حتّى الآن، اختفى تردّدها السّابق كأنْ لم يكن موجودًا، وكانت سابينا تقف بنظرةٍ هادئة بشكلٍ مُخيف.
في الوقت ذاته، بدأت الطّاقة السّحرية تنساب من أطراف أصابع سابينا.
بدقّةٍ لا تُقارن بما كان قبل قليل.
اندفعت الطّاقة السّحرية المُمتصّة داخل جسد أدريان نحو قلبه الأوري المتشقق بشكلٍ كبير.
‘بهدوء، دون استعجال…’
بدأت طاقة سابينا السّحرية في إصلاح الشّقوق في قلب الأورا.
التّعامل مع قلب الأورا الحسّاس يعني، في الحقيقة، الإمساك بحياة أدريان بين يديها.
بالطّبع، لم يكن أمام سابينا سوى أن تكون حذرة للغاية.
لذلك، عندما اقترحت علاجه سابقًا، تكلّمت بحذرٍ غير معتادٍ منها.
“إذا شعرت بعدمِ الرّاحة، يُمكنك ايقافي.”
لكن ردّ فعله كان مختلفًا تمامًا عمّا توقّعت سابينا.
بل إنّه ردّ بجدّيّة قائلًا:
“ماذا؟ لِمَ أرفض؟”
“لكن…”
“أنتِ ساحرة بارعة بشكلٍ مذهل. هل تعتقدين أن فرصة العلاج من شخصٍ مثلكِ تأتي كلّ يوم؟”
لهذا السّبب، أصبح أدريان يتلقّى العلاج من سابينا بانتظام.
وعندما استعاد وعيه، وجد نفسه قد وصل إلى العاصمة برفقة سابينا.
بل إنّ أدريان كان دائمًا يضع حياته بين يديها، أليس كذلك؟
شعرت سابينا بشيءٍ من الدّهشة إزاء هذه الثّقة الرّاسخة التي يكنّها لها.
‘شخصٌ يثق بي إلى هذا الحد…’
غاصت عيناها الحمراوان في تأمّلٍ عميق.
‘حَتّى لو بحثت في الإمبراطوريّة بأكملها، لن أجد سوى أدريان.’
كان هذا الشّعور مُفرحًا، لكنّه ترك طَعمًا مُرًّا في فمها.
كلّما نظرت إلى أدريان، وجدت نفسها تتشبّث بأملٍ ضئيل…
‘لا.’
لا داعي للتّفكير في أمورٍ لا طائل منها.
أغمضت سابينا عينيها بقوّة ثمّ فتحتهما.
بعودتها إلى وجهها الخالي من التّعبير المُعتاد، أعلنت بصوتٍ هادئ:
“ها قد أنتهيت.”
أخيرًا، انتهى العلاج.
أبعدت سابينا يدها عن صدر أدريان، وأضافت بنبرةٍ هادئة:
“جرّب تحريك الأورا في جسدك بالكامل.
كيف تشعر؟”
في تلك اللّحظة، أضاءت هالةٌ ذهبيّةٌ خافتةٌ حول جسد أدريان.
كانت الأورا.
“أوه، يبدو الأمر جيدًا حقًا!”
نظر أدريان إلى سابينا بعينين تلمعان.
“أصبح التّحكّم بالأورا أسهل مقارنةً بالسّابق.”
“ومع ذلك، لا تُجهد نفسك كثيرًا. قلب الأورا لم يتعافَ بالكامل بعد.”
ردّت سابينا ببرودٍ ظاهري، لكن تعبيرها كان مُشرقًا للغاية.
فقد كان تقدّم علاج أدريان أفضل ممّا توقّعت.
‘لمس صدره العاري مباشرةً يُشعرني ببعض الحرج…’
لكن، في النّهاية، هذا جزءٌ من عمليّة العلاج فحسب.
“أنا سعيدةٌ لأنّك تشعر بتحسّن.”
تظاهرت سابينا بالهدوء وهي تقف.
“الآن، استرح قليلًا. سأذهب لـ…”
لكن المشكلة أنّ سابينا، وهي تقف، تعثّرت قدَمها.
“آه!”
انطلق صراخٌ قصيرٌ من بين شفتيها.
كانت كرةُ لعبةِ ميبيل المصنوعة من الفراء تتدحرج على الأرض.
وكانت سابينا قد دست عليها عن طريق الخطأ.
‘ميبيل، ألم أخبركِ أن تُنظّمي ألعابكِ جيّدًا؟!’
لكن ميبيل، التي كان يجب أن تُوبّخ، لم تكن موجودة.
وسقطت سابينا مباشرةً على صدر أدريان العاري!
شعرت بتيبّس جسد أدريان تحتها.
‘لـ-لحظة.’
هل هذه الوضعيّة غريبةٌ بعض الشّيء…؟
رفعت سابينا رأسها فجأة.
في تلك اللّحظة، اهتزّت عيناها الحمراوان كما لو أصابهما زلزال.
كانت تجلس تقريبًا على ركبتي أدريان!
