“هل أنتِ مرشحةٌ للكهنوت؟”
في تلك اللحظة، حدَّقَ أحد أطفال دار الأيتام إليَّ بعينين مليئتين بالفضول.
هززتُ رأسي بسرعةٍ:
“لا، أنا أخت سابينا!”
“أخت سابينا؟”
“آه، سابينا هي صديقة أدريان…”
بينما كنتُ أتحدَّث مع أعضاء فرقة الحرس وأطفال دار الأيتام، نهضَ أحد أعضاء الفرقة بهدوءٍ.
“سأذهب إلى الحمام.”
مم؟ من هذا؟
ضيَّقتُ عينيَّ للحظةٍ.
توماس.
أحد المتدرِّبين الذين كانوا يضايقون دومينيك بإصرارٍ في الماضي.
كانَ أيضًا الشخص الذي تشاجر معي مباشرةً عندما زرتُ المعبد الكبير لأوَّل مرَّة.
حاولَ ضربي لكنَّ دومينيك أمسكَ بمعصمهِ، فبكى.
‘يبدو أنَّ معصمهُ الآن بخير.’
ضحكتُ في داخلي بسخريةٍ.
حسنًا، يبدو أنَّهُ الآن يتعامل مع دومينيك ببرودٍ.
سمعتُ أنَّ أتباع توماس فشلوا جميعًا في اختبار فرقة الحرس، لكنَّهُ تمكَّن من النجاح بصعوبةٍ.
‘حسنًا، لا يعنيني.’
أوقفتُ تفكيري هنا واستمتعتُ بقطعة كعكة الشوكولاتة مرَّةً أخرى.
ههه، يجب أنْ أتناول الكثير الآن!
* * *
نظرَ توماس حولهُ بحذرٍ.
بعدَ التأكُّد من عدم وجود أحدٍ، تسلَّل إلى مخزن المطبخ.
بوجهٍ متوترٍ، تفقَّد الأغراض المرتبة في الخزانة بعنايةٍ.
‘الزيت، الزيت…’
تذكَّر توماس كلام المدرِّب:
“ابحث جيِّدًا. لقد وضعناهُ في زجاجة مشروب الطهي.”
بينما كانَ يتفقَّد الخزانة، رأى زجاجة زيتٍ مموَّهة كمشروب طهي.
‘هذا هو!’
أضاءَ وجه توماس، فمدَّ يدهُ بسرعةٍ.
فتحَ غطاء الزجاجة بنهمٍ وسكبَ الزيت على الأرض.
ثمَّ أسقطَ مصباحًا فوقهُ متظاهرًا بالخطأ.
فشش!
اشتعلت النيران بسرعةٍ.
نظرَ توماس إلى النيران التي تسلَّقت الخزانة بسرعةٍ، وشعرَ بفمهِ يجفُّ.
‘لم أتوقَّع أنْ تصبح النيران بهذا الحجم!’
تغطَّتْ يدهُ التي تمسك الزجاجة بالعرق البارد.
“أنا، أنا لا أعرف. لقد فعلتُ ما أمرني بهِ المدرِّب…”
تراجعَ توماس بخوفٍ، ثمَّ فرَّ إلى الخارج.
* * *
استمرَّ الوقت الممتع.
الوجبات الخفيفة اللذيذة والمحادثات المسلية كانتْ كافيةً لتحويل الأطفال المتحفِّظين إلى أصدقاء مقربين.
“لذا، هذا الشخص هذهِ المرَّة…”
“ههه، حقًا؟”
انفجرتْ الضحكات.
لكنْ، كلَّما تحدَّثتُ مع الأطفال بسعادةٍ، كانَ دومينيك يطعن قطعة الكعكة أمامهُ بالشوكة بصمتٍ… لماذا؟
في تلك الأثناء، مالَ رأسي.
‘بالمناسبة، لمَ لم يعد توماس؟’
قالَ إنَّهُ ذاهبٌ إلى الحمام، لكنَّهُ لم يعد بعدُ.
بصراحةٍ، لا يعنيني أمر توماس، لكنْ غيابهُ جعلني قلقةً.
‘مم؟’
رفعتُ رأسي فجأةً.
كانتْ رائحةٌ لاذعةٌ تتسلَّل من مكانٍ ما.
كما لو أنَّ شيئًا يحترق…
في تلك اللحظة.
بام!
انفتحَ الباب بعنفٍ.
ركضتْ المعلمة إلى القاعة ورفعتْ صوتها بقلقٍ:
“حريق! اندلعَ حريق!!”
تدفَّقَ الدخان الأسود خلفها.
تجمَّدتُ في مكاني.
‘حريق؟’
أصبحَ ذهني أبيضَ.
“معلمتنا!”
“آه، أنا خائف!”
بدأ الأطفال المذعورون بالصراخ والبكاء.
حتَّى المتدرِّبون كانوا في حالةٍ من الفوضى.
“اندلعَ حريق؟”
“ألا يجب أنْ نخرج الآن؟”
بينما كانَ الجميع في حالة ذعرٍ، صرخَ دومينيك فجأةً:
“كفى!!!”
“…”
“…”
رفعَ الأطفال المذعورون رؤوسهم فجأةً.
سادَ الهدوء.
“اهدأوا جميعًا.”
تحدَّثَ دومينيك بنبرةٍ هادئةٍ:
“لا تخافوا، واخرجوا بهدوءٍ.”
“حسنًا، سأقود الطريق.”
بدتْ المعلمة، التي كانتْ مرتبكةً، تهدأتْ بفضل هدوء دومينيك.
بدأتْ تقود الأطفال بسرعةٍ.
في الوقت نفسه، اقتربَ دومينيك مني وأنا متجمِّدةٌ.
“ميبيل.”
“…”
“ميبيل!”
هه!
استعدتُ وعيي وأنا ألهث.
ربتَّ دومينيك على كتفي بهدوءٍ:
“يجب أنْ نخرج من هنا أوَّلًا.”
هدأ قلبي المضطرب قليلًا عند سماع صوتهِ الهادئ.
أشارَ دومينيك إلى المعلمة:
“ابقي بجانب المعلمة.”
“وماذا عنكَ؟”
“سأتبع من الخلف. يجب أنْ أتأكَّد من عدم تخلُّف أحدٍ.”
ارتجفتْ عيناي:
“هذا خطيرٌ جدًّا.”
الأخير الذي يخرج من مبنى مشتعل قد يُحاصر بالدخان أو النيران.
أو إذا انهار المبنى…
لكنَّ دومينيك ابتسمَ بلطفٍ:
“أنا مرشحٌ للفرسان المقدَّسين، ميبيل.
كما تعلمين، على الفرسان حماية الناس.”
“لكن…!”
حاولتُ القول شيئًا، لكنَّ دومينيك كانَ قد اتَّخذ قرارهُ.
“معلمة، اعتني بميبيل من فضلكِ.”
“تعالي، آنسة ميبيل.”
أمسكتْ المعلمة، التي كانتْ تهدِّئ الأطفال، بيدي.
“لكن…”
“إذا أصرتِ الآنسة ميبيل، سيؤخَّر خروج دومينيك.”
قالتْ المعلمة بوجهٍ صلبٍ.
لم أستطعْ المقاومة، فوقفتُ في مقدِّمة المجموعة.
قادتْ المعلمة الأطفال وأنا في الأمام، وتبعهم المتدرِّبون.
“انتبهوا ألَّا تتفرَّقوا!”
عندما خرجنا من القاعة تحت قيادة المعلمة، تصاعدَ الدخان الأسود بكثافةٍ.
كانَ بالكاد يمكن رؤية الطريق، لكنْ ذلك كانَ كلُّ شيءٍ.
طقطقة!
تسبَّبت النيران في إصدار الأعمدة الخشبيَّة أصواتًا مزعجةً.
كانَ الهواء الذي يلامس الجلد ساخنًا.
ابتلعتُ ريقي:
‘أنا خائفة.’
شعرتُ بثقلٍ في ساقيَّ.
التقدُّم عبر النيران.
الخوف من الضياع في الدخان.
كلُّ ذلك جعلني أشعر بالرعب.
لكنْ ما كانَ يخيفني أكثر…
‘دومينيك.’
عضضتُ شفتي السفلى حتَّى نزفَ الدم.
دومينيك، الذي يخاطر بنفسهِ من أجل سلامة الجميع.
إذا خسرتُ شخصًا عزيزًا عليَّ بلا حولٍ ولا قوَّة مرَّةً أخرى…
“آه…”
كانَ الطفل بجانبي خائفًا جدًّا.
مددتُ يدي وأمسكتُ بيدهِ بقوَّةٍ.
‘لا بأس.’
على الرغم من خوفي، إذا أصيبَ هذا الطفل بالذعر وتفرَّق عن المجموعة، سيكون ذلك كارثةً.
سيضطرُّ دومينيك للمخاطرة أكثر.
عبرنا الرواق جنبًا إلى جنب.
لم يكنْ وقتًا طويلًا، لكنْ شعرتُ أنَّهُ أبديٌّ.
وأخيرًا.
رأيتُ ضوءًا خافتًا من بعيدٍ.
كانَ مدخل دار الأيتام.
يبدو أنَّهم لاحظوا الحريق من الخارج، فكانَ الباب مفتوحًا على مصراعيهِ.
“نجونا!”
“فقط قليلٌ آخر!”
شعرَ الجميع بالراحة العميقة.
بدأتْ المعلمة تقود الأطفال بحماسٍ:
“اخرجوا بسرعةٍ!”
بمساعدة المعلمة والمتدرِّبين، بدأ الأطفال بالخروج.
‘دومينيك؟’
استدرتُ للخلف تلقائيًّا، وتوقَّفتُ أنفاسي دون وعيٍ.
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 47"