“حسنًا.”
أومأ أدريان برأسه بهدوء.
نعم، هكذا كان الأمر.
كان على أدريان مسؤولية إحضار سابينا إلى هنا.
لذلك، كان مصممًا على أداء واجبه ِبكل تأكيد.
“هيا بنا.”
لقد حان الوقت للقبض على الفأر القذر.
* * *
في أحد شوارع ضواحي العاصمة.
كان رجل في منتصف العمر يتلفت حوله، ثم تسلل بسرعة إلى زقاق خلفي خالٍ من المارة.
بعد أن مشى لفترة، توقف أمام منزل قديم.
طق طق طق.
رنّت طرقات منتظمة، كأنها إشارة متفق عليها.
فجأة، انفتح الباب دون سابق إنذار.
في تلك اللحظة، اتسعت عينا الرجل بدهشة.
“آه؟!”
يد امتدت من فتحة الباب، أمسكت بياقة الرجل بعنف، وجذبته إلى الداخل.
ثم ألقته على الأرض بقوة.
قرقعة!
تهاوى الرجل على الأرض كخرقة بالية.
“آخ!”
انطلقت صرخة قصيرة.
شعر بألم شديد كأن جسده سيتكسر.
“آه…”
بينما كان الرجل يزحف على الأرض، يئن بصعوبة ويرفع رأسه ببطء،
تجمد في مكانه.
‘ما-ما هذا.’
كان المشهد الداخلي مروعًا.
عدد من الرجال الأشداء، مكممي الأفواه ومقيدين بإحكام، ملقون على الأرض كالنفايات.
وفي الخلف، كان هناك شاب…
‘لحظة.’
شحب وجه الرجل في منتصف العمر.
بعيدًا، بين الرجال المطروحين على الأرض،
كان يقف شاب ذو مظهر أنيق لا يتناسب مطلقًا مع هذا المكان الرث.
شعر ذهبي يلمع كالشمس.
وعينان خضراوان داكنتان، خاليتان تمامًا من الرقة المعتادة، باردتان كالجليد.
“الابن الثاني؟”
خرج صوت مرتجف من بين شفتي الرجل.
طق.
خطا أدريان خطوة إلى الأمام.
طق، طق، طق.
اقترب من الرجل ببطء، دون استعجال.
مع كل خطوة، شعر الرجل بانكماش لا إرادي.
انحنى أدريان وأمسك بياقة الرجل بقوة.
ارتفع جسد الرجل في الهواء فجأة.
“آخ…!”
انقطع نفسه.
حاول الرجل يائسًا تحرير نفسه من قبضة أدريان، لكن اليد القوية لم تتزحزح.
“آخ، أخ، أخ…”
احمر وجه الرجل، ثم شحب، وأخيرًا أصبح مزرقًا.
فجأة، أفلت أدريان قبضته، كأنه يتخلص من شيء قذر.
ثم!
انهار الرجل على الأرض.
“كح، كح كح!”
أمسك الرجل برقبته وسعل بعنف.
“شعرت أن هناك شيئًا غريبًا.”
تحدث أدريان بنبرة باردة.
“في الدفاتر، كان مكتوبًا أن المؤن تم تسليمها بشكل صحيح.”
“كح، أخ…!”
“لكن عندما تحققت، وجدت مستودع سابينا خاليًا تمامًا.”
نظر أدريان إلى الرجل الذي يزحف باكيًا على الأرض.
كانت نظرته مليئة بالاشمئزاز، كأنه ينظر إلى حشرة.
“هل بدت عائلة فالنسيا مهزلةً لكَ إلى هذا الحد؟”
كان الرجل هو نفسه المدير الذي سخر من سابينا سابقًا.
‘بسبب تلك الفأرة القذرة، سابينا…’
تشنجت زاوية شفتي أدريان في سخرية باردة كالجليد.
“حتى لو كان الأمر كذلك، لم أتوقع أن يتم تهريب المؤن وبيعها بهذه الجرأة.”
“أنا آسف!”
انحنى الرجل الشاحب أمام أدريان.
مع ذلك، اختفت السخرية من وجه أدريان.
بوجه خالٍ من التعبير، قال بنبرة صلبة:
“حسنًا، يبدو أن هناك شخصًا آخر يجب أن تعتذر له مباشرة.”
“اعتذار…؟”
“سابينا.”
سقطت كلماته كالسكين.
ارتجف كتفا الرجل.
“بسبب خداعكَ، عانت سابينا من مشقةٍ.”
مالت رأس أدريان قليلًا.
“كيف ستتحمل مسؤوليتها؟”
شحب وجه الرجل تمامًا.
في الوقت نفسه، هز أدريان كتفيه بلا مبالاة.
“يبدو أنني لا أملكُ رحمةً لأمنحها لكَ.”
