استغرقت إيلينا ثلاثة أيام فقط لقراءة وفهم جميع الكتب.
في غضون ذلك، كانت تحفظ الكتاب الذي أعطاها إياه جيريمي عن ظهر قلب.
“هذه هي قوة اكتساب المعرفة.”
أغلقت إيلينا غطاء الكتاب الذي قرأته عدة مرات.
“لقد حفظت النظرية بسرعة. كل ما تبقى الآن هو التطبيق العملي.”
تألقت عيناها بالحماس.
ابتسمت إيلينا ونهضت من مكتبها.
اليوم، للمرة الأولى، فكرت في الخروج.
مرت فترة ليست بقصيرة منذ استيقاظها في هذا العالم، لكن اليوم كان أول مرة تخرج فيها إيلينا إلى العالم الخارجي.
وجهتها اليوم كانت سوق العامة في الإقليم.
كانت تخطط لشراء مكونات الجرعات السحرية بنفسها.
يمكنها أن تطلب من الخادمات، لكنها لم ترد أن تعتمد على أحد في الحصول على المكونات، التي تمثل بداية صنع الجرعات.
ارتدت إيلينا عباءتها وخرجت مسرعة من غرفتها.
قبل خروجها، كان عليها أن تمر على دوق هالوس.
“هاه…”
عندما سألت إيلينا الخادمة التي أحضرت الفطور صباحًا عن جدول الدوق اليوم، أخبرتها أنها يجب أن تمر عليه قبل المغادرة.
“هل يريد مني إزعاجه؟”
ارتعشت شفتا إيلينا.
بعد أن اكتشف أنها تمتلك موهبة في السحر، أصبح دوق هالوس جادًا للغاية.
أحيانًا كان يهديها مجوهراتٍ وفساتين، وحتى أرسل الطبيب والإمدادات السحرية عندما انهارت من آلام الدورة الشهرية.
بالإضافة إلى ذلك، كانت الهدايا المختلفة تزور غرفتها باستمرار.
“شكرًا لكرمك، لكنه أصبح عبئًا لأنك تبدو وكأنك تتوقع الكثير.”
فجأة، توقفت إيلينا أمام مكتب الدوق.
**”طَق طَق.”**
بعد طرقة خفيفة، سمعت صوت دوق هالوس من الداخل.
“ادخلي، سيدتي.”
فتح الخادم الباب في اللحظة التي كانت على وشك الدخول فيها.
عندما مرت من أمامه ودخلت، رحب بها دوق هالوس، الذي كان يقرأ الأوراق.
“تعالي هنا، إيلينا.”
“هل نمتِ بسلام الليلة الماضية؟”
“نعم، نعم. كان مريحًا للغاية.”
وضع دوق هالوس الأوراق جانبًا ونهض.
ثم أرشدها إلى الأريكة.
“سمعت أنكِ ستخرجين اليوم،هل ستذهبين إلى السوق؟”
“نعم. سأشتري مكونات الجرعة السحرية.”
“أوه! فهمت.”
حينما تلفظت إيلينا بكلمة “سحر”، اشتعلت عينا الدوق بالحماس.
“إذا أخبرتِ الخادمات، سيحضرون لكِ تلك المكونات. لماذا تذهبين بنفسك؟”
“أريد أن أقوم بكل خطوات صنع الجرعات السحرية بيدي.”
ابتسم دوق هالوس برضا. “هذه روح الحرفي. هاهاها.”
“هاهاها.”
ابتسمت إيلينا بشكل محرج بعد ذلك.
“حسنًا، إذن خذي هذا.”
أخرج دوق هالوس شيئًا من جيبه وسلمه لها.
كان كيسًا بنيًا صغيرًا.
فتحته إيلينا بمجرد استلامه.
كان الذهب، العملة الشائعة في القارة، يملأه حتى حافته.
“أوه، هذا كثير جدًا.”
عندما ارتاعت قليلًا، قال دوق هالوس
“اشترِي كل ما تريدينه، ليس فقط مكونات الجرعة.”
“مع ذلك، هذا مبلغ كبير.”
كانت إيلينا مندهشة حقًا.
المكونات التي ستشتريها اليوم تكفيها لو كان معها قطعة ذهب واحدة فقط.
لكن يبدو أنها ستحصل على عشرة أضعاف ذلك.
“ألم أقل إنني سأدعمكِ بكل شيء؟ لذا، لا تترددي في قبوله.”
تحت إلحاح دوق هالوس، لم يكن أمام إيلينا خيار سوى قبول المال.
