الفصل 3
“لا بُدّ أنّ مي خاصّتنا عبقريّة!”
وجنتاي سُحقتا بلا رحمة.
ذلك لأنّ أختي سابينا أمسكت وجهي بكلتا يديها، وبدأت تمدّه بلا هوادة!
حقًا… هل تظنّ أن خدّي عجينة طحين؟!
“أغهِ!”
“يا إلهي، ألهذا الحدّ هي ذكيّة؟!”
“له لاست كذلـ!”
كنت أحتجّ بصوتٍ غير مفهومٍ وأنا تحت قبضتها.
لكنّ أختي لم تكفّ عن الضحك والمديح.
اختفى تمامًا ذلك البرود المعتاد على وجهها عند التعامل مع الآخرين.
“يا لهذه الظريفة، لمن تكون فاميليار بهذا الجمال؟”
“كفى! توقفّي!”
لم أتحمّل الإحراج، فقفزت مبتعدةٍ بسرعة.
طبعًا، أنا أعشق أختي أكثر من أيّ شيء في هذا العالم!
لكن أن تستمرّ بإغراقي بالمديح بهذا الشكل… فأنا أخجل!
وما إن شبكت ذراعيّ وأنا أتنفّس غضبًا، حتى أطلقتَ ضحكةً خفيفةً.
“أمسكتُك يا مي!”
ثمّ التقطتني مجددًا ورفعتني.
“أوووه؟! قلتُ لكِ لااا!”
“حتى لو غضبتِ بهذا الوجه الظريف، فأنتِ لستِ مخيفةً أبدًا!”
قهقهت أختي ضاحكةً، ثمّ رفعتني عاليًا نحو السقِف.
هزّتني بخفّةٍ عدّة مرات، ثمّ ضمّتني مجددًا لصدرهٓا.
رمقتها بنظرةٍ جانبيةٍ وكأنّي أسامَحها… ثمّ رميتُ ذراعيّ حول عنقها.
في الحقيقةِ… لم أشعر بالضيقِ إطلاقًا.
كنتُ فقط أشعر بالإحراجِ.
“مي خاصّتنا، نجحت في التحوّل وحدها… حقًا مدهشة.”
“هـ، هم!”
ربّتت أختي على ظهري بلطفٍ.
فأدرت وجهي بارتباكِ وأنا أتنحنح بلا سبب.
رفعت أختي عينيها المتلألئتين وقالت:
“لكن، كيف فعلتِها؟ كنتِ دائمًا تجدين صعوبة في التحوّل.”
ارتجف جسدي قليلًا.
لأنّها كانت على حقٍ تمامًا.
في كلّ محاولة سابقةٍ للتحوّل لي في المستقبل…
“هاهاها! مي! أذناكِ ظهرتا فجأة!”
“……”
كانت أذنا القطّة تخرج فجأة، أو يبقى ذيلي يلوّح بالخلف كأنّه لا ينوي الاختفاء.
وكم كانت أختي تضحكَ حينها من منظري الغريب!
“أمم… أها… في الحقيقةِ…”
تلعثمت، وهربت بعينيّ من نظراتهِا.
كيف لي أن أشرح ذلك؟
أنّني عدتُ من المستقبل؟
وأنّها قد ماتت هناك؟
‘لا أحد سيُصدّق هذا، حتى أنا نفسَي.’
ستظنّ أنّني حلمت بكابوس غريب، لا أكثر!
لا بأس…
أغمضت عينيّ بقوّةٍ، ثمّ صرخت بصوتٍ مدوٍّ:
“فَقـ… فَقط أردتُ أن أمسك بيدكِ وأسير معكِ!”
وما إن خرجت الكلمات من فمي، حتى احمرّ وجهي بشدّةٍ.
آه، هذا شعور الرجل القاتلُ هذاَ !
ما هذا السبب الطفولي؟!
لكنّ أختي…
“……مستحيل.”
تجمّدت لوهلةٍ وهي تحدّقُ بي.
ثمّ فجأة، ارتمت عليّ واحتضنتني بشدٍّة.
“آخـ… أختي… لا أستطيع التنفّس!”
صفعت ظهرها مرارًا.
لكنّها همست في أذني:
“أحبّكِ، مهما كانت هيئتكِ، يا مي خاصّتي.”
ثمّ أضافت بصوتٍ دافئ يمزجه بعض الضحك:
“لكن، أن أراكِ تبذلين جهدًا كهذا من أجلـي…”
داعبت كلماتها أذني بلطافةٍ، ثمّ ختمتها بـ:
“أنا حقًا… سعيدةٌ جدًا.”
“……”
رفعت بصري إليها بعينين واسعتين، ثمّ أجبتها بجدّية:
“لا.”
“هم؟”
“نحن عائلةٌ، أنا وأنتِ ، لا أحتاجُ سببً لفعلِ ذلكَ”
مهما قال الناس…
نحن لبعضنا البعض، العائلة الوحيدة.
