كيف يمكن أن يكون هذا عاديًا؟!
لقد تقيّأ دمًا للتوّ!
“سأنهي الأمر سريعًا.”
نظّم أخي أنفاسه للحظة، ثم رفع غصن الشّجرة بشكلٍ مستقيم.
توهّجت الهالة الذّهبيّة الملفوفة حول الغصن بمزيدٍ من الوضوح.
في تلك اللحظة، ابتلعتُ أنفاسي بدهشة.
‘لا يمكنني السماح لأخي باستخدامِ الهالة أكثر من ذلك.’
يجب أن أساعده بطريقةٍ ما.
لا يمكنني البقاء مكتوفة الأيدي هكذا.
لكن… ماذا يمكنني أن أفعل هنا؟!
نظرتُ إلى الوحش بعصبيّة.
ثمّ أدركت.
‘لحظة، تلك الأرجل.’
بالنّسبة لحجم جسم الوحش، كانت أرجله رفيعةً بشكلٍ لا يُصدّق.
إذا تمكّنت من تقييد تلك الأرجل…
‘ألن أتمكّن من خلق ثغرةٍ في دفاعات الوحش؟’
لكن، بهذا الجسد البطيء لطفلةٍ صغيرة، من المستحيل حتّى التّقرّب من الوحش.
للاقتراب منه…
‘يجب أن أعود إلى شكل القطّة.’
لكن، إذا فعلتُ ذلك، سينكشف سرّ أنّني فاميليار.
هل يمكنني إخبار أخي أدريان بهذا السّر؟
كان الجواب واضحًا.
في حياتي السّابقة، قبل عودتي…
…حافظ أخي على سرّ أنّني فاميليار أختي حتّى النّهاية.
‘إذن!’
استجمعتُ كلّ القوّة السّحريّة التي منحتني إيّاها أختي.
شعرتُ بجسدي يصغر بسرعةٍ فائقة.
انخفض مستوى عينيّ بسرعة.
فراءٌ أبيض ناصع وناعم.
حتّى أقدامي الأماميّة الصّغيرة.
“…لحظة، ما أنتِ؟!”
صرخ أخي أدريان بنبرةٍ نادرة الحدوث من الذّهول.
لكنّني لم أجب على سؤاله.
بالأحرى، لم يكن لديّ متّسع من الوقت للإجابة.
والسّبب هو…
“مياو!”
ما إن أكملتُ التّحوّل، حتّى ركضتُ بسرعة، دافعةً الأرض بقوّة!
في تلك اللحظة، اصطدم جسدي بقوّة بأرجل الوحش الذي كان يواجه أخي.
“آه!”
خرجت صرخةٌ من فمي.
صاح أخي المذهول بصوتٍ مرتفع:
“ميبيل!!”
ارتطمتُ بالأرض بعد أن ارتدّ جسمي بعنف.
“كييا…”
آه، أنا أموت من الألم.
تأوّهتُ بهدوء.
كانت رؤيتي مشوّشةً تمامًا من شدّة الصّدمة، وشعرتُ وكأنّ جسدي سينهار في أيّ لحظة.
لكن…
‘نجحت!’
بينما كنتُ ملقاةً على الأرض، رفعتُ رأسي بصعوبة، ووجهي يشعّ بالفرح.
كان اندفاعي بكلّ قوتي قد أتى ثماره.
فقد تعثّر الوحش للحظة، عاجزًا عن تحمّل الصّدمة!
تلك الثّغرة اللحظيّة التي خلقتها.
لم يفوّتها أخي.
غصن الشّجرة، المشبع بالهالة الذّهبيّة، اخترق رأس الوحش مباشرة.
كيييك!!
أطلق الوحش صرخةً مروّعة قبل أن يسقط صامتًا.
ألقى أخي أدريان الغصن بعيدًا، وركض نحوي مسرعًا.
“مي، مي! هل أنتِ بخير؟!”
جثا أخي أمامي بسرعة.
من خلال رؤيتي الضّبابيّة، رأيتُ وجهه المليء بالقلق.
“قلتُ لكِ أن تهربي!”
“…مياو.”
كنتُ أشعر وكأنّني أسقط من جرفٍ عميق، ورؤيتي تدور بشدّة.
كان الألم الذي يضرب جسدي يبدو بعيدًا.
“مي؟ مي! استعدي وعيكِ، من فضلك!”
في تلك اللحظة…
“مي!!”
رنّت صرخةٌ حادّة.
كانت أختي سابينا.
‘آه، حقًا.’
تأفّفتُ في داخلي.
‘بما أنّ سرّ كوني فاميليار قد انكشف، سأتعرّض للتوبيخ من أختي مجدّدًا…’
مع تلك الفكرة، لم أعد قادرةً على الصّمود، فأغمضتُ عينيّ.
غابت رؤيتي في الظّلام.
* * *
استيقظت سابينا فجأةً من نومها.
“ماذا؟”
شعرت بهالةٍ قويّة من مكانٍ ما.
نهضت سابينا بسرعة، ونظرت حولها بحذر.
“مي؟ …سيّد أدريان؟”
لكن لا ميبيل ولا أدريان كانا موجودين.
كان المكان هادئًا تمامًا.
‘شيءٌ ما يبدو غير صحيح.’
في تلك اللحظة…
اهتزّ الهواء مجدّدًا.
‘إنّها الهالة.’
تقلّصت عيناها الحمروان بحدّة.
هرعت سابينا نحو المكان الذي شعرت منه بالهالة.
في تلك اللحظة، رأت بعيدًا…
‘وحش؟!’
اتّسعت عيناها بدهشة.
كان هناك وحشٌ أسود ضخم ممدّدًا على الأرض.