‘أي نوع من الرشوة هذه؟’
كادت ابتسامة تفلت منها بسبب النقود غير المتوقعة.
“وقد أخبرت الفرسان مسبقًا، لذا اخرجي معهم.”
عندما كانت إيلينا على وشك النهوض، أضاف الدوق هذه التعليمات.
‘بعد النقود، الفرسان أيضًا؟’
على عكس النقود، كان الفرسان مصدر إزعاج بعض الشيء.
شعرت إيلينا أنها تُعامل كابنة حقيقية.
“أنا بخير…”
“لن أكون مرتاحًا. لا يمكن أن يتعرض ساحرنا الثمين للأذى.”
هل كان دوق هالوس شخصية بهذا الذكاء؟
حاولت إيلينا تذكر القصة الأصلية، لكن للأسف، كان دوق هالوس مجرد شخصية ثانوية.
“إذا كنتِ لا تزالين تشعرين بأنه عبء، دعيني أرسل معكِ فارسين فقط.”
“حسنًا. شكرًا لك.”
ألقت إيلينا التحية على دوق هالوس وخرجت من مكتبه.
“إنه عبء أيضًا.”
رحب بها الخادم المسن وهي تتنهد بعمق.
“آنسة. سأحضر الفرسان، لذا انتظري في القاعة.” “نعم. شكرًا لك.”
تبعته إيلينا وتوجهت إلى القاعة وحدها.
وقفت في القاعة الفارغة، تنتظر وصول الفرسان.
**”دق دق!”**
صوت ضوضاء من الدرج.
قررت إيلينا أن تنظر بعيدًا.
“أختي!”
هرع ليكسيون نحوها.
“ليكسيون؟”
عند ظهور الطفل، ارتفعت شفتا إيلينا من تلقاء نفسيهما.
وقف ليكسيون أمامها مبتسمًا ببراءة.
“أختي، هل ستذهبين إلى السوق؟ سمعت من الخادمات. سأذهب معكِ!”
بدا وكأنه قد سمع كل شيء عنها من الخادمة، فهو يرتدي عباءة تشبه عباءتها تمامًا. كانت العباءة بحجم الطفل. لكن بسبب قصر قامة ليكسيون، كانت أطرافها تلامس الأرض.
لم تتلاشى ابتسامة إيلينا من منظر براءته.
‘كنت أنوي فقط شراء المكونات والعودة… هل آخذ ليكسيون معي؟’
فكرت للحظة.
في هذه الأيام، لم يعد كيليان يمس ليكسيون إطلاقًا.
لم تعرف إيلينا إن كان ذلك بأوامر من دوق هالوس، أم أنه كان مشغولًا فحسب.
بفضل ذلك، أصبح ليكسيون أكثر إشراقًا وهدوءًا.
“حسنًا. لكننا لن نبقى في السوق طويلًا. هل هذا مناسب لك؟”
سألت إيلينا بينما تمسك بيد ليكسيون بلطف.
تألقت عينا الطفل مثل جرو صغير. “نعم!”
بدا سعيدًا لمجرد الخروج مع إيلينا.
بعد قرار اصطحاب ليكسيون، عاد الخادم مع فارسين.
عندما أخبرت إيلينا الخادم أنها ستخرج مع ليكسيون، أسرع إلى دوق هالوس.
لحسن الحظ، سمح الدوق لليكسيون بالخروج بسهولة.
لم يكن هناك أحد آخر؛ فقط ليكسيون كان برفقة إيلينا.
في هذه الأثناء، رحب الفرسان بإيليناوليكسيون بأدب وعرفوا بأنفسهم.
الفارس أشعر البني كان توني، والأسود الشعر كان ماكس.
“أأنتِ ابنة كاين؟ سمعنا الكثير عنك.” “تشبهين كاين كثيرًا.”
كاين لسبيل. الذي يتحدث عنه الفرسان كان والد إيلينا.
على عكس والديها في حياتها السابقة الذين لم يعودوا يتذكرونها كان والدها دائمًا يهتم بها.
قبل أن تتذكر ذكريات حياتها السابقة، كانت إيلينا تتبع والدها بحب كبير.
لذا، عندما سمعت اسمه من أولئك الذين عاشوا في فرسان الهيكل مع والدها، تأثر قلبها.
“نعم. تشرفنا. أنا إيلينا لسبيل.”
كان تونيوماكس لطيفين مثل والدها.
كانا ينظران إلى كاين كبطل.
