“تحياتي للسيد الدوق.”
رفع الدوق نظره عن الصحيفة التي كان يقرأها على الأريكة، ثم أشار لها بالجلوس بابتسامة خفيفة.
“يبدو أن حالتك تحسنت بعض الشيء.”
“نعم. شكراً لاهتمامك.”
بصراحة، لم تتوقع إيلينا أن يخلع الدوق معطفه ليغطيها به في الحفل.
‘لابد أنه يعجب بي كثيراً هذه الأيام.’
تذكرت نظراته الجليدية عندما نظر إلى كيليان، التي اخترقت قلبها.
‘هل كان دائماً شخصاً بارداً هكذا؟’
بما أنه لم يظهر كثيراً في الرواية الأصلية، كان من الصعب تحديد شخصيته بدقة.
لكن شيء واحد مؤكد: أنه كان غير مبالٍ بأبنائه.
‘ربما لأنه شخص مشغول.’
كان هناك الكثير من الآباء في حياتها السابقة يهملون أبناءهم بسبب انشغالهم.
رغم أنه كان أمراً لا مفر منه من وجهة نظرهم، لكن حياة الأطفال كانت ستكون مختلفة لو منحوهم القليل من الوقت.
“بالأمس، تحدثت مع كيليان. ما حدث لن يتكرر مرة أخرى. إذا حدث شيء مماثل، أخبريني.”
لم يقل الدوق أكثر من ذلك، لكن إيلينا استنتجت ما يعنيه.
‘في المرة القادمة، لن أتساهل مع كيليان. لابد أنه يقصد هذا.’
كان هذا أمراً جيداً.
بمجرد الانتهاء من كرة التسجيل، سيتمكنون من جمع الأدلة الحاسمة، ومصير كيليان سيُحدد.
“نعم، سيدي الدوق.”
“وأيضاً…”
‘هل لديه شيء آخر ليقوله؟’
“سمعت من جيريمي أنكِ موهوبة ليس فقط في السحر العملي، بل أيضاً في صناعة الجرعات والمستلزمات السحرية.
أتطلع إلى مستقبلكِ.”
قال الدوق ذلك بابتسامة، كانت عيناه تلمعان بصدق.
“يوري وجيريمي كلاهما أشاد بكِ. سماع أخباركِ يجعلني أتمنى أن تكوني ابنتي.”
حتى أنه ضحك قليلاً.
“شكراً لك، سيدي الدوق. كل هذا بفضلك.”
“بفضلي؟ أنا فقط أدعم ما تريدينه. كل هذه الإنجازات هي من صنعكِ. إذا كانت لديكِ أي رغبات في المستقبل، فقط أخبريني.”
“نعم، سيدي.”
***
بعد المحادثة، اتجهت إيلينا مباشرة إلى غرفتها.
كانت في عجلة من أمرها لإنهاء كرة التسجيل.
لكن كيليان كان واقفاً أمام الباب.
“… إيلينا.”
نظر إليها متردداً، غير متأكد مما يجب فعله.
‘لا بد أنه بسبب فضيحة الأمس.’
أصبحت عينا إيلينا باردة فجأة.
“لماذا جئت إلى هنا؟”
فكرت في تجاهله تماماً، لكنه اقترب أولاً.
مع ذلك، لن يتمكن كيليان من إيذائها بعد تحذير والده.
ربما جاء ليعتذر عما حدث بالأمس.
لكن ما حدث بعد ذلك كان غير متوقع.
“آسف.”
كيليان المغرور والفتى المتعجرف انحنى من وسطه معتذراً.
‘يا إلهي! لا بد أن الدوق مرعب حقاً.’
كيليان الذي أمامها كان يعتذر بطريقة مذلّة.
“بخصوص الأمس… جئت لأعتذر. أنا آسف حقاً. لم أكن أقصد ذلك.”
استمر كيليان في الاعتذار واحداً تلو الآخر تماماً كما فعل ليكسيون مع إيلينا بالأمس.
لكن بالنسبة لها، ليكسيون وكيليان مختلفان.
حتى لو قبلت اعتذاره، تقييمها له لن يتغير.
لذلك سيكون من العبث أن يستمر في الاعتذار.
فتحت إيلينا فمها لوقف اعتذاره العقيم.
“أعلم.”
“هل تقبلين اعتذاري؟”
“نعم.”
بينما أومأت برأسها، اشرق وجه كيليان.
“لكن…”
عليها أن تقول ما تريد قوله.
ابتسمت إيلينا إلى كيليان واستمرت:
“لا تعتذر لي فقط. بسببك، هناك من عانى أكثر مني.”
“… لا يمكن.”
“أتعرف من هو دون أن أخبرك؟”
تقلص وجهه.
***
برفقة كيليان غير الراغب في الذهاب، اتجهت إيلينا إلى ليكسيون.
ليكسيون الذي كان يقرأ كتابه في غرفته، رحب بها بابتسامة مشرقة لزيارتها، لكنه تجمد على الفور عندما رأى كيليان.
“ليكسيون، لا تقلق. لن أخلي بينك وبينه.”
همست إيلينا في أذن الطفل المرتعب.
ثم دفعت كيليان المتردد في جنبه.
فانحنى كيليان على مضض.
“… آسف.”
أطلق الكلمة القصيرة المختصرة.
لحسن الحظ، لم يقل أي كلمات وقحة مثل
“أنت غبي، أنت المخطئ!”
‘أهذا ما تسميه اعتذاراً؟’
دفعته إيلينا مرة أخرى في جنبه.
فرفع رأسه ونظر إليها.
حاجبا إيلينا تقاربان بعضهما في تعبير يستفسر
“لماذا؟”
“أعتقد أنك قلت أنك ستفعل ما أطلبه. هل ذاكرتي تخونني؟”
قبل قليل، أمام غرفتها، عندما اقترحت عليه الاعتذار لليكسيون، قال كيليان
“سأفعل ذلك إذا كنتِ تريدين.”
‘بعد أن قلتَ هذا، أليس من المفترض أن تعتذر بشكل لائق؟’
بعد أن حدقت فيه لبرهة، أخرج زفيراً خفيفاً، ثم انحنى مرة أخرى تجاه ليكسيون.
“أنا آسف لإزعاجك كل هذا الوقت، ليكسيون. سامح هذا الأخ السيء.”
‘حسناً. حتى لو لم تنحنِ على ركبتيك، عليك الاعتذار بهذا الشكل.’
نظرت إيلينا إلى ليكسيون بابتسامة راضية.
كان ليكسيون يحدق في كيليان في حيرة.
كان هذا متوقعاً.
تغير موقف أخيه المفاجئ، الذي كان يعذبه حتى الآن. سيكون من الصعب عليه التأقلم معه فوراً.
مع ذلك، أحضرت إيلينا كيليان معها، على أمل أن يهدأ قلب الطفل المنكسر قليلاً على الأقل.
انتظر ليكسيون لحظة، ثم قال بعينين حازمتين وكأنه اتخذ قراراً
“سأقبل اعتذارك. لكنني لن أسامحك.”
ثم دخل إلى غرفته مسرعاً.
كانت مجرد كلمات قليلة، لكنها تطلبت شجاعة كبيرة من ليكسيون ليقول ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، تعامل مع الموقف بشكل جيد.
حتى لو تلقى الضحية اعتذاراً من الجاني، لم يكن هناك ضرورة للغفران دون قيد أو شرط.
‘لا. لا أريد أن يغفر ليكسيون لكيليان أيضاً.’
أعجبتها ردة فعل الطفل أكثر.
لسبب ما، شعرت وكأن طفلها قد كبر، مما جعلها تشعر بالفخر.
‘أحسنتَ يا ليكسيون! طفلي العزيز!’
{طفلنا كلنا فخورين بيه مو كذا ?🦋🥲}
***
“يا إلهي! يا سيدتي، هناك زهور اليوم أيضاً.”
دخلت خادمتها روسي إلى غرفتها وهي تبتسم. في يدها وردة حمراء.
“لا أعرف من المرسل، لكن يبدو أنه معجب بكِ جداً.”
ابتسمت روسي بسعادة بينما سلمت إيلينا الوردة.
حتى في الشتاء، كانت الوردة الحمراء طازجة وكأنها تفتحت للتو.
لا بد أنها قُطفت من الدفيئة.
“يبدو ذلك، أليس كذلك؟”
ابتسمت إيلينا بسعادة بينما تحدقت في الوردة.
منذ عدة أيام بعد الحفل، كانت توضع وردة أمام بابها كل صباح.
‘هل كان ليكسيون؟’
ابتسمت إيلينا ببهجة. سألتها روسي وهي ترى ابتسامتها ·
“هل أعتني بها اليوم أيضاً وأحفظها؟”
“نعم. شكراً لكِ على ذلك.”
سلمتها الوردة.
لا بد أن ليكسيون قطفها بيديه الصغيرتين لأنه لا يريد أن تذبل الوردة دون فائدة.
بدأت روسي بتنظيف الأشواك والأوراق بعد أخذ الوردة منها.
بعد أن شاهدتها لبرهة، نظرت إيلينا من النافذة.
قبل وقت ليس ببعيد، كان رأس السنة.
سيحين وقت ذهاب ليكسيون إلى الأكاديمية قريباً حقاً.
‘لا أريده أن يذهب.’
فكرت إيلينا إذا كان لديها شيء تقدمه له، حتى لو كانت هدية صغيرة.
بينما كانت تتأمل في الأمر، تلقت إجابة مرضية من جيريمي.
“إذاً، لماذا لا تهديه حجراً سحرياً؟”
كان وقت حصة السحر.
وقد اقترح جيريمي هذا على إيلينا.
شاركت إيلينا مخاوفها معه بصراحة، فأعطاها إجابة واضحة.
“ما هو الحجر السحري؟”
“حجر السحر هو حجر يصنع بتنقية الطاقة السحرية.
حسب رغبة الساحر، تتنوع استخداماته بشكل واسع. إنه عنصر لمرة واحدة، لكن يمكنك استخدامه لإطفاء حريق أو جلب المطر.”
يمكن استخدامه مرة واحدة فقط، لكنه كان حجراً قادراً على احتواء السحر الذي تريده.
كانت فكرة رائعة.
“صنع كرة التسجيل أيضاً في مرحلتها النهائية. ماذا عن صنع حجر سحري الآن؟”
كما قال جيريمي، كانت كرة التسجيل في مرحلتها النهائية بعد أن انغمست في العمل عليها لعدة أيام.
كان هناك متسع من الوقت لإيلينا لتعمل عليها ليوم أو يومين إضافيين فقط.
“ليس له علاقة بالنار أو المطر. أريد صنع بلورة سحرية بخاصية الحماية عندما يتعرض الشخص للخطر. هل هذا ممكن؟”
“بالتأكيد. إذاً، حصة اليوم هي صنع البلورات السحرية.”
“شكراً لك!”
علمها جيريمي كيفية صنع البلورات السحرية خطوة بخطوة.
بعد جمع يديها معاً لتكثيف السحر، يمكنها استخدام السحر الذي تريده على الطاقة المكثفة.
كما أرشدها جيريمي، وضعت إيلينا يديها معاً وكثفت طاقتها السحرية.
بفضل حصة السحر مع جيريمي، كان من السهل عليها جمع طاقتها.
“أحسنتِ!”
صفق جيريمي بينما تشكلت كرة متكتلة ولكن مكثفة من الطاقة السحرية بين يديها.
“لقد بدأتِ للتو، لكن الشكل قريب من الكرة! ممتاز جداً!”
“لا أعتقد أنها بهذا المستوى… على أي حال، شكراً لك.”
بعد ذلك بمساعدة جيريمي قامت إيلينا بدمج سحر إنشاء الدرع في كرة طاقتها.
لكن العملية لم تكن سهلة كما توقعت وفشلت مراراً وتكراراً.
كانت تكثف طاقتها السحرية لتشكيلها، لكن إذا أدخلت سحرها فيها، تتبدد طاقتها بسبب التحكم غير الماهر.
“أستاذ، هل يمكنني صنع حجر سحري؟”
بعد فشلها التاسع، ترهلت كتفي إيلينا، ونظرت إلى جيريمي.
كما يفعل دائماً، عزّاها جيريمي بابتسامة مشرقة.
“بالتأكيد. لا تقلقي كثيراً، إيلينا. ما زلتِ تبدعين.
إنه سريع جداً مقارنة بالسحرة الآخرين. بقليل من الجهد الإضافي، سننجح.”
بدعم من تشجيعه، قبضت إيلينا على يديها بقوة.
‘هذا ليس من شخص عادي، بل من كبير الباحثين في برج السحر.’
ستتمكن بالتأكيد من فعل ذلك بنفسها.
فكرت إيلينا بهذا، ثم جمعت يديها مرة أخرى وكثفت طاقتها السحرية.
“لقد مرت بضعة أيام منذ أن أخذت إيلينا درساً عن الأحجار السحرية من جيريمي.”
كان الشتاء ينتهي، والربيع يبدأ.