وأمامه، قطّةٌ صغيرة ملقاة…
في لحظة، أصبح ذهنها خاليًا تمامًا.
“مي!!”
صرخت سابينا.
“مي، مي!!!”
ارتجفت أطراف أصابعها.
هرعت سابينا لتلمس جسد ميبيل.
“ميبيل، يا إلهي، من فضلكِ…!”
لكن، مهما نادت، لم تستجب ميبيل لندائها.
لم تُثرثر وتتأففَ بصوتِ القطةِ، ولم تضرب سابينا بأقدامها النّاعمة.
ظلّت جفونها مغلقةً بإحكام.
“لا، لا يمكن.”
عضّت سابينا شفتها السّفلى حتّى نزف الدّم.
في تلك اللحظة…
“سابينا!!”
أمسك أحدهم كتفيها بقوّة.
رفعت سابينا رأسها في ذهول، كمن تلقّى صفعة.
الواقفَ أمامها كان…
“أ-أدريان… سيّد؟”
“اهدئي، حسنًا؟”
قال أدريان ذلك وهو يربت على كتفيها برفق.
“حياتها ليست في خطر. إنّها بخير.”
“لكن…”
“نظرتُ إليها قليلًا، ولا يبدو أنّ هناك إصابات خطيرة.”
مع تلك الكلمات، بدأ ارتجاف جسدها يهدأ تدريجيًا.
أضاف أدريان بنبرةٍ هادئة:
“بالطّبع، هناك بعض الكدمات، لذا ستحتاج إلى علاج.”
“…”
حينها فقط، استعادت سابينا بعضًا من رباطة جأشها.
توقّف نظرها الأحمر على شفتي أدريان الملطّختين بالدّم الجاف.
الآن فقط لاحظت شحوب وجهه.
“لحظة. هل أنت بخير، سيّد أدريان؟”
“أنا؟ حسنًا…”
هزّ أدريان كتفيه بلا مبالاة.
لكن، من الواضح أنّه ليس بخير.
من الظّاهر أنّه استخدم الهالة لمواجهة الوحش…
“لنتحدّث بالتّفصيل لاحقًا. يجب أن نعالج مي أوّلًا.”
غيّر أدريان الموضوع في الوقت المناسب.
“حسنًا، مفهوم.”
أومأت سابينا برأسها، وضمّت ميبيل بحذر إلى صدرها.
يبدو أنّه سيكون هناك حاجة لمحادثةٍ طويلة.
عاد الجميع إلى منزل سابينا مباشرة.
ربّما بسبب الصّدمة، لم تفتح ميبيل عينيها حتّى بعد وصولها إلى المنزل.
على أيّ حال…
‘حسنًا، هذا متوقّع.’
نظرت سابينا إلى ميبيل النّائمة بنظرةٍ حنونة.
أن تندفع تلك الصّغيرة نحو وحش!
‘لو أصيبت ميبيل بجروحٍ خطيرة، أو فقدت حياتها…’
مجرد التفكير في ذلك جعل قلبها ينقبض.
‘لا، مي الخاصّة بي لا تزال بصحّة جيّدة.’
عضّت سابينا شفتها السّفلى بقوّة.
وهي تلامس جبهة ميبيل النّائمة برفق، حاولت تهدئة قلبها بأيّ طريقة.
‘لا تزال بجانبي…’
في عالمٍ بارد مبنيّ من الثّلج والجليد، عاشت وحيدةً طوال حياتها.
فقدت جميع من كانوا أعزّاء عليها منذ زمنٍ طويل.
في ذلك العالم، كانت ميبيل الوحيدة التي منحتها الدّفء.
محت وحدتها القاتلة تمامًا.
لذا…
‘لن أفقد مي الخاصّة بي… أبدًا.’
تنفّست سابينا زفيرًا قصيرًا، محاولةً ضبط مشاعرها.
ثم التفتت إلى أدريان الواقف خلفها.
ابتسم لها عندما التقت أعينهما.
“كيف حال مي؟”
“إنّها بخير.”
أجابت سابينا، لكنّها شعرت بثقلٍ يعاودها.
‘…يبدو شاحبًا.’
في الحقيقة، كان حال أدريان أسوأ بكثير من حال ميبيل.
لم يكن قلب الهالة لديه قد تعافى تمامًا، ومع ذلك أفرط في استخدام الهالة، ممّا أثقلهُ مجدّدًا.
بمجرّد عودتهم إلى المنزل، أصلحت قلب الهالة التالف على عجل، لكنّه كان في حالةٍ سيّئة للغاية.
والأكثر من ذلك، أنّه فعل كلّ ذلك لإنقاذ ميبيل…
“هذه المرّة، أنا مدينة لك كثيرًا، سيّد أدريان.”
تردّدت سابينا لحظة قبل أن تتحدّث.
“لا داعي لتشعري بالذّنب.”
لكن أدريان هزّ كتفيه ببساطة.
“كان هذا واجبي بالطّبع.”
“…واجبكَ؟”
فاجأها الجواب، فنظرت إليه بذهول.
أومأ أدريان برأسه بسهولة.
“طفلةٌ في خطر، لا يمكنني كبالغٍ أن أترك الأمر هكذا.”
ابتسم أدريان ابتسامةً خفيفة وهو يبدأ حديثه.
“والأهم من ذلك، لقد أقسمت عندما أصبحت بطلًا.”
نبرته المرحة، الخالية من أيّ ظلال، استقرّت برفق في أذني سابينا.
“إذا كان هناك من هو في محنة، سأساعدهِ بكلّ ما أملكَ من قوّةٍ.”
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون إعلانات تنزيل الفصول قبل هيزو في الرابط المثبت أول التعليق ~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 16"