على الرغم من أن كاين كان مجرد فارس عادي، إلا أن شجاعته بقيت في قلوب الفرسان.
بعد التحية القصيرة، غادرت إيليناوليكسيون القصر برفقة الفرسان.
أمام القصر، كانت هناك عربة؛ ليست عربة منقوشة بشعار دوق هالوس، بل عربة عادية.
كان هذا بناءً على طلب إيلينا بعدم لفت الانتباه.
صعدت برفقة الفرسان إلى العربة، وبعد قليل تحركت.
من الخارج، بدت كعربة يستخدمها العامة، لكن الداخل كان مختلفًا.
كانت عربة يستخدمها دوق هالوس لتفقد الإقليم، لذا كانت الرحلة مريحة.
نظرت إيلينا من النافذة.
كان المنظر رائعًا مع أشعة الشمس الدافئة تضيء الحديقة.
أما ليكسيون الذي جلس مقابلها، فقد كان يحدق بها.
‘يبدو حقًا كشخص بالغ.’
عندما رأته إيلينا لأول مرة، ظنته مجرد شخص جميل.
لكن عندما أنقذته من أخيه…
شعرت كأنها أقوى شخص في العالم.
على الرغم من أن الفارق بينهما أربع سنوات فقط، إلا أن إيلينا دائمًا ما شعرت بأنها البالغة.
بالإضافة إلى التعبير الذي يرسمه على وجهه كلما رآها…
**دق دق.**
وضع ليكسيون يده الصغيرة على صدره.
كان شعورًا غريبًا لم يختبره من قبل.
داخله كان يدغدغ.
“ليكسيون؟”
عندما لاحظت تصرفه، نظرت إليه بقلق.
“ما الخطب؟ هل أنت مريض؟”
رفع ليكسيون رأسه عند مناداته، ولم يستطع إكمال أفكاره.
تأملات إيلينا التي تعامله باحترام، وأشعة الشمس التي تلمع عليها. كلها بدت كخيال.
ساد الصمت بينهما لبرهة.
كان ليكسيون هو من كسره.
“لا. أنا بخير.”
كما يفعل دائمًا، رفع حاجبيه وابتسم.
***
ركنت العربة في زقاق قليل الازدحام قرب السوق.
ضبطت إيليناوليكسيون عباءتيهما مجددًا وبدأا السير.
أما الفرسان، فتبعوهما من مسافة كافية حتى لا يُلاحظا.
في أول نزهة لها، كانت إيلينا متحمسة.
‘رغم أنها مجرد سوق عامة، لكني متحمسة.’
سارت في الزقاق ممسكة بيد ليكسيون.
‘بالمناسبة… ليكسيون… كان غريبًا بعض الشيء في العربة.’
منظر الطفل الذي ينظر إليها بيده على صدره جعلها تشعر للحظة وكأنه بالغ.
لكنه سرعان ما عاد إلى طبيعته، كما لو كان دائمًا هكذا.
‘لا بد أنني أسأت الفهم.’
هزت إيلينا رأسها ونظرت إلى الأمام.
عندما غادروا الزقاق، رأوا حشدًا من الناس.
“السمك طازج جدًا اليوم!” “أريد بعض الحلوى!” “أنت!”
عندما دخلوا السوق، شعرت إيلينا وكأنها في عالم آخر.
‘لطالما عشت في قصر هادئ.’
ابتسمت ونظرت إلى ليكسيون.
كان ليكسيون يحدق بكل شيء حوله بعينين واسعتين.
“واو…”
“ليكسيون، هل هذه أول مرة تأتي إلى السوق؟”
“نعم! هناك الكثير من الناس.”
أخذ الطفل ينظر حوله بحماس وهو يومئ برأسه.
ابتسمت إيلينا بسعادة، وأمسكت بيد الطفل وتوجهت إلى داخل السوق.
تجولت إيلينا و ليكسيون في السوق.
اشتروا دجاجًا مشويًا من الباعة وتناوله، كما تذوقوا فواكه من مناطق أخرى.
أخذت إيلينا قضمة من التفاحة الزرقاء واستمتعت بطعمها.
“إنها لذيذة!”
صرخ ليكسيون الذي كان يأكل تفاحة بيديه بجانبها.
‘يبدو وكأن فمه على وشك الانفجار!’
بدا أنها تريد الاستمرار في الأكل، لكنها اكتفت بتخزين منظر ليكسيون الظريف في ذاكرتها.