“…سيدي؟”
“الشخص الوحيد الذي قد تتوسل إليه الرحمة هو سابينا.”
مع هذه الكلمات، أشار أدريان برأسه إلى الرجل.
“خذوه.”
تقدم فرسان عائلة الدوق، الذين كانوا ينتظرون في الخلف، وأمسكوا بذراعي الرجل.
استفاق الرجل فجأة وبدأ يتلوى بعنف.
“السيد الثاني؟ سيدي!!”
لكن أدريان لم يعد يهتم به.
تم جره الرجل بعيدًا.
“رتبوا محتويات المستودع بشكل مناسب وأرسلوها إلى عائلة الدوق.”
“حسنًا، سيدي.”
انحنى الفارس بأدب وغادر.
في هذه الأثناء، غرق أدريان في التفكير.
‘بالطبع، سرقة المؤن وبيعها سرًا أمر مشين…’
لكن ما أزعجه حقًا كان شيئًا آخر.
تضيقت عيناه الخضراوان بالشك.
‘من المؤكد أنه تم تهريب الأعشاب والكواشف أيضًا، أليس كذلك؟’
المستلزمات اليومية، مثل الطعام، يمكن لمدير المؤن التلاعب بها مباشرة.
لكن الأعشاب والكواشف مختلفة.
كونها ثمينة ونادرة، كانت تخضع لتفتيش مباشر من طبيب عائلة الدوق قبل إرسالها.
لكن عند الفحص، تبين أن دفاتر الأعشاب والكواشف تم التلاعب بها أيضًا.
وهذا يعني…
‘هل يمكن أن يكون الطبيب متورطًا أيضًا؟’
شعر بالقلق.
لكن استجواب الطبيب الآن قد يؤدي إلى قطع الذيل فقط.
سيقول إنه دقق في الأعشاب والكواشف وسلّم الدفاتر، لكن مدير المؤن تلاعب بالأمر في المنتصف.
على الرغم من أن توقيع الطبيب مطلوب على الدفاتر عند خروج عربات المؤن،
إلا أن ذلك يمكن تبريره بـ”لم أتحقق بعناية، أنا آسف.”
‘والأكثر من ذلك، الطبيب مرسل من طائفة ريغاليس.’
هذا
يعني أن طرد الطبيب يعادل طرد شخصية مرسلة من الطائفة.
وأدريان، كونه بطلًا معتمدًا من طائفة ريغاليس،
لم يكن متدينًا متشددًا، لكن الصدام المباشر مع الطائفة سيكون عبئًا سياسيًا.
إذا لام أدريان الطبيب بشدة بسبب “خطأ” واحد،
قد يُتهم بـ”عدم احترام البطل للطائفة.”
لو كان الأمر يخص أدريان وحده، لما اهتم،
لكنه أراد تجنب التأثير على عائلة فالنسيا.
‘هذا محير حقًا.’
عبس أدريان بعمق.
لكن الشيء المؤكد هو…
‘ليس هذا الفأر الوحيد.’
لمع عيناه الخضراوان بحدة.
‘هذه فرصة للقبض على أكبر عدد ممكن من الفئران الأخرى.’
* * *
بعد أيام قليلة.
كنت جالسة على الأرض، أغفو بهدوء، عندما رفعت أذني فجأة.
شعرت بالهزات من بعيد.
كانت حركة عربة مميزة.
والشخص الذي من المفترض أن يزور منزلنا اليوم…
‘أدريان أخي!’
نهضت من مكاني بحماس.
قفزت إلى إطار النافذة، ورأيت عربة تقترب من بعيد.
“مي؟”
في تلك اللحظة، أطلّت سابينا برأسها نحوي.
فركت جبهتي على كتفها.
“مياو.”
بينما كانت تداعب ظهري برفق، ثبتت عينيها على النافذة.
تحاول أن تبدو غير مبالية، لكنني أرى كل شيء.
زاوية شفتيها ارتفعت قليلًا.
“سأخرج للحظة، مي.”
رتبّت سابينا تعبيرها وقالت لي:
“ابقِ هنا، حسنًا؟”
“مياو.”
أجبت بهدوء.
رتبّت سابينا ملابسها وخرجت إلى الحديقة بوجه متكلف.
من بعيد، رأيت أدريان يخرج من العربة.
فجأة،
‘ما؟’
اتسعت عيناي بدهشة.
‘من هذا الشخص…؟’
لم يكن أدريان وحده من نزل من العربة.
تم جره رجل في منتصف العمر، في حالة يرثى لها.
لكن مظهره بدا مألوفًا.
وكيف لا؟
‘أليس هذا المدير الذي كان يحضر عربات المؤن؟!’
المدير الذي كان يرمي الأغراض بعنف ويتحدث بسوءٍ عن سابينا!
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 18"