لذا…
“من الطبيعي أن أبذل جهدي.”
“……”
تغيّر تعبير وجهها تدريجيًا، ثمّ أصبح وكأنّه ذائبٌ من المشاعر.
وفجأة، صرخت:
“آآآه!”
ثمّ أغدقتني بوابلٍ من القبلات.
حسنًا… افعلي ما يحلو لكِ، أختي.
استسلمتُ لذلك الحبّ العنيف بوجهٍ متيبسٍ بتقبلِ الواقع.
بعد قليل، بعد أن طبعت آخر قبلة على رأسي، تراجعت ووقفت.
“تذكّرت شيئًا… لديّ هدية لكِ يا مي.”
“هدية؟”
“نعم. صنعتُها منذ فترة، ظننتُ أنّكِ قد تحتاجينها يومًا ما…”
طق!
نقرت بأصابعها.
وفجأة، طار صندوق صغير من خلال فتحة الباب.
أمسكته بمهارة، وقدّمته لي.
“خذي.”
حدّقت بالصندوق بدهشة.
كان مغلّفًا بشريطٍ جميل، مثل الهدايا الفاخرة.
ابتسمت سابينا برقة.
“هل تودّين فتحه؟”
“نعم!”
أومأت بحماسةٍ، ثمّ بدأت بفكّ الشريط برفق.
رفعت الغطاء بحذر، لأجد داخلهُ…
‘آه؟ هذا…’
اتّسعت عيناي وأنا أتعرف إلى ما في الداخل.
قلادة على شكل “تشوكر”، بلون أحمر لامع.
وتتدلّى منها جوهرة بنفسجيّة، تماثل لون شعر أختي.
(ميري : “تشوكر” (Choker) هو نوع من القلائد القصيرة جدًا التي تلتف بإحكام حول الرقبة.)
ابتسمت سابينا بلطف وقالت:
“لأنّ مي خاصّتنا ستتنقّل كثيرًا بين هيئة الإنسان والقطّة.”
“……أختي.”
“لا بأس حين تكونين قطّة، لكن بصفتكِ فتاة، من الأفضل أن تكوني بلباس لائق، أليس كذلك؟”
ثمّ أردفت بخفة:
“لذا، حتى لا تواجهي موقفًا محرجًا عند التحوّل… صنعتُ هذه القلادة مسبقًا.”
اختنقتُ بالعاطفة.
لقد حصلتُ على هذه القلادة في حياتي السابقة أيضًا.
حين بلغت الخامسة عشرة، وبعد أن نجحتُ لأوّل مرّة بالتحوّل، قامت أختي بتعليقها حول عنقي بنفسها.
‘يعني أنّها كانت تصنعها منذ وقتٍ طويل… بانتظاري.’
كانت تنتظر اليوم الذي أنجح فيه… دومًا… دومًا…
تأمّلت القلادة بصمت، حين سألتني أختي بسعادة:
“هل أضعها لكِ؟”
“نعم!”
أومأتُ فورًا، واستدرت.
فعلّقت أختي القلادة حول عنقي.
تَك!
صدر صوت الإغلاق.
وبدأتُ أتلمّس الحجر السحري المتدلّي برقّة.
‘أختي أحبّتني… منذ زمنٍ بعيد جدًا.’
تلك الحقيقة وحدها… جعلت قلبي ينتشي فرحًا.
وفي الوقت ذاته، سألتني أختي بخجل:
“هل أعجبتكِ؟”
“نعم!”
ابتسمتُ بأقصى سعادتي.
عندها، بدت أختي مرتاحة أكثر، وابتسمت أيضًا.
أنا… حقًا قطةٌ محظوظةٌ!
* * *
كانت سابينا تسند خدّها بيدها، وتُحدّق بريبة إلى ميبيل.
ذلك الفاميليار الأبيض الشبيه بكُتلة قطن، كان يحدّق بغضبٍ إلى صحن الطعام أمامه.
وكان يُعبّر عن ضيقه بشكلٍ واضح، يضرب الأرض بذيله مرارًا.
‘مي أصبحتْ غريبةً قليلًا في الآونة الأخيرة.’
قبل أيّامٍ قليلة…
استيقظت فجأة، وأغرقتها بالبكاء والعناق.
ومنذ ذلك الحين، لم تعد تفارق سابينا أبدًا.
بينما كانت سابقًظا تتدلّل، وتتهرّب منها أحيانًا، بل وتنفخ وجهها بغضب إذا اقتربت!
الآن… أصبحت حملًا وديعًا.
ليس هذا فقط…
بل ونجحت في التحوّل البشري وحدها البارحة!
“مياو؟ (لماذا تحدّقين هكذا؟)”
قالت ميبيل، وقد أحسّت بنظرات سابينا، ثمّ رمقتها بعينيها اللوزيّتين المرتفعتين بخفّةٍ.
❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀_❀
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً في واتباد وقناة الملفات،
حسابي واتباد : _1Mariana1_
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات