I am doomed to evil - 01
وقفت قدماي عن الحركة، وبصري متسمّر على الضوء القادم نحوي بسرعة… شاحنة ضخمة تقترب، وصوت الفرامل يصرخ في أذني، لكن عقلي لم يكن هنا… كان هناك، معها.
على الجانب الآخر من الطريق، وقفتْ تنظر إليّ بملامح باردة، عيناها لا تحملان أي ذرة ندم.
لقد فعلتها أخيرًا، أليس كذلك؟
في اللحظة التي دفعتني فيها، كل شيء انكشف أمامي بوضوح… لم يكن الأمر مصادفة، لم يكن مجرد حادث.
كنتُ ساذجة.
حياتي بأكملها كنتُ أحاول جلب حب عائلتي، ظننتُ أنني إن عملت بجد، وإن كنتُ لطيفة، وإن تحملتُ كل شيء… سيقبلونني.
لكنها… جعلتني أبدو شريرة، دمرت سمعتي ببطء، وها هي الآن تتخلص مني تمامًا.
لقد كرهوني منذ البداية، لأنني لم أكن سوى ابنة امرأة ماتت بعد ولادتي، فأصبحتُ “اللعنة” التي سرقت أمهم.
أشعر بالهواء يضرب جسدي وأنا أسقط… شاحنة… هاها… كم هذا مضحك.
ثم، الظلام.
–
“أوريانا إدوارد، ماذا فعلتِ بحق الجحيم؟!”
شهقتُ، الهواء الحارق يملأ رئتي وكأنني كنت أغرق في ظلام لا نهاية له. عينيّ المرتجفتان تعكسان صدمة لم أفهم مصدرها بعد، قبل أن يضربني الصوت الغاضب كسوط على مسامعي.
من…؟
أمام ناظري، وقف شاب طويل، شعره الأزرق الغامق يتلألأ تحت الأضواء، وعيناه الزرقاء مشتعلة بالغضب البارد. كان يحدّق بي كما لو أنني ارتكبت جريمة لا تُغتفر.
هاه؟ من هذا الشخص؟ ولماذا يرتدي هذا اللباس الغريب؟ وأين أنا؟
قبل قليل الم تدفعني أختي أمام شاحنة. لطالما كنتُ ظلًا شاحبًا بجانبها، لكن لماذا لا أزال حية؟!
“ألن تجيبي؟ أخبرتكِ، كيف تقومين بسكب النبيذ على فستان الأميرة؟ألم تفكري بعواقب أفعالك قبل أن تفعلي شيئًا كهذا؟”
صوته القاسي ضربني كصفعة أيقظتني أكثر مما كنت عليه. كأنني كنت في ضباب، والآن بدأت أرى بوضوح… لكن ليس وضوحي المعتاد. هناك شيء خاطئ.
حاولت رفع يدي، فتوقفتُ للحظة. كانت أصابعي أنحف، أنعم… لم تكن يدي! جسدي بأكمله كان خفيفًا، حتى رائحتي تغيرت، تفوح مني رائحة عطرية خفيفة لم أعتد عليها. عندما حاولت التحرك، شعرتُ بأن قامتي أقصر قليلًا مما اعتدت، … وكأنني لم أعد أنا.
ضغطتُ على رأسي، أحاول استيعاب ما يحدث، لكن صوته أعادني إلى الواقع.
“هل ستبقين صامتة هكذا؟!”
قبل أن أنطق بحرف، جاء صوت هادئ من الخلف، نبرة خافتة ومريحة بما يكفي لإخماد التوتر.
“أخي، دعها وشأنها.”
التفتُ لأجد شابًا بشعر وردي ناعم وعيون بنفسجية، ملامحه هادئة، لا تحمل قسوة أو شفقة. بدا شخصًا لطيفًا، يقف بثقة دون أن يكون متعجرفًا، وكأن كل ما يحدث أمامه لا يستحق الاهتمام.
“أنت تبالغ، أوسكار. لا حاجة لكل هذا الصراخ.”
