يقال إنَّ الدخان يتصاعد إلى الأعلى، أليسَ كذلك؟
بالتأكيد، عندما انخفض مستوى عينيَّ، أصبحَ التنفُّس أسهل بكثيرٍ.
تسلَّلتُ عبر فجوات المواد المنهارة، وفجأةً، لمعتْ عيناي.
‘هذا…’
إذا نجحتُ، قد أتمكَّن من إزالة لوحٍ يسدُّ الفجوة بشكلٍ مائلٍ.
بالتحديد، إذا سحبتُ لوحًا واحدًا من الأسفل، يمكن أنْ تنهار الأكوام بأكملها.
كانَ في مكانٍ يصعب رؤيتهِ من منظور إنسانٍ.
‘حسنًا.’
عدتُ إلى شكلي البشريِّ، وأمسكتُ اللوح بكلتا يديَّ بقوَّةٍ.
كانَ سطح اللوح خشنًا، فخدشَ راحتيَّ الرقيقتين.
شعرتُ بألمٍ حارقٍ في يديَّ.
“آه.”
خوفًا من أنْ يقلق دومينيك، حاولتُ كبح تأوُّهي.
لكنْ يبدو أنَّهُ سمعني.
جاءَ صوتٌ مضطربٌ من خلف الأكوام العالية:
“ميبيل؟!”
“أنا بخير، كح، بخير!”
صحتُ بذلك وتشبَّثتُ باللوح مجدَّدًا.
إذا أخرجتُ هذا، سأنقذ دومينيك.
كيفَ أستسلم؟
“هه.”
ابتلعتُ أنفاسي.
عندما أدخلتُ يدي تحت اللوح الخشن، شعرتُ وكأنَّ يدي تتمزَّق.
‘لا يهمُّ!’
تجاهلتُ الألم ودفعتُ بقوَّةٍ أكبر.
في تلك اللحظة، تدفَّق الدم الدافئ على معصمي.
نجحتْ اللوحة في الخروج بشكلٍ دراماتيكيٍّ.
“أغ… آه!”
كو دانغ!
سقطتُ للخلف عندما خرجَ اللوح.
لكنَّني لم أشعر بالألم.
فقد انهارتْ الأكوام، وانخفضَ ارتفاعها!
‘بهذا، يمكن لدومينيك الخروج!’
زحفتُ بسرعةٍ على ركبتيَّ.
في الوقت نفسه، خرجَ دومينيك من بين الأكوام.
“كح، ميبيل… هل أنتِ بخير؟!”
رفعَ دومينيك صوتهُ عندما رآني.
أنا بخير.
أردتُ القول، لكنَّ شفتيَّ لم تتحرَّكا.
‘يبدو أنَّني استنشقتُ الكثير من الدخان.’
فكَّرتُ برأسٍ مشوشٍ.
عندما كنتُ أحاول إنقاذ دومينيك، تحرَّكتُ رغم التوتر.
لكنْ الآن، لم أستطع تحريك إصبعٍ واحدٍ.
“ميبيل، هل يمكنكِ النهوض؟”
حاولَ دومينيك مساندتي عدَّة مرَّات، لكنْ بلا جدوى.
كانَ جسدي يتدلَّى باستمرارٍ.
في النهاية، حملني دومينيك بين ذراعيهِ وتوجَّهَ نحوَ المخرج بصعوبةٍ.
كلَّما اقتربنا، شعرتُ بهواءٍ رطبٍ يتدفَّق.
‘مم؟’
شوات!
سمعتُ صوتَ شيءٍ يتدفَّق بقوَّةٍ في أذنيَّ المذهولتين.
‘صوت المطر؟’
جمعتُ قواي وبصعوبةٍ رفعتُ رأسي.
كانَ المطر يهطل بغزارةٍ في الخارج.
بهذهِ القوَّة، ستهدأ النيران بسهولةٍ.
لكنْ اليوم كانَ مشمسًا جدًّا.
هذا يعني…
‘إنَّها أختي.’
السبب الوحيد لتغيُّر الطقس فجأةً هو سحر ساحرتنا العبقريَّة.
ابتسمتُ برضا.
‘لكنْ، استخدام سحرٍ بهذا الحجم كانَ مرهقًا لها.’
في تلك اللحظة.
ناداني صوتٌ مليءٌ بالتوسُّل من بعيدٍ:
“ميبيل!!”
عبر رؤيتي الضبابيَّة، رأيتُ شعرًا أرجوانيًّا كزهور السوسن يرفرف.
كانتْ عيناها الحمراوان مليئتين بالدموع.
كيفَ عرفتْ أنَّني كنتُ أفكِّر بها؟
“أختي، أنا… بخير.”
ضغطتُ على صوتي بصعوبةٍ.
آمل أنْ أبدو بخيرٍ أمامها.
كانتْ رؤيتي تتلاشى.
غريب، تبدو أختي بعيدةً جدًّا.
“ميبيل؟ ميبيل!!!”
أظلمتْ عيناي.
فقدتُ الوعي.
* * *
في ذلك اليوم، عندما غطَّت الثلوج المبكِّرة العالم بالبياض.
“مياو!”
رُكلتُ بقوَّةٍ وتدحرجتُ في الخارج.
رجلٌ في منتصف العمر، يرتدي ثوب كاهنٍ مهترئ، صرخَ بي:
“إلى أين تتسلَّلين، أيتها القطَّة اللصَّة القذرة؟!”
كانَ خطأي أنْ تسلَّلتُ إلى مبنىً للهروب من البرد القارس.
من سوء حظِّي أنَّهُ كانَ معبد ريغاليس.
كانَ جسدي المركول يؤلمني.
لهثتُ وتكوَّمتُ تحت جدارٍ بعيدٍ عن الثلج.
لففتُ جسدي وغطَّيتُ قدميَّ المجمَّدتين بذيلي.
لكنْ البرد لم يزُل.
‘بارد جدًّا.’
تصاعدَ نفسٌ كالسحب.
كلَّما هبَّت رياح الشتاء، شعرتُ وكأنَّ جسدي يُطعن بمئات الإبر.
ومع ذلك…
‘أشعر بالنعاس…’
…كانَ من الصعب مقاومة النوم.
رمشتُ ببطءٍ.
كانَ جسدي ثقيلًا كالقطن المبلَّل.
أصبحتْ رؤيتي ضبابيَّةً.
‘هل سأموت هكذا؟’
ربَّما من الأفضل أنْ أنام إلى الأبد.
لن أشعر بالبرد بعد الآن.
مع تلك الفكرة، كنتُ أغرق في النوم، عندما…
“يا إلهي؟”
أيقظني صوتٌ مرتبكٌ.
رفعتُ جفنيَّ بصعوبةٍ.
امرأةٌ أنيقةٌ، كأنَّها مزيجٌ من زهرة السوسن والياقوت، انحنتْ تنظر إليَّ.
“هل أنتِ بخير؟”
اقتربتْ مني بحذائها الجلديِّ.
فجأةً، انخفضَ مستوى عينيها.
كانتْ قد جلستْ أمامي.
“يا إلهي، في هذا البرد… ستكونين في خطرٍ وحدكِ.”
تمتمتْ بقلقٍ.
في تلك اللحظة، أدركتُ.
إذا تخلَّتْ عني هذهِ المرأة أيضًا…
‘سأموتُ هنا حقًا.’
على الرغم من أنَّني فكَّرتُ للتوِّ أنَّ الموت قد يكون أسهل…
‘أريد أنْ أعيش.’
جمعتُ كلَّ قواي وقمتُ.
تعثَّرتُ خطوتين ودفنتُ أنفي الجافَّ في ركبتها.
اتَّسعتْ عيناها الحمراوان قليلًا.
“…مياو.”
أرجوكِ، ساعديني.
نظرتُ إليها بتوسُّل وأصدرتُ مواءً صغيرًا.
ضيَّقتْ عينيها، كأنَّها فهمتْ كلامي.
“همم.”
تردَّدتْ للحظةٍ، لكنَّها لم تتجاهلني.
مدَّتْ يدها إليَّ.
“هيَّا نذهب معًا.”
حملتني بحذرٍ.
غطَّتني بردائها حتَّى رأسي.
“مياو.”
كم هو دافئٌ!
ارتجفتُ من حرارة جسدها.
ابتسمتْ بلطفٍ:
“إذًا، هل نذهب؟”
مشيتْ بسرعةٍ إلى الغابة التي يشير إليها الناس كـ”الغابة الملعونة”.
بعدَ قليلٍ، ظهرَ كوخٌ صغيرٌ مخفيٌّ بين الأشجار الكثيفة.
“أتشعرينَ بالبردِ؟ انتظري قليلًا، سأشعل النار.”
دخلتْ الكوخ ونقرتْ بأصابعها.
تاك!
في تلك اللحظة، حدثَ شيءٌ سحريٌّ.
بدأتْ النيران تشتعل بقوَّةٍ في المدفأة المطفأة.
تردَّدَ صوتُ النيران المتطايرة.
غمرني الهواء الدافئ بلطفٍ.
‘صحيح، هكذا كانَ.’
أدركتُ فجأةً.
‘كنتُ أحبُّ النوم أمام المدفأة.’
في تلك اللحظة.
استيقظتُ من النوم.
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 50"