كانت عائلة الدّوق فالنسيا العائلة الدّوقيّة الوحيدة في الإمبراطوريّة.
وكان ربّ هذه العائلة ينحني الآن بكلّ أريحيّةٍ أمام سابينا.
واصل الدّوق كلامه بأدبٍ وهو منحنٍ:
“لم أتمكّن من إدارة مرؤوسيّ بشكلٍ صحيحٍ.”
تنفّست سابينا بعمقٍ.
ثمّ.
“إذا انحنيتَ بهذا الشّكل، سأشعرُ بالحرج.”
أجابت سابينا بهدوءٍ.
تعبيرها، الذي كان مشدودًا بحدّةٍ، خفّ وأصبح أكثر ليونةً في تلك اللحظة.
“سأقبل اعتذاركَ.”
عند سماع هذا الجواب، رفع الدّوق فالنسيا رأسه.
“وأيضًا، شكرًا جزيلًا لأنّكِ أنقذتِ حياة أخي.”
ابتسم الدّوق بعينيه.
“أدريان، على الرّغم من أنّه ليس في سنه ويتصرّف بطيشٍ في أمورٍ كثيرةٍ، أرجو أن تعتني به في المستقبل أيضًا.”
“أخي، ما الذي تقصده بحقٍّ؟!”
احمرّ وجه أدريان وصرخ بانفعالٍ.
“ما الخطب فيّ؟ أنا جيّدٌ بما فيه الكفاية!”
“هذا التّشنج بالضّبط هو ما يجعلك طائشًا.”
“آه، حقًا! أخي!”
واصل أدريان التّذمّر بنزقٍ.
لكن الدّوق فالنسيا، دون أن يهتمّ، أصدر صوت استهجانٍ ونظر إلى أدريان.
كانت تلك النّظرة، إن صحّ القول، نظرة أخٍ أكبر يتعامل مع أخٍ أصغر مثيرٍ للشّفقة…
“هه.”
بينما كانت سابينا تراقب الأخوين وهما يتجادلان، لم تستطع إلّا أن تضحك بصوتٍ عالٍ دون قصدٍ.
تحوّلت أنظار الأخوين نحو سابينا.
“آه…”
احمرّ وجه سابينا فجأةً مثل الطّماطم النّاضجة.
“لا شيء.”
سعلت سابينا دون داعٍ، وسرعان ما رتّبت تعبيرها وأجابت:
“أدريان صديقي العزيز.”
‘ربّما كنتُ أنا أيضًا أحمل تحيّزاتٍ.’
تحيّزاتٍ بأنّ الجميع سيكرهني ويعاديني.
…لكن الحقيقة ليست كذلك دائمًا.
شعرت وكأنّها أزاحت جزءًا من العبء الثّقيل الذي كان يثقل كتفيها.
ابتسمت سابينا بخفّةٍ.
كانت ابتسامةً مريحةً.
* * *
وهكذا، بينما كان الجميع يتبادلون الابتسامات الوديّة.
كنتُ جالسةً على حافة النّافذة المؤدّية إلى الحديقة، أراقب كلّ شيءٍ!
‘استيقظ أدريان أخيرًا بسلام.’
هوو.
تنفّستُ الصّعداء بعمقٍ.
ثمّ نظرتُ مرّةً أخرى إلى مشهد الغرفة.
أدريان يتحدّث إلى أختي وهو يضحك، وأختي، رغم تجعّد جبينها، تستجيب له رغمًا عنها.
كان مشهدًا يوميًا مألوفًا.
‘حقًا، حقًا… الحمد لله.’
شعرتُ فجأةً بأنّ أنفي يحترق.
صراحةً، كنتُ قلقةً جدًا.
ماذا لو مات أدريان حقًا؟
بالطّبع، كنتُ خائفةً من أن تتأذّى أختي، ومن فقدان الشّخص الذي يحميها.
‘لكنّني لا أريد أن يموت أخي.’
كان أدريان عزيزًا عليّ أيضًا.
أتذكّر كم كان لطيفًا قبل العودة.
كان الشّخص الوحيد الذي عاملنا، أنا وأختي، اللتين أُشير إليهما كساحرةٍ ومألوفها، دون تحيّزٍ.
لذا أنا أيضًا.
‘أتمنّى أن يكون أخي سعيدًا.’
بينما كنتُ أراقب أختي وأخي وهما يتفاعلان ببهجةٍ، قفزتُ من حافة النّافذة إلى الأسفل.
يبدو أنّني لن أضطرّ للقلق بشأن فقدان أدريان.
…كنتُ سعيدةً جدًا بهذا الأمر.
* * *
بعد ذلك، تعافى أدريان تمامًا.
أقال الدّوق فالنسيا الطّبيب الخاصّ، وأرسل احتجاجًا شديدًا إلى طائفة ليغاليس.
كانت وتيرة تعافي أدريان، بعد التّوقف عن استخدام عشبة تيرين، مذهلةً حقًا.
“واه، هل أنتَ نصف مخلوقٍ شيطانيٍّ أم ماذا؟”
قالت سابينا بنظرةٍ متفاجئةٍ.
بالطّبع، لا يمكن للمخلوقات الشّيطانيّة أن تشكّل قلب الأورا، لذا كانت هذه مجرّد مزحةٍ.
لكن هذا الحادث جعل أدريان يفكّر كثيرًا.