وهكذا، استمر الاثنان في الأكل والتجول في السوق، حتى وصلا إلى وجهتهما أخيرًا.
“نبيع طعامًا للحيوانات الصغيرة!”
كان هذا كشكًا لبيع أطعمة الحيوانات الأليفة، بما في ذلك طعام الأرانب.
ورأت هناك زهور الأرانب التي كانت تبحث عنها.
‘إذا طلبت من لاني، ستحضرها لي.’
لكنها لم ترد أن تكلف الروح بهذا الأمر دون مقابل.
الأهم من ذلك، أرادت إيلينا أن تنفذ المهمة بيديها من البداية إلى النهاية.
“هل كل هذه زهور أرانب؟”
سألت إيلينا مشيرة إلى السلة المليئة بزهور الأرانب.
فاستقبلها البائع بحفاوة
“لا! لدينا صندوقان آخران.”
“إذن أعطني كل زهور الأرانب، بما في ذلك هذه.”
“ماذا؟ كلها؟”
اتسعت عينا البائع من الدهشة.
“نعم.”
لم يسبق له أن باع كل الكمية بهذه السرعة.
“س-سأحضرها الآن!”
بدأ البائع بفرح يرتب زهور الأرانب.
وُضعت الزهور بعناية في كيس، ورُبط بعقدة جميلة.
ثم أحضر الصناديق الأخرى ووضعها أمام إيلينا، التي سلمته الذهب الذي أعدته مسبقًا.
“شكرًا لك، سيدتي!”
انحنى البائع بشكر عميق.
حملت إيلينا كيس زهور الأرانب بين يديها.
وفي تلك اللحظة، اقترب الفرسان الذين كانوا يراقبونها من بعيد.
كانوا يرتدون أردية لإخفاء ملامحهم.
“سنحملها، سيدتي.”
“شكرًا لكم.”
بينما حمل الفرسان زهور الأرانب، استأنفت إيلينا سيرها.
“أختي، لماذا اشتريتِ كل هذه الزهور؟”
سأل ليكسيون الذي كان يسير بجانبها بعينين متسائلتين.
“سأصنع منها جرعة سحرية.”
“جرعة سحرية؟ هل تدخل زهور الأرانب في الجرعات؟”
“حسنًا… في الأصل، ليست من مكونات الأدوية أو الجرعات المباعة في السوق. لكنني سأحاول تحويلها إلى دواء.”
“واو…”
تألق عينا الطفل بإعجاب.
“هل ستكونين ساحرة؟”
“إذا واصلت دروس السحر، فمن الممكن، أليس كذلك؟”
“رائع…”
لم يتمالك ليكسيون إعجابه بها.
وضعت إيلينا يدها تلقائيًا على رأسه.
“ليكسيون أنت رائع أيضًا.”
احمرت وجنتاه من الإطراء، أكثر من لون الغروب الذي صبغ السماء.
***
في اليوم التالي لزيارة السوق، وقفت إيلينا أمام مكتبها بعد الفطور.
عند قدميها كانت أكياس زهور الأرانب التي أحضرها الفرسان، وعلى المكتب أعشاب طبية من كتب الجرعات.
كلها كانت مشتراة من السوق بالأمس.
“هاه…”
أطلقت زفيرًا طويلًا ورتبت الأعشاب.
بعد أن علم دوق هالوس أن إيلينا حصلت على كتاب جرعات من جيريمي، غُيرت غرفتها.
في الأصل، أراد الدوق تخصيص مكان ومختبر لدراستها السحر.
لكن إيلينا رفضت، محسورة بالضغط.
لم يتراجع الدوق بسهولة، واستمر التفاوض بينهما طويلًا.
وهكذا، انتقلت إلى غرفة جديدة أكبر بثلاثة أضعاف، مع مكتب أوسع وخزانة لأدوات التجارب، ورفوف مليئة بكتب السحر التي جمعها الدوق من أنحاء الإمبراطورية.
بعد ترتيب الأعشاب، أخرجت الأدوات اللازمة لصنع الجرعة.
ومن بين الأعشاب الكثيرة، اختارت العشب ذا الأوراق الهلالية.
“عشب الهلال.”
بدأت بطحن حفنة منه فورًا.
كانت تريد صنع مسكن للألم من زهور الأرانب، لكنها قررت أن تتدرب أولاً على جرعة تقليدية.
‘لن تكون مثالية من المحاولة الأولى، لكن سأبذل قصارى جهدي.’
بعد طحن عشب الهلال (المكون الرئيسي)، طحنت المكونات الأخرى.
