كانت إيستان إقطاعيةً صغيرة وهادئة، تنعم بالسلام والسكينة.
نعم، كانت كذلك دون شك. لكن مؤخرًا، باتت الأيام الصاخبة التي تعيشها تجعل الماضي السلمي يبدو كأنه حلمٌ بعيد.
منذ أن زارها أحد مرافقي جلالة الإمبراطور، بدأت أمورٌ غريبة تحدث واحدةً تلو الأخرى.
في البداية انتشرت أخبارٌ عن ظهور طائفة دينية مشبوهة في الإقطاعيات المجاورة، ثم تسلل أحد الصيادين غير الشرعيين إلى الغابة المحظورة ولم يعد منها إلا جثةً هامدة.
حتى أن آثار مخلوق غريب مجهول الهوية عُثر عليها في الغابة المحظورة.
“لا يمكن….نحن نُعاقَب من قِبل السيدة لوكيرا، أليس كذلك؟”
تمتم الكونت بقلق. فهو الوحيد الذي يعرف أن أحد أختام “لوكيرا” مدفونٌ في غابة الشمال التابعة لإيستان.
حتى كبير الخدم أو أقاربه الذين خدموا العائلة لسنوات طويلة لم يكونوا على علم بهذه الحقيقة.
لذلك، عندما يعبّر الكونت عن خوفه قائلاً: “أليس هذا عقابًا من السيدة لوكيرا؟”، كان من حوله يشعرون بالريبة.
“ما علاقة ما يجري في الإقطاعية بالسيدة لوكيرا؟”
حتى اليوم، عاد كبير الخدم ليواسيه وهو يغمر كلماته بشيء من الحيرة. فتنهد الكونت بعمق وهو يعض أظافره بقلق.
“هناك شيء ما…..هناك أمرٌ ما. على كل حال، هل تم تجهيز الضيافة جيدًا؟”
“نعم. تم تجهيز جميع غرف الضيوف، وأبلغنا الطاهي وجميع الخدم بالأمر مسبقًا.”
“جيد. الضيوف القادمون هذه المرة مهمون للغاية. يجب ألا نسبب لهم أي استياء، وعلينا استقبالهم بكل إخلاص.”
“بالطبع، يا سيدي الكونت. ولكن…..من هم هؤلاء الضيوف بالضبط؟”
صحيحٌ أن الجميع علم أن ضيوفًا مهمين قادمون، لكن لم يُخبر أحد بهويتهم.
و الكونت، الذي كان يتمتم قلقًا باسم “السيدة لوكيرا..…”، ضغط على صدغيه مجيبًا،
“إنهم مبعوثون من العائلة الإمبراطورية.”
“من العائلة الإمبراطورية؟”
“نعم. أليست الأمور الغريبة تحدث بكثرة مؤخرًا في إقطاعيتنا؟ خصوصًا تلك الوحوش الغريبة المجهولة التي لا نعرف أصلها.”
“آه، إذاً هم قادمون للإمساك بذلك الوحش؟”
“أمرٌ مشابه. على كل حال، يجب أن يبقى أمر كونهم مبعوثين من العائلة الإمبراطورية سرًا تامًا. هل فهمتَ؟”
“نعم، سأضع هذا في الحسبان.”
أجاب كبير الخدم المخضرم ثم غادر الغرفة. بينما راح الكونت يضم يديه ببعضها وهو يحدق في الباب المغلق.
“يا سيدة لوكيرا، أرجوكِ. أتوسل إليكِ. آآهغ.”
تلا رجاؤه الصادق أنينٌ مختلط بالعذاب.
‘رجاءً، ليت إيستان تعود إلى هدوئها وسكينتها، ولو ليوم واحد!’
هذا الكونت ضعيف القلب تمنى ذلك من أعماقه مرارًا وتكرارًا.
***
مر يوم الحفلة الصاخبة على السفينة، وبعده بثلاثة أيام،
وصلت السفينة الضخمة أخيرًا إلى الميناء المنشود.
وقبل أن يطأوا الأرض رسميًا، بقيت عقبةٌ أخيرة ومهمة أخيرة عليهم تجاوزها.
وهي–
“هيل؟ أين هيل؟”
“أختي، أين هيل..…؟”
وداع الأطفال.
ربما كان ذلك بفضل المكافأة التي نالها من القضاء على الوحش، <زيادة مقاومة الحالات غير الطبيعية>. فمنذ ذلك اليوم، أصبحت حالات تحوّل هيلديون إلى طفل نادرةً جدًا.
مرة أو مرتين في اليوم على الأكثر، وحتى تلك المرات كان يعود إلى حالته البالغة بعد نحو ساعة.