في الحديقة، نبتت الأزهار التي تغلبت على البرودة لتبدأ حياة جديدة.
وبعد أسبوع من العمل الجاد، نجحت إيلينا أخيراً في صنع حجر سحري.
‘لقد بذلت جهداً كبيراً في صنعه، أليس كذلك؟’
بعد عدة أيام من تكثيف طاقتها وتنقيتها، نجحت أخيراً.
على الرغم من فشلها في تشكيله بالشكل المطلوب، إلا أنه بدا مثل ترس صغير بحجم الإبهام.
وُلد حجر سحري أحمر لامع يشبه لون شعر إيلينا.
إيلينا، التي حققت هدفها، تأثرت بشدة لدرجة أنها عانقت جيريمي لبعض الوقت قبل أن تستعيد وعيها.
ثم ربطت خيطاً بالبلورة السحرية، محولة إياها إلى قلادة.
‘أنا سعيدة أنني صنعته قبل ذهاب ليكسيون إلى الأكاديمية.’
بينما كانت تصنع الحجر السحري، فكرت في شراء بعض المستلزمات السحرية للدفاع عن النفس مثل التي أعطتها لجين، لكنها قررت أن تصنعها بنفسها.
‘بدون معرفة السحر الذي يحتويه، كان لدى جين إكسسوار للدفاع عن النفس. لكني أردت أن أعطي ليكسيون درعاً…’
منشغلةً بصنع البلورة السحرية، لم تلاحظ إيلينا أن الوقت قد تأخر، وفي غضون أيام قليلة، سيغادر ليكسيون إلى الأكاديمية.
لم يتبق لديها سوى أقل من أسبوع.
بقي أيام قليلة فقط لرؤية ليكسيون الصغير اللطيف.
‘هذا محزن.’
شعرت بالحزن لأنها لن ترى ليكسيون المحبوب مرة أخرى.
“هاه.”
“أختي إيلينا!”
بينما كانت تتنهد، رأت ليكسيون يركض من طرف الممر.
كان شعره الأشقر يتطاير ويرتد، مما أثار صورة جرو ذهبي صغير.
كم هو لطيف!
“ليكسيون!”
عانقت إيلينا ليكسيون الذي كان يحتضنها بدفء.
بعد العناق القصير، سألها الطفل بعينين متلألئتين:
“إلى أين تذهبين؟”
“كنت ذاهبة لرؤية ليكسيون.”
“حقاً؟!”
أومأت برأسها، فابتسم الطفل من أذن إلى أذن.
‘آه، كم أنت ظريف. بعد كل شيء، أخبرني أنه لا يريد الذهاب إلى الأكاديمية وكدت أسمعه يقول إنه يجب أن يعيش مع أخته لبقية حياته.’
عقدت إيلينا عزمها، وقدمت لليكسيون قلادة البلورة السحرية التي صنعتها بصعوبة.
“ما هذا؟”
“هذه هدية صنعتها لليكسيون. عندما تكون في خطر، ستقوم هذه القلادة بحمايتك.”
“واو! أنتِ صنعتيها؟”
“نعم.”
‘لقد صنعتها بعد كفاح استمر عدة أيام.’
ليكسيون، الذي أخذ القلادة من إيلينا، حدق في الحجر السحري للحظة، ثم وضعه حول عنقه.
“أختي، هذا الجوهر له نفس لون شعرك!”
“نعم. لأنه يحتوي على سحري بداخله.”
“أفهم! هذا جيد! هذا يجعلني أشعر وكأنكِ معي!”
لم يستطع ليكسيون كبح حماسه وركض حولها.
‘يا له من طفل محبوب.’
بينما كانت تحدق في الطفل بابتسامة، أشار ليكسيون لها أن تقترب.
فانحنت إلى مستوى عينيه.
لمس شيئاً خدها وأصيبت بالذهول.
“شكراً لكِ، أختي.”
همس ليكسيون ثم اختفى خلفها.
“… هل كان هذا هل كان هذه قبلة على الخد تعتبر أول قبلة لي؟’
ظلت إيلينا في حيرة لبعض الوقت.
“بفف!”
انفجرت ضاحكة من تصرف الطفل الظريف.
‘أوه، سأجن من اللطافة.’
ليكسيون لم يكن فقط لطيفاً، بل كان محبوباً أيضاً.
‘هل يمكن لكائن حي أن يكون بهذا القدر من الظرافة؟’
شعرت وكأنها تريد أن تصطدم بالحائط.