ومرت ساعات دون أن تشعر.
“حسنًا…؟”
تفحصت السائل في الوعاء الزجاجي.
“الكتاب يقول إنه يجب أن يكون ورديًا فاتحًا.”
لكن اللون كان أغمق مما توقعت.
“فشل.”
أطلقت تنهيدة.
لم تتوقع النجاح من أول محاولة.
لكنها سرعان ما غيرت رأيها.
‘لا، في الواقع، هذه نتيجة جيدة لأول تجربة.’
ابتسمت بعزم وعادت إلى التدريب.
***
بعد أن بدأت تصنع الجرعات بجدية، قلّ وجود إيلينا في القصر بشكل ملحوظ.
إلا عندما تكون في حاجة ماسة، كانت تقفل على نفسها في غرفتها وتكرس كل وقتها للتجارب.
كان روتينها اليومي كالتالي:
– تستيقظ صباحًا لتتناول الفطور – تجري التجارب – تتناول الغداء – تعود للتجارب – تتناول العشاء – ثم تواصل التجارب حتى تسقط منهكةً في النوم
وفي الصباح التالي، تكرر نفس الروتين.
استمر هذا الوضع لعدة أيام.
وفي أحد الأيام، خلال حصة السحر مع جيريمي…
“لقد انتهيت!”
أخيرًا أكملت إيلينا الجرعة التي أرادت صنعها.
‘مسكن لآلام الدورة الشهرية!!’
***
حدق جيريمي في الجرعة البيضاء النقية التي قدمتها له إيلينا.
“لقد انتهيتِ منها بالفعل؟”
نظرته كانت مليئة بالدهشة وعدم التصديق.
“نعم! بالطبع، ما زلت لم أتحقق من فعاليتها أو آثارها الجانبية بعد.”
أضافت إيلينا بتردد في نهاية كلامها الواثق.
“مع ذلك، فإن قدرتك على صنع جرعة جديدة بهذه السرعة تدل على موهبتك الاستثنائية يا آنسة إيلينا*.”
“حقًا؟”
“بالتأكيد. عادةً، من الصعب تحقيق النجاح حتى في صنع الجرعات المعروفة مسبقًا.”
أشار جيريمي إلى الجرعات التي أحضرتها إيلينا والتي كانت تتدرب على صنعها منذ أيام.
بدأ بفحصها واحدة تلو الأخرى.
عندما انتهى من فحص ألوانها وشمها، ارتسمت ابتسامة على شفتيه.
“هذه الجرعات التي صنعتها الآنسة إيلينا مثالية. الجودة رائعة أيضًا.”
عندها تنفست إيلينا الصعداء ومسحت جبينها.
رغم أن جيريمي ذكر سابقًا أنه ليس خبيرًا في الجرعات، إلا أنه كان قد درسها في وقت ما.
لذا كان تقييمه ذا قيمة كبيرة بالنسبة لها.
“الآن يجب أن نتحقق من فعالية وآثار هذه الجرعة الجديدة.”
المسكن الجديد لآلام الدورة الشهرية الذي صنعته إيلينا.
لم يسبق لـجيريمي أن رأى دواءً جديدًا من قبل، لذا لم يتمكن من تقييمه فورًا.
“هل هناك طريقة لمعرفة ذلك؟”
عند سؤالها، أومأ جيريمي برأسه.
ثم أخرج حقيبته البنية وأدخل يده فيها.
“لدي شيء اشتريته لدرس الجرعات.”
ما أخرجه من الحقيبة كان لوحًا زجاجيًا شفافًا بحجم الإصبع.
“هذا أداة تُستخدم في برج السحر لتحليل الجرعات. نضع بضع قطرات من الجرعة عليها، وسوف تخبرنا عن فعاليتها وآثارها الجانبية.”
يا له من اختراع رائع!
‘لقد صنعت الأدوات السحرية فقط من أجل المال، لكنها تحتوي على كل هذه الأشياء المدهشة.’
اتسعت عينا إيلينا من الدهشة.
في هذه الأثناء، وضع جيريمي قطرتين من مسكن الآلام على اللوح الزجاجي.
وبعد بضع ثوانٍ…
ظهرت دائرتان على اللوح الشفاف.
كلتاهما كانتا خضراوين.
“ماذا تعني هاتان الدائرتان الخضراوان؟”
“الدائرة اليسرى تمثل فعالية الدواء، واليمنى تمثل الآثار الجانبية. اللون الأخضر للفعالية يعني أنه مسكن للآلام، والأخضر للآثار الجانبية يعني عدم وجود أي منها.”
بمعنى آخر، لقد نجحت إيلينا في صنع الجرعة التي أرادتها.
“رائع!”
توهج وجهها بالفرح.
“تهانينا! صنع جرعة صحيحة من الصفر. ألا تحتاجين هذا؟”
ضحك جيريمي بهدوء. ابتسمت إيلينا برقة وهي تحتضن القارورة التي صنعتها بحب.
‘بوجود هذا، سأكون في مأمن من الألم حتى أثناء دورتي الشهرية. يجب أن أشكر لاني أيضًا.’
لولا تلك الروح، لكانت قد لاقت حتفها من آلام الطمث الجحيمية.
“آنسة إيلينا، ما زال هناك أمر مهم باقٍ.”
“نعم؟”
رفعت إيلينا رأسها مندهشة بينما كانت تمسك بالقارورة بإحكام.
كان جيريمي يمسك بورقة مكتوبة بخط كثيف.
“ما رأيك في توزيع مسكن آلام الدورة الشهرية الذي صنعتِه عبر برج السحر؟”
“منذ أن ذكرتِ أنكِ تريدين صنع جرعة سحرية، علمت أن يومًا كهذا سيأتي. لكنني لم أتوقع أن يأتي بهذه السرعة! على أي حال، لهذا السبب حصلت على موافقة رئيس السحرة مسبقًا.”
أشار إلى الزاوية اليمنى السفلى من الورقة حيث ختم رئيس السحرة ختمه الرسمي.
“بالطبع، لا يزال الدواء في مراحله الأولى، ولم تفهم فعاليته بالكامل بعد، لكنني أعتقد أن جرعة عالية الجودة ستظهر إذا تعاونتِ أنتِ وبرج السحر معًا.”
“الفوائد ستكون هائلة بلا شك.”
فقط لأن إيلينا تناولت زهرة الأرنب واختبرت تأثيرها بنفسها استطاعت أن تنجح.
“إذن ربما تصبح الآنسة إيلينا ثرية في لمح البصر.”
عند سماع كلمات جيريمي، ابتسمت إيلينا وقبلت العقد منه.
ثم شرعت تقرأ كل حرف في الوثيقة بعناية فائقة، كلمة كلمة.
همت إيلينا وهي تلتقط جزرة، بعد أن طلبت من الطاهي إحضار اكثر جزر طازج متوفر، واختارت ما رأته الأكثر لذة.
فتحت النافذة، ثم استحضرت السحر من أعماق جسدها.
في لمح البصر، ظهرت بقعة صغيرة من الضوء الأبيض النقي على كفها، وتركته ينتشر بلطف.
كانت هذه إشارتها الخاصة لاستدعاء لاني.
فاستجابت الروح التي تعيش على ينابيع السحر الروحي للنداء فورًا.
[سيدتي!]
“تعالي إلى الداخل يا لاني.”
أمسكت إيلينا بالأرنب الصغير الذي ظهر أمام النافذة واحتضنته.
[اشتقتُ إليكِ!]
كالعادة، تكورت لاني بين ذراعي إيلينا التي جلست على السرير وأجلستها بلطف.
“كيف حالكِ؟”
مر وقت طويل منذ آخر لقاء بسبب انشغالها بالتجارب.
[حسن! أخبرت الأرواح الأخرى عن سيدتي! الجميع يريدون رؤيتكِ، لذا سيأتون لزيارتكِ قريبًا!]
باستثناء لاني، لم تلتقِ إيلينا بأي أرواح أخرى بعد.
وفقًا لـلاني، يجب على الأرواح التواصل مرة واحدة على الأقل لتتمكن من الانتقال سحريًا.
[كما أنني أعطيتُ قوة سيدتي شيئًا فشيئًا للأرواح التي كانت على وشك الاختفاء، لذا لا داعي للقلق!]
“أفهم. شكرًا لكِ يا لاني.”
دلكت إيلينا فرو الأرنب بحنان، فاستسلمت لاني للنعيم تحت تأثير قوتها السحرية.
“لدي هدية لكِ اليوم.”
[هدية؟!]
توسعت عينا لاني واقشعرت أذناها من الفرح.
“لا أعرف إذا كانت الأرواح تأكل مثل هذه الأشياء…”
قالت إيلينا بخجل وهي تمد إليها الجزرة:
“اخترتُ الأكثر لذةً.”
[واو!]
خلافًا لتوقعاتها، استقبلت لاني الجزرة بحماس شديد.
[لا أصدق! سيدتي أعطتني جزرًا! يبدو لذيذًا جدًا!]
رقصت لاني على السرير وهي تحتضن الجزرة.
[جزرة! جزرة!]
“هاهاها!”
انفجرت إيلينا ضاحكةً من تصرفات أرنبها الظريف.
“بالمناسبة يا لاني، هل تستطيع الأرواح أكل مثل هذا الطعام؟”
[بالتأكيد! نحن نعيش على قوة سيدتنا، لكننا نأكل النباتات عندما نضعف كثيرًا. النباتات هنا تحوي قوة سحرية بسيطة.]
قالت لاني وهي تقضم الجزرة بأسنانها الأمامية الصغيرة.
‘الأرواح تولد من السحر المنتشر في العالم منذ البداية.’
أدركت إيلينا أن الأمر منطقي.
[إنه لذيذ جدًا! شكرًا لكِ سيدتي!]
انهمرت دموع لاني وهي تأكل.
“لا تبكي يا لاني، سأحضر لكِ الجزر دائمًا من الآن، وعد؟”
مسحت إيلينا دموعها بسرعة.
[نعم! لأنني جنية شجاعة لن أبكي!]
انتظرت حتى أنهت لاني وجبتها، ثم جاءت إلى حضنها وتمدّدت.
دلكت إيلينا بطنها المنتفخ قائلة
“شكرًا لكِ يا لاني، بفضلكِ تحسنت آلامي وتمكنت من صنع الدواء.”
[هيهي، لا داعي للشكر، أنا ممتنة لأنكِ سيدتي.]
استمرت إيلينا في تدليك لاني حتى غلبها النعاس.
***
بعد مغادرة لاني، رتبت إيلينا مكتبها.
وبينما كانت تضع الأعشاب في أماكنها، سمعت طرقًا على الباب.
“نعم؟”
التفت لترى جين تدخل بابتسامة مشرقة.
“إيلينا!”
“جين، كم طال الوقت!”
رحبت بها بفرح.
“سمعتُ أن تطوير الجرعة السحرية نجح، وتم توقيع العقد مع برج السحر. تهانينا!”
‘لا بد أن جيريمي أخبر دوق هالوس، الذي نشر الخبر بسعادة.’
انفرجت شفتا إيلينا عن ابتسامة.
“شكرًا لكِ، لكن الغرفة فوضوية…لنذهب إلى الصالون لنحتسي الشاي.”
“حسنًا.”
وبينما تنتظران وصول الخادمات بالشاي، بدأت جين تحكي عن حياتها
“بينما كنتِ مشغولة، كنتُ أشعر بالملل حقًا…”
احمرت وجنتا جين خجلاً.
“هل حقًا شعرتِ بذلك؟”
“نعم. قضيت وقتي مع يوري في مراجعة ما تعلمته أو قراءة الكتب. بخلاف ذلك، لم يكن هناك شيء آخر لأفعله.”
لم تعرف إيلينا ماذا تقول لها.
بينما كانت تختار ردها، جاءت الخادمة بالشاي والحلويات ثم غادرت.
تناولت إيلينا رشفة من شاي الليمون العطري.
“في الواقع… لدي الكثير من المشاكل هذه الأيام.”
“ما الذي يقلقكِ؟”
‘هل يمكن أن يكون كيليان قد أزعج جين؟’
تجهمت حاجبا إيلينا عند التفكير في هذا الاحتمال.
‘ألم تكن مشغولًا بما يكفي يا كيليان؟’
لكن الكلمات التي خرجت من فم جين لم تكن كما توقعت.
“إيلينا، أنتِ بارعة جدًا في دراسة السحر وحتى صنع الجرعات… بينما أنا لا أعرف كيف أفعل أي شيء، ولا أملك شيئًا أريد فعله.”
كانت جين تبتسم، لكن عينيها بدتا حزينتين للغاية.
“جين…”
“لذا ظننتُ أنني قد أكون عبئًا على عائلة هالوس…”
اختنقت كلمات جين، وكأنها تكبح دموعها.
رفعت إيلينا يدها بهدوء وأمسكت بيد جين.
“القدرة على فعل شيء ما لا تعني أنه يجب أن يكون لديكِ شيء تريدينه.”
اتسعت عينا جين قليلًا.
“بطل الحياة هو أنتِ فقط. ماذا تريدين أن تفعلي؟ أنتِ من تستطيعين تحديد ذلك.”
“آه…”
“الآن جين موجودة في منزل هالوس، لكن هذا لا يعني أن حياتكِ يجب أن تصبح صعبة.”
بالطبع، جاءت جين إلى القصر بسبب دروس التحضير للزواج.
لكن إيلينا لم تكن تريد رؤيتها تذبل بهذا الشكل بسبب اسم “هالوس“.
“... أشعر أن الوقت يمر وأنا عالقة في مكاني.”
قالت جين بحذر بينما تحدقت في إيلينا.
لم يكن هذا شعورًا بالغيرة.
كيف يمكنها أن تغار من المرأة التي تعجب بها، التي تبدو دائمًا قوية وجميلة وواثقة؟
لكن شيئًا فشيئًا، أرادت جين أن تصبح مثلها.
لكنها لم تعرف ماذا تفعل أو كيف تفعله.
لذا عبّرت جين عن مشاعرها المكبوتة لـإيلينا.
فضمت إيلينا يدها بقوة.
“قد تعتقدين أن عليكِ الإسراع… لكن جين، التسرع ليس بالأمر الحاسم.”
ابتسمت إيلينا بلطف.
“المهم هو نوع الحياة التي تريدين عيشها.”
“نوع الحياة…؟”
بدأت ملامح جين المتوترة تهدأ قليلًا.
“ابحثي عما تريدين فعله من الآن. عندها، ستعرفين طبيعيًا ما تجيدينه وما تحبينه.”
“هل سيحدث هذا حقًا؟”
“بالتأكيد. يمكنكِ تجربة أشياء خارج الدروس مع يوري.”
“ماذا تريدين أن تفعلي؟”
سألت جين بوجه منشرح.
لاحظت إيلينا أن عبئها خف قليلًا، فازدادت سعادتها.
“حسنًا، في الأيام الدافئة، يمكنكِ الرسم في الحديقة، أو الجري في الحديقة كما تحبين، وعندما ترغبين في التعرق، يمكنكِ استخدام سيف خشبي في قاعة التدريب. أوه! يمكنكِ أيضًا أخذ دروس من الفرسان.”
“هل هذا مسموح؟ أبي قال إن السيف للرجال فقط…”
تقطبت حاجبا إيلينا قليلًا، ثم ارتخت.
‘في القصة الأصلية، كان والد جين، الكونت أوسوالد، شخصًا متزمتًا.’
نشأت مع مثل هذا الشخص، ولم تتحرر من كيليان لسنوات.
“بالطبع يمكنكِ. لدينا ذراعان وساقان مثلهم. كل شيء ممكن.”
“آه…”
ارتجفت عينا جين كما لو أنها صُدمت.
‘لا بد أن إنكاري لكلام أبيها فاجأها.’
قلقت إيلينا قليلًا.
خشيت أن تتراجع جين مرة أخرى.
لكن سريعًا، تغيرت عينا جين.
“صحيح. كل شيء ممكن.”
ما زالت جين جميلة وبرئية.
لكن قلبها أصبح أكثر جرأة.
‘آمل أن تكون كلماتي قد منحتها بعض الشجاعة.’
تمنت ألا تكون كلمات والدها قيودًا تمنعها من فعل ما تريد.
***
مر الوقت بجنون.
واصلت إيلينا دروسها مع يوري وجيريمي، وخلال وقت فراغها، عملت على تطوير دواء لآلام الدورة الشهرية.
بعد توقيعها عقدًا ثوريًا مع برج السحر بنسبة 9 إلى 1،
واصلت تطوير الجرعات مع سحرة البرج عبر جيريمي.
بعد ساعات لا تحصى من العمل الجاد، أنهت أخيرًا تطوير الدواء.
وأثبت الدواء النهائي فاعلية هائلة بعد اختبارات البرج.
لم يكن أكثر أمانًا وفائدة من الأدوية المتوفرة فحسب، بل كان تأثيره المسكن للألم أقوى بعدة مرات.
وأخيرًا، بدأ بيع دواء آلام الدورة الشهرية “روز“.
بفضل الترويج والتوزيع المنظم من البرج، انتشر “روز” ليس فقط في الإمبراطورية، بل في جميع أنحاء القارة.
“آنسة إيلينا، لا تنفعلي واستمعي.”
من البداية، كان نجاح “روز” مذهلًا.
وفي إحدى حصص جيريمي، سعل بقوة قبل أن يخبرها بالخبر المدهش
“لقد نفدت الكمية!”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"