“هل أنتَ بخير؟ لمْ تُوبَّخ كثيرًا، أليسَ كذلك؟ هل غضبَ أدريان؟ إذا كانَ كذلك، سأوبِّخهُ!”
مع سيل الكلمات المتدفِّقة، ظهرَ تعبيرٌ مذهولٌ على وجه أدريان للحظةٍ.
“ميبيل، ما الذي تظنِّينني إيَّاهُ؟”
لكنْ ميبيل، دون اكتراثٍ، شدَّتْ ذراعيها حول دومينيك.
تردَّدَ دومينيك، الذي كانَ متجمِّدًا للحظاتٍ، ثمَّ طبطبَ على ظهر ميبيل بحذرٍ.
“أ-أوَّلًا، لمْ أُوبَّخ.”
عندها، رفعتْ ميبيل رأسها برفقٍ.
“…حقًا؟”
“نعم. استمعَ السيد البطل إليَّ جيِّدًا، لذا…”
تردَّدَ دومينيك للحظةٍ، ثمَّ أغمضَ عينيهِ بقوَّةٍ وهمسَ بهدوءٍ:
“أ، شكرًا لمساعدتكِ.”
اتَّسعتْ عينا ميبيل بدهشةٍ.
يا إلهي، هذا الفتى المتجهِّم يقول شكرًا بهذهِ السهولة؟
في الوقت نفسه، أضافَ دومينيك بحذرٍ:
“أظنُّني أظهرتُ جانبًا قاسيًا أمامكِ، وأنا آسفٌ لذلك.”
“لمَ تقول هذا؟”
عبستْ ميبيل فجأةً.
“لقد فعلتَ ذلك لمساعدتي، أليسَ كذلك؟”
“أ؟ هذا…”
“لمْ تكنْ مخطئًا، لذا لا أحبُّ أنْ تعتذر.”
مع هذا الجواب الحاسم، شعرَ دومينيك بانقباضٍ في حلقهِ.
‘لمْ أكنْ مخطئًا.’
…الآن فقط أدركَ.
طوال هذا الوقت، كانَ يتوقُ بشدَّةٍ لسماع هذهِ الكلمات.
ربَّما لذلك.
استجمعَ دومينيك الشجاعة ليطرحَ سؤالًا كانَ مدفونًا في أعماق قلبهِ.
“لكن، لمَ ساعدتني؟”
“ماذا؟”
مالتْ ميبيل رأسها باستغرابٍ.
رفعَ دومينيك جفنيهِ برفقٍ ونظرَ في عينيها.
كانتْ عيناه البنفسجيَّتان تلمعان بإلحاحٍ.
“أنتِ وأنا لسنا مرتبطين بأيِّ شكلٍ.”
عضَّ دومينيك أسنانهُ بهدوءٍ وسألَ بحذرٍ:
“لذا، لا يوجد سببٌ لمساعدتي… فلمَ؟”
“…”
لكنْ ميبيل لمْ تجبْ على السؤال.
اكتفتْ بإلقاء نظرةٍ متجهِّمةٍ على دومينيك.
سألَ دومينيك مرتبكًا:
“ما الخطب؟”
“ألا يمكنني مساعدتكَ فقط؟”
ردَّتْ ميبيل بنزقٍ.
“إذا فكَّرتَ بهذهِ الطريقة، أنتَ أيضًا حميتني من الأذى، أليسَ كذلك؟ أنا فقط…”
توقَّفتْ للحظةٍ، ثمَّ أشاحتْ بنظرها بخجلٍ.
وأنهتْ كلامها بنبرةٍ متأنِّقةٍ:
“أعتقدتُ أنَّني وأنتَ… أصدقاء.”
“…”
توقَّفَ دومينيك عن الكلام.
بينما كانتْ ميبيل تتجنَّب عينيهِ بخجلٍ، مدَّتْ يدها برفقٍ.
أمسكتْ يدها الصغيرة بيد دومينيك بقوَّةٍ.
“قالتْ أختي إنَّ الأصدقاء يساعدون بعضهم.”
“…أصدقاء.”
كرَّر دومينيك الكلمة دون وعيٍ.
في الوقت نفسه، سألتْ ميبيل بنبرةٍ متجهِّمةٍ:
“أليسَ هذا صحيحًا؟”
في تلك اللحظة، شعرَ دومينيك بدغدغةٍ في صدرهِ.
‘غريب.’
على الرغم من أنَّ حياتهُ لمْ تكنْ طويلةً، إلَّا أنَّ دومينيك أدركَ بعض الحقائق.
أنَّ الحياة هي الوحدة.
وأنَّ لا أحد يريدهُ.
لكنْ هذهِ الفتاة أمامهُ تقفُ إلى جانبهِ كأنَّ الأمر طبيعيٌّ.
…وهذا جعلهُ سعيدًا للغاية.
“نعم، أصدقاء.”
ابتسمَ دومينيك ببطءٍ وببعض الحرجٍ.
مع تلك الابتسامة الصغيرة، أضاءَ وجه ميبيل كمصباحٍ.
“إذًا، أنا صديقتكَ الأولى؟”
“…”
أغلقَ دومينيك فمهُ بإحكامٍ.
بدأ وجه ميبيل، الذي كانَ يبتسم، يتصلَّب تدريجيًّا.
“ما الخطب؟ لمَ لا تجيب؟”
“لأنَّ… يبدو أنَّكِ الثانية.”
“ماذا؟ هل لديكَ صديقٌ آخر غيري؟”
قفزتْ ميبيل كقطَّةٍ أُشعلتْ نارٌ في ذيلها.
وبدأتْ تلحُّ على دومينيك بلهفةٍ:
“من هو هذا الصديق؟!”
ضحكَ دومينيك بخفَّةٍ.
“سرٌّ.”
مهما قال الآخرون، كانَ أوَّل صديقٍ لدومينيك قد تحدَّد بالفعل.
قطَّةٌ صغيرةٌ ذات فراءٍ أبيض كالثلج وعينين زرقاوين.
إنَّها تلك القطة.
* * *
اتَّكأتْ ريبيكا على الحائط ونظرتْ عبر النافذة.
كانتْ عيناها القرمزيَّتان مثبتتين على عربة عائلة الدوق التي تغادر المعبد الكبير.
‘أدريان، لمَ أصبحتَ حادًّا هكذا؟’
غرقتْ ريبيكا في التفكير.
ما زالتْ تتذكَّر بوضوحٍ يوم لقائها الأوَّل بأدريان.
ذات يوم، انتشرتْ شائعةٌ في العاصمة أنَّ الابن الثاني لعائلة فالنسيا الدوقيَّة أظهرَ هالةً.
ذلك الابن الثاني وقفَ بمفردهِ أمام وحشٍ سحريٍّ اقتحمَ قريةً.
وأنقذَ أهل القرية من خطرٍ وشيكٍ.
لذا، قرَّر المعبد الكبير تعيين الابن الثاني بطلًا.
ظاهريًّا، لتكريم أفعالهِ النبيلة، لكنْ في الحقيقة، للحفاظ على علاقةٍ طيِّبةٍ مع عائلة الدوق الوحيدة في الإمبراطوريَّة.
في ذلك اليوم، كُلِّفتْ ريبيكا بمنح البطل الجديد البركة.
عندما التقتْ أدريان أوَّل مرَّة…
‘…كانَ كأنَّهُ يشعُّ نورًا.’
شعرٌ ذهبيٌّ متألِّقٌ كالذهب المصهور.
عينان خضراوان لطيفتان تنظران إليها بهدوءٍ.
تستطيع القول بثقةٍ إنَّها لمْ ترَ رجلًا مثاليًّا مثل أدريان من قبل.
كانتْ تأملُ سرًّا أنْ تبقى معهُ في المعبد الكبير.
لكنْ عندها، قال أدريان بنبرةٍ مرحةٍ:
“أنوي التجوُّل في أنحاء الإمبراطوريَّة.”
“الوحوش السحريَّة تتزايد مؤخَّرًا، أليسَ كذلك؟ أريدُ مساعدة الناس الذين تضرَّروا منها.”
في تلك اللحظة، تشنَّجتْ كتفا ريبيكا.
‘لمَ يهتمُّ الابن الثاني بهذهِ المشكلة تحديدًا؟’
جفَّ فمها.
حاولتْ ريبيكا إقناعهُ بالتوقُّف بأيِّ طريقةٍ.
“هذا خطيرٌ.”
“حسنًا، لا مفرَّ من ذلك.”
ضحكَ أدريان وهزَّ رأسهُ.
“أليسَ البطل موجودًا لخدمة شعب الإمبراطوريَّة؟”
في النهاية، لمْ تستطعْ ريبيكا إبقاء أدريان إلى جانبها.
‘…كانَ يجب أنْ أمنعهُ حينها.’
أمسكتْ ريبيكا قبضتها بقوَّةٍ.
عندما عادَ أدريان، كانَ هناك طفيليٌّ ملتصقٌ بهِ.
“سابينا. سابينا.”
تمتمتْ ريبيكا باسم ذلك الطفيليِّ بهدوءٍ.
امرأةٌ وقحةٌ تلتصقُ بأدريان كالعلكة دون أنْ تعرفَ مكانتها.
كم كانتْ ريبيكا تكرهُ رؤيتها وهي تقفُ منتصبةً، تتحدَّثُ بوضوحٍ حتَّى أمام القدِّيسة.
‘لو لمْ يلتقِ البطل بهذهِ الفتاة…’
لما تغيَّرَ أدريان إلى هذا الحدِّ.
ولما كانَ قاسيًا مع ريبيكا هكذا.
‘مزعجة.’
حدَّقتْ ريبيكا بنظرةٍ شرسةٍ في ظهر العربة التي تبتعد، ثمَّ أغلقتْ الستارة واستدارتْ.
اختفتْ ابتسامتها اللطيفة التي كانتْ تظهرها دائمًا.
كانَ وجه ريبيكا مشوَّهًا بالغضب.
الفصل الثالث: ما حدثَ في مهرجان الحصاد
يقال إنَّ الأوقات السعيدة تمرُّ بسرعةٍ.
مرتْ ستَّة أشهرٍ منذ أنْ التقيتُ بدومينيك لأوَّل مرَّة.
خلال هذهِ الفترة، حدثتْ أشياء كثيرةٌ.
على سبيل المثال، بعدَ أسبوعٍ من بدء أدريان عملهُ كمدرِّب…
“دومينيك، هناك خدشٌ على وجهكَ!”
أشرتُ إلى دومينيك بدهشةٍ.
كانَ دومينيك يضعُ ضمادةً على أنفهِ!
يا إلهي، ما هذا؟
خدشٌ على أنفهِ الجميل؟
في المقابل، بدا دومينيك فخورًا بشكلٍ غريبٍ، وابتسمَ بعينيهِ.
“لقد فزتُ.”
“ماذا؟ أنتَ فزتَ؟”
مع تلك الكلمات المفاجئة، أملتُ برأسي باستغرابٍ.
في الوقت نفسه، بدتْ ابتسامة دومينيك أعمق قليلًا، ثمَّ قال:
“حسنًا، شيءٌ من هذا القبيل.”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 39"