‘…طائفة ليغاليس، كنتُ أعتقد أنّها مكانٌ قديم الطّراز إلى حدٍّ ما.’
حتّى الآن، كبطلٍ لطائفة ليغاليس، لم يشكّ أدريان في تصرّفات الطّائفة.
كان معظم سكّان الإمبراطوريّة من أتباع الطّائفة.
ورغم أنّ أدريان لم يكن متديّنًا متشدّدًا، إلّا أنّه كان يحترم الطّائفة كما يفعل سكّان الإمبراطوريّة.
لكن بعد تجواله في الإمبراطوريّة، ولقائه بسابينا وميبيل.
وبعد تجربته مع الطّبيب الخاصّ…
‘بالطّبع، الطّائفة ليست مكانًا مشرقًا تمامًا. لكن.’
بدأ أدريان يفكّر أنّ ظلام الطّائفة قد يكون أعمق ممّا توقّع.
على سبيل المثال، الأشخاص الذين كانوا يشيرون إلى سابينا.
“إنّها ساحرة!!”
في تلك اللحظة التي أقنع فيها سابينا بالخروج من الغابة.
عند مدخل الغابة، صرخ الحطّابون الذين صادفوهم ورموا الحجارة عليها فور رؤيتها.
كان هجومًا واضحًا يستهدف سابينا.
“سابينا!”
صرخ أدريان مذهولًا.
لكن سابينا لم تتفاجأ حتّى، ولوحت بيدها بخفّةٍ.
توقّفت الحجارة في الهواء، ثمّ سقطت على الأرض بسرعةٍ.
“مثل هذا الوحش…”
“كيف يمكن لإنسانٍ أن يفعل هذا؟”
تراجع الرّجال بنظراتٍ خائفةٍ.
ومع ذلك، لم يختفِ عداؤهم تجاه سابينا.
“كلام الكاهن صحيح.”
“حتّى أنّ هذه السّاحرة القذرة استقرّت بالقرب من قريتنا…”
…ما الذي يعنونه بحقٍّ؟
نظر أدريان إلى سابينا وكأنّه تلقّى ضربةً.
كان وجه سابينا خاليًا من التّعبير.
كانت تبدو وكأنّها اعتادت على هذا الرّد فعل.
في النّهاية، لم يتحمّل أدريان وتدخّل بنفسه:
“ما الذي تفعلونه بحقٍّ؟”
الرّجال الذين استبعدوا سابينا علنًا غيّروا موقفهم فجأةً عندما أظهر أدريان شعار طائفة ليغاليس.
بعد ذلك، سأل أدريان سابينا عن الحادثة.
“لقد دعوكِ ساحرة! ما هذا الهراء…!”
“حسنًا، لا أعرف لماذا أنتَ مندهشٌ لهذا الحدّ.”
كان صوتها، الذي وضع حدًا للنّقاش، هادئًا بشكلٍ غريبٍ.
تشنّجت كتفا أدريان.
“هذه طباع البشر.”
رفعت سابينا زاوية شفتيها.
كانت ابتسامةً ساخرةً كالسّيف.
“إنّهم يستبعدون من يختلف عنهم.”
في ذلك الوقت، ظنّ أدريان أنّ هذا بسبب ضعف تأثير المعبد الأكبر في أطراف الإمبراطوريّة.
بالطّبع، كان يعلم أنّ المعبد الأكبر ليس ودودًا تجاه السّحرة، لكن أليس من المفترض ألّا يتضرّر المدنيّون الأبرياء؟
لذا، ظنّ أنّ الأمور ستكون مختلفةً إذا أحضر سابينا إلى العاصمة.
كانت العاصمة مكانًا ذا تأثيرٍ أكبر للمعبد الأكبر.
ظنّ أنّ المعبد سيتدخّل لمنع تعرّض أحدٍ لظلمٍ كهذا…
“أدريان، ماذا تفعل؟”
في تلك اللحظة، أطلّت فتاةٌ صغيرةٌ برأسها.
شعرٌ فضيٌّ لامعٌ.
عينان زرقاوان تشبهان سماء الصّيف.
كانت ميبيل تنظر إلى أدريان بعينين تلمعان بحيويّةٍ.
رتّب أدريان تعبيره بسرعةٍ وابتسم.
“جئتِ يا ميبيل؟”
جلس أدريان القرفصاء ليصبح في مستوى عيني ميبيل.
نظرت ميبيل إليه بقلقٍ، ثمّ سألت فجأةً:
“هل أنتَ الآن بخير؟”
“نعم، أنا بخير.”
عند هذا الجواب، بدت ميبيل مطمئنّةً وابتسمت بعينيها.
“الحمد لله. كانت سابينا قلقةً جدًا.”
عند هذا الجواب، شعر أدريان فجأةً برغبةٍ في المزاح.
سأل بنبرةٍ شقيّةٍ:
“وماذا عنكِ، ألم تكوني قلقةً؟”
“…”.
عند هذا السّؤال، بدت ميبيل منزعجةً قليلاً.
نظرت إليه بعينين متجهّمتين، فشعر أدريان فجأةً بالبرودة.
‘ما، ما الخطب؟’
شعر وكأنّه ارتكب خطأً كبيرًا…
سال العرق البارد على ظهر أدريان.
في تلك اللحظة، ردّت ميبيل بحدّةٍ:
“أنتَ أحمق.”
ثمّ عانقت ميبيل عنق أدريان بقوّةٍ.
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات