بمجرد أن وصل بالكاد إلى الغرفة، تحول إلى طفل صغير.
وكأنه كان ينتظر ذلك، فتش الخزانة وأخرج ملابس الأطفال وارتداها. ثم فتح الباب مجددًا وانطلق مسرعًا نحو قاعة الحفل.
‘رويلا!’
لم يكن يشغله سوى عزمه على البقاء بجانب رويلا من جديد.
لكن كان هناك عائقٌ يعترض طريقه.
“آه؟! إنه هيل!”
“هيل..…!”
“….أنتم….”
صادف في تلك اللحظة راينا وليون اللذين كانا خارجين من الغرف.
فتقدم نحوه طفلان صغيران، وقد ارتدت راينا فستانًا للأطفال و ارتدى ليون بدلةً قصيرة، وهما يقفزان فرحًا.
“قلت أنكَ لن تأتي ثم أتيت؟! هل جئت لتلعب معي؟!”
“الأمر ليس كذلك….”
عند هذا الرد الصريح المفرط انخفض حاجبا راينا حزنًا. فأدرك هيلديون خطأه سريعًا وأضاف مبررًا.
“آه، والدي لم يستطع حضور الحفل اليوم، لذلك حضرت أنا بدلًا عنه.”
“آها، فهمت. ما كنت لتترك أختي إلينا وحدها صحيح؟ لو خطفها رجالٌ آخرون سيكون الأمر مزعجًا!”
……يا ترى أي كتبٍ تقرأها هذه الطفلة؟
تملك هيلديون القلق من مصدر هذه المفردات الغريبة التي تستخدمها.
“على أي حال، تعال لنذهب للحفل سويًا!”
“نعم، جيد.”
نظر هيلديون إلى الطفلين اللذين ابتسما بمرح ثم عبث بخصلات شعره الخلفية.
“حسنًا، فلنذهب.”
وحين تقدم هيلديون، ركض الطفلان خلفه بسرعة.
“ثم لا تقلق بشأن أختي. سأحميها أنا. اعتمد عليّ فقط.”
“مهلًا. وكيف ستحمينها؟”
“فقط انتظر وشاهد.”
شعر بشؤم غريب، لكن من خبرته السابقة أدرك أن إيقاف راينا يكاد يكون مستحيلًا.
و قبل كل شيء، حتى لو لم يعرف ما المقصود بـ‘الطريقة’…..
‘فالغاية واحدة.’
لذلك، ظن هيلديون أنه لا بأس بألّا يمنعها، وأغلق فمه.
وهكذا، عندما وصل طفلان ومعهما بالغ متخفٍ في هيئة طفل إلى قاعة الحفل.
“أوه، انظر هناك! هناك من اقترب من أختي بالفعل!”
كانت راينا قد عثرت على رويلا قبل حتى أن يفعل هيلديون، فانطلقت راكضةً بسرعة.
“…..آه.”
“م-مهلًا! راينا!”
وقبل أن يتمكن ليون وهيلديون اللذان تُركا خلفها من الإمساك بها. تحرك فم راينا التي لا تعرف الكبح أولًا.
“أميييييي!”
***
يُقال أن حياة الإنسان لا يُعلم إلى أين قد تمضي.
“…..لقد أصبحت أملك ابنة؟”
تمتمت هكذا في نفسي، بينما راينا الملتصقة بخصري حرّكت أرنبة أنفها وضحكت.
“لكن بفضلي، طردتهم جميعًا صح؟”
“نعم. طردتهم جميعًا. بعدما عرفوا أن لدي حبيب وحتى طفلة، هربوا.”
قبل بضع دقائق، مباشرةً بعد ظهور راينا الصاخب. هرب الرجلان اللذان كانا يتحدثان عن الأقدار والروابط كأنما يلوذان بالفرار.
“هيه! ألم تقُل أنه القدر؟!”
صرختُ باتجاه ظهريهما المبتعدين، لكنهما لم يلتفتا حتى مرةً واحدة وفرّا.
‘لقد اختاروا الشخص الخطأ.’
رفعت كتفيّ وأنا أرفع راينا عاليًا وأحتضنها.
“واليوم أيضًا، أنا الحامية البالغة أليس كذلك؟”
“نعم. حتى اليوم أنت الحامية. المربية قالت أنها ستأتي معي، لكنني قلت لها أنني بخير.”
“ولمَ لم تخرجي معها؟”
“المربية مسنة، وسيكون الأمر متعبًا لها. آه، يجب أن أراعيها قليلًا.”
يا لكِ من صغيرة.
بعد أن ضغطت خد راينا الطري المرتجف ضغطةً خفيفة، جلست على الأريكة.
ولحق بي بعدها مباشرة طفلتان…..لا، بل طفلٌ واحد وطفل بالغ، وجلسا بجانبي على الأريكة.
نظرت إلى دِيون الصغير بوجهه الكئيب، فكتمت ضحكتي.
‘يبدو أنه صادفهما في الطريق.’
لم أحتج حتى لأن أتخيل، فالوضع كان واضحًا. لابد أنه صادف هذين المشاغبين وهما في طريقهما أثناء عودته بعد تغيير ملابسه.
“أختي، أريد عصيرًا!”
“حسنًا حسنًا. العصير، تفضلي.”
ولحسن الحظ، كانت أكواب العصير قريبة. فقدمت العصير لهم واحدًا تلو الآخر، ثم حدقت بحسرة إلى الكحول الموضوع بعيدًا.
كنت أود شرب كوكتيل….
لكن لا يمكنني أن أكون بالغةً تشرب الخمر أمام هؤلاء الصغار. فاضطررت لأن أتناول كوب عصير بدوري وأفرغه في حلقي.
وبينما كانت راينا تحتسي العصير ممسكةً بالكأس بكلتا يديها، فتحت فمها بخفة،
“صحيح يا أختي. هل كان أولئك الرجال يحاولون مغازلتكِ؟”
“…..مغازلة؟ لست متأكدةً إن كان قصدكِ ما فهمته الآن.”
“أعني عندما يُعجب شخص بشخص من الجنس الآخر، فيُظهر له أنه معجبٌ به!”
“…..إذًا كان فهمي صحيحًا.”
لا أدري إن كان علي أن أعتبرها ذكيةً أم أن الأمر يبعث على القلق.
“لكن أختي. أصوات أولئك الرجال مألوفة.”
“هم؟ مألوفة؟”
“نعم. كأنني سمعتها من قبل.….”
ظلت راينا ممسكةً بكأس العصير مائلة برأسها، لكنها لم تتذكر بسرعة، فظل فمها الصغير مغلقًا.
لكن الذي نطق أولًا كان ليون.
“أولئك الرجال…..كانوا نفس الذين كانوا يتهامسون عندما لعبنا لعبة المغامرة.”
“آه، صحيح! إنهما نفس الرجلين!”
عند تمتمة ليون، هزّت راينا رأسها بسرعة مؤكدةً كلامه. حتى أن العصير كاد يفيض من الكأس، فاضطررت أن أسنده بيدي على عجل.
“تقصدان، نفس الرجلين حينها؟ اللذين كانا يتحدثان عن «اختيار لوكيرا» أو ما شابه؟”
“نعم! صحيح! نفس هذين الرجلين!”
وما إن خرج تأكيد راينا، حتى حاولت أن أتبادل النظرات مع هيلديون…..لكني توقفت فجأة.
‘آه، صحيح، شكله طفوليٌ جدًا.’
لأن مظهره كان طفلًا بالكامل، شعرت فجأةً وكأني أجر طفلًا إلى شؤون الكبار. فأزحت بصري بخفة، وعدت لأتفقد مكان فابيان وهاميل في الجهة البعيدة.
‘يا للروعة. هكذا سيغوصان في أعماق الثمالة.’
فقد كانت الطاولة أمامهما ممتلئةً بكؤوس الشراب، مما يدل على أنهما شربا كثيرًا. لكن لحسن الحظ، بدا أن عيونهما ما زالت واعية….
‘يجب أن أخبرهما مسبقًا.’
بأننا حددنا على ما يبدو هوية هؤلاء الأشخاص المشبوهين. وفكرت أيضًا في أن أتحقق مجددًا من قائمة المشتبه فيهم التي جمعها فابيان، فلا ضرر في ذلك.
لكن لأفعل ذلك…..
‘عليّ أولًا أن أبعد هؤلاء الصغار من هنا.’
وأثناء تفكيري كيف أصنع ذلك، خفضت نظري لأجد عيونهم اللامعة تحدق بي مباشرة.
……..يا إلهي، سأجن.
“أختي؟”
“أختي.”
تنهدت طويلًا عند سماعي نداءهما في تلك اللحظة الحرجة.
“اسمع، هيل. آسفة، لكن هل تستطيع أن تؤدي لي مهمةً صغيرة…..وتذهب بدلًا عني؟”
فترك طفلٍ مزيف يذهب كان أهون بكثير من أن أترك أطفالًا حقيقيين وحدهم.
فهم دِيون قصدي وأومأ، ثم قفز من الأريكة بخفة.
“نعم. سأقوم بها.”
“حسنًا. أعتمد عليكَ..….”
أومأ برأسه المرفوع بثقة، و انطلق ذلك الجسد الصغير مهيبًا نحو وجهته.
فراقبت ظهره الصغير بقلب يعتريه قليلٌ من القلق.
‘سيـ، سيكون بخير…..صحيح؟’
نعم. لا بد أنه سيكون بخير. فداخل ذلك الجسد روح رجل بالغ، بل وقد تأكدتُ بنفسي من قدرته على القتال حتى بهذا الجسد.
ومع ذلك، لم أستطع أن أمنع قلقي. كأنني أراقب طفلًا يخرج في أول مهمة له وحده…..
“أختي، هل أذهب مع هيل في المهمة؟”
“هم؟ لا. هيل يستطيع الذهاب وحده.”
“لكن هيل ما زال طفلًا.”
“وأنتِ وليون أيضًا طفلان، ومع ذلك تتجولان وحدكما دون مشكلة.”
رددتُ بصرامة. فلم تجد راينا ما تقول، واكتفت بأن دفعت شفتيها إلى الأمام غاضبة.
تجاهلت شفتيها البارزتين كمنقار بطة وأدرت وجهي عنها، ثم ابتسمت قليلًا ووضعت قطعة حلوى في فميهما.
“ثم إن هيل يشبه والده، هو قويٌ جدًا.”
“أوه، هل العم قوي؟”
“نعم. قويٌ بقدر البطل الذي يحمي العالم.”
“واااه! إذاً، أقوى حتى من سمو ولي العهد؟!”
……إنها طفلةٌ ذكية تلتقط المعاني بسرعة.
تظاهرت بالتفكير قليلًا ثم ابتسمت ابتسامةً واسعة وأجبتها.
“قوته تشبه قوة سمو ولي العهد تمامًا. لا يمكن القول أيهما أقوى أو أضعف.”
لأنهما في الحقيقة…..نفس الشخص.
“وااااه!”
“واااه….”
راح الأطفال الذين لا يعلمون الحقيقة يحدقون بدهشة في دِيون الصغير.
“هيل حقًا مذهل…..أليس كذلك؟!”
يا إلهي، هل يعقل…..أنني أشعلت نار الحب الأول في قلب طفلةٍ مجددًا؟
أتمنى حقًا ألّا يكون الأمر كذلك.
وأثناء انشغالي بهذه الأفكار، كان دِيون الصغير قد وصل بسلام إلى حيث يقف هاميل وفابيان. وبدت عليهم ملامح الجد وهم يتبادلون الحديث بوجوه جادة.
وسرعان ما توقف فابيان عن الكلام، ثم نهض وأخذ يدير رأسه ببطء وينظر حوله. يبدو أنه كان يبحث عن وجهي الرجلين المريبين.
فأدرت رأسي مثله، وأخذت ألتفت يمنة ويسرة أبحث عن ناثان وكولتن.
لكن—
‘لا أثر لهما.’
حتى بعدما مددت عنقي وحدقت في أنحاء قاعة الحفل، لم أستطع أن أراهما. ويبدو أن فابيان وقع في نفس المأزق.
‘ما هذا؟ إلى أين ذهبا؟’
هل فعلاً هربا بهذه السرعة وغادرا القاعة تمامًا؟
لكن، في تلك اللحظة، لم أكن أعلم بعد. أن هذين الرجلين اللذين غادرا القاعة هاربين، سيقترفا بعد قليل مصيبةً فادحة.
ولو كنت أعلم مسبقًا، لكنت هشمت رأسيهما بزجاجة نبيذ حتى يفقدا وعيهما.
__________________
ياليل مصايب الاغبياء ذول محد فاضي لكم😭
ديون مسيكين مفروض يرقص مع رويلا وخربت ومفروض يدافع عن رويلا وخربت وعنه الحين عنده بنت بالغلط😭
مدري ليه بس دام ذا المربية ماطلعت ولا مره حسيت ليون وراينا وراهم سالفة اكبر
او يطلعون عيال رويلا وهيلديون من المستقبل😂
Dana
التعليقات