“هاه، ها.”
أخذت إيلينا نفساً عميقاً لتهدئة دقات قلبها المتسارعة.
في تلك اللحظة…
“إيلينا.”
صوت كيليان جاء من خلفها.
عندما التفتت، رأت كيليان واقفاً هناك، يرتدي ملابس أنيقة.
‘ماذا؟ هل أنت ذاهب لعرض ما الآن؟’
تساءلت إيلينا وهي ترفع حاجباً واحداً في حيرة.
“السيد كيليان. إلى أين أنت ذاهب؟”
بدا زي كيليان كما لو كان ذاهباً لحفلة.
سألته وهي تحك مؤخرة رأسها كما لو كانت محرجة من منظره.
“هل يمكننا التحدث قليلاً؟”
***
“في اللحظة التي قابل فيها إيلينا لأول مرة…”
أخطأ كيليان في ظنها بأنها نبيلة.
هكذا كانت الفتاة متألقة.
انجذب إليها على الفور، لدرجة أنه تمنى امتلاكها يوماً ما.
في البداية، عندما وبخته إيلينا، اعتقد أنها لا تحبه كثيراً.
عيناها باردتان تجاهه؛ صوتها ونبرتها قاسيان.
لكنه مع ذلك أحب الفتاة.
بغض النظر عن جمالها، لم يعامله أحد بهذه الطريقة إلا والده.
لذلك ازداد فضول كيليان وانجذابه إليها أكثر.
والآن، بعد سلسلة من الأحداث، أصبح قلب الصبي متأكداً إلى حد ما.
قبلت إيلينا اعتذاره عن سلوكه الوقح، كما أنها اعتنت بالورود التي كان يتركها عند بابها كل يوم كهدية اعتذار.
قيل أن الخادمات حفظنها جيداً لتظل مرئية لفترة طويلة.
كان واضحاً أنها لا تكرهه بسبب ذلك.
لا، بل يبدو أنها مغرمة به قليلاً.
ألقى كيليان نظرة على إيلينا، التي كانت تجلس أمامه في هيئة منتصبة.
في الدفيئة الدافئة، كانت الوردة التي تشبهها تتفتح بكامل بهائها.
إليانا وسط الزهور بدت وكأنها وردة بحد ذاتها.
طريقة شربها للشاي بأناقة كانت كاللوحة الفنية.
“إذن ما الذي تريد إخباري حتى أنك أحضرتني إلى الحديقة؟”
سألت بابتسامة ناعمة، رغم ابتسامتها الخفيفة بدت جادة.
كيليان ابتلع ريقه بلا وعي، فتح فمه لكن لم يخرج صوت.
أخيراً قال بصعوبة، محاولاً التخلص من التوتر
“إلينا، تواعديني.”
لكن إليانا لم تجب على الفور.
كأنها تفكر في شيء، نظرت حولها فقط.
كلما طال صمتها، زاد قلق كيليان.
كان يتوسل إليها أن تقبله.
كان من الطبيعي أن يعجب بها فهي سيدة جميلة، لكن كان هناك سبب آخر.
نعم، والده.
الفرصة الأخيرة التي حصل عليها كانت بالتوسل للغفران.
كيليان كان مصمماً على اغتنام الفرصة.
ولتحقيق ذلك، شعر أنه يجب أن يكون قريباً من إليانا.
رغم أنها من عامة الشعب مدعومة من والده، إلا أنها ساحرة.
وصلة لبرج السحر الذي حتى العائلة الإمبراطورية لا تستطيع لمسه بسهولة.
والده كان مهتماً جداً بموهبتها الساحقة.
لذا اعتقد كيليان أنه إذا جعل إليانا ملكه، فسيتم تعزيز موقفه بالتأكيد.
لكن إليانا كان لديها فكرة مختلفة تماماً.
***
بعد أن قال كيليان أنه يريد التحدث معها، تبعته إليانا.
“تعالي معي.”
‘لاني’
كان واضحاً أنه مهووس بإظهار حبه لإليانا رغم وجود خطيبته.
بالطبع، هذا ما فعله في الرواية الأصلية، لذا فهمت الأمر.
‘لكنني كنت أكره كيليان لدرجة أنني كنت أعمى عن ذلك.’
‘مع ذلك، أتعترف لي… هل نسيت خطيبتك؟’
كان حقاً شخصاً مثيراً للسخرية.
لكن التوقيت كان مذهلاً.
رأت المخلوق الصغير اللطيف جالساً على الطاولة بينها وبين كيليان.
عندما تبعته إليانا، نادت على لاني بصوت خافت.
ثم علقت كرة التسجيل التي أنهتها للتو حول عنق لاني.
الروح لاني ارتدت كرة تسجيل سوداء بحجم جسدها حول عنقها ولم تتحرك.
شرحت إليانا بإيجاز كرة التسجيل لها وهمست لها أن تراقب كل حركات كيليان.
عند أول أمر لها، اشتعلت عيون لاني وصرخت ‘اتركي الأمر لي!’
بعد ذلك، جلست لاني على طاولة الشاي وكانت مشغولة بتصوير كيليان.
نظرت إليها إليانا بسعادة.
لاني كانت روحاً، لذا بالطبع لن يتمكن من رؤيتها؛ وسحر التخفي الذي وضعته على كرة التسجيل كان نجاحاً.
بالطبع، أظهرت بوضوح شكل كرة التسجيل لإليانا.
لاني التي عاشت بقواها السحرية رأت كرة التسجيل أيضاً.
إليانا التي نظرت إلى لاني المتعبة أجابت بابتسامة عريضة لكيليان
“لا أرغب في ذلك.”
اتسعت عيون كيليان.
“… م-ماذا؟”
بينما كان ينتظر إجابتها، كان كيليان القلق والمتشوق قد فتح عينيه على مصراعيهما عند إجابتها غير المتوقعة.
‘هذا غباء.’
ثم حاول ترتيب تعابيره وسأل، متظاهراً بعدم الإحراج
“لماذا؟”
‘هل تسأل حقاً لأنك لا تعرف السبب؟ أم لأنك وقح؟’
كان قطعة قمامة.
أغلقت إليانا عينيها، وأجابت بلا مبالاة، تاركة إياه مذهولاً
“السيد ليس من ذوقي.”
“إذا كان يجب أن أقول، فأخوك الأصغر أفضل بكثير.”
ثم ظهر رد الفعل على الفور. ارتفعت حاجبي كيليان.
“ماذا؟ هل تحبين أخي الأصغر؟”
سأل في ذهول.
‘نعم. ليس أنت، بل أخوك.’
“نعم.”
أجابت إليانا بجدية.
‘لأن ليكسيون الصغير اللطيف أفضل بكثير من هذا الحثالة الذي كان يخون خطيبته.’
“لا، ألم تحبيني أنا أيضاً؟”
“… ماذا؟”
‘هل أنت مجنون، أيها الأحمق؟’
‘أي نوع من الهراء هذا؟ منذ متى أحببت كيليان؟’
‘ما الذي جعله يعتقد ذلك؟’
“حتى لو أخطأت، قبلتِ كل شيء وقالوا أن الورود التي أهديتكِ إياها حُفظت جيداً…!”
جنون.
يبدو أن الذي كان يترك وردة أمام غرفتها كل يوم كان كيليان، وليس ليكسيون.
بالتفكير في الأمر، ليكسيون أهدى إليانا زهوراً برية، وليس وروداً.
‘تباً. هذا خطئي.’
لو عرفت إليانا أن كيليان هو من كان يهديها، لرمتها على الفور.
قالت إليانا بوجه جاد لكيليان
“لم يكن لدي أي فكرة أن تلك الورود كانت من السيد كيليان.”
“م-ماذا؟”
“فكرت فقط أن جين أو ليكسيون قد يكونان من تركهما.”
بينما كانت تتحدث بهدوء، عض كيليان شفتيه بشدة.
‘أعتقد أنه خطؤه لعدم الكشف عن أنه المرسل.’
ثم ستضع إليانا بالتأكيد وتداً هنا.
“وليس لدي أي نية للتواعد مع أي شخص لديه خطيبة.”
عند كلماتها، قفز كيليان من مقعده وصاح
“يمكنني فقط فسخ الخطوبة!”
كيليان المجنون اقترب من إليانا الصلبة.
لكنها كانت إليانا ولن تتراجع بسهولة.
“ما زلت لا أريد ذلك.”
رفضت مرة أخرى، وعض كيليان شفتيه.
ثم، وكأنه لا يستطيع قبول الهزيمة، استدار بخبث، يشتمها، وابتعد عن مقعده.
نظرت إليانا إلى ظهر كيليان وقرعت لسانها.
“تس. يا له من مجنون.”
التعليقات لهذا الفصل " 13"