الشخص الذي يصرخ عليّ – أوسكار – زمجر بانزعاج لكنه لم يجادل أخاه كثيرًا.
“أوسكار: أنت لا تتدخل في أمور العائلة، لكنك تدافع عنها في كل مرة.”
أجابه ليونارد بهدوء، بنبرة لا تخلو من المرح: “هذا ليس دفاعًا. أنا فقط لا أريد فوضى بسبب أمر كهذا.”
“حسنًا، ولكن كوريث للعائلة، لن أتحمل أخطاءها. وعليك أنت، يا من دافعت عنها، أن تتحمل مسؤولية أي خطأ آخر منها.”
التفت إليّ بابتسامة خفيفة وقال:
“أوريانا، من الأفضل أن تذهبي إلى غرفتك الآن، قبل أن تتفاقم الأمور.”
لم يكن تهديدًا، بل مجرد ملاحظة واقعية، قبل أن يلتفت إلى الخادمة بجانبه.
“اصطحبيها إلى غرفتها، وتأكدي من أنها بخير.”
…
بينما تسير بي الخادمة عبر الممرات، كنت أحاول استيعاب كل شيء.
“مهلًا، ما الذي يحدث؟ أخبريني!”
لكنها تجاهلتني تمامًا، ملامحها خالية من أي تعبير، كأنني مجرد هواء.
ضغطتُ على شفتيّ بقلق وأنا أُدفع بلطف نحو غرفة واسعة. أُغلق الباب خلفي بصمت، تاركًا إياي وسط دوامة من الأسئلة.
… ما هذا المكان؟
نظرتُ حولي… السقفف كان مرتفعًا، مزينًا بثريات كريستالية، والجدران مغطاة بنقوش ذهبية فاخرة، بينما الأثاث الفاخر يبعث شعورًا بالعظمة والرقي. كانت الغرفة تشبه تصاميم العصر الفيكتوري تمامًا…
إنه أشبه بمشهد من رواية تاريخية… تجولتُ ببطء، عيناي تبحثان عن أي دليل يساعدني على فهم ما يجري. فجأة، وقع بصري على المرآة الضخمة في زاوية الغرفة.
اقتربتُ منها، ضربات قلبي تتسارع بشكل غير مريح. وقفتُ أمام انعكاسي… ثم تجمدت. هاه؟ هذه ليست أنا!
رفعت يدي بارتباك، متتبعة خصلات شعري الأرجوانية الناعمة. عيون بنية واسعة نظرت إليّ بذهول، ووجهي… كان رقيقًا شاحبًا، أنيقًا بطريقة ملكية لم أعتد عليها.
انتظري لحظة! لقد ناداني ذلك الرجل بـ”أوريانا إدوارد” للتو! هذا الاسم… أنا أعرفه.
إنه اسم الشريرة الفرعية في رواية “الأميرة وعبء المعجزة”.
ارتجفت أصابعي وأنا أستعيد ذكريات الرواية… تلك الرواية الوحيدة التي أحببتها بسبب كون الشريرة الفرعية كانت تشبهني في حياتي السابقة.
أوريانا، الفتاة المتبناة لدوقية سيريوس. التي تبنتها الدوقة كاميلا دي فالنتين، رغم أن لديها ثلاث أولاد:
أوسكار إدوارد سيريوس
ليونارد إدوارد سيريوس
إيثان إدوارد سيريوس
وقبلها بثلاث سنوات، كان الدوق قد تبنّى فتاة أخرى تدعى فيكتوريا.
فيكتوريا، الفتاة المرحة الطيبة التي يعشقها الجميع، على عكس أوريانا الهادئة الغامضة.
وفي النهاية، كانت أوريانا متهمة بمحاولة قتل بطلة الرواية، الأميرة سيلينا ديلور، التي تمتلك قوة الشفاء…
هاها… ههههههههه…
ابتسمتُ بسخرية خافتة. يا لها من مزحة قاسية من القدر.
في النهاية سأموت قريبًا مثل حياتي السابقة، وسأكون الشريرة أيضًا…
لكن هذه المرة… لن أحاول إثبات أي شيء.
لقد سئمت من محاولة إقناع الآخرين بأنني لست شريرة.
في حياتي السابقة، كان الجميع يعاملونني وكأنني مجرمة دون دليل، والآن أعيد التجربة؟
لا، لن أضيع وقتي.
على الأقل، لن أضطر إلى العمل والكدّ لجمع المال كما كنت أفعل في حياتي السابقة.
سأستمتع بحياتي إلى أن ألقى مصيري…
طرق!
“أوريانا، سأدخل.”
استدرت ببطء نحو الباب، لأرى رجلًا طويل القامة، شعره أزرق غامق وعيناه حمراوان تشعّان بحدة أنا أعرفه…
إنه دوق سيريوس، إدوارد سيريوس نفسه. كان يحمل هيبة تليق بدوق، خطواته ثابتة ونظرته ثاقبة، لكن صوته كان هادئًا بشكل غير متوقع عندما تحدث:
“أوريانا، سمعت بما فعلتِ مع الأميرة. لماذا سكبتِ النبيذ على فستانها؟ لو كنتِ تريدين فستانًا مثلها، لكنتِ طلبتِ مني، وكنت سأحضره لكِ. لذا، ليس من الضروري أن تمتلكي هذه الغيرة.”
أجل… هذا الحدث مذكور في الرواية…
في الرواية، كانت فيكتوريا قد أخافت أوريانا وأخبرتها بوجود حشرة أسفلها، وبسبب خوفها، قامت بسكب النبيذ دون قصد منها علي فستان الاميرة…
رغم أن هذا توبيخ من الدوق إدوارد، إلا أن صوته كان هادئًا، وكأنه لا يريد تصعيد الموقف…
الدوق إدوارد… كان دوقًا ذا هيبة، قويًا للغاية، حكيمًا وعادلًا دائمًا.
كان بارد المشاعر منذ أن دخلت زوجته في غيبوبة، لكنه كان الشخص الوحيد، إلى جانب الأميرة والبطل الفرعي، الذي حزن حقًا على موت أوريانا في الرواية…
وكان الدوق إدوارد الوحيد الذي ودّعها بعناق…
والآن… حتى لو أخبرته بالحقيقة، لن يصدقني.
بالنسبة لهم، أنا الشريرة، وفيكتوريا هي الفتاة البريئة الطاهرة.
ماذا يجب أن أجيبه الآن؟
في حياتي السابقة، كنت سأحاول الدفاع عن نفسي، سأبكي، سأحاول إقناع الجميع بأنني لم أفعل شيئًا خاطئًا…
لكن الآن… لا يهمني الأمر.
حتى لو قتلوني، لا أهتم… لقد متّ مرة بالفعل… “أنا أعتذر، أيها الدوق.”
نظر إليّ باستغراب، عينيه ضاقتا قليلاً.
“ماذا ناديتني للتو… دوق؟!”
… لن أناديه بـ”أبي”. تلك الكلمة تحمل لي ماضٍ قذرًا ومؤلمًا، لا أستطيع نطقها حتى لو كنتُ أعلم أنه لم يفعل شيئًا سيئًا لي هنا.
كل تلك الأشياء فعلها من أجل أوريانا، وليس من أجلي…
أنا شخص مختلف الآن…
“صدقني، لم أكن أقصد، وأنا أعتذر، لن أكرر هذا الخطأ ثانيةً.”
قبل أن يردّ عليّ، قُطع حديثنا بصوت قادم من الممر…
“أبي، أرجوك، لا تعاتب أختي، فهي لم تقصد!”
“أختي، هل أنتِ بخير؟!”
شعر أحمر… عيون خضراء…
إنها…
الفتاة التي يعشقها الجميع، والتي ستكون السبب في موتي.
لكن هذه المرة… أنا لن أحاول الدفاع عن نفسي.
هذه المرة… سأراقب المسرحية حتى نهايتها.
لا تنسوا متابعة حسابي علي انستا لمعرفة كل جديد aya.san._1@