بالنسبة لي ولديون، كان هذا أمرًا مفرحًا، أما بالنسبة إلى راينا وليون، اللذين كانا مقربين من “هيل”، فقد كان أمرًا محزنًا.
“أجل. هيل نزل قبل قليل مع فابيان وهاميل.”
“خائن! ذهب من دون أن يودّعني..…”
“خائن…..هيينغ.”
اغرورقت عينا الطفلين بالدموع.
فبعد أن أمضوا الأيام الثلاثة الماضية دون أن يتمكنوا من اللعب كثيرًا، والآن لم يتمكنوا حتى من توديعه، فلا عجب أنهم شعروا بالحزن الشديد.
“كان لدينا الكثير لنجهزه، وانشغلنا تمامًا، فلم أفكر في الموضوع. أنا آسفة.”
رغم العذر الذي أعددته مسبقًا، لم تختفِ الدموع المتجمعة في أعين الأطفال. و بشفاههم التي برزت للأمام بدوا وكأنهم بطّاتٌ غاضبة تطفو أمامي.
ماذا عساي أن أفعل الآن…..
في تلك اللحظة، وبينما كانت مشاعر الذنب والاعتذار تتصاعد ببطء داخلي حتى كادت تخنقني، لم أجد لنفسي مخرجًا. عندها، جثا ديون الذي كان يقف بصمت إلى جواري على ركبتيه أمام الأطفال.
“بدلًا من ذلك…..هيل ترك رسالة.”
أخرج من جيبه رسالتين ووضعهما في أيدي الصغيرين.
“رسالة؟”
“نعم، رسالة.”
“هل كتب واحدةً لي أنا أيضًا؟”
“أجل. ترك لكلٍّ من ليون و راينا رسالةً خاصة به.”
متى أعدّ مثل هذه الرسائل؟
حتى أنا، التي أتشارك الغرفة مع هيل، لم أكن أعلم بوجودها.
وكأن ديون قرأ دهشتي، التفت نحوي بخجل وابتسم ابتسامةً واهنة. و كانت شفتاه تتحركان وكأنهما تهمسان: “احتياطًا فقط.”
“…..بعد أن نقرأها، هل يمكننا أن نرسل له ردًّا؟”
“بالطبع. ستجدان العنوان مكتوبًا في الرسالة، أرسلاها إليه هناك.”
“هل يعني هذا أن رحلتكم السياحية…..هي في الحقيقة شهر عسل؟”
سأل الكونت بصوت منخفض وهو يلقي نظرةً سريعة حوله ليتأكد أن الخدم لا يسمعون.
“لا، ليس شهر العسل بعد.”
“…..ماذا؟”
“نخطط لشهر عسل حقيقي لاحقًا. مكان نكون فيه وحدنا تمامًا، ورحلة…..لا تُنسى.”
نبرتي الجادة لم تزد الكونت وكبير الخدم إلا ارتباكًا، إذ أمالا رأسيهما من جديد في حيرة صامتة.
خشيت أن يسيئا الفهم، فسارعت إلى الشرح.
“لكنني أعتقد أن إستان وجهةٌ رائعة أيضًا. بل أنصح أي زوجين جديدين بزيارتها.”
“أه…..شكرًا لكم؟”
أجاب كبير الخدم بامتنانٍ متردد، ثم قادنا إلى غرفنا.
حصل هامل وفابيان على غرفتين صغيرتين، بينما نلنا أنا وديون الغرفة الكبيرة.
آه، وهناك أيضًا مخلوقٌ آخر معنا.
“كيف حالك الآن، أيها القطّ البائس؟”
”مياو.”
اتفقنا أن تبقى جيلي معنا في الغرفة. و لم يكن أمامها خيار، حتى وإن لم تكن تحب التطفل على “العشّاق”.
فقد استعادت القليل من عافيتها، ونحن بحاجة ماسّة إليها لحل المشكلة المتعلقة بـ”ختم لوكيرا”.
“علينا إنهاء كل شيء بسرعة والرحيل فورًا، مفهوم يا جيلي؟”
”مياو.”
“أشعر وكأنني سأجد نفسي ذات صباح مكبّلةً بالأصفاد في حفل زفاف.”
لا، ربما يُلقون القبض عليّ وسط مراسم الزواج نفسها.
”مياااو.”
ربّتُّ على ظهر جيلي الغاضبة، مغذيةً جسدها بطاقة مقدسة.
“فلنُحسن العمل معًا، أيتها القطة البائسة!”
__________________
القطة البائسة، مافيه لا احترام ولا تقدين😭
الكونت مايدري يقول مبروك الزواج ولا الورع
وهاميل ضحكتني يوم كبت الغسيل راحت تسأل😭
المهم كذا خلاص راحوا راينا وليون؟😔
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 197"