بل إنّ أدريان، بوجهٍ يبدو عليه بعض الارتباك، كان على بُعد بوصاتٍ منها…
‘آآآه!’
صرخت سابينا داخليًا وهي تقفز واقفة.
لكن، كما لو أنّ الأمور لم تكن سيّئة بما فيه الكفاية، سُمِع صوتٌ بريءٌ يسألها:
“أختي، ماذا تفعلين؟”
“…”
تجمّدت كتف سابينا.
عندما التفتت، رأت ميبيل تنظر إليهما بعينين مُتلألئتين.
ابتسمت سابينا بجهد.
“أعالجهُ! كنت أُعالجهُ!”
“آها.”
أومأت ميبيل برأسها للحظة.
ثمّ ابتسمت بنظرتها المُشاكسة.
“لكن لمَ تبدين بهذا التوتّر؟”
“…”
كانت عيناها، وهي تنظر إليهما بالتّناوب، تبدو راضية بشكلٍ غريب.
كأنّها تفهم المشاعر الدقيقة بين الرّجل والمرأة…
‘لا، مستحيل.’
ميبيل ليست سوى طفلة في السّادسة من عمرها.
هكذا، حاولت سابينا التّخلّص من شعورها المُزعج.
بعد انتهاء علاج أخي أدريان،
غادرت الأخت إلى مخزن المواد الكيميائيّة قائلةً إنّ عليها الذّهاب للحظة.
‘حسنًا، الآن ها قد أتيت لي الفرصة راكضة.’
اقتربت خلسةً من جانب أخي.
وتظاهرت بتعبيرٍ متجهّم وقلت:
“أخي، أنا جائعة.”
فنظر إليّ أدريان بعينين مستديرتين.
فمِن المعروف أن أخي لا يمكنه تجاهل طفلٍ جائع أبدًا.
سألني بجدّيّة:
“جائعة؟ هل نأكل وجبة خفيفة معًا؟”
“نعم!”
احتضنني أخي بحماس وتوجّه بخطواتٍ واثقة نحو المطبخ.
في تلك الأثناء،
تجمّدت كتفي دون قصد.
لقد رأيت، خلف الأدوات المرتّبة بعناية، منضدة الطّهي التي تُستخدم كفرن.
الدّخان الرّمادي الذي كان يتصاعد بكثافة،
والحرارة الشّديدة التي كانت تضربني…
“مي؟”
مال أخي برأسه وناداني.
“ما الخطب؟”
“…لا شيء، لا شيء.”
نظرت إلى شُعلات المنضدة بعينين مرتعبتين، ثمّ حوّلت رأسي بجهد.
كنتُ أعرف جيّدًا في عقلي.
لا يمكنني تجنّب النّار طوال حياتي.
بما أنّني أعلم أن مشاعري غير عقلانيّة، يُمكنني أن أكون هادئة إذا استعددت مسبقًا.
…ومع ذلك، لا يمكنني التّغلّب على كرهي الغريزي للنّار.
عانقت عنق أخي بقوّة، وحوّلت نظري بعيدًا عن المنضدة.
‘لا بأس، إنّه أمرٌ مضى.’
تلك اليأس المُروّع عندما كانت النّيران تلتهم أختي.
لمنع تكرار تلك المأساة…
‘يجب أن أكون حذرةً.’
ابتلعت ريقي بصعوبة، وأشرت بإصبعي نحو خزانة الطّعام بثقةٍ مصطنعة.
بالمناسبة، كانت خزانة الطّعام فوق المنضدة مباشرة.
“أنا، افتح لي تلك.”
“مي؟”
“سأُعدّ لك وجبةً خفيفة!”
تحدّثت بحماسٍ مُتعمد، فتحرّك أخي دون شك.
كلّما اقتربنا من المنضدة، شعرت بجسدي يتصلّب.
أغمضت عيني بقوّة ثمّ فتحتهما.
‘لا بأس.’
تجاهلت الشّعلات تحتي قدر استطاعتي، ومددت يدي نحو الخزانة.
تمكّنت من الإمساك بمقبض باب الخزانة، لكن…
“أووف.”
لِمَ باب الخزانة ثقيل هكذا؟!
تشبّثت بالباب وكافحت لفترة.
أوه، ماذا كان يفعل أخي أدريان بينما كنت أعاني هكذا؟
كان يُراقبني وأنا أُكافح بوجهٍ يبدو أنّه سينفجر ضحكًا لو لمسته…
هذا الرّجل، حقًا!
“أوه، مي الصّغيرة، كيف ستتعامَلين وأنتِ بهذه الضّعف؟”
لم يستطع أخي أدريان كبح نفسه، وتحدّث وهو يضحك.
“من الآن فصاعدًا، يجب أن تأكلي وجبات خفيفة كثيرة، ووجبات طعام كثيرة أيضًا، حتّى تُصبحين قويّة.”
ثمّ مدّ يده وفتح باب الخزانة بسهولة.
في تلك اللّحظة، تجمّد أخي بوجهه المُبتسم.
“…ما هذا؟”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات