي وكأنه يرى وحشًا أمامه، لا إنسانة.
تمتم متلعثمًا، صوته بالكاد يخرج من بين شفتيه: “ما… ما الذي تريدينه مني يا أوريانا؟”
ابتسمت ابتسامة هادئة، ثابتة، بينما عيناي تلمعان بدهاء بارد: “جيد… يبدو أن دماغك بدأ يعمل قليلًا. أنا فقط أقول لك… ما رأيك بصفقة